رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

سامي نجيب: الدولة تستعين بخبراء أجانب «ميعرفوش» التأمينات الاجتماعية.. ولا يوجد عجز بـ«الصناديق»

محررة «النبأ» في
محررة «النبأ» في حوارها مع سامي نجيب


قال الدكتور سامي نجيب، خبير التأمينات والمعاشات، إن قانون التأمينات الموحد «معيوب» من أساسه، لافتًا إلى أن الحكومة تفتقد الرؤية.


وأضاف «نجيب» في حوار لـ«النبأ»، أن التأمينات الاجتماعية تعد كلمة السر في  جميع  المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في أي دولة بالعالم، مشيرًا إلى أن الحكومة تتعامل مع هذا النظام بعقلية شركات التأمين التي تستوجب الدفع للحصول على الخدمة، وإلى نص الحوار:


كيف نشأ نظام التأمينات الاجتماعية في مصر؟

نشأت التأمينات الاجتماعية في العالم على يد ديكتاتور ألماني يدعى «بسمارك»، وقت الثورة الصناعية، وارتبطت في ذهنه بالعاملين، والحقوق العمالية، ومن 1858 وحتى الآن، مازالت يتم تطبيقها بمصر في إطار الفئات العمالية، إذ غطت نصف قطاعات العاملين لدى الغير وليس جميعهم.


ماذا تقصد بأن نصف أصحاب القوى العاملة لا يخضعون للتأمين؟

لأن هناك عمالة غير منتظمة، وغير مسجلة لدى الدولة، ومن المفترض كونك مصريا كاف أن تخضع لنظام التأمينات الاجتماعية وتتمتع بمزاياه وهو نظام إجباري وقومي يستوجب تطبيقه على جميع الأفراد باعتباره جزءا من حقوق الإنسان، فالدولة تتعامل بمبدأ شركة تأمين الذي يتطلب الدفع من أجل الحصول على الخدمة.


إذا ما الحل؟

ما يحدث يعد خطأ كبيرًا، لأن التأمينات الاجتماعية تجاوزت هذه المفاهيم فى العالم، فنظام التأمينات الاجتماعية يفرض على الدولة الدفع لمن لا يستطيعون دفع التأمينات، كما أن الاتفاقيات الدولية تشترط أن يدفع الشخص وفقًا لمقدوره دون تحميله أو تحميل صاحب العمل أعباء مالية إضافية، لأن الحق يقع على عاتق الدولة، لذا لا بد من فصل الخدمة عن التمويل.


كم عدد المؤمن عليهم في مصر؟

هناك أكثر من 9 ملايين شخص مؤمن عليهم، وتعد الخسائر والأخطار هي أساس نظام التأمينات، فقد نتج عن التقدم التكنولوجي والصناعي حاجة لوجود وسائل أو آليات تعمل على عدم وقوع الكوارث أو تخفيض معدلات تكرارها وحفظ حق العامل وأصحاب الأعمال.


أين توجد أموال التأمينات والمعاشات؟  

أموال التأمينات تمويلها ذاتي وقدرتها المالية لا تحتسب بالقيمة، ولكن تحتسب بدوامها واستمراريتها، فهناك 720 مليار جنيه جميعهم بحوزة وزارة المالية، وجزء منها في بنك الاستثمار، والدولة أخذت معظمهم كقروض حكومية.


كيف ترى أداء الحكومة في إدارة أموال التأمينات والمعاشات؟

كإدراتها لأموال القروض، تأخذها لكي تؤدي بها خدمات، فالحكومة أصبح لها دور خدمي في مجالات الصحة والتعليم بعدما كان دورًا إنتاجيًا، الذي كان القطاع العام، ففي الوقت الحالي تذهب معظم الأموال في دفع الأجور والمرتبات، وتأخذ الحكومة هذه القروض بفوائد 11% وهي قليلة مع إني أنا لو نزلت استثمرها هيكون بـ 18% فائدة.


ما مدى حقيقة استيلاء الدولة على أموال المعاشات؟

ليس صحيحا.. الدولة لا تشعر أنه استيلاء، وتعتقد أن الحكاية في بيتها.. لأن القانون بيقول لازم تدفع وهي تدفع للقطاعات الحكومية "هو أنا لما أخذ من جيبي اليمين وأدي جيبي الشمال يبقى استيلاء"!، كما أن التأمينات الاجتماعية ليست بحاجة للاستثمار؛ لأن تمويلها من أبنائها، ومن المفترض أن توجه لمزايا تأمينية أخرى تتعلق بالصحة والبطالة والعجز والوفاة، فليس لها دور ادخاري يدفع  بعض أصحاب المعاشات لقول "فلوسي فين"، من المفترض أن توجه للمتعطل أيضا.


هناك دعوات لاستثمار أموال المعاشات ووضعها في البورصة.. فما رأيك؟

الاسثتمار عموما يعد نوعا من المخاطرة، فنظام التأمينات يرجح الضمان على الربحية، وهي عبارة عن اشتراكات لمواجهة معاشات وتعويضات وليس مسموحًا فيها بالخسارة، وهناك مقترح آخر يتضمن تخفيف الاشتراكات على العامل، وتوجيها لمشروعات أخرى، واللجوء إلى أساليب أخرى وهي كثيرة لاحتساب المعاشات، لأن ربطها بالأجر يستهدف العاملين بأجر فقط، فالحكومة نست أن  التأمينات الاجتماعية تستهدف ضمان الحد الأدنى لنفقات المعيشة، ولذا فإن الكثير يتقاضون أجورا منخفضة.


كيف ترى قانون التأمينات الاجتماعية الموحد الذي تستهدف الحكومة إصداره؟

هذا القانون معيوب من أساسه؛ حيث إنه لم يغط جميع الفئات، فحتى الآن موضوعة في فئة محدودة، كما أنني أسمع كلمة قانون موحد منذ 15 سنة كما أنه لا يوجد له معنى محدد هل هو موحد في التمويل ولا المزايا ولا موحد في الاسم فقط، فهناك كثيرون لا يتقاضون حتى الآن أموال التأمينات، و5 ملايين فلاح لا يعرفون تأمينات ولا يتقاضون أجرًا؛ لذا كان على الدولة أن تعمل فيه على شريحتين، أولا العمل على توحيد المزايا التأمينية لجميع المصريين، بالإضافة إلى الشريحة الأخرى، وهي وضع هدف آخر يتضمن العمال عبر تحقيق مستوى مناسب وحماية لرواتبهم عبر نظم تكميلية كما يجب أن يكون إجباريا، بحيث يعامل الإنسان كإنسان، وهذا يحتاج إلى تطور في الفكر لم نصل إليه في مصر حتى الآن.


هل النظام التأميني معرض للإفلاس؟

إطلاقًا.. هو نظام إجباري، ومن المستحيل أن «يفلس» مهما زاد معدل البطالة، لأن الذين يعملون أكبر من الذين لا يعملون، في دول كثيرة بالعالم حدثت لها أزمات اقتصادية ضخمة، وانهارت، وعلى الرغم من ذلك، كانت أموال التأمينات فى زيادة كبيرة.


إذًا كيف ترى تصريحات مسئولي المالية عن وجود عجز فى أموال التأمينات؟

لا يوجد عجز بصناديق التأمينات لأنها تغذي الدولة باحتياطات، الأزمة تكمن في أن الدولة تستعين بخبراء البنك الدولى من الدول الخارجية، ولا واحد فيهم يعرف تأمينات اجتماعية، جميعهم يعملون في شركات تأمين بمنطق الدفع مقابل الحصول على الخدمة، كما أن نظام الصناديق من المستحيل أن تتم تصفيته لأنه نظام ومستمر، وكون الدولة ضامنا فإنه يستوجب عليها تحقيق احتياجات المعاشات "يعني تبقى فلوسي وما أعملش مستشفى.. يعنى أجيب حد من بره يطور المدارس، وأجيب حد من بره مستثمر أجنبي يدفعلى عشان أعمل مشروعات ليا"!!


ولكن هناك دعوات لاسترداد أموال المعاشات؟

«الفلوس» ليست موجودة، لأن الدولة تأخذها في شكل قروض وتصرفها أولا بأول بنظام يسمى الموازنة، الحكومة «لا تحوش لحد»، فكرة خلق كيان مستقل لا يجوز تنفيذها، كما أنه من الناحية العملية صعب تطبيقها لأن أموال المعاشات ضخمة جدًا.


كيف ترى قانون التأمين الصحي الجديد الذي أقره البرلمان؟

هذا القانون ليس جديدا فقد تم عمله في سنوات مضت، وبدأ أيضا بمدن القناة، الخطورة تكمن فى أن القانون يتضمن موادًا تجبر الشخص بعد 10 سنين على دفع 3000 جنيه للاشتراك في التأمين الصحي، مين في مصر هيقدر هيدفع كل هذا المبلغ فى ظل انهيار قيمة الجنيه وغلاء في مستوى المعيشة، المشكلة أن وجود تأمين صحي جيد يستوجب وجود مستشفيات جديدة وإمكانيات وهيكل من الأطباء، الحكومة تقول إنها ستقيم المستشفيات الجديدة ولكن هناك أزمة نقص في المستشفيات القديمة، هناك أزمة أيضا وهى أن 90 % من التأمين الصحي أدوية وهذا غير صحيح فلا بد من الاهتمام بالتشخيص والفحص الطبي السليم على غرار الدول المتقدمة.


كيف تفسر هروب أصحاب الأعمال من التأمين على العاملين لديها؟

هناك سبب مهم، هو غياب الدور الإعلامي في تسليط الضوء على أهمية التأمينات بالنسبة لصاحب العمل والعاملين، لأن أصحاب الأعمال يجهلون مدى فائدة هذا النظام بالنسبة لهم ففي حالة مرض العامل فإن التأمينات تتكفل بعلاجه بدلا منه، كما أن أصحاب الأعمال هم الذين ابتدعوا التأمينات.


هل هناك علاقة بين حجم الاستثمار في مصر ونظام التأمينات الاجتماعية؟

نعم.. التأمينات الاجتماعية وسيلة وهدف لحل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، لذا ابحث عن نظام التأمينات في جميع المشكلات، فالأزمة الأساسية هي ارتفاع اشتراكات التمويل التي تصل إلى 40% عن قدرة مصادر التمويل، فقد تضطر الأعباء المالية بنظام التأمينات الاجتماعية المستثمر الأجنبي إلى الهروب من الاستثمار بمصر، فالجميع يفتقد للرؤية، أزمة التأمينات أنه نظام يتناول بكرة والمستقبل "وده عايز مخ، ونحن نفتقد للرؤية".