رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

عرفان يصيد الحيتان

حمدي رزق
حمدي رزق



وابتهج وانشرح صدر الفيس بوك بعد قنوط لخبر سقوط (نائبة) محافظ الإسكندرية فى شر أعمالها، ضربات الرقابة الإدارية الأخيرة، ونشاطها بطول البلاد وعرضها، يبرهن على أن حرب الفساد ليست وهماً أو لذر الرماد فى العيون، بل عزم أكيد على حرب حتماً ستطول، ولكنها تمضى واثقة الخطى لضرب معاقل الفساد.


وكما يحارب بواسل الجيش والشرطة الإرهاب، يحارب محاربو الرقابة الإدارية الفساد، الإرهاب والفساد صنوان، للأسف اهتبلنا بعضهم بحديث الفساد تبريراً للإرهاب، ونفذوا عمليات ممنهجة بتقارير فاسدة للتصدير، لإشانة سمعة الدولة المصرية باعتبارها دولة فاسدة، لن تقوم قيامتها.


عشنا زمنا كنا نحارب فيه الفساد صوريًا، تلهية الناس عن الفساد بحوارات فضائية وصحفية، كالأسطوانة المشروخة، لم يكن الهدف حرب الفساد ولكن الهدف وصم الدولة بالفساد، وكان إصدار التقارير الفاسدة دورياً تدليلاً على فساد الدولة، ضجيجاً بلا طحن يصم الآذان.


حرب الفساد قبلا كانت صوراً بلا مضمون، وأقوالاً مرسلة بلا اتهامات محددة، فارق كبير أن تتحدث عن حرب الفساد فى المنتديات وترسم نفسك محارباً للفساد وأن تحارب الفساد وتسقطه من فوق الشجرة كالثمرة الفاسدة فى حِجر السلطات القضائية لتلف القانون على رقاب الفاسدين.


نادراً ما يتحدث اللواء محمد عرفان رئيس هيئة الرقابة الإدارية عن الفساد، ولكنه حاضر بقوة ورجاله ماضون فى حرب الفساد بعمليات نوعية فى عمق الدولة المصرية، «عرفان والذين معه» يكافح الفساد لا يتحدث بأرقام الفساد، يوقع بالفاسدين لا يبغى إسقاط الدولة المصرية، يخدم تحت علم الدولة المصرية ليس تحت علم جماعة.


اللواء عرفان خلية صاحية وليس خلية نايمة فى جسد الدولة المصرية، لم يدع أنه محارب للفساد، ولكنه المحارب الحقيقى للفساد، لم يطلب شعبوية سياسية زائفة ولكنه يقوم بواجبه الوطنى دون ضجة صحفية ولا جلبة فضائية، وفيما حوار فضائى وحيد لا يتحدث كثيراً، شعاره «أفعال لا أقوال».


لا يمر يوم إلا ورجال الرقابة الإدارية يسقطون شبكات ورموز الفساد فى مواقع شتى، وضرباتهم فى مواقع مؤثرة، الرقابة الإدارية صارت شبحاً مخيفاً لمافيا الفساد، لا يحول بينها وبين الفاسدين منصب كبير أو موقع حساس، وما ينشر من عمليات ناجحة للرقابة الإدارية أقل القليل من حجم القضايا التى تم تحريرها وضبط فاسديها.


الرقابة الإدارية تحررت من ربقة العجز وتمتعت بثقة القيادة السياسية، وصارت حاضرة بشخص رئيسها اللواء «عرفان» فى جميع الاجتماعات الرئاسية ما يمكّنها من دورها فى الرقابة على المال العام، وليس سراً أن الرقابة الإدارية صارت حاضرة فى توقيع كل العقود والمناقصات والمزايدات وتوقيع محاضر تسلم الأعمال والإنشاءات، ولا يمر عقد حكومى دون توقيع من رجال الرقابة الإدارية، فهم لا يخشون فى حق الدولة لومة لائم.


إنهم يصيدون الحيتان، سقوط «نائبة» محافظ الإسكندرية على أيدى رجال الرقابة الإدارية أخيراً مؤشر على سطوة الفساد وخطورته، وعظم المهمة التى تقوم بها الرقابة الإدارية، الفساد طال عصب الدولة، وأخطر من الفساد الصغير، يقينا هو الفساد الكبير، رمزية سقوط نائبة محافظ الإسكندرية وقبلها محافظ حلوان تقول لا أحد فوق الحساب، حاليا أو سابقا، مسؤولا أو وزيرا.

نقلًا عن "المصري اليوم"