رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

3 ملفات «شائكة» تؤجل الصدام بين ترامب والسيسى

ترامب والسيسي- أرشيفية
ترامب والسيسي- أرشيفية


العلاقات «المصرية – الأمريكية» على أعتاب مرحلة جديدة، الفترة المقبلة، عقب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنقل السفارة لمدينة القدس، والاعتراف بها عاصمة لـ«الكيان الصهوني».


التغيير الجديد يجىء بعد أن شهدت العلاقات تطورًا كبيرًا منذ وصول «ترامب» للحكم، حيث أعلن الرئيس السيسي أكثر من مرة، الإعجاب بشخصية «ترامب»، في حين سارع المحللون المؤيدون للرئيس بالتأكيد على وجود كيمياء خاصة بين ترامب والسيسي، وعلى مدار العام وهناك تأكيد على وجود تفاهمات بين الرئيسين في مختلف القضايا بالمنطقة، وخاصة فيما يتعلق بـ«مكافحة الإرهاب».


ولكن بين عشية وضحاها، تغير الوضع تمامًا، عقب قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، حيث شنت وسائل الإعلام المصرية الحكومية هجوما حادًا على ترامب وخرجت العديد من المظاهرات ضده وتم حرق صورته، ورفض شيخ الأزهر، والبابا تواضروس لقاء نائب الرئيس الأمريكي، والذي كان مقررًا له 20 ديسمبر الجاري، ولأول مرة يظهر الخلاف في وجهات النظر بين البلدين حيث أصدرت وزارة الخارجية بيانًا شديد اللهجة برفض القاهرة قرار «ترامب»، وهو نفس الأمر الذي عبرت عنه الرئاسة في بيانها.


والسؤال الذي يدور داخل الشارع المصري حاليًا، وبين الخبراء: هل خسرت مصر والسيسي الرهان على ترامب؟، وهل كانت المساندة المطلقة لـ«ترامب» قبل وبعد انتخابه، خاطئة؟ وهل انتهى شهر العسل بين الدولتين، وهل هناك صدام وشيك بين السيسي وترامب فيما يتعلق ببعض الملفات الهامة وعلى رأسها وضع الإخوان ككيان إرهابي وملف حقوق الإنسان، كذلك الحرب على الإرهاب، والقضية الفلسطينية؟ أم أن تلك الملفات سوف تؤجل هذا الصدام وستعمل القاهرة على استمرار العلاقات الجيدة مع الرئيس الأمريكي حفاظًا على مصلحتها، بدليل عدم خروج السيسي كعادته للتعليق على قرار نقل السفارة الأمريكية للقدس؟


من جانبه، أوضح السفير صلاح فهمي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن العلاقات «المصرية - الأمريكية» لم تصل بعد لمرحلة الصدام والخلافات بين ترامب والسيسي؛ فمازالت القاهرة تراهن على إدارة ترامب، وأن ماحدث من رد فعل إعلامي أو جماهيري بشأن القدس لن يعكر العلاقات، مشيرًا إلى أن الإدارة الأمريكية تدرك جيدًا الموقف الحرج الذي يقع فيه النظام، بدليل أن نائب الرئيس الأمريكي سيزور القاهرة وسيقابله السيسي، كما أن الرئيس أجرى اتصالًا بـ«ترامب» قبل القرار بنقل السفارة للقدس، بـ24 ساعة رغم علمه المسبق بما سيتخذه ترامب.



وأكد مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن مصر حريصة على استمرار العلاقات مع واشنطن، بعيدًا عن تداعيات أزمة القدس، حيث توجد العديد من الملفات المشتركة بين البلدين بعيدًا عن التصريحات والاتصالات وكلمات الثناء والإشادة بين القيادة الأمريكية الجديدة والمصرية، وتأتي بعض الملفات التي ستمثل المزيد من التقارب بين الطرفين، على رأسها الأزمة السورية، فعلى عكس سياسة أوباما المُعادية للرئيس السوري، بشار الأسد، والرافضة لاستمراره في السلطة والداعمة للحلول العسكرية هناك، تأتي سياسة ترامب على النقيض، حيث أكد الرئيس الأمريكي الجديد أنه لا ينوي الدخول في حرب ضد الأسد، ولن يتدخل فى سوريا، لكنه توعد بمطاردة داعش جديا، كما أن العلاقات الجيدة بين الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، والرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قد تدفع إلى المزيد من التقارب بين مصر وأمريكا، خاصة بعد التقارب المصري الروسي الأخير في الشأن السوري خصوصا.


وأضاف «فهمي»، أن وجود «ترامب» على رأس الإدارة الأمريكية يُعد كارثة على جماعة الإخوان، خاصة أن الرئيس الأمريكي تعهد عقب فوزه بأنه سيمرر مشروع اعتبار الإخوان جماعة إرهابية، ويرى أن الإخوان من أخطر الجماعات التي تغذي الفكر المتطرف، لذا يريد توجيه ضربة للتنظيم وليس احتواءه سياسيا، مثلما فعل أوباما وهيلاري كلينتون، وهو بذلك يعطي غطاء سياسيًا لمصر في حربها ضد «الجماعة»، مهما بلغ ذلك من تصعيد.


واستكمل: «هذا الملف يمثل نقطة هامة للنظام المصري حاليا في حربه ضد الإرهاب، كما أن ترامب يمثل نقطة هامة أخرى للدولة في سعيها الدائم لاستمرار السيسي في الحكم لفترة ولاية ثانية، وتقديم الدعم العسكري في حرب مصر ضد الإرهاب في سيناء كما حدث عند توجيه ضربات عسكرية مصرية في ليبيا، كما أن ترامب يعتبر نقطة هامة في التنسيق المصري- الإسرائيلي بشأن الحرب على الإرهاب في سيناء».


في السياق ذاته، يرى الدكتور محمد كمال، الخبير السياسي، ومدير مركز المستقبل للعلوم السياسية، أن هناك أطرافًا أخرى تتحكم في شكل العلاقات المصرية- الأمريكية، بعيدًا عن الحديث عن كيمياء «ترامب- السيسي»، فالكونجرس الأمريكي، ووزارة الدفاع، والمخابرات، يمثلون ثالوثًا قويًا في شكل العلاقات الخارجية، بالتالى فإن الرهان المصري على ترامب ليس له أرضية على أرض الواقع، فقد شهدت العلاقات على مدار العام الماضي «شدًا وجذبًا»، بدليل قرار الكونجرس الأميركي خفض المساعدات العسكرية لمصر بمقدار 300 مليون دولار، والاقتصادية بمقدار 37 مليون دولار.


وتابع: «وجاء ذلك القرار–بحسب ما ذكره الكونجرس- بسبب الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان من جانب النظام، وعدم احترامه له، كما قام الكونجرس الأمريكي بعقد جلسة استماع بلجنة توم لانتوس لحقوق الإنسان حول أوضاع حقوق الإنسان في مصر، كما لم تصدر أمريكا قرارًا بشأن الإخوان واعتبارها جماعة إرهابية، ولن يحدث ذلك نهائيًا من قبل «ترامب».


وأشار «كمال» إلى أن مصر تراهن فقط على وجود أرضية مشتركة مع «ترامب» في ملف مواجهة الإرهاب، و«داعش» في جميع دول العالم، وهو ما يتبناه السيسي أيضًا.