رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

اسألوا المقدس شحاتة

حمدي رزق- أرشيفية
حمدي رزق- أرشيفية


مع كل الاحترام لحضور المائدة المستديرة التى دعا إليها المهندس عاطف عبدالحميد، محافظ القاهرة، لمناقشة خطوات منظومة النظافة الجديدة، وبحضور د. هشام الشريف، وزير التنمية المحلية، وأشرف الشرقاوى، وزير قطاع الأعمال، وخالد فهمى، وزير البيئة، واللواء كمال الدالى، محافظ الجيزة، واللواء محمود عشماوى، محافظ القليوبية، ود. محمد سلطان، محافظ الإسكندرية.. أعتقد أنه حضور ناقص واحد، لو وجَّه المحافظ الدعوة إلى نقيب الزبالين شحاتة المقدس لعظمت الفائدة المرجوَّة من الاجتماع الذى أعتبره أخطر اجتماعات الإدارة المحلية على وجه الإطلاق، خاصة أن التحدى مخيف، مصر تنتج نحو 100 مليون طن قمامة سنوياً، منها 17 ألف طن من القاهرة يومياً، جبل من القمامة، مَنْ ينقل الجبل إلى مثواه، إلى مدافن صحية مجهَّزة؟


بعيداً عن محاور المناقشة المهمة، تبقى مناقشة منقوصة، رؤية نقيب الزبالين، المقدس شحاته يقود نحو مليون زبال ويحرك 3 آلاف سيارة، ويتحدَّى أن يضطلع برجاله بتسليم القاهرة نظيفة كل صباح إذا قرروا الاعتماد على منظومته الشعبية.

فإذا كان النقاش جاداً فى تثبيت منظومة نظافة تقودها شركة قابضة تنبثق منها شركات تابعة تقود شركات نظافة صغيرة، أخشى أننا نؤسس لشركة تعنى بالتوظيف أكثر من التنظيف، تنتهى إلى رؤساء ومرؤوسين، موظفين على مكاتب مكيفة، نضيف إلى هَمِّ الزبالة هَمَّ الموظفين، وبعدها تدبير الرواتب والمكآفات والحوافز والعيديات والعلاوات والأرباح، نفس الدائرة الجهنمية التى ترزح من هول أعبائها شركات الحكومة فى كل القطاعات.

حسناً أن تذكَّر وزير البيئة الزبالين، وقال إن الزبال هو عماد المنظومة الجديدة، كلام جميل وكلام مسؤول، لكن كيف.. هذه هى القضية، هل تستوعب الشركة القابضة هؤلاء مباشرة؟ توظِّفهم مثلاً، أم تتركهم بضاعة لمقاولى الباطن، يستغلونهم من تحت إبط الحكومة، ويتاجرون فى الزبالة والبشر فى آن؟ هل تم إحصاء عدد الزبالين؟ هل تمت مناقشة كيفية تدويرهم فى المنظومة الجديدة؟ وكيف سنواجه غضبة الزبالين إذا ما تهدد معاشهم؟.

نقيب الزبالين شحاتة المقدس مستعد أن يمدكم بخبراته كاملة فى ابتداع منظومة نظافة «ما تخرِّش الميه» كما يصرح، الاستماع إليه لن يكلفكم شيئاً، خبرة متوفرة وببلاش، اسمعوه ربما يملك فكرة مفيدة، ومعلوم أن «اللى إيده فى الزبالة يعرف يفرزها»، وهو لن يتأخر عنكم، أقله استصحاب واستيعاب أصوات الزبالين فى خطة الحكومة لنظافة البلد، هم طرف أصيل فى المنظومة.

إهمال طروحات وحلول وناس «عزبة الزبالين» يؤجِّل الحل إلى ما لا نهاية، وكل الحلول التى طُبِّقت قبلاً، بما فيها الاستعانة بشركات أجنبية، انتهت بفشل ذريع، لأن المنظومة الواقعية تقوم على أكتاف هؤلاء الذين امتهنوا جمع القمامة من جد لسابع جد يعرفون مداخلها ومخارجها وكيف الوصول إلى كيس قمامة أسود فى حارة مزنوقة.

التشريعات والخطط القومية لا تستقيم بإهمال هؤلاء، إذا كان مقترحاً استيعابهم فلماذا لا نسمع لهؤلاء بعقول مفتوحة؟ لو أحسن محافظ القاهرة لاجتمع مع نقيب الزبالين، وأطلعه على الخطة القومية المقترحة، وسجَّل ملاحظاته واستصحب أفكاره، أما إذا كان المحافظ يأنف الرائحة فلن يفلح أبداً!.
نقلًا عن "المصري اليوم"