رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

خطة الدولة لـ«التكويش» على 50 مليار جنيه قيمة «الوقف الخيرى»

وزير الأوقاف
وزير الأوقاف


في مفاجأة من العيار الثقيل، بدأت الحكومة في وضع اليد على أموال «الوقف الخيري»؛ للاستفادة بها في تمويل المشروعات القومية، الأمر الذي يحدث لأول مرة، ويكرر نفس تجربة المخلوع «مبارك» في السيطرة على أموال التأمينات والمعاشات، وهو السلوك الذي أوقفته «ثورة يناير».


ومؤخرًا اجتمع الرئيس عبد الفتاح السيسي، مع الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، ومحمد عرفان، رئيس هيئة الرقابة الإدارية، والدكتور أحمد عبد الحافظ، رئيس هيئة الأوقاف المصرية.


وقال السفير بسام راضي، المُتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، إن الاجتماع استعرض سبل تعظيم الاستفادة من الأصول والأراضي التابعة للأوقاف، مشيرًا إلى تبني هيئة الأوقاف فكرًا استثماريا متطورا، وحرصها على الحفاظ بشكل كامل على أملاك الوقف وإعدادها خطة لتنظيم العائدات منها وزيادتها وتحويلها إلى ركيزة اقتصادية.


وأشار «راضي»، إلى أنه جار إعداد مشروع قانون جديد لتطوير عمل هيئة الأوقاف إداريًا واستثماريًا لضمان تحقيق هذا الغرض.


ووجه «السيسي»، بالنظر في تنفيذ خطط استثمارية متطورة لأصول وممتلكات الأوقاف، وتعظيم مساهمتها في المشروعات القومية بما يساعد على نمو الاقتصاد ويضمن زيادة قيمة الأصول ومواردها.


وتعود خطة السيطرة على أموال «الوقف الخيري»، لإصدار الرئيس منذ عامين قرارًا بتشكيل لجنه برئاسة المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء السابق، ومستشار الرئيس لشئون المشروعات الكبرى، وقيل وقتها إنها تهدف لحصر أموال الوقف، ولكن الحقيقة هي بدء السيطرة على أموال الوقف والاستفادة بها في دعم المشروعات الكبرى، وكذلك تمويل بعض المشروعات التنموية.


وكان أول القرارات بعد ذلك، صدور قرار من الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف لسنة 2016م، نص على "استبدال أراضي الوقف لإقامة مشروعات ذات نفع عام كبناء المدارس، أو إقامة المستشفيات، ومحطات الصرف الصحي، تلا ذلك تقدم لجنة «محلب» بمشروع قانون في شهر مايو 2017، بخصوص تطوير عمل هيئة الأوقاف، ويقضي المشروع على عرض الوقف الأهلى في مزاد علني والاستفادة من أمواله لصالح دعم المشروعات الكبرى، كذلك تغير ريع بعض الوقف الخيري المعمول به حاليا وتحويله لدعم المشروعات الكبرى وإقامة مشروعات تخص البنية التحتية والتنمية، بجانب طرح عدد من الوقف الخيري غير المستفاد منه للبيع أو تأجيره بالأسعار الحالية والاستفادة من أمواله لصالح دعم مشروعات الحكومة.


ووفقًا للمعلومات، فإن لجوء الدولة للاستفادة من أموال الوقف الخيري، جاء عقب تقدم لجنة إبراهيم محلب الموكلة بحصر أملاك الوقف الخيري، بتقرير للرئيس أفاد بأن هناك العديد من أموال الوقف المنهوب يمكن الاستفادة منها ماليا، وتضم الأراضى والمبانى والمشروعات، والمساهمات في شركات، والتى تقدر قيمتها مبدئيًا بنحو 50 مليار جنيه، وبلغت أملاك الوقف المنهوبة مائتى وقف خيرى وفقا لدراسة رسمية داخل هيئة الأوقاف منذ أكثر من عشرة سنوات، ويبلغ عدد أراضى وممتلكات الأوقاف بمختلف المحافظات، ما يقترب من 36 ألف وقف أهلى و24 ألف وقف خيرى، ما بين أراضٍ وعقارات، تقدر بـ500 ألف فدان، منها حوالى 144 ألف فدان زراعى فى مختلف المحافظات.


ومن أملاك الهيئة؛ أراضٍ للخديو عباس حلمى الثانى بالإسكندرية، تبلغ مساحتها حوالى 35 ألف فدان ووقف باسم مصطفى عبد المنان مساحته 420 فدانًا داخل محافظات دمياط والدقهلية وكفر الشيخ، وأراضى أوقاف غانم الأشعري وتبلغ 13500 فدان بكفر الشيخ، وبالإضافة لـ450 فدانًا، ويوجد 202 وقف أهلي بأسماء أصحابها وواقفيها.


هذا بجانب الأوقاف المصرية بدولة اليونان والتي تمثل 90% من أوقاف مصر بالخارج، حيث تسعى الدولة إلى إعادة تقييمها إما بالبيع أو بالتأجير بأسعار مرتفعة للاستفادة من ريعها لصالح دعم المشروعات الكبرى، ومنها جزيرة « شيوس» التى أثير حولها الجدل مؤخرًا بشأن تنازل مصر عنها لصالح اليونان، وهى تُعد من أكبر الجزر حول العالم وتبلغ مساحتها حوالى 50 كيلو مترا مربعا، وتضم متحف محمد على، فيما تصل إيرادات مصر من أوقافها باليونان إلى 70 ألف يورو سنويًا مقابل تأجير 5 قطع من الأرض، بينما يوجد 8 قطع أخرى غير مؤجرة، وقطعتان غير مستغلتين، كما يتم تأجير قصر محمد على، ومنزل قديم تابع له بأسعار لا تتجاوز 15 ألف يورو سنويًا، فى حين أن القصر يطل على البحر وأمامه حديقة مساحتها ‏2000‏ متر مربع، وبجوار البيت قبر والده، وبالمنطقة الفضاء تمثال لمحمد على ممتطيًا حصانًا مصنوعًا من النحاس على قاعدة من الرخام الأبيض‏.‏


على الجانب الآخر، فإن اللجنة الدينية بـ«مجلس النواب» ترفض فكرة استثمار أموال الوقف في دعم المشروعات الكبرى، حيث رفضت اللجنة مشروع قانون بشأن استثمار أموال الوقف الخيري في بناء مشروعات كالمدارس والمستشفيات، وطلب الدكتور أسامة العبد، رئيس اللجنة الدينية، ضرورة صدور فتوى شرعية من هيئة كبار العلماء أولا في شرعية استبدال الوقف لغير الجهة الموقوف لها، خاصة أنه غير مطبق في دول عربية وإسلامية، وهناك شيوخ أزهر يرفضون ذلك.


في حين قال اللواء أسامة أبو المجد، مقدم التعديلات على قانون هيئة الأوقاف، لإتاحة الاستثمار في أموال الوقف الخيرى، إن المشروع يهدف لاستثمار أموال الوقف بما لا يخالف الشرع ويهدف إلى تحقيق الاستفادة من الوقف الخيري؛ ليكون فعالا ويحقق متطلبات المجتمع مضيفا: «هذا التعديل يساهم بدور فعال في تعليم الفقراء أو علاجهم أو تحقيق المنفعة العامة وهناك تجارب مماثلة في دولة الكويت».


وأشار «أبو المجد» إلى أن الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد وكثير من المشروعات تتعطل لعدم وجود أراضي، مضيفا: «هناك مشروعات لمدارس ومستشفيات تشترط الدولة لإقامتها توفير الأرض وصدر قرار رئيس مجلس الوزراء باستثناء الأراضي الزراعية ذات النفع العام من البناء عليها».