رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«موسم صيد الغزلان» تفجر أزمة تجسيد الأنبياء في الأعمال الفنية

شيرين رضا في برومو
شيرين رضا في برومو رواية "موسم صيد الغزلان"



أحمد مراد: الرواية رحلة في «رأس» شخص لا يؤمن بالله.. وهذا سبب تخوف الجمهور منها


رامي عبد الرازق: «المسيح» لم يخرج للنور رغم موافقة «الكنيسة»


داعية إسلامي: تجسيد الأنبياء «حرام شرعًا»



أثارت الفنانة شيرين رضا، مؤخرًا، حالة واسعة من الجدل، على الساحة الفنية وعبر "السوشيال ميديا"، بمجرد طرح البرومو الدعائي الأول لرواية "موسم صيد الغزلان" للكاتب أحمد مراد.


جاء ذلك بسبب ظهور "شيرين"، في الكليب، من خلال شخصية "السيدة مريم العذراء"؛ إذ ارتدت ملابس تشبه التي عُرفت بها رسومات السيدة مريم، والموجودة في الكنائس المختلفة، ما تسبب في غضب الكثيرين، الذين رفضوا فكرة تجسيد الأنبياء بأي صورة في الأعمال الفنية.


ولم يقتصر غضب متابعي مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة "فيس بوك" على "شيرين" فقط؛ لكن موجة السخط طالت كل صناع الكليب؛ وهم: "الملحن هاني الدقاق، والمخرج أحمد رشيد، والشاعر آمار مصطفى"، حتى وصل الأمر إلى اتهامهم لـ"مراد" بالكفر والدعوة إلى الإلحاد.


وعلى الرغم من كل ذلك، إلا أن الكاتب المشاغب، كما يُطلق عليه، كان سعيدًا ومُرحبًا بالجدل الذي أثارته روايته الجديدة، وقال مدافعًا عنها، خلال استضافته ببرنامج "معكم"، الذي تُقدمه الإعلامية منى الشاذلي، على شاشة قناة "CBC"، إن الرواية تعرض ما لا يمكن رؤيته في الحقيقة ليس أكثر.


وتابع "مراد" أنه لا يوجد إنسان لم يسرح أو يفكر في العديد من الأسئلة الوجودية؛ مثل: "من خلق الله، ولماذا وجد الشيطان، ولماذا صوره الله بهذا الشكل بالذات، ولماذا كانت الملائكة بهذه الصورة"، مضيفًا أنه لم يكتب شيئًا خياليًا، بل عرض شيئًا موجودًا بالفعل، لكن إظهاره أو خروجه للنور أصاب الناس بالخوف.


وأكمل أن "موسم صيد الغزلان" هي رحلة في "دماغ" شخص لا يؤمن بالله، وأنها عبارة عن ما يدور في رأس الأشخاص من تفكير.


كما كشف "مراد" عن الجهد الكبير الذي بذله حتى تخرج الرواية بهذا الشكل، موضحًا أنه كان يجلس مع نفسه، وينطق الجمل والأفكار التي تدور في رأس البطل بصوته، حتى يتمكن من نقلها للقارئ بطريقة تجعلها سهلة الوصول إلى قلبه وعقله.


"موسم صيد الغزلان" لم يكن العمل الروائي أو الفني الأول الذي اعتمد على فكرة "تجسيد الأنبياء أو الصحابة"، لكن الأمر ما زال جريئًا وغير مقبول بالنسبة للجمهور، خاصة في ظل انقسام الآراء حوله؛ ما بين تحريم الأزهر له، ومطالبات السينمائيين والنُقاد باستمراره، بحجة أنه يُخلد سير هؤلاء الأنبياء، ليظل "صداعًا" في رأس الطرفين.


وقبل "موسم صيد الغزلان" كان هناك عدد من الأفلام والمسلسلات التي قامت على الفكرة السابقة، منها: المسلسل الإيراني "يوسف الصديق"، والفيلم التركي "محمد رسول الله"، والمسلسل المصري "أخت تريز"، والذي فتح النار على الفنانة المعتزلة حنان ترك؛ لظهورها بملابس الراهبات، وتقديمها شخصية "تريز" الراهبة المسيحية.


من جانبه، قال الناقد طارق الشناوي لـ"النبأ" إنه لا يجد أي سبب مُقنع لتحريم الأزهر الشريف ودار الإفتاء تجسيد الرسل والأنبياء، مشيرًا إلى أن هناك دولا عربية وإسلامية قدمت شخصيات لهم، وحققت نجاحًا كبيرًا ونسب مشاهدة عالية.


وأضاف أنه من الممكن أن يكون هناك حل وسط؛ مثل أن يتم وضع ضوابط صارمة وحدود لتجسيد الأنبياء في الأعمال الفنية، وأن تكون هذه الأعمال "هادفة ومحترمة"؛ تقديرًا لقدسيتهم ومكانتهم، فهم أفضل خلق الله –بحسب ما قال-.


ولم يختلف الحال كثيرًا بالنسبة للناقد الفني رامي عبد الرازق، إذ اتفق مع "الشناوي" في الرأي، وقال لـ"النبأ" إنه لا يرى أي إهانة أو تقليل في فكرة تجسيد الأنبياء في الأعمال التلفزيونية، مؤكدًا أنها عادة ما تكون مفيدة ومؤثرة في الجمهور؛ لما بها من تأثير وجداني عميق ونفسي عالي.


ولفت "رامي" إلى أن السيناريست الراحل فايز غالي، كان يجهز لفيلم بعنوان "المسيح"، ويحلم بخروجه إلى النور، لكنه توفي قبل تحقيق هذا الحلم، موضحًا أن الفيلم كان من المقرر أن يتناول قصة رحلة العائلة المقدسة في مصر، وتبدأ أحداثه من سنة 2 الميلادية.


وأكد أن "غالي" كان قد حصل على موافقة من "الكنيسة" على تقديم هذا الفيلم، وأن الراحل "البابا شنودة الثالث" رحب بالفكرة جدًا.


ونوه بأنه لم يكن تم الاستقرار، حتى وفاة "فايز"، عن إذا كان سيتم اختيار فنانة أجنبية لتقديم شخصية "مريم العذراء" أم ستقوم "الكنيسة" نفسها بترشيح فنانة مصرية لهذا الدور، على أن تتعهد بأن تعتزل التمثيل تمامًا بعد الفيلم، وأن تكتب تعهدًا بخط يدها على ذلك.


من جانبه، قال الداعية الإسلامي عبدالله رشدي لـ"النبأ" إن فكرة تجسيد الأنبياء، في أي عمل فني، "حرام شرعًا"، مضيفًا أنه من الممكن أن يتم تقديم شخصيات الصحابة والخلفاء الراشدين، بشرط أن يكون ذلك بشكل يتناسب مع مكانتهم السامية، وأن يكون الهدف من تجسيد أدوارهم "نبيلًا".


وتابع أنه يجب، بأي حال من الأحوال، ألا يتم التقليل من قيمة الخلفاء الراشدين والصحابة في الأعمال التلفزيونية، أو التقليل من شأنهم، أو إظهارهم بصورة مهينة.


وشدد "رشدي" –أيضًا- على ضرورة نقل سيرة الصحابة صحيحة وكما هي في التلفزيون أو السينما، وتجنب القصص والروايات المكذوبة وغير الموثوق بها، واستبدالها بروايات أخرى صادقة ودقيقة، موضحًا أنه بهذه الطريقة سيتم ضمان أن تكون الأعمال "مؤثرة بشكل صحيح"، مع تفادي وقوع أي فتنة طائفية بالمجتمع.