رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الرغيف الخامس!

حمدي رزق
حمدي رزق


أول الرقص حنجلة، ووزارة التموين تتحنجل، تتلمظ لرغيف العيش «أبوشلن»، تود لو رفعت أسعاره، ولأن هذا من قبيل المستحيلات، ولا مساس برغيف الخبز سياسة مستقرة، فإن الوزير على مصيلحى يتحنجل، يحوم حول الرغيف يوشك أن يلامسه.

وعليه، فإن تقرير الإدارة العامة للدراسات وبحوث التكاليف بوزارة التموين الذى يقترح خفض الرغيف الخامس من حصة المواطن يومياً، مقابل الانتفاع بعشرين قرشاً عن كل رغيف فى حصته التموينية، أقرب إلى الحنجلة التى يعقبها رقص على جثة الرغيف، حتى الرغيف أبوشلن لم يفلت من بين أسنانهم الصفراء!

تقرير الإدارة المزدحم بالأرقام والذى يشير إلى أن معدلات استهلاك الخبز المدعم تتراوح بين 2.5 و3.8 رغيف يومياً لكل مواطن، يحتاج إلى مراجعة واقعية، على الأرض، فى قعور البيوت الطينية، التقرير بُنى على البيانات الرقمية الصادرة عن شركات تشغيل الكروت الذكية، وهى بيانات رقمية ذكية نعم ولكنها صماء، لا تعبر عن واقع الرغيف فى حياة المصريين.

لن أحدث الوزير على مصيلحى عن حجم استهلاك الرغيف فى بيوت الفلاحين، يحتاجون إلى حصة إضافية يشترونها من السوق الحرة، وهو ابن ناس فلاحين طيبين، اسألهم، الرغيف مكون رئيسى فى طبلية الفقير، وكثير من بيوت تبات على الطوى، لا تجد ما تأكله سوى العيش الحاف.

لو أحسن الوزير لأهله وناسه وأكد تعاطفه ويقّن يقينه، لكلف مجموعة بحثية من الثقات المؤتمنين تنزل إلى الريف فى بحرى والصعيد لتحصى معدلات الاستهلاك اليومى من الخبز، وتنقل صورة واقعية بعيداً عن بحوث المكاتب المكيفة التى لا تمت للواقع بصلة، الكروت الذكية للأسف نهيبة فى أيدى تجار الأرنص، والوزير سيد العارفين.

مجدداً كل الاحترام للدراسة التى احتفت بنشرها المواقع الإخبارية كجس نبض، وبالون اختبار، وتعريف بما تستبطنه الوزارة من خطط فى مكاتبها المكيفة، ولكن الناس تتوجس خيفة، إذا تحدثت الوزارة عن الخبز تحسست رغيفى.

المساس بحصة الخبز التى بالكاد تكفى من هم تحت خط الفقر وفوقه بكثير، أقرب لإشعال النار فى كومة الحطب، منظومة الخبز مصبرة الناس على الغلاء، ومصدر قوة فى منظومة السياسات الاجتماعية، والمساس بها فى هذا التوقيت الحرج سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ضرب من الجنون.

مغازلة قطاع باستبدال الرغيف الخامس بنقاط التموين وبسعر مغرٍ، يجوز اختيارياً، من يستغن عن الرغيف الخامس له الأجر والثواب وعشرون قرشاً، باختياره، ويحدث برغبته، بتوفير من استهلاكه، ولكن توصية خفض حصة الخبز إلى أربعة أرغفة من أصل خمسة فيه خلل فى الرؤية، الرغيف أساس الأمن الاجتماعى.

نحوا الرغيف جانباً يرحمكم الله، لا هو وقته ولا أوانه، وليت هذه الأفكار المحلقة تُختبر على الأرض اختيارياً أولاً، فإذا ما ثبت أنها اختمرت ونضجت ودخلت الفرن وتشكلت رغيفاً، وحدث إقبال تؤشر عليه الأرقام الواقعية، يصبح لكل حادث حديث.

وأخيراً، لا تفجعوا الناس بمثل هذه الأفكار المزعجة، هناك من يتربص بكم الدوائر، وستتحول هذه الأفكار المحلقة إلى وقود لجماعات شريرة تشعل النار تحت مرجل يغلى. عجباً الرئيس يطلب من الناس الصبر، ووزير التموين يهتبل صبر الناس، سعادة الوزير لا تعض رغيفى الخامس!!.