رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

ملف «الوعاظ والأئمة» يُعيد الصراع المكتوم بين «الطيب» ووزير الأوقاف

الدكتور أحمد الطيب
الدكتور أحمد الطيب - أرشيفية


يدور حاليًا صراع خفي بين الأزهر ووزارة الأوقاف، رغم إعلان كل طرف مؤخرًا، وقف الحرب الباردة فيما بينهما، والدخول في مرحلة الهدوء المرتقب، عقب صدام الطرفين بشأن «الخطبة المكتوبة».


والصراع الجديد يدور هذه المرة من جانب وزارة الأوقاف التي تنوي بالتعاون مع عدد من نواب البرلمان، التقدم بمشروع قانون يطالب بضرورة إشراف وزارة الأوقاف، كاملا على الوعاظ والأئمة بما فيهم وعاظ الأزهر.


ويعتمد مقترح وزارة الأوقاف الجديد على طلب نقل إدارة شئون الوعاظ من مجمع البحوث الإسلامية إلى الأوقاف، بحيث يكون هناك توحيد في ملف تجديد الخطاب الديني داخل المساجد خاصة وأن 80 % من وعاظ الأزهر تتم الاستفادة بهم لسد العجز في خطباء المساجد، يوم الجمعة، كما أن تقارير التفتيش بوزارة الأوقاف كشفت رفض وعاظ الأزهر الالتزام بتعليمات الوزارة بشأن موضوعات خطبة الجمعة والدروس بحجة أنهم تابعون لـ«مشيخة الأزهر»، كما حدث من قبل في أزمة الخطبة المكتوبة.


التحركات الأخيرة من جانب وزارة الأوقاف جاءت ردًا على معلومات وصلت للدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، مفادها وجود تقرير أعدته لجنة البحوث الفقهية بالأزهر يطالب بضم المساجد والأئمة لتكون تحت إشراف إدارة الوعظ والدعوى بمجمع البحوث الإسلامية على أن يقتصر دور وزارة الأوقاف في إدارة شئون الوقف الخيري بالداخل والخارج، حيث كشف التقرير أن توحيد الدعوى في مصر سيؤدي إلى التقدم في ملف تجديد الخطاب الديني، فيما أن حالة تعدد الجهات المشرفة على الدعوى في مصر بين المؤسسات الدينية كان سببا حقيقيا في تراجع ملف تطوير الخطاب الديني.


وكشفت مصادر، أنه ينتظر تقدم الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، بمقترح توحيد مؤسسات الدعوى في الدولة تحت سيطرة مشيخة الأزهر، ليكون أول المطالب المعروضة على المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب الذي صدر قرار جمهوري بتشكيله، ومن المنتظر عقد جلساته الأولى خلال الفترة المقبلة عقب إجازة عيد الأضحى المبارك، ويؤيده في ذلك عدد كبير من أعضاء المجلس المعينين ومنهم شخصيات أمنية لها باع كبير في المصالحة بين الدولة والجماعات الإسلامية في عهد الرئيس المخلوع «مبارك».


ووفقًا للمعلومات فإن وزارة الأوقاف سوف تتجه لمجلس النواب لتحقيق هدفها الخاص بنقل تبعية وعاظ الأزهر لها، للرد على تحركات الأزهر، داخل المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب، وكان قد تقدم عبد الكريم زكريا، بطلب إحاطة بشأن ضم الوعاظ التابعين للأزهر الشريف إلى وزارة الأوقاف، وتعلل زكريا في طلب الإحاطة بأن عمل الواعظ مكرر لعمل الإمام وجميع المساجد بها عجز، وهذا من شأنه سد العجز والارتقاء بمستوى الأئمة.


ومن المقرر، أن تناقش اللجنة الدينية نقل تبعية الوعاظ من الأزهر إلى وزارة الأوقاف خلال الفترة المقبلة.


من جانبه، أكد الشيخ عبد الرحيم محمد، عضو ائتلاف الأئمة، أن هناك اجماعًا من قبل الأئمة على رفض تحركات وزير الأوقاف، وأن مطالب الأئمة الآن باتت تتلخص في نقلهم لـ«مشيخة الأزهر»، وأن هناك ترتيبًا حاليا لتنظيم وقفات لتحقيق هذا الطلب ودعم تحركات الطيب، مشيرًا إلى أنهم يطالبون بضرورة اقتصار دور وزارة الأوقاف على إدارة الأموال والمنشآت ضمن الوقف الإسلامي، وعدم امتداد الأمر إلى المسئولية عن الدعوى والوعظ.


وأكد «محمد» أن الوزير فشل في ملف الدعوى والأئمة، خاصة مع اقتصار الأمر على إدارة المساجد وإعطاء توجيهات للخطب فقط، دون اهتمام كبير بأوضاع الأئمة ماديا وثقافيا والتطوير من المستوى العلمي المستمر لمواجهة كل ما يطرأ على ساحة الدعوى ومواجهة أي أفكار متطرفة تظهر في المجتمع، ولكن المنطلق الأساسي في عدم تبعية الأئمة للأوقاف، هو الرغبة في التحرر من القيود المفروضة على الأئمة في تناول موضوعات الخطب والدروس الدينية، بما يعني الحصول على قدر كبير من استقلالية بعيدا عن تحكمات وزارة الأوقاف.


المطالب بنقل تبعية الأئمة لمشيخة الأزهر لم تكن جديدة، إذ تطرق رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا الدكتور جمال قطب، إلى ظروف نشأة وزارة الأوقاف في الأساس، والتي ظهرت في عام 1913 على يد الاحتلال الإنجليزي، في محاولة لتقليص دور مؤسسة الأزهر.


وكانت وزارة الأوقاف منذ تأسيسها لها يد في إضعاف الأزهر وعدم حصول المشيخة على استقلالية كاملة بمعزل عن النظام القائم، إذ تم سحب منه اختصاصه في الإشراف على المساجد واختيار الأئمة، فضلا عن انتزاع الأوقاف التي كان يعتمد عليها في الإنفاق على أنشطته، وإسناد تلك الأمور إلى وزارة الأوقاف، بحسب «قطب».