رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«البنود السرية» في التحالف «الثلاثي» بين السيسي وولي العهد و«بن زايد».. تقرير

السيسي وبن سلمان
السيسي وبن سلمان وبن زايد - أرشيفية


تُطرح الآن تساؤلات كثيرة على المستويين العربي والدولي، عن مستقبل التحالف العربي المكون من مصر، والسعودية، والإمارات، ومعهم البحرين، وهو التحالف الذي تشكل بسبب الأزمة مع قطر.


وقال البعض، إن هدف هذا التحالف بين الرئيس عبد الفتاح السيسي، وكل من ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، هو القضاء على الإخوان، وقطر المتهمة بدعم الإرهاب، وتمويله، بينما يرى آخرون أن هدف هذا التحالف هو الحفاظ على ما تبقى من الدول العربية بعد الفوضى التي ضربت العراق وسوريا وليبيا واليمن، والوقوف في وجه التدخلات الأجنبية في شئون الدول العربية.


بينما يرى آخرون أن الهدف من هذا التحالف هو الوقوف في وجه الأطماع الإيرانية والتركية في المنطقة، ووقف المخططات الرامية لإسقاط مصر والسعودية والإمارات.


ويقول بعض الخبراء إن هناك الكثير من الصفات التي تجمع بين الزعماء الثلاثة: السيسي، وبن زايد وسلمان، فالثلاثة – حسب الخبراء - تمكنوا من تنمية قدرات دولهم عسكريًا، وأصبحوا يمثلون مثلثًا لديه قدرات ردع هائلة، وأجهزة معلومات عالية المستوى، تعمل وتنسق فيما بينها بشكل رائع ومتميز.


وأعاد هذا التحالف رسم خريطة القوى في المنطقة، وأن مثلث «القوة المصري السعودي الإماراتي»، يقوده عسكريون لمواجهة محور الشر المتمثل في قطر وإيران وتركيا، وتأديب «تميم وأردوغان وخامئنى والإخوان».


وأكد رئيس شرطة دبي السابق ضاحي خلفان تميم، عبر حسابه على «تويتر»، أن الربيع العربي القادم سيقوده الملك سلمان والرئيس السيسي والشيخ محمد بن زايد، مؤكدًا أنه سيكون ربيعًا في خدمة الإنسان، وفي حفظ الأمن للأوطان، وفى التقدم والرقى عظيم الشأن.


وتابع خلفان: «الثلاثة صمدوا في وجه تحد خطير وأفشلوا مخططًا كان كفيلا بهدم قلاع الأمة الحصينة».


أما أنور قرقاش، وزير الدولة الإماراتي لـ«الشئون الخارجية»، فقال إن بلاده مؤمنة بأن دورها أقوى حينما يكون ضمن فريق عربي تقوده مصر والسعودية.


فإلى أي مدى يمكن أن يستمر هذا التحالف ويصمد، وهل يستطيع هذا التحالف قيادة الأمة العربية الفترة القادمة، وهل يستطيع الوقوف في وجه التدخلات الأجنبية في المنطقة كما يؤكد السيسي، وهل يستطيع مواجهة الأطماع الإيرانية والطموحات التركية في المنطقة، وهل ينجح في إحداث اخترق في القضية الفلسطينية؟..


يقول الدكتور سعيد اللاوندي، الخبير في العلاقات الدولية، إن هذا التحالف هو نوع جديد من التحالفات، لاسيما وأن السيسي يسعى إلى إقامة علاقات عربية جيدة، كما أن علاقة مصر بالسعودية أصبحت مهمة للغاية، والسعودية بشكل أو بآخر أصبحت تدعم مصر بقوة، مشيرا إلى أن تركيز الدول الثلاث على حل القضية الفلسطينية شيء جيد؛ لأن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية لكل الدول العربية، وبالتالي هناك توافق كبير جدًا بين الدول الثلاث على هذه القضية.


وأضاف «اللاوندي»، أن الخلاف الوحيد بين هذه الدول يتمثل في الأزمة السورية، حيث تصر المملكة على الحل العسكري، وإبعاد بشار الأسد، أما مصر فترى أن الحلول السياسية هي الأفضل للحفاظ على الدولة السورية، ما عدا ذلك هناك توافق كبير بين هذه الدول على أن الدول العربية مستهدفة من قبل الدول الكبرى، مشيرا إلى أن الدول الثلاث تتفق على أن هناك دولا خارجية تحاول بشكل أو بآخر التدخل في شئون الدول العربية والإسلامية لذلك هم يقفون مع بعضهم لمواجهة التدخل الخارجي، لاسيما بعد أن أدركوا أن قيام دولة كردية في العراق يمكن أن يكون مقدمة لتقسيم الدول العربية وعلى رأسها مصر والمغرب.


وأوضح خبير العلاقات الدولية، أن من أهم أسباب قيام هذا التحالف هو الأزمة القطرية التي أدت إلى التقارب بين السعودية والإمارات ومصر، مشيرا إلى أن الاجتماعات التي حدثت في القاهرة والرياض والمنامة تؤكد عزم هذه الدول على الوقوف في وجه الإرهاب الدولي وتمويله الذي تتورط فيه قطر، لافتا إلى أن العلاقة بين هذا التحالف والولايات المتحدة الأمريكية فيها شد، وجذب لاسيما وأن أمريكا بلسان ترامب دائما تتحدث عن تهديدات معينة، كما أن هذه الدول أصبحت لا تثق في الرئيس الأمريكي بعد موقفه من قطر، مؤكدا أن استمرار هذا التحالف مرتبط بالأزمة القطرية.


من جانبه يقول السفير معصوم مرزوق، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن هذا التحالف لم تبرز له أي كرامات سوى حصار قطر والاعتداء العسكري على اليمن، مؤكدا عدم وجود استراتيجية واضحة تجمع بين هذه الدول، لكن ربما يكون لمصر غاية من وراء ذلك التحالف سواء بالحصول على دعم مادي هي في أمسّ الحاجة إليه، أو في دعم النظام القائم، لكن الآخر هو أن يكون هذا التحالف تمهيدا لجر مصر إلى ما يسمى بالحرب بين السنة والشيعة لاسيما وأن طبول الحرب بدأت تدق بين المذاهب الدينية في المنطقة.


وأضاف «مرزوق»، أن هذا التحالف أشبه بالزواج المؤقت بين الدول الثلاث، فكل دولة تريد تحقيق هدف معين من وراء هذا التحالف، وبعد ذلك لن يعود هناك مبرر لاستمراره، مشيرا إلى أن الحرب ضد الإرهاب أصبحت حجة تستخدمها تلك الدول لتثبيت وجودها في السلطة، ولا يوجد شيء اسمه اعتدال وتطرف ولكن يوجد أنظمة حكم فقدت أغلبها شرعيتها الشعبية والقانونية وأصبحت تحكم بسلطة الأمر الواقع، مؤكدا أن بقاء هذا النوع من الزواج المؤقت مشكوك فيه، وقد يستمر لفترة من الزمن لكن محكوم عليه بالانفصال في نهاية الأمر.


وأوضح مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن هناك بنودًا سرية ومسكوتًا عنها في هذا التحالف وهي العلاقة مع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، مشيرًا إلى أن هذا التحالف ربما يكون محللا لأمريكا وإسرائيل، وقد تبين ذلك من كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأمم المتحدة عندما نادى بشكل مباشر الشعب الإسرائيلي بالاصطفاف وراء قيادته وكأنه يعطي صوتا انتخابيا إضافيا عربيا لأكبر متطرف في إسرائيل، وهو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي وصل الأمم المتحدة بعد أن قام بضم المزيد من الأراضي الفلسطينية لإسرائيل وتهويد القدس.


وأكد "مرزوق"، أن هذا التحالف يقوم على المصلحة الفردية، ولا يقوم على المصلحة العامة، وليس هناك رؤية بالمفهوم السياسي الاستراتيجي لهذا التحالف، ولكن هناك مصالح قريبة، وهناك مصالح وقتية تجمع بين هذه القيادات، مشيرا إلى أن  «جر» مصر إلى الدخول في حرب مذهبية مع إيران هو الخطر الأكبر الذي يجب التحذير منه، لاسيما بعد التهديد الذي أطلقه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بنقل الحرب الى طهران، لافتًا إلى أنه الآن يتم الإعداد لحروب مذهبية لن يجني منها أحد شيئا سوى تعريض المنطقة والشعوب لمخاطر جمة، مشيرا إلى أن حدوث تغيير داخل مصر أو السعودية سيؤدي إلى تغيير في العلاقات الرسمية بين هذه الدول، لكن العلاقات الشعبية لن تتأثر بذلك لأنها تتجاوز هذا الشكل المظهري بين أنظمة الحكم.


من جانبه يقول الدكتور مختار غباشي، رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن هذا التحالف قادر على قيادة العالم العربي الفترة القادمة، إذا أعطى الأولوية القصوى للأمن القومي العربي في المجمل، وإذا وضع على رأس أجندته، إصلاح الحالة العربية، وامتلاك زمام المبادرة لتعديل ميثاق جامعة الدول العربية، واحتواء القضايا العربية والمشاركة في حلها والمساهمة بقوة في كل القضايا العربية.


وأكد «غباشي»، أن كل قضايا العالم العربي خرجت من يد العرب، وأصبحت في يد دول إقليمية وقوى دولية كرهًا أو طوعًا، لكن يمكن لهذه الدول الثلاث أن تساهم في حل هذه القضايا والتحكم فيها، ويجب أن تمتلك تلك الدول زمام المبادرة لحل قضايا المنطقة، وعلى رأسها ما يحدث في اليمن وسوريا وليبيا، مشيرًا إلى أن علاقة هذه الدول بإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، علاقة يشوبها خلل.


ولفت «غباشي» إلى أن هذا التحالف سيغير من خريطة الشرق الأوسط، إذا امتلك عنصر المبادرة، وحدث توافق تام على جميع قضايا المنطقة، لاسيما أنه يضم أكبر قوة عسكرية في المنطقة وهي مصر، وأغنى دولة، وهي السعودية، بالإضافة إلى الإمارات العربية المتحدة وهي دولة مؤثرة، وبالتالي الدول الثلاث لا يستهان بها في العالم العربي من ناحية القوة العسكرية والمالية فهم يملكون قوة المبادرة وقوة طرح الحلول لكن شرط توافر الإرادة السياسية.


وأوضح «غباشي»، أن حجم الإنفاق الخليجي على التسليح يبلغ حوالي 117 مليار دولار، أما حجم إنفاق إيران العسكري فيبلغ حوالى 15 مليار دولار، ورغم ذلك قوة تأثير الخليج في القضايا الإقليمية والدولية لا تتساوى مع قوة إيران، خاصة أن الدول الخليجية خاضعة للسيطرة والهيمنة الأمريكية، وهناك اختلاف في الرؤى والهدف والحلم بين إيران وهذه الدول، مؤكدا أن هذا التحالف يستطيع الصمود والاستمرار إذا أدرك أن هناك مخاطر تحيط بالعالم العربي وتهدد وجوده.