رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

بشير الديك: المخابرات تدرس عملًا فنيًا عن أشرف مروان للرد على «الملاك الإسرائيلي».. حوار

بشير الديك - أرشيفية
بشير الديك - أرشيفية


يعد الكاتب والسيناريست والمخرج بشير الديك أحد أهم كُتاب السيناريو في الجيل الذهبي الذي تعاون مع كبار المخرجين، حيث كان له الفضل في اكتشاف العديد من النجوم في بداية مشوارهم الفني، كما كتب للسينما العديد من الأفلام الهامة التي أصبحت من علامات السينما المصرية ومنها "الضائعة، وسواق الأتوبيس، والحريف، والرغبة، وضد الحكومة، وهو ما أهله للحصول على لقب "حريف" السيناريو، كما كتب أعمالا درامية ناجحة منها "الناس في كفر عسكر ودرب الطيب وعابد كرمان وأماكن في القلب".


"النبأحاورت السيناريست الكبير بشير الديك، الذي كشف عن علاقته بكبار المخرجين وذكرياته مع أحمد زكي ونور الشريف وسعاد حسني وفريد شوقي، وكيف تدخل الرئيس السابق مبارك في وقف حملة شنتها ضده جريدة أخبار اليوم، وسر عدم كتابة اسمه على فيلم الهروب، وتفاصيل الفيلم الإسرائيلي الذي يظهر أشرف مروان في صورة العميل الخائن لبلده، بالإضافة إلى العديد من الأسرار التي يكشفها من خلال الحوار التالي.


في البداية لماذا ابتعدت عن السينما وهل ابتعادك أعطى الفرصة لأصحاب السيناريوهات الضعيفة لاحتلال الساحة الفنية؟

ابتعدت لأن السينما حاليا شبابية، ومن الطبيعي أن يعمل كل جيل مع بعضه نظرا للتقارب العمري، والفكري، وفي جيلي كان هناك أيضا أصحاب السيناريوهات الضعيفة لأن السينما صناعة، وكل فترة فيها أفلام تجارية، والمجتمع المصري في حالة تغير دائم، وليس هناك استقرار في المجتمع، والمنطقة كلها لأكتب من أجله، وكل من يكتب الآن يعبر عن نفسه فقط، وأنا لم أجد ما يجبرني أن أكتب له بسبب تلك التغيرات، وحالة عدم الاستقرار.


ما سر عدم كتابة اسمك على فيلم الهروب؟

كنت انتهيت من كتابته، وحصلت على أجري، ولكن طلب مني مدحت الشريف انتظار عودة الكاتب مصطفى محرم من السفر، ولكن انا "حلفت" ألا يكتب اسمي على الفيلم نهائيا، حتى إن عاطف الطيب انهمر فى البكاء حينها، ولكني "ندمت" بعد أن حقق الفيلم نجاحا كبيرا كما أن الناقد سامي السلاموني، وكان مسئولا عن إحدى اللجان التى تقوم بإرسال الأفلام المصرية للمهرجانات الدولية عندما قرأ سيناريو فيلم الهروب قال "ده فيلم بشير الديك".


هناك تقارب شديد بينك وبين المخرج عاطف الطيب.. ماذا عن شخصيته خلف الكاميرات؟ 

كان إنسانًا بسيطا، وشديد الموهبة، ولم أقابل شخصا مثله، وكانت أدواته بسيطة يعبر عن نفسه، والواقع بالسينما، وكان همه الأول والأخير هو التعبير عن العالم الذي ينتمي إليه، ويعيش بداخله لأن الفن رسالة إنسانية عميقة، وكان يجيدها أيضا نجيب محفوظ، ويوسف إدريس، وأفلامي مع "الطيب" كانت محاولة لاكتشاف العمق الحقيقي للواقع الذي يعيشه الإنسان المصري كما حدث في فيلم "سواق الأتوبيس"، ومايعيشه الإنسان العربي عندما ناقشته في فيلم "ناجي العلي" وتطرقت فيه للقضية الفلسطينية.


ما سر الهجوم العنيف الذي تعرضه له فيلم ناجي العلي عند عرضه؟

حدثت أزمة بيني وبين رئيس تحرير أخبار اليوم إبراهيم سعدة، وكان يبدو أن هناك كانت مشكلة بينه، وبين نور الشريف بطل الفيلم، أنا لا أعرفها شخصيا، وربما وجدها فرصة لهدم الفيلم، ومهاجمته بعد عرضه في الوقت الذي رحبت به اللجنة الفنية لمهرجان القاهرة، وتم افتتاح المهرجان بفيلم "ناجي العلي"، وتم الاحتفاء به، ولكن فوجئت بعد عرضه بأيام بهجوم شديد في جريدة أخبار اليوم، التي كرست صفحاتها للهجوم عليه بحجة أن "ناجي العلي" شخص يكره مصر، وكأنه يكره "الشوارع والحيطان" هي الأخرى، ولكن هو مثله مثل حال كل المثقفين كان يكره فقط اتفاقية "كامب ديڤيد" ولا يكره مصر كما يدعون، وعندما سأل الرئيس مبارك "رئيس تحرير اخبار اليوم" عن الضجة التي حدثت بسبب الفيلم أثناء عودتهما في "طائرة الرئاسة" من رحلة خارج مصر أجابه بأن "ناجي العلي" شخص يكره مصر، وطلب منه مبارك حينها وقف الحملة التى توقفت في اليوم التالي مباشرة بشكل ملفت للنظر لدرجة أن "سمير رجب" رئيس تحرير جريدة الجمهورية قال معلقا على الانقطاع المفاجئ  للحملة ضد الفيلم "ليس هكذا تدار المعارك"، وقيل إن " براهيم سعدة" كانت لديه قصة اسمها "القنبلةقدمها لـ"نور الشريف" لإنتاجها، ولم تعجبه مما دفعه لمهاجمة الفيلم، ولكنها شائعات لست متأكدًا من صحتها، وأهم ما كان يميز "نور الشريف" أنه مثقف، ومهموم بالوطن، ومؤمن بالشباب، وإظهار موهبتهم فقدم الكثير من المخرجين في أولى تجاربهم الإخراجية مثل "سمير سيف وعاطف الطيب ومحمد خانفهو رجل سينما متعدد المواهب قام بالإخراج والإنتاج بجانب عمله كممثل.

 

لماذا لم تكرر تجربة الإخراج بعد فيلمي "سكة سفر والطوفان"؟

لأن مهنتي هي الكتابة فقط، وقمت بإخراج الفيلمين لظروف خاصة لأن عالم الفلاحين هو عالمي، ولم أجد مخرجا يعبر عنهم كما أريد، وكان هناك مخرج سيتولى إخراج فيلم "سكة سفر"، وأثناء التصوير أيقنت أنه لن يعبر عن أحلام وأحزان شخصيات الفيلم فقمت بإخراجه، وفيلم "الطوفان" هو نفس العالم، وأنا الأجدر بالتعبير عنهم.


ماذا عن تحويل فيلمك الطوفان لعمل درامي وما مصير مسلسلك الرقصة الأخيرة؟

قمت بقراءة نصف حلقات مسلسل "الطوفان" ومكتوب بشكل جيد بالرغم من أن من قام بكتابته شباب، وأنا واثق في صديق عمري المخرج "خيري بشارة"، أما عن مسلسلي "الرقصة الاخيرة" فهو عمل صعب في تنفيذه يعاني من مشكلة التوزيع لأن العمل "يباع" باسم النجم الذي يقوم بأداء دور البطولة، والمسلسل تدور أحداثه في فترة شباب "فريد شوقي" و"هدى سلطان" وبالتالي فإن أبطال المسلسل لابد أن يكونوا من الشباب، ولا تصلح الأدوار لنجوم كبار لذلك تجد المنتجة "ناهد فريد شوقي" مشكلة في تنفيذه.

 

لماذا اتجهت للكتابة للجاسوسية؟

استهوتني فكرة الكتابة للجاسوسية لأن بها حسا وطنيا، وكتبت فيلم "مهمة في تل أبيب"، ومسلسل "حرب الجواسيس" و"عابد كرمان"، وعرضت على المخابرات المصرية كتابة عمل يدور عن "أشرف مروان"، وفي انتظار الرد خاصة أن إسرائيل تحضر الآن فيلم اسمه "الملاك" عن "أشرف مروان" تظهره كأنه عميل لها، وخائن لبلده، ولكن هو من دفعته المخابرات المصرية ليبدو وكأنه عميل لديهم، وهو في الأصل كان جزءًا من خطة الخداع الاستراتيجي المصرية، وهو مواطن مصري عظيم استطاع خداع الإسرائيلين بذكاء شديد.


كيف رأيت في هشام سليم بطلا لأعمالك وماذا عن نادر جلال؟

تحمست لـ"هشام سليم" لأنه فنان يمتلك بداخله كرامة، وموهبة كبيرة، واختارته أنا والمخرج نادر جلال لبطولة مسلسل "اماكن في القلب" وفوجئ بأنه سيقوم بدور البطولة، ولكن نادر جلال قال له "خلاص آن الآوان للبطولة"، وتوالت الأعمال معه، وقدمنا مسلسل "درب الطيب" و"ظل المحارب" و"حرب الجواسيس"، أما عن نادر جلال فهو إنسان شديد النبل، ولم أسمعه أبدا يذكر أحدا بسوء، وهو مولود في إستديو سينما، و"شارب" المهنة فكان يحضر مع والده "أحمد جلال" منذ صغره في "إستديو جلال" وينتمي لأسرة فنية، وخالته هي المنتجة "أسيا" وبالطبع هو يجيد فن السينما، ويعرفه كما يعرف اسمه، وكان بارعا، وكنت أثق في قدراته.


ما حقيقة خلاف أحمد زكي والمخرج محمد خان في فيلم الحريف؟ 

اختلف "أحمد زكي" و"محمد خان" بسبب الحريف؛ لأنه رفض أن يظهر بالشكل الذي يريده "خان" للشخصية، وكان الفيلم من نصيب "عادل إمام" ليصبح فيلما من أجمل أفلام السينما المصرية، واختيار شخصيات الفيلم كان مشتركا بيني، وبين "خان"، والمصور "سعيد الشيمي"، وقدم نجاح الموجي دورا من أجمل أدواره، وكان يحكي الفيلم عن الواقع الذي يعيشه الشباب فى هذه الفترة المهمة بكل احترافية، ولكن "أحمد زكي" كان صديق عمري فبدأنا سويا تقريبا، وكتبت له فيلم "طائر على الطريق"، وعندما ذهبت بالفيلم للراحل "فريد شوقي" عاتبني أن دوره لم يكن دور البطولة قائلا لي "أنت جايبلي فيلم أعمل فيه دور تاني"، وأقنعته أن وجوده بالفيلم ضروري حتى نتمكن من "بيعه" خاصة أن "أحمد زكي وفرودس عبدالحميد وآثار الحكيم" كانوا في بداية مشوارهم، وطالبت "فريد شوقي" بإظهارهم قائلا له "لو مكنتش أنت هتطلع الشباب دول على كتافك مين هيطلعهم وكل الناس عارفة أنك أنت ملك السينما" فضحك، ووافق على الفيلم.


كنت تنتقي شخصيات أفلامك من الواقع كفيلم ضد الحكومة وفي وجهة نظرك من هم الذين يعملون الآن ضد الحكومة لو تطرقنا للسياسة؟

الفاسدون، والمهملون الآن هم من يقفون ضد الحكومة، فعندما نشاهد عمارة إسكندرية المائلة بسكانها، وهناك آلاف الأبنية الاخرى المخالفة للقانون، وبدون تراخيص، وتم بناؤها بـ"الليل" دون محاسبة فهؤلاء من نطلق عليهم لقبضد الحكومة"، ومازالت جملة "أحمد زكي" أثناء مرافعته في الفيلم "كلنا فاسدون" عالقة في ذهني، وناقشت في الفيلم قضية مافيا التعويضات، والإهمال الذي نعاني منه حتى الآن.


حدثنا عن السندريلا سعاد حسني خلف الكاميرا؟

كانت سعاد حسني طيبة جدآ، وممثلة محترفة لأبعد الحدود، وكان بينها وبين  "أحمد زكي" تقارب أرواح وكيمياء سحرية، وكانت فنانة شاملة تؤدي كل الأدوار بعبقرية شديدة، وطبيعية جدا أمام الكاميرا، وأبهرتني بأداء دورها في فيملي "موعد على العشاء"، وكأنها امرأة تبحث عن حريتها حتى الموت.