رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

كمال حبيب: الانتخابات الرئاسية في «جيب» السيسي.. ولا يوجد منافس حقيقي (حوار)

 الدكتور كمال حبيب
الدكتور كمال حبيب


قال الدكتور كمال حبيب، المفكر الإسلامي، والباحث في شئون «الجماعات الإسلامية»، إن عودة الأحزاب الإسلامية، للعمل السياسي في مصر، مرهونة بتغيير النظام، أو المصالحة مع الإخوان.


وأضاف «حبيب» في حواره لـ«النبأ»، أن الصراع على السلطة في مصر، ما زال محصورًا بين التيار الإسلامي، والدولة العميقة، لافتا إلى أن الأحزاب العلمانية، صارت جزءًا من السلطة، لأنها تخشى من الخطر الإسلامي، وإلى تفاصيل الحوار:


كيف ترى مستقبل الأحزاب الإسلامية في مصر؟

لا أرى لها أي مستقبل، لأن البيئة السياسية العامة لا تشجع على تقوية الأحزاب بشكل عام، وهذا ينطبق على جميع الأحزاب الموجودة في مصر الآن، وليست الأحزاب الإسلامية فقط، فحاليًا لا توجد حياة حزبية في مصر، لأن الحياة الحزبية مرتبطة بالنظم الديمقراطية، والنظام الموجود في مصر الآن، نظام غير ديمقراطي، يؤمن بتركيز السلطة في يده، كما أن السلطة التنفيذية هي المهيمنة على باقي السلطات، وتخويف الأحزاب وقياداتها، وإشاعة جو من تحجيم الوجود الحزبي.


وماذا عن الأحزاب الإسلامية؟

الأحزاب الإسلامية الموجودة لا تستطيع ممارسة أي نشاط سياسي إلا داخل مقراتها، وبين أعضائها، والنشاط الذي تقوم به أشبه بنشاط الحركات الاجتماعية، وليس نشاط الحزب السياسي، فمثلا حزب البناء والتنمية الجناح السياسي للجماعة الإسلامية، يمارس نشاطًا أقرب للنشاط الدعوي للحفاظ على الروابط بين أعضائه، لكنه لا يمارس نشاطا حزبيا، ولا يبدي رأيه في أي قضايا سياسية، مثل ارتفاع الأسعار، أو السياسة العامة للدولة، أو الانتخابات الرئاسية، فالحياة الحزبية العامة في مصر أصبحت ميتة، بسبب طبيعة النظام القائم، الذي لا يتيح للأحزاب أن تنمو، فالرئيس السيسي التقى بالكثير من فئات المجتمع، لكنه لم يلتق برؤساء الأحزاب، كما أن الأحزاب الإسلامية تقوم على العاطفة، والذاتية، وتقديس المشايخ، ولا تقوم على فكرة المؤسسية والاختلاف السياسي.


وماذا عن حزب النور؟  

حزب النور لا يوجد له أي نشاط داخل البرلمان، فلم نرى أعضاءه يقومون باستجواب أي وزير، وأخيرا كانوا من المؤيدين لموقف الدولة من جزيرتي تيران وصنافير، وهو موقف يتطابق مع موقف السعودية، وهم يرون أنفسهم أنهم ملحق للدولة وداعم لها، من أجل خدمة الدعوة السلفية، لأن قضيتها عند حزب النور أهم من فكرة العمل السياسي، وهذا ينطبق على حزب البناء والتنمية، الجناح السياسي للجماعة الإسلامية.


وكيف ترى حزب الوسط؟

حزب الوسط ليس له أي نشاط على الإطلاق، سوى قيامه بعمل ندوة نقلتها قناة الجزيرة، ومن الواضح أن هناك تعليمات أمنية صدرت له، فهو حزب ضعيف جدا، وموقفه ملتبس من النظام السياسي، وعلاقته بالإخوان تسببت في حدوث ارتباك داخل الحزب، وبالتالي لا توجد حياة حزبية في مصر، والأحزاب الإسلامية أكثر حداثة، وأقل خبرة بالواقع الاجتماعي والسياسي، وهي في النهاية أجنحة لحركات اجتماعية سبقتها، ولا تمتلك منظورًا سياسيًا.


كيف ترى الثقل الشعبي للأحزاب الإسلامية الآن؟

بالتأكيد شعبية هذه الأحزاب تراجعت بالمقارنة بما كانت عليه بعد ثورة يناير، وخاصة حزب النور المتهم من قبل التيار الإسلامي بأنه شارك في «انقلاب يوليو 2013» – على حد وصفهم -، وقطاع كبير من السلفيين أطلقوا عليه «حزب الزور»، وأصبح يتعرض لهجوم شديد جدا من التيار السلفي، خاصة من حركة حازمون، والتيار الإسلامي العام، وغيرهم، من الذين تحالفوا مع جماعة الإخوان المسلمين، ونجحوا في «تقزيم» شرعيته داخل الحركة الإسلامية، وفي كل الأحوال حزب النور تراجع تراجعا هائلا، حتى بين السلفيين أنفسهم.


وماذا عن حزب البناء والتنمية؟

حزب البناء والتنمية مثل حزب النور، وعاصم عبد الماجد قام بعمل ورقة للمراجعة، وكأنه يريد أن يقول فيها، إن مفهوم الانتماء للأمة أولى من الانتماء للجماعات، لأن الانتماء لهذه الجماعات يحرم الشباب، من استغلال طاقتهم في خدمة الأمة، كما أن الحزب يعاني من الارتباك والالتباس، وأنا دائما أرى أن هذه الجماعات عبء على الواقع، وليست مسهلا له، تربك الواقع، ولا تقدم حلولا له، تجعل أعضاءها، أو المنتمين لها معزولين عن الواقع، وعن المجتمع، ولديهم مشكلة كبيرة جدا في التعامل مع الناس، وبالتالى أنا أرى أن شعبية هذه الجماعات تراجعت بشكل هائل جدا، ولا أرى لهم أي مستقبل على الإطلاق.


هل ترى أن موقف الأحزاب الإسلامية مما حدث في 30 يونيو و3 يوليو 2013 يقف عائقا أمام عودتها مرة أخرى للحياة السياسية؟

المشكلة في طبيعة الفكر الذي يتبناه رئيس الدولة، الذي يقوم على الحكم الفردي، وعدم الاعتراف بأي دور للمعارضة، وعدم إيمانه بمفهوم الدولة الحديثة، القائم على التنوع والتعدد، فهو يرى أن يكون الشعب كله على قلب رجل واحد، وهو يقدم نفسه على أنه الإمام الذي لا يقول الناس قولا يخالفه، وبالتالي النظام الحالي قائم على فكرة نفي أي قوة أخرى يمكن أن تمثل إزعاجا له، بدليل أن أغلب الذين تحالفوا معه من الشباب في 30 يونيو يقبعون داخل السجون الآن، وأغلب الأحزاب اليسارية والليبرالية التي تحالفت معه في 30 يونيو تتعرض للقمع الآن، ومهمشة، ومحاصرة، وبالتالي مشكلة السلطة ليست مع الإسلاميين فقط، ولكن مع غيرهم من الاتجاهات السياسية الأخرى، فمثلا «جبهة الإنقاذ» تفككت، وتحولت لقوى مطاردة من السلطة.


لكن أغلب الأحزاب الإسلامية لا تعترف بشرعية السيسي والنظام القائم؟

هذا صحيح، لكن أغلب هذه الأحزاب مثل الفضيلة والأصالة ليس لها تأثير، أو وجود في الشارع، ولا يوجد لها مقرات أو حتى أعضاء، وفي أحزاب مثل حزب البناء والتنمية، نجد عبود الزمر يحاول التقرب من السلطة، لكن في النهاية نحن نتحدث عن أحزاب غير موجودة أصلا.


ماذا عن حزب «الراية» الذي أسسه حازم صلاح أبو إسماعيل؟

حزب «الراية» كان اسمه في البداية حزب الأمة، وكان الأمين العام له هو الكاتب محمد عباس، ولكن لم يتم جمع توقيعات له، ولم يتم تسجيله في لجنة شئون الأحزاب، وبالتالي لا يوجد حزب اسمه الراية الأن.


كيف ترى مستقبل حزب الحرية والعدالة؟

حزب الحرية والعدالة محظور، لكن له موقع إلكتروني، وله أرضية تناصره، وهم جماعة الإخوان، لكن الجماعة تواجه انشقاقًا داخليًا، ومنقسمة إلى جناحين، جناح ما زال متمسكا بشرعية «مرسي» وعودته، وهذا الجناح لن ينتج حلولًا سياسية أو رؤية سياسية، والجناح الآخر يقوم بعمل مراجعات، لكنه يتهم بالخيانة، بالإضافة إلى أن كل القوى الإسلامية بمن فيهم الإخوان المسلمون، تراجعت شعبيتها تراجعا هائلا، وتراجعت قدرتها التنظيمية تراجعا هائلا، كما أصبحت تعاني من عدم وجود مفكرين من العيار الثقيل، قادرون على الإجابة عن الأسئلة التي تتعلق بالمستقبل بجرأة.


هل ترى أن مستقبل الأحزاب الإسلامية أصبح مرهونا بمستقبل النظام السياسي؟

هذا صحيح، لكن يجب ألا تعود جماعة الإخوان المسلمين مرة أخرى كجماعة شاملة، تمارس العمل السياسي السري، لأن التنظيمات السرية بذرة لمواجهة مؤجلة في المستقبل ضد الدولة، والدولة المصرية تتحمل جزءًا من المسئولية لأنها قبلت ذلك منذ البداية، وبالتالي يمكن حدوث تفاهم بين الجماعة والنظام السياسي، بشرط وجود فصل تام بين، العمل الدعوي، والعمل السياسي، وألا يكون هناك أحزاب تستخدم كأجنحة سياسية لحركات اجتماعية، أو جماعات دينية.


هل الصراع في مصر ما زال محصورا بين الدولة العميقة والتيار الإسلامي وفي القلب منه جماعة الإخوان؟

هذا صحيح، لأن أغلب الأحزاب الليبرالية أصبحت ملحقة بالسلطة في مواجهة ما يعتبرونه خطرا إسلاميا، وخوفا من وصول حزب إسلامي للحكم، لذلك هم يفضلون الدولة العميقة على الإسلاميين، ولا يعطون وزنا للحرية والديمقراطية ووجود نظام سياسي تعددي، لكن في الفترة الأخيرة قام عدد كبير من المنتمين للتيار الليبرالي بعمل مراجعات، وقالوا إنهم خدعوا، وعبروا عن ندمهم لعدم الإنحياز للحرية والديمقراطية، وبالتالي القوى الأساسية الموجودة هي القوى الإسلامية، لأن أغلب الشعب المصري متدين بطبعه.


هل تعتقد أن حدوث انفتاح سياسي وإقامة نظام ديمقراطي قو سيأتي بالإسلاميين لسدة الحكم مرة أخرى؟

بالتأكيد، لا جدال في ذلك، النظام القائم حاليا في مصر يخاف من الحرية ومن وجود مجتمع مدني قوي، ونقابات قوية، ويخاف من وجود صحافة حرة، ووجود برلمان قوى يحاسب الحكومة، ويخاف من وجود أجهزة رقابية فعالة تستطيع أن تراقب السلطة التنفيذية، لذلك هو يقوم بحجب المواقع، واحتكار الصحافة والإعلام، وهذا الكلام لن يجدي نفعا، لأن الشعب المصري يتطلع إلى وجود نظام ديمقراطي قوى في مصر.


كيف ترى الانتخابات الرئاسية القادمة وهل سيكون هناك دور للتيار الإسلامي فيها؟

الرئيس السيسي «مطمئن» بأن الانتخابات الرئاسية «في جيبه»، فلا يوجد شخص يخشى من الانتخابات، ويقوم بكل الإجراءات التي يقوم بها الرئيس عبد الفتاح السيسي مثل، تنفيذ أجندة صندوق النقد الدولي، ورفع الدعم.


هل تتوقع وجود منافس له من التيار المدني كما يتردد حاليا؟

لا أتوقع ذلك، ودخول منافس من التيار المدني أمامه سيكون مجرد محلل، كما حدث مع حمدين صباحي.


هل تتوقع تعديل الدستور لزيادة فترة الرئاسة؟

هذا مستبعد، لأن ذلك سوف يفتح على النظام أبواب جهنم، والنظام لا يحتاج إلى هذا التعديل، والأمور في مصر لا تتحمل المزيد من الإجراءات.


ما السيناريوهات المتوقعة في مصر الفترة القادمة؟

لا نرى في نهاية النفق ضوءًا، هناك سلطة «تبطش»، وإرهاب «يتمدد»، وفقر في ازدياد، ونظام سياسي يفتقد لأبسط قواعد الديمقراطية، واقتصاد يعاني، وبالتالي الوضع في مصر صعب جدا.


هل تكرار سيناريو سوريا والعراق في مصر ما زال قائما؟

هذه السيناريوهات للتخويف فقط، الشعب المصري محصن من الانزلاق لهذا السيناريو، مصر دولة متماسكة وعريقة، المسلمون والمسيحيون في مصر نسيج واحد، ومصير واحد، لكن الخوف هو من حدوث «ثورة جياع»، بسبب البطالة والفقر وغياب تكافؤ الفرص.