رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

سر انقلاب عمر البشير على مصر

النبأ


الزنط: مصر تقوم بانشاء أكبر قاعدة عسكرية في البحر الأحمر والبشير تحول إلى شوكة في ظهر العرب

الزيات : مصر لا تتحمل الدخول في مواجهات عسكرية وما تقوم به الخرطوم لا يدعو للقلق

زاهر: هناك مخطط لتوريط مصر في صراع مسلح مع قطر وتركيا والسودان والقاهرة تتبع سياسة الردع

سيناريوهات الرد المصري على استفزازات الرئيس السوداني

                   

على الهواري

 

لا تكاد العلاقات المصرية السودانية تهدأ، حتى تعود إلى التوتر والتأزم مرة أخرى.

 فبعد أن شهدت العلاقات تحسنا ملحوظا بعد وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي للحكم، حيث قام الرئيس السوداني عمر البشير بزيارة القاهرة مرتين في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، المرة الأولى كانت في شهر أكتوبر 2014 واستغرقت يومين، والثانية كانت في شهر أكتوبر 2016، حيث ترأس أعمال اللجنة العليا المصرية السودانية التي عقدت لأول مرة على المستوى الرئاسي، وتم توقيع عدد من اتفاقيات التعاون في مختلف المجالات بين البلدين، كما شهد الرئيس السوداني احتفال مصر بالذكرى 43 لنصر أكتوبر، وقام الرئيس السيسي بمنح البشير وسام نجمة الشرف " نجمة سيناء"، تقديرا على مشاركته في الوحدات العسكرية السودانية التي شاركت القوات المصرية في القتال في حربي الإستنزاف وإكتوبر.

كما قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بزيارة السودان ثلاث مرات، المرة الأولى كانت في يونيو عام 2014 للإطمئنان على صحة الرئيس عمر البشير ، والثانية كانت في مارس 2015 لبحث أزمة سد النهضة، والثالثة كانت في شهر أكتوبر عام 2016، وشارك في مؤتمر الحوار الوطني السودانيٍ والمشاركة في مراسم تنصيب البشير وتوقيع وثيقة شراكة استراتيجية.

وفي بداية 2017 بدأت العلاقات في التدهور بعد تصريحات الرئيس السوداني التي اتهم فيها القاهرة بدعم الحركات المسلحة في منطقة دارفور، زاعما العثور على مدرعات ومركبات مصرية استخدمها متمردو دارفور في حربهم ضد الجيش السوداني.

وقد رد الرئيس المصري على هذه الاتهامات بالقول " مصر لا تقوم بهذه الإجراءات الخسيسة، سياسات مصر ثابتة لا ولن تتغير، مصر لا تتآمر، وعمرها ما هتكون ديل لحد".

بعدها نشبت حرب إعلامية مصرية سودانية على خلفية تصريحات لوزير الإعلام السوداني أثناء زيارة الشيخة موزة للسودان، حيث قال وزير الإعلام السوداني أحمد بلال أن الأهرامات السودانية أقدم من الأهرامات المصرية، مما دفع الإعلام المصرية لشن حملة من السخرية على الحضارة السودانية، اعتبرتها السودان اهانة للسودان وللحضارة السودانية.

ثم زادت حدة الخلافات بعد أن اتهم وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور مصر بأنها استخدمت لسنوات طويلة جزءا من حصة السودان من مياه النيل، وأن مصر منزعجة لأنها سةف تخسر تلك المياه عند اكتمال بناء سد النهضة لكونه سيمكن السودان من حصته بالكامل.

حيث رد سامح شكرى وزير الخارجية المصري على هذه الاتهامات بالقول، أن ما استخدمته مصر من مياه حصة السودان في السابق كان فائضا عن قدرته الاستيعابية وبموافقته وليس سلفة أو منحة.

ثم بلغت الأزمة ذروتها بعد أن تقدمت السودان بمذكرة احتجاج للأمم المتحدة، أعلنت من خلالها رفضها التام لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية، بدعوى أنها تمس سيادة جمهورية السودان وحقوقها التاريخية على الحدود البرية والبحرية لمثلث حلايب.

ثم جاءت القشة التي قصمت ظهر البعير، وهي زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التاريخية للسودان، والتي قام خلالها بالتوقيع على 12 اتفاقية للتعاون بين البلدين في المجالات العسكرية والاقتصادية، من بينها منح جزيرة سواكن السودانية الواقعة على البحر الأحمر لتركيا للقيام باعادة تأهيلها وإدارتها لفترة غير محددة، وإعلان الجانب التركي على إقامة قاعدة عسكرية وإعادة تأهيل الأثار العثمانية التي تركتها الخلافة العثمانية التي كانت تسيطر على الجزيرة.

هذا التطور الخطير دفع الإعلام المصري إلى شن حملة إعلامية شرسة على السودان وعلى الرئيس السوداني عمر البشير، متهما البشير باللعب بالنار والتفريط في الأراضي السودانية لصالح تركيا التي تحاول تطويق وحصار مصر.

كما قال بعض الخبراء بأن سيطرة تركيا على جزيرة سواكن وإقامة قاعدة عسكرية عليها يمثل تهديدا مباشرا للأمن القومي المصري، مطالبين النظام المصري بالرد على هذه الخطوة الخطيرة.

بعدها قامت مصر بالقاء خطبة الجمعة من مثلث حلايب وشلاتين، والإعلان عن بث برامج تليفزيونية دورية من المثلث، مما اعتبره البعض ردا على التقارب السوداني التركي.

ويقول الخبراء أنه بدخول تركيا على خط العلاقات المصرية السودانية، تكون العلاقات المصرية السودانية قد دخلت منعطفا خطيرا، فالقضايا الخلافية بين البلدين في ازدياد، فبعد أن كان الخلاف محصورا في قضية حلايب وشلاتين، اصبح يشمل سد النهضة وليبيا وجزيرة سواكن والتهديد التركي والإخوان المسلمين.

 

يقول الدكتور سعد الزنط رئيس مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، أن السودان مصرة على الإساءة إلى العلاقات المصرية السودانية التاريخية، وهي لم تفرق بين العلاقة التاريخية الحتمية وبين العلاقات السياسية، لذلك يتوقع ألا يتراجع النظام السوداني قيد أنملة عن التصعيد للأسوأ مع مصر الفترة القادمة، مشيرا إلى أن منح جزيرة سواكن لتركيا والإجتماع الثلاثي لرؤساء أركان جيوش تركيا وقطر والسودان في الخرطوم والاتفاق على نقل الإرهابيين عبر السودان سوف يجبر مصر على التحرك بشكل مختلف ومفاجئ، وبالتالي لا يجب على مصر تنتظر أن يتحول الأمر إلى كارثة أو أزمة كبيرة، لأن ما تقوم به السودان له تأثير كبير على الأمن القومي المصري والعربي أيضا، وخاصة الأمن القومي السعودي والأمن القومي للبحر الأحمر، وهذه مسألة في منتهى الخطورة.

وأضاف «الزنط»، أن هذه التطورات في العلاقات المصرية السودانية سوف يكون لها تأثير سلبي على سد النهضة، وسوف تؤدي إلى المزيد من التعقيد في هذا الملف، لأن التحرك التركي والسوداني سوف يشجع الجانب الاثيوبي على التمسك بمواقفه، وبالتالي الخسارة ستكون كبيرة لكل الأطراف، مشيرا إلى أن الجانب السوداني هو السبب الرئيسي في وصول الأمور مع مصر إلى هذا الحد من السوء، لافتا إلى أن قطر وتركيا يدفعان السودان إلى اتخاذ مواقف عدائية ضد مصر لمحاولة تطويقها من الجانب الجنوبي، وهذا يمثل خطورة شديدة على السودان، لأن مصر لن تسمح بهذا التطويق، ومصر لديها أوراق كثيرة يمكن أن تستخدمها لإنهاء هذا الطوق، السودان موضحا أن السودان تحول إلى شوكة في ظهر الأمن القومي المصري والعربي، مؤكدا على أن مصر لن تترك الأمور تمر بهذه الطريقة وبهذه السهولة، كاشفا النقاب عن أن مصر تقوم الأن بانشاء قاعدة عسكرية كبيرة وضخمة جدا بحرية وبرية في حلايب وشلاتين مثل قاعدة مرسى مطروح، من أجل الحفاظ على المجال الحيوي لمصر من الناحية الشرقية بطول البحر الأحمر.

 

يقول العميد صفوت الزيات الخبير العسكري والاستراتيجي، أن جزيرة سواكن كانت قاعدة للاسطول العثماني أبان حكم الأمبراطورية العثمانية، والرئيس التركي يسعي لتحويلها إلى منطقة سياحية.

وأضاف «الزيات»، أن العلاقات المصرية السودانية متأزمة أصلا، وبالتالي هي ليست في حاجة إلى من يؤزمها، مشيرا إلى أن وزير الخارجية المصري سامح شكري صرح منذ أيام عن رغبة مصر في عودة العلاقات المصرية التركية مرة أخرى، وهذا مؤشر على أن مصر  تتفهم التحركات التركية في المنطقة، وبالتالي على مصر التقليل من هواجس الأمن القومي، لافتا إلى أن دخول مصر في نزاعات مع دول أخرى الأن لا يصب في صالحها بسبب المشاكل التي تمر بها، وعلى رأسها مشروع سد النهضة وموضوع مكافحة الإرهاب، وبالتالي على الإعلام المصري ألا يسكب على النار مزيدا من الزيت.

وأكد الخبير العسكري على أن الأمر لا يتحمل مواجهة عسكرية، مشيرا إلى أن السودان كانت جزء من الدولة المصرية لفترة طويلة، ويوجد في مصر أكثر من 3 ملايين سوداني، وبالتالي الشعب المصري والسوداني هم شعب واحد وعمق واحد، لافتا إلى أن السودان كانت ملجأ لمصر في الكثير من الأوقات الصعبة، وعندما كان المجال الجوي مفتوح للولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي على مصر أن تدرك أن الحلول السلمية وإدراك مصالح الأخرين وإدراك الأخرين للمصالح المصرية هو المنطق الذي يجب أن يسود، مشددا على ضرورة حل مشكلة حلايب وشلاتين بالطرق الدبلوماسية، وأن تكف وسائل الإعلام عن إهانة الخصم أو تجريحه أو التقليل من شأنه، لأنهم يلمسون أوتارا حساسة لدى الشعوب ويجب الابتعاد عنها، والتعامل بحذر مع مثل هذه القضايا الحساسة.

 

من جانبه يقول اللواء محمود زاهر وكيل جهاز المخابرات السابق، أن هناك مخطط لتوريط مصر في صراع مسلح مع تركيا والسودان، من أجل استنزافها ووقف برامج التنمية، مشيرا إل أن مصر لن تقع في هذا الفخ، وأنها سوف تتعامل مع أي تهديدات أو أخطار بالطرق السياسية وقوة الردع في اطار الحدث، مستبعدا دخول مصر في صراع مسلح مع أي دولة.

وأضاف «زاهر»، أنه لا يوجد في السياسة شئ اسمه طريق مسدود، وأن قضية حلايب وشلاتين منتهية لصالح مصر، ولا مجال للحديث فيها، مشيرا إلى أن هناك دوافع شخصية وأيديولوجية هي التي دفعت الرئيس السوداني إلى التحالف مع تركيا وقطر ضد مصر، منها علاقته بجماعة الإخوان المسلمين وحاجته للمال والدعم في الانتخابات الرئاسية للهروب من محكمة الجنايات الدولية، لافتا إلى أن السودان هي الحديقة الخلفية لمصر وعمقها الاستراتيجي والجسر الذي يوصلها لأفريقيا، وبالتالي السودان مجرد لعبة لخنق مصروالضغط عليها ومحاولة توريطها في نزاع مسلح لإفشال خطط التنمية التي يقودها الرئيس عبد الفتاح السيسي.