رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

داعش جريمة الغرب الكبرى «13»

أحمد عز العرب
أحمد عز العرب


بقى محمد علي واليا على مصر من قبل الخليفة العثماني بموجب معاهدة لندن التى فرضها الغرب عليها سنة 1840، وأصبح عرش مصر وراثيا للذكر الأكبر فى أسرة محمد علي، وحتى تضمن أوروبا سحق مشروعات محمد علي الصناعية والعسكرية منها بالذات؛ تضمنت المعاهدة فى جانبها الاقتصادي عدم فرض ضرائب جمركية على أي سلعة تستوردها مصر تزيد عن 3% من قيمة السلعة المستوردة، وكانت النتيجة الطبيعية لذلك انهيار الصناعة المصرية أمام المنتجات الغربية الأكثر تطورًا فى غضون سنوات تعد على أصابع اليد الواحدة.

بعد وفاة محمد علي خلفه ابنه عباس الذي كان أكثر ابنائه تخلفًا؛ حيث بدأ حكمه بإغلاق المدارس بتشجيع من مستشاريه الغربيين لاعتقاده أن الأمة الجاهلة أسهل حكما من الأمة المتعلمة ولما مات سنة 1854 خلفه سعيد الذي كان مطية طيعة في يد صديق له هو الأفاق الفرنسي فردناند ديليسبس الذي سرعان ما منحه سعيد امتياز حفر قناة السويس، التى تربط البحر الأحمر والأبيض المتوسط، وتديرها شركة يرأسها دلسبس صاحب المشروع، وتكون دائمًا برئاسة فرنسية وتكون لحكومة مصر حصة غير مهيمنة بها سرعان ما باعتها ببخس الثمن سدادًا للديون التى كانت تتراكم على حاكم مصر المطلق دون حسيب، قدمت مصر حسب شروط منح الامتياز مئات الألوف من عمال السخرة الذين استخدموا فى حفر قناة السويس، والذين مات منهم خلال سنوات الحفر التى انتهت سنة 1869 مائة وعشرين ألف عامل بالسخرة نتيجة الجهد الفظيع وسوء التغذية ومات سعيد سنة 1864 وخلفه إسماعيل ابن أخيه إبراهيم باشا الكبير وكان إسماعيل غاية في الطموح والرغبة في جعل مصر قطعة متمدنة مثل أوروبا واستغل سماسرة الغرب نقطة الضعف هذه في إسماعيل وأغرقوه بالقروض التي استخدم الكثير منها في بناء نهضة حديثة في مصر وحدائق رائعة مثل حديقة الحيوان وحديقة الأورمان، وغيرها من المشروعات إلا أن ميزانية مصر لم تمكن تحملها فاضطر في نهاية الأمر إلى بيع حصة مصر في قناة السويس ببخس الثمن سدادًا لبعض ديونه، وكان حاكما مطلقا لم يجد من يحده عن سفهه المالي وتم افتتاح قناة السويس في حفل أسطوري سنة 1869 دعي له العديد من ملوك وأمراء العالم وعلى رأسهم أوجيني إمبراطورة فرنسا زوجة الإمبرطور نابليون الثالث وتكلف الحفل مزيدًا من الديون.

بمجرد افتتاح قناة السويس وربط أوروبا بالشرق بأقصر طريق قررت بريطانيا حتمية احتلال مصر لحسابها وأخذت تتحين الفرصة المناسبة واضعة في الاعتبار المنافسة وغيرها من دول أوروبا، فكرت بريطانيا في الكارت اليهودي روتشيلد وزميله البارون اليهودي دي هرس بالتبرع بأموال هائلة لإقامة مستعمرات يهودية على أرض فلسطين وخليفتهم العثماني سنة 1881، وخلال عام واحد تطورت الأحداث في مصر واندلعت الثورة العرابية الوطنية بقيادة أحمد عرابي وزملائه مطالبين بدستور ديموقراطي وتدخلت بريطانيا عسكريا بتأييد من الخليفة العثماني ومن خديوي مصر الخائن توفيق بن إسماعيل، الذي كان قد تم عزله سنة 1898 وحل ابنه توفيق محله وفي هذه النقطة يتعين عرض تقرير بريطاني اطلعنا عليه خلال دراسة الماجستير باستكهولم سنة 1960، ومع الأسف فقدنا اللينك الخاص به على شبكة الانترنت، وتوضح قصة التقرير كيف سيطرت بريطانيا على منطقتنا ودمرتها ومازالت تدمرها لحسابها وحساب دول الغرب وقصة التقرير حرفيا كالآتي:

في سنة 1890 أمرت الملكة فيكتوريا بإنشاء لجنة ملكية لدراسة أسباب انهيار الحضارات الماضية ووضع مقترحات لتجنب أو على الأقل تأجيل انهيار الامبراطورية البريطانية التى كانت عوامل الضعف نتيجة التوسع الجغرافي الهائل والتخمة الاستعمارية قد بدأت تظهر فيها وقدمت اللجنة تقريرها للمكلة فيكتوريا سنة 1895 ويتضمن حرفيا الآتي:

أولا، ظهور دول جديدة في أوربا مثل ألمانيا بعد توحدها وقياداتها العديدة تحت الإمبراطورية الجديدة، وتوحد إيطاليا تحت قيادة أسرة سافوي ملوك شمال ايطاليا وعاصمتهم تورينتو، هذه الدول الفتية تكون قوية وتطمع في مزاحمة دول الغرب الراسخة في مستعماراتها وهو يستنزفها.

ثانيا، وهو الأهم وصول اتحادات القبائل إلى المرحلة العليا للبربرية قبل دخولها المدينة، تكون هذه الاتحادات في عنفوان قوتها العسكرية وخطرها على الدول المجاروة.

وإل اللقاء في المقال التالي.