رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

أبى الحبيب رحمك الله

مصطفى أبو زيد
مصطفى أبو زيد


لايعلم الأنسان بقيمة ما يملكه من أشياء أو أشخاص وبما يمثل له الكثير من الأهمية إلا عندما يفقد تلك الأشياء أو الأشخاص، ويشعر وكأن هناك قطعة من جسده تم استقطاعها، وأصعب وأشد أنواع الفقد هو فراق الأحبة والأهل وخاصة الوالدين فهما صمام الأمن والدعم والسند لأولادهم.

وهذا هو ماشعرت به عند فقدان الأب الذى كان يمثل لى أمنًا وأمانًا نفسيًا كبيرًا ودافعًا قويًا للاجتهاد من أجل أن يشعر أن ما قام بغرسه طوال حياته فى أبنائه، ولكن أمر الله نفذ قبل أن يرى حصاد ما قام بزرعه فينا من مبادئ الأخلاق والعمل والاجتهاد فى كل طريق مساره الحق والحلال والبعد كل البعد عن كل طريق يكتنفه الغموض والضباب مهما كانت الإغراءات.

فكنت ياأبى رحمك الله طوال حياتك لم تملك الكثير ولم تطلب الكثير فقد كنت راضيًا قانعًا بما قسمه الله عليك ، فلم تهتم بجمع المال بقدر الاهتمام بجمع وغرس الفضائل والحق والتربية القويمة فينا.

فيا أبى اشتقنا إليك وإلى صوتك وهو يصدح بأرجاء المنزل، اشتقنا يأبى الى مناقشاتنا وجدالنا بل إلى توجيهاتك التي تعيننا على المضى قدمًا بالحياة دون أن تتعثر أقدامنا وسط أشواك الحياة.  

بكينا يا أبى على فراقك مر البكاء، ولو نعلم أن بكائنا سيأتى بك الى الدنيا لذرفنا الدموع أنهارًا، ولن نبخل عليك كما لم تبخل علينا طوال حياتك باهتمامك وحنانك وحسن معاملتك لنا، حتى الأن غير مصدق أنك انتقلت للدار الآخرة ياأبى، فمازالت روحك الطاهرة تحوم حولنا ونشم نسائم رائحتك بكل ركن من أركان المنزل ، أطمن يا أبى فقد انتقلت بجسدك الفانى ولكن تظل روحك موجودة بقلوبنا ما حينا.  

ياأبى أرجو من الله العلى القدير أن يغفر لك ويرحمك ويتجاوز عنك وأسكنك فسيح جناته، وأطمن يا أبى وأسعد فقد خلفت وراءك أبناءً يحفظون العهد وعلى طريقك ماضون لتفخر بنا كل الفخر ولن نضيع ما قمت بتعليمنا أياه ، فراقك صعب يا أبى ولكن عزاءنا الوحيد أنك بجوار رب العالمين، وارتحت من عناء المرض الذى أنهكك جسديا.

أن الكلمات يا أبى فى رثائك تتثاقل على لسانى ودموعى تتساقط من جفوني، ولا أعلم كيف استطيع تلمس طريقى بدونك فقد كنت لى النور الذى ينير لى الدروب وتبعدنى عن الشرور، وتمدنى بالقوة عندما أشعر بالوهن واليأس رحمك الله يا أبى فقد كنت نعم الأب ونعم الصديق.