رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

من قبيل الغلاسة السياسية!

حمدي رزق- أرشيفية
حمدي رزق- أرشيفية


قبلاً، كنت قد وصفت سعى النائب «إسماعيل نصر الدين» إلى تعديل بعض مواد الدستور فى باب «نظام الحكم»، بالبواخة السياسية تخفيفاً عله يثوب إلى رشده ويبطل بواخة، والبواخة أن تأتى أمراً غير مستحب شكلاً وموضوعاً وتوقيتاً فيستنكره الناس.

ولكن أمام إصرار النائب على فِتَنَ الشارع سياسياً، فيستحق وصف «غِلس» بكسر الغين واللام وتسكين السين، وتطلق على من لا يستحسن تصرفاتهم، ومنها اشتقت كلمة «غلاسة» لكى تعبر عن التصرفات غير المهضومة، تصرفات تجعل المرء يدير وجهه إلى الناحية الأخرى قرفاً وامتعاضاً خشية غثيان يصيبه.

النائب نصر الدين يعلن عن لجنة قانونية تعكف على تعديل الدستور فى ست مواد على الأقل وأنجزت تعديلاً يمس ثلاث مواد، أهمها المادة (140) التى تنصب على تمديد مدة الرئاسة من أربع إلى ست سنوات، وهى عين الغلاسة السياسية التى «يرازينا» بها النائب.

ألم أقل لكم الأمر تعدى البواخة الشخصية إلى الغلاسة البرلمانية، وها هو رئيس البرلمان يوطئ بتصريح أخير قال فيه إن دستور 2014 توافقى يحتاج إلى تعديل، قليل من الإحساس السياسى، إحنا فى إيه ولا فى إيه، إحنا فى فرح ولا فى طهور!.

عجباً الرئيس يحدثنا عن تثبيت الدولة، وربنا يرزقنا بمن يقلقل الحجر فى بطن الجبل، يروم فتنة سياسية، اللى مبيشوفش من الغربال يبقى «سنية» بطلة المسرحية، فعلا الشوف السياسى مش نظر تحت الأقدام، الشوف الحقيقى وجهة نظر ترنو إلى المستقبل.

الثابت يقينا أن الرئاسة لا طلبت تمديد مدة الرئاسة ولا تمنت على البرلمان أن ينظر فى الأمر، والرئيس أعلنها صريحة وفى أكثر من مناسبة، وأبرزها وأكثرها وضوحاً وتحديداً فى مؤتمر الشباب فى «شرم الشيخ» عندما قال: «اللى بيكلمكم دلوقتى، أى الرئيس، ما يقدرش يقعد فى مكانه يوم زيادة عما يحدده الدستور والقانون..». فيه وضوح أكثر من كده، الرئيس قطع قول كل خطيب، المفروض نحترم أنفسنا ونحترم الدستور، ونكف عن الغلاسة السياسية.

غلاسة يتبعها أذى للرئيس، طبعاً، لن تمر هذه الغلاسة برداً ولا سلاماً على الثعالب العقورة، وستطل رؤوس الثعابين من الدغل الفيسبوكى تلدغ، وتبخ سماً فى إناء الرئيس، ومن باب الغلاسة السياسية سيتهمون الرئيس بها، وسيرفعون شعار «لا للتمديد»، بل ستذهب التحليلات والافتكاسات إلى أنها صناعة رئاسية جرى تحضيرها فى أقبية أمنية، وتم تصديرها إلى البرلمان!.

أغلس وأذكّر النائب بأن الرئيس من حقه الترشح مجدداً لفترة رئاسية ثانية وأخيرة، وليس هناك حاجة ماسة لتغيير الدستور، والمطلوب وطنياً لتثبيت دعائم الدولة الابتعاد بمسافة عن الدستور، ولنركز فى تحديات «عام الرمادة» 2017، ونصطف مجدداً فى مواجهة الإرهاب الذى يضرب فى سويداء القلب، ونتوفر اجتهاداً على إنجاز الأجندة الوطنية العاجلة ونستكمل مؤسساتنا المدنية ومشروعاتنا الوطنية.

سيادة النائب رجاء، فلتكف عن الغلاسة السياسية، ولرئيس البرلمان أقول: «دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ»، دعوة تعديل الدستور كالجيفة السياسية تتلقفها الضوارى المتلمظة لإسقاط الدولة المصرية، يقيناً لن يتحلق على الجيفة إلا من فى قلبه مرض، والغرض مرض من الدستور.

نقلًا عن "المصري اليوم"