رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

مأساة «تعذيب» أصحاب المعاشات فى مكاتب «التأمينات الاجتماعية»

أصحاب المعاشات -
أصحاب المعاشات - أرشيفية


رحلة عذاب يومية يعيشها أصحاب المعاشات، الذين يترددون بحكم الضرورة والحاجة، على مكاتب التأمينات الاجتماعية، بشكل يومي تقريبا؛ لإنهاء بعض الأوراق، وعمل تسويات، أو شهري بهدف الحصول على «حفنة» من الجنيهات تكفي قوت يومهم بالكاد.

ويظل صاحب المعاش لساعات محاصرًا في طابور لا ينتهي أمام تلك المنافذ، وأماكن غير مجهزة، وغير آدمية، بالإضافة إلى  سوء المعاملة من جانب الموظفين دون مراعاة لتلك الشريحة.

وكانت واقعة الكاتب الصحفي الكبير وديع فلسطين، الذي يبلغ من العمر 94 عامًا، ومعاناته في مكتب التأمينات؛ لصرف معاشه، دليلًا كاشفًا على الانتهاكات التي تتم بحق أصحاب المعاشات عند التعامل مع تلك المكاتب، الأمر الذي أجبر غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعي، على الظهور في الصورة، وتقديم اعتذار له عبر صفحتها الرسمية على «فيس بوك».

وأرسلت الوزيرة وفدًا من موظفي التأمينات، وباقة ورد، مرفقًا بها الملف التأميني ليوقّع في منزله على معاشه.

من جانبه، أصدر الاتحاد العام لأصحاب المعاشات، برئاسة البدري فرغلي بيانًا، طالب فيها بالنظر إلى الأزمات بمكاتب التأمينات، ومعالجتها من جذورها، متسائلًا: هل يجب أن يكون صاحب المعاش من المشاهير حتى يحصل على حقوقه وتتم معاملته بشكل آدمي؟، وهل تعرف وزيرة التضامن الاجتماعي أن هناك آلاف الحالات التي أوقفت الوزيرة معاشهم رغم إنهم لا يزالون على قيد الحياة؛ نظرًا لعدم قدرتهم على الذهاب إلى مكاتب التأمينات.

وفي هذا السياق، قال مصطفى مرسى، أحد أصحاب المعاشات، إنه منذ عام 2010 وحتى الآن عاجز عن تسوية معاشه، مضيفًا: «لى تأمينات اجتماعية من عام 1983، وحتى الآن، بالإضافة إلى مدة خدمة في الحكومة منذ 1970، وحتى عام 1983، وعندما أذهب للتأمينات أو المعاشات، يتحجج الموظفون بضياع الملف قائلين: تعالى بكرة».

وأضاف «مرسي»: «ذهبت لأكثر من 3 مكاتب تأمين، بلا فائدة، ودوخت بين تأمينات مكاتب الهرم، وأبو النمرس، والعمرانية، ورغم تقديمي الأوراق، كان الموظفون ينكرون ويقولون لي إنني لم أقدم شيئًا، ومش عارف أوصل لحل، وانتهيت إلى تفويض الأمر لله».

وتابع: «أنا لم أصرف معاشا نهائيًا رغم مستحقاتي.. وربنا بيرزق الدودة في الحجر، سايبها لله».

وأضاف سعد شادي، مدير عام للتموين على المعاش، قائلًا: «إننا نعاني من الازدحام الشديد داخل منافذ التأمينات، وخصوصًا بمنفذ مدينة شربين بمحافظة الدقهلية، والذي نضطر معه للوقوف يومًا كاملًا أمام شباكين فقط أحدهم للرجال، والآخر للسيدات».

وأشار «شادي»، إلى أن أماكن استقبال كبار السن ضيقة، وغير مجهزة لاستقبالهم، كما أن منافذ صرف المعاشات غير آدمية بها روائح كريهة.

بدوره قال مسئول المتابعة باتحاد أصحاب المعاشات، منير سليمان، إن أصحاب المعاشات يعيشون مأساة في التعامل مع مكاتب التأمينات، بسبب عدم دراية عدد كبير من العاملين مقدمي الخدمة بأساليب الاتصال الجماهيري وعدم خضوعهم لدورات تدريبية دائمة تحيطهم بآخر القرارات والتغييرات.

وأشار «سليمان»، إلى أنه غالبًا ما يتأخر صرف الحقوق نتيجة عدم ضم الخدمة السابقة في جهات العمل والتي هي واجب من بين واجبات كثيرة على مكاتب التأمينات، ويجب أن تكون محتفظة بها، بل إن كثيرًا من أصحاب المعاشات لا يستطيعون التوصل لتسوية صحيحة لمعاشهم من أول أو ثاني زيارة للمكتب، وقد تستغرق هذه الإجراءات شهورًا عديدة تتعرض فيها الأسر لمعاناة توقف الدخل، وإلى جانب ذلك فإن صاحب المعاش يتعرض لعدم إعلامه بالمستندات المطلوبة منه مرة واحدة من خلال تعليمات محددة تتواجد في أماكن واضحة بمكاتب التأمينات يسهل على المتعاملين الاطلاع عليها دون الدخول في مشاحنات مستمرة مع مقدمي الخدمة.

ووجه «سليمان» رسالة لوزيرة التضامن الاجتماعي غادة والي، قائلًا: «الوزيرة ومساعديها عليهم أن يعلموا أن الصدمة الأولى التي تواجه المتعاملين مع هيئة التأمينات الاجتماعية هي صدمة انهيار بيئة العمل من أماكن سيئة ومكاتب وآثاثات متهالكة، ودورات مياه غير آدمية»، مضيفًا: «أصبح من المعتاد في هذه الأماكن أن تشاهد تجمعًا لمئات المتعاملين بالشوارع المحيطة وسلالم المبنى، حيث قذارة أماكن العمل وضيقها، ويجد طالب المعاش نفسه في هذه الحالة محاطًا بالوسطاء والسماسرة يحاول كل منهم الحصول على جزء من الجنيهات القليلة التي يقتات عليها هو وأسرته».

وكشف مسئول المتابعة عن كارثة، وهي تعرض مئات الآلاف من أصحاب المعاشات لضياع ملفاتهم التأمينية، متابعًا ليبدأ المستحق رحلة «كعب داير بين المكاتب المتباعدة، وقد تكون في محافظات متعددة بحثًا عن ملف يحمل مئات من الأوراق المتهالكة، وقد يُفرض عليه أن يتولى بنفسه البحث عن ملفه بين أرشيف غالبًا ما يوجد في أسوأ غرف المبنى، وهو أقرب أن يكون مأوى آمنا للحشرات».

وطالب وزيرة التضامن الاجتماعي، بتبني خطة عمل جديدة تمامًا توائم بين التطوير الإداري الشامل، وتكثيف حملات التفتيش ومراقبة تنفيذ العاملين لآخر مستجدات القرارات وأن تراعي تواجد قاعدة بيانات الوفيات والمواليد الموحدة تجمع بين وزارات الداخلية والتضامن والصحة والبنوك وغيرها من الهيئات المعنية.

وأضاف مسلم أبو الغيط، نائب حركة الدفاع عن أصحاب المعاشات، أن معظم أصحاب المعاشات يشتكون من سوء المعاملة من جانب موظفي التأمينات، مشيرًا إلى أن هذا يدل على الجهل، ووجود تقصير في التدريب  متابعًا: «لا يفهمون طبيعة عملهم على أساس تطبيق القانون فى أسرع وقت..  فليس مطلوبًا من الأرملة التى ترعى أيتامًا أن تنتظر فترة طويلة دون معاش».

وأضاف «أبو الغيط»، أن موظفي التأمينات يتوقفون عن العمل ولا يلتقون بأصحاب المعاشات من يوم 23 حتى 27 من كل شهر، بحجة أنهم يقومون بتجهيز صرف المعاشات، ويستقبلون أصحاب المعاشات بشكل صوري  فقط دون فائدة».

وأشار إلى أن عددًا كبيرًا من أصحاب المعاشات الذين تدفعهم الحاجة إلى الذهاب إلى التأمينات لصرف رواتبهم في يوم 30 من كل شهر منتظرين فتح  باب الصرف في  الساعة 8 مساءً، وهو ما لا يحدث ما يضطرهم إلى النوم على الأرصفة، متابعًا: «بيفضلوا نايمين على الرصيف حتى نزول المعاشات.. وعندما نتحدث مع المسئول عن السيستم.. يقولك هو فيه مناسبة دلوقتى؟».

وأضاف نائب رئيس حركة الدفاع عن «أصحاب المعاشات»، أن أحوال جميع مكاتب التأمينات «سيئة للغاية»؛ فالمكتب الذي لا يوجد به شمس، يكون هناك زحمة وبه روائح كريهة من كثرة الزحام، مشيرًا إلى أن الوزارة بدلا من تخفيف حدة الزحام، ضمت عددًا من المكاتب في منفذ واحد، إذ تم ضم مكتب تأمين عين شمس والبكرى، كما أن بعض موظفي البريد يسرقون كبار السن، متابعًا: «بيقى مستكتر الفلوس عليه».

واعتبر، أن الخدمات التى أعلنت عنها وزارة التضامن الاجتماعي، مثل «فودافون كاش»، أو «الفيزا كارت»، مجرد شعارات خيالية، قائلًا:

«أصحاب المعاشات لا يلجئون إلى كروت atm لعدة أسباب خوفًا من تعرضهم للسرقة أوعدم خروجها كاملة، أو إخراجها على 3 مرات حتى يتم فرض رسوم إدارية من جانب البنك في كل مرة، كما أنهم لا يجيدون استخدامها».