رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

تفاصيل الاستعانة بـ«رجل مبارك القوى» داخل البنك الدولى لحل أزمة «سد النهضة»

سد النهضة - أرشيفية
سد النهضة - أرشيفية


بدأت مصر أولى خطواتها تجاه «تدويل» أزمة سد النهضة، عقب «تأزم» المباحثات بين القاهرة وأديس أبابا، واقترحت مصر مشاركة «البنك الدولي» كطرف محايد وفاصل في أعمال اللجنة الفنية الثلاثية بعد نحو شهر ونصف الشهر من «تجمد» المفاوضات بين الدول الثلاثة.

وخلال زيارته إلى العاصمة الإثيوبية «أديس أبابا»، اقترح وزير الخارجية سامح شكري، مشاركة البنك الدولي كطرف فني له رأي محايد وفاصل في أعمال اللجنة الفنية الثلاثية لـ«سد النهضة».

وأعرب «شكري» خلال مباحثاته مع نظيره الإثيوبي «وركنا جيبيو»، عن قلق مصر البالغ من التعثر الذي يواجه المسار الفني المتمثل في أعمال اللجنة الفنية الثلاثية، مشيرًا إلى أن استمرار حالة عجز اللجنة عن التوصل لاتفاق حول التقرير الاستهلالي المُعد من جانب المكتب الاستشاري، من شأنه أن يعطل بشكل مقلق استكمال الدراسات المطلوبة عن تأثير السد على دولتي المصب في الإطار الزمني المنصوص عليه في اتفاق المبادئ.

وحصلت «النبأ» على معلومات في غاية الأهمية من قبل مصادر دبلوماسية، تفيد بأن اقتراح القاهرة بتدخل البنك الدولى كطرف محايد استشاري في الأزمة تم بحثه عقب فشل المباحثات الثلاثية التي عقدت في شهر نوفمبر الماضي، حيث عقدت لجان على أعلى مستوى ضمت جميع الأجهزة المعنية بأزمة «سد النهضة» ومنها أجهزة سيادية، وتوصلت إلى ضرورة تدخل جهات دولية لها ثقل وخبرة في مجال التقييم وتقدير المشروعات وخاصة السدود الكبرى وبعد دراسة تاريخ البنك الدولى في هذا الأمر وتجاربه السابقة في حل مثل هذه الأزمات في حالة الاستعانة به، توصلت اللجان المعنية إلى أن الاقتراح بتدخل البنك الدولي يعد مطلبًا منطقيًا من جانب القاهرة أمام العالم يحرج إثيوبيا في حالة رفضه.

ووجدت اللجنة أن هناك 188 دولة لها العضویة في البنك الدولي، والقروض التى یمنحها البنك للدول الأعضاء تكون من خلال شروط یجب أن تتوافر أولًا في بناء مشروعات قومیة، تخدم الإنسانیة، دون المساس بحقوق الدول الأخرى، كما أن تدخل البنك له إيجابيات منها عدم منح قروض لأي دولة تدعم أو تمول مثل ھذه المشروعات، وبالتالي يمكن استغلال تدخل البنك الدولى وخروج تقرير ضد إثيوبيا ولصالح مصر، قد يتبع ذلك وقف تقديم البنك قروضا لأديس أبابا لاستكمال تمويل بناء السد، بجانب أن التقرير في حد ذاته يكون معتمدًا من جهة دولية متخصصة وإثيوبيا مضطرة للأخذ به وإلا سيكون موقفها محرجًا أمام العالم.

ووفقًا للمعلومات، فإن الحكومة المصرية بدأت التفكير في كيفية الاتصال بـ«البنك الدولى»، وتوصلت إلى أن خير مساعد لمصر في هذه الأزمة هو الدكتور محمود محيي الدين، آخر وزير استثمار في عهد «مبارك»، والنائب الأول لرئيس البنك الدولي حاليًا، والذي تم التجديد له مؤخرًا لـ«ولاية جديدة»، وبالفعل تم الاتصال بين الحكومة والدكتور «محيي الدين»، وذكرت بعض الأخبار أنه تم عقد جلسة مباحثات بين الأخير، وبين مسئولي الدولة أثناء قيام الدكتور «محيي الدين» بزيارة القاهرة يوم 19 نوفمبر الماضي، لإلقاء محاضرة.

وتم خلال اللقاء الاتفاق على كيفية دور البنك الدولي في تقديم المساعدة في أزمة سد النهضة، وأوراق الضغوط التي يمتلكها.

ووفقًا للمعلومات، فإنه بناء على دراسة اللجنة المكلفة بالتواصل مع البنك الدولى واللقاء الذي جمع الدكتور محيى الدين، كان اقتراح وزير الخارجية سامح شكرى باللجوء إلى البنك الدولي في تقديم المشورة الفنية حول ملء السد والسنوات المطلوبة لذلك، وهي نقطة الخلاف الرئيسية بين مصر وإثيوبيا.

ووفقًا للمعلومات، فإن زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي، والمقرر لها في الشهر الحالي، وإلقاء كلمة في مجلس النواب متوقفة على قبول المقترح المصري من عدمه، حيث ينتظر تأجيلها من جانب مصر لحين قبول إثيوبيا المقترح المصري، وقد ترفض وتؤجل لأجل غير مسمى في حالة رفض أديس أبابا المقترح المصري.

من جانبه أكد الدكتور هشام عبد المنعم أستاذ القانون الدولى، أن طلب القاهرة بتدخل البنك الدولى يعتبر أولى خطوات التصعيد الخارجي ضد إثيوبيا، ومؤشرًا على تأكد الجانب المصري بفشل المباحثات السياسية بدليل حدة تصريحات «شكري» أثناء زيارته لإثيوبيا مؤخرًا.

وأشار «عبد المنعم»، إلى أن رأي البنك الدولي سيكون استشاريًا وليس إلزاميًا للدول الثلاث، ولكن البنك يُعد طرفًا دوليًا كبيرًا محايدًا يتمتع بخبرات فنية واسعة، ورأي فني؛ حيث يتوافر بالبنك الدولى خبراء فنيون على درجة عالية من الكفاءة في مشروعات السدود وكان مشاركًا في أزمات سدود بين عدد دول مثلما حدث في أزمة نهر السند عام 1960، حيث قام البنك الدولي بدور الوساطة في معاهدة تنظيم التشارك بمياه نهر السند، وهو نهر ضخم له 6 أنهار فرعية تمر بالهند وباكستان وأفغانستان والصين، ونجح البنك الدولي في هذا الدور، واستمرت الاتفاقية بين الهند وباكستان.

وطالب أستاذ القانون الدولى، مصر بضرورة التواصل بقوة مع الدول المتحكمة في قرارات البنك الدولى وعلى رأسها الولايات المتحدة، عن طريق الدكتور محمود محيي الدين، النائب الأول لرئيس البنك الذي سيكون له دور كبير في التواصل بين البنك ومصر لتشكيل اللجنة الفنية من الكفاءات والخبرات وبـ«حيادية»، فعن طريق «محيي الدين» تستطيع مصر طرح أزمة سد النهضة على أساس أنها قضية تنمية لدول حوض النيل، وليست أزمة تخص إثيوبيا والسودان ومصر.

وأشار الدكتور هشام عبد المنعم، إلى أن النزاعات في قضايا المياه ليست متداولة بشكل معتاد في المحكمة الدولیة بـ«لاھاي»، لذلك اللجوء للبنك الدولى هو الحل الأمثل لتدويل القضية، واللجوء للبنك الدولى محطة جديدة في ملف التعامل مع ھذا السد غیر الشرعي.

ويرى الدكتور أحمد العوضي، خبير المياه والسدود، أن البنك الدولي إحدى المؤسسات التابعة للأمم المتحدة، المعنية بعمليات التنمية في مختلف دول العالم، ولديه لجان فنية لدراسة المشاريع التنموية، ومتابعة تنفيذها فضلا عن تمويلها، ويأتي سد النهضة كمشروع تنموي لإحدى الدول، وبصفته مشاركا في عمليات التنمية فإن البنك الدولي، يمتلك خبراء قانونيين وفنيين في جميع المجالات، ومنها المتعلقة بالمياه، تمكنه من إصدار تقارير مستوفية عن الأزمة.

وعن إمكانية رفض إثيوبيا المقترح المصري بالاستعانة بـ«البنك الدولي»، قال «العوضي» الجانب الإثيوبي في أزمة لكونه يدرك أن تدخل البنك ليس في صالحه، في الوقت نفسه فإن الرفض سوف يكشف النوايا السيئة الإثيوبية أمام العالم أجمع، ما يعطي الحق لمصر باتباع الطرق الشرعية وغير الشرعية للدفاع عن حقوقها في مياه النيل.