رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

داعش جريمة الغرب الكبرى «15»

أحمد عز العرب - أرشيفية
أحمد عز العرب - أرشيفية


بعد المؤتمر الصهيوني الأول فى بازل سنة 1897 الذى وقفت المخابرات البريطانية وراء ترتيبه بدا التنسيق فى المصالح بين بريطانيا وفرنسا ضد دول أوروبا الجديدة وخاصة ألمانيا الموحدة وضد الأقاليم العربية التى أوضح التقرير المقدم للملكة فكتوريا خطرها المستقبلي الشديد، وبدل التنافس القاتل بين بريطانيا وفرنسا على أملاك الخليفة العثماني الذي كانت إمبرطوريته فى طريق الزوال، اتفق الاثنان على تقسيم الإمبرطورية العثمانية بينهما كما أوضحنا فيما سبق وبحلو القرن العشرين أخذت خطوات التنفيذ تتلاحق كلما سنحت الفرصة.

وعندما أعلنت الحرب العالمية الأولى سنة 1914 وكانت بريطانيا وفرنسا فى جانب وألمانيا وتركيا العثمانية فى جانب العدو وسرعان ما وصلت بريطانيا وفرنسا إلى ما عرف باتفاق سايكس بيكو خلال سنوات الحرب الأولى فى 1915، كانت بريطانيا بمجرد إعلان الحرب قد أعلنت حمايتها على مصر وإسقاط السيادة العثمانية رسميا وعزل الخديوي عباس حلمى الثاني الذي كان في إجازة فى إسطنبول ووضعت مكانه أخيه حسين كامل بلقب سلطان.

ولجأت بريطانيا إلى أحط أنواع الخداع والكذب لتمهيد الأرض للشرق الأوسط الجديد الذى تنوى إقامته بعد نصرها مع فرنسا فى الحرب العالمية وقامت بتمهيد الأرض على النحو التالى:

أولًا: اتصلت سرا بالشريف حسين حاكم الحجاز تحت السيادة العثمانية عن طريق الجاسوس البريطاني الأشهر لورانس العرب ووعدته إن أشعل ثورة عربية فى وجه السلطنةى التركية العثمانية فستعترف به ملكا أو حاكما لدولة عربية كبرى تضم الشام وفلسطين وألوية العراق الثلاث الموصل وبغداد والبصرة وكان ابنه الأمير فيصل هو الوسيط بين الشريف حسين والجاسوس البريطاني.

ثانيا: فى نفس القوت كانت بريطانيا قد اتفقت سرا مع فرنسا على تقسيمالعالم العربي على النحو المشروح أعلاه بحيث تأخذ فرنسا دول المغرب العربي تونس والجزائر والمغرب إلى جانب سوريا ولبنان بالشام وتأخذ بريطانيا مصر والسودان والألوية العراقية الثلاث، وبالنسبة لفلسطين تستصدر بريطانيا قرارا من عصبة الأمم المزمع إنشاؤها بعد الحرب يتيح لها الانتداب على فلسطين على أساس إقامة وطن قومي لليهود فى فلسطين شرق النهر فتقام بها إمارة تحت النفوذ البريطاني يحكمها الأمير عبدالله أحد أبناء الشريف حسين، وتنفيذًا لهذا البند أصدر اللورد بلفور وزير خارجية بريطانيا وقتها وعده الشهير في 2 نوفمبر سنة 1917 إلى اللورد اليهودى روتشيلد يعده بالعمل على إقامة وطن قومى لليهود على ألا يؤثر ذلك على أوضاع غير اليهود بفلسطين أو على أوضاع اليهود فى الدول الأخرى ولم تكن لروتشيلد أي صفة رسمية تؤهله لتلقى مثل هذا الوعد سوى أنه أغنى يهود العالم وممول العديد من من مستعمراتهم الاستطانية فى فلسطين ولم يعرف العالم علنا كل هذه الأكاذيب المتعارضة والخسة البريطانية التى لا تعرف الخجل أو الأخلاق إلا عندما قامت الثورة الشيوعية فى روسيا سنة 1917 ونشر الشيوعين الأرشيف السري لحكومة روسيا القيصرية التى أسقطتها الثورة وبهذه الدناءات البريطانية المتناقضة.

بمجرد انتهاء الحرب والاستعداد لمؤتمر الصلح في ربيع سنة 1919 تركت بريطانيا الأمير فيصل بن الشريف حسين لينتخبه الشعب السوري ملكا على سوريا وفى خلال أشهر تعد على أصابع اليد الواحدة فوجئ فيصل بجيش فرنسا ينزل على أرض سوريا وخلال ثلاث ساعات فى منطقة ميلسون خارج دمشق أباد الجيش الفرنسي القوات السورية فأسرع فيصل باكيا إلى حماته من البريطانين الذين طيبوا خاطره ووعدوه بتعيينه ملكا ولكن على ألوية في العراق التى ستصبح مملكة العراق ولكن بشرط بريطاني هام.

كان الشعب الكردي خلال الخلافة العثمانية أحد أقاليمها ويعيش فى منطقة واحدة متواصلة ونتيجة الحرب العالمية تم تمزيقه بين خمس دول كان الجزء الأكبر مها يعيش في جنوب شرق تركيا ويكون حوالي 20% من الشعب التكري وكان ثاني أكبر أجزاءه يعيش شمال العراق فى إقليم كردستان الحالي وجزء آخر داخل حدود دولة إيران وجزء صغير رابع فى حدود سوريا وأصغر الاجزاء داخل حدود أرمينيا بعد استقلالها عن الخلافة وكان الأمير فيصل بن الحسين والملا مصطفى البرزاني زعيم كل الأكراد قد تعاهدا على أن يذهبا لمؤتمر الصلح ليطلب البرزاني فى استقلال كل كردستان فى دولة كردية موحدة، ويطلب فيصل دول عربية موحدة في كل أراضي العرب، وقبل تنفيذ الاتفاق كان النفط قد ظهر في كركوك بكردستان العراق وكان الشرط البريطاني لإقامة مملكة لفيصل في العراق هو أن يعلق فيصل وعده للبرزاني ويعلن ضم كردستان في دولة العراق.

ولم يتردد فيصل في الاستجابة لطلب بريطانيا فى ضوء بريق العرش العراقي، وهكذا تحول أكراد العراق ومعهم باقي الأكراد ومعظمهم من المسملين السنة تحولوا من أخلص حلفاء العرب إلى ألد الأعدادء.