رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

القمص عبد المسيح بسيط: كل باب في الكنيسة «عليه مُخبر».. والسيسي يعمل بقوة «100 حصان»

محرر النبأ خلال الحوار
محرر النبأ خلال الحوار مع القمص عبد المسيح بسيط


قال القمص عبد المسيح بسيط، كاهن كنيسة العذراء بـ«مسطرد»، إن المسيحيين كانوا أداة أساسية فى «ثورة 30 يونيو»، لافتًا إلى خروج 10 ملايين مسيحي فيها، وأن هذه الثورة كانت «إنقاذًا لمصر».


وأضاف «بسيط»، في حواره لـ«النبأ»، أن المسيحيين هم الذين يدفعون الثمن الأكبر بعد هذه الثورة، وإلى تفاصيل الحوار.


كيف ترى وضع المسيحيين في مصر حاليًا؟

المسيحيون عانوا من الاضطهاد منذ أن أخرج «السادات» الإخوان من السجون، فلم يسمح لأي قبطي بتولى رئاسة أي شيء، على عكس عهد جمال عبد الناصر، لم يكن يجرؤ أحد على اضطهاد المسيحيين، وكان المسيحيون يسمون أسماء أبنائهم بالأسماء العادية مثل إبراهيم، فهمى، فتحى، وكانت هذه الأسماء مشتركة بين المصريين ككل، ولكن فى أواخر عهد «السادات» اختفت هذه الأسماء، ولجأ المسيحيون إلى الأسماء القبطية القديمة من أصل فرعوني.


وفى عهد «مبارك» كان هناك اضطهاد أيضًا، مثل ضرب «كنيسة القديسين»، والتى كانت من أسباب خروج المسيحيين فى ثورة 25 يناير.


كما أن فترة «مرسي» كانت أسوأ فترة عاشها المسيحيون، وشاهدنا لأول مرة فى التاريخ حصار الكاتدرائية، وعندما هدمت كنيسة أطفيح، أصدر 13 سلفيًا على رأسهم الشيخ محمد حسان، قرارًا بأن الكنيسة تبنى، ولكن «بدون زيادة أو نقصان طوبة»، وفوجئنا بأن بيان المتحدث المجلس العسكرى، أعلن ما اتفق عليه السلفيون فى هذه الجلسة.


كيف تفسر موافقة المجلس العسكرى على كلام السلفيين؟

«جالى مغص.. قولت دول هما اللى هيمسكوا البلد بعد كده»، وتيقنت أنه فى عهدهم لن يصرح نهائيا ببناء كنائس مرة ثانية، وواضح أن المجلس العسكرى لعب دورا عندما عمل الدستور المؤقت، ووضع فيه إخوان، وكلف طارق البشري الذي كتب عشرات الكتب تهاجم المسيحيين بوضع الدستور، فالمجلس العسكرى بهذا القرار تواطأ وساهم فى تسليم الحكم للإخوان، فهل هذا كان مخططا من قبل المجلس العسكري لكشف الإخوان للشعب، أم أنه كان تحالفًا بين الاثنين؟، أعتقد أن السيناريو الأول هو الصحيح.


هل الوضع تغير بالنسبة للمسيحيين بعد 30 يونيو؟

المسيحيون كانوا أداة أساسية فى ثورة 30 يونيو، وخرج على الأقل 10 ملايين مسيحي فيها، فهذه الثورة كانت بمثابة إنقاذ لمصر، للمسلم قبل المسيحي، ولكن المسيحيين هم الذين يدفعون الثمن الأكبر بعد هذه الثورة، فنحن ندفع ضريبة اشتراكنا فى الثورة، وتدعيمنا وتأييدنا للرئيس السيسي، فالإخوان يرون أنه لولا تشجيع المسيحيين وخروجهم بكثافة فى هذه الثورة، لفشلت، خاصة أن المسيحيين «كانوا أكثر ناس مش عايزين الإخوان».


هل تعد مشاركة الكنيسة في 30 يونيو عملا بالسياسة؟

الكنيسة لم تشارك في السياسية، ولم تتدخل مطلقا فى حث الناس على الخروج، لأن الكنيسة لا يوجد بها آلات تحركها، ولكن كان هناك تيار شعبي «غصبًا عن الكل» شارك فى الثورة، لأن هذا التيار «شاف الذل» في عهد الإخوان، ولو أن أي كنيسة طلبت من المسيحيين عدم الخروج في «30 يونيو»، لحدث انقلاب ضدها، فالكنيسة لا تتحكم في أحد.


ما تعليقك على تكرار العمليات الإرهابية ضد المسيحيين؟

إرهاب تنظيم داعش وولاية سيناء، لديه مخطط لاستهداف المسيحيين، لعدة أسباب؛ السبب الأول: معاقبة الأقباط على المشاركة فى 30 يونيو، وتأييدهم للسيسي.


والسبب الثانى توصيل رسالة للعالم بأن مصر غير قادرة على حماية المسيحيين، ما يدفع بتدخل العالم المسيحي للدفاع عن أقباط مصر.


وثالثا: محاولة تحويل المسيحيين للدفاع عن النفس باستخدام السلاح ما يؤدى إلى حدوث فتنة طائفية مسلحة، وهذا لن يحدث نهائيًا لأن الأقباط لن يحملوا السلاح ضد إخوانهم من المسلمين.


وهناك «كارثة ثانية» داخل البلد، فمثلا محافظة المنيا والتى نسميها حاليا «ولاية داعش الإسلامية»، كل المسئولين بها ضد المسيحيين، فعندما تحدث مشكلة للمسيحيين، كل التحريات لا تصب فى صالحهم، فهذه المحافظة تظهر بها مشكلة كل يوم، والسلفيون هم المتحكمون فيها حاليا.


ولماذا قلت إن المنيا هي ولاية داعش؟

لأنه يوجد بها تيار ضخم من الإخوان والسلفيين، وهذا التيار يسيطر على على كل شيء بالمحافظة، وكل هؤلاء لديهم أقارب مسئولون فى المحافظة، وهؤلاء متشبعون بفكر الإخوان والسلفيين، ما يدفعهم إلى عدم الوقوف مع المسيحيين إذا أرادوا الحصول على حقوقهم؛ فمثلًا هناك أكثر من كنيسة بالمنيا لا يتم بناؤها رغم وجود التصاريح اللازمة، ولكن هناك شروط تعجيزية مثل: عدم وجود صليب على الكنيسة، بناء دور واحد دون «قباب»، وإذا تم هدمها أو سقطت لا تبنى مرة أخرى.


ولذلك المسيحيون يرفضون ذلك، فأين دور الدولة؟.. فكلمة «كله تمام ياريس»، هى الكلمة السائدة فى التعامل ضد الانتهاكات التى تحدث ضد للمسيحيين، كما أن هناك خللا فى وزارة الداخلية وخاصة فى الصعيد.


ولكن ألا تعد هذه الأحداث حالات فردية؟

كيف تكون حالات فردية وهناك أكثر من 20 حالة، أي مشكلة بين مسلم ومسيحى، تجد أن الكل يريد التخلص من الثاني، وهذا يحولها لـ«فتنة طائفية»، والشرطة للأسف فى هذه المواقف تراعى خواطر ناس بأعينهم وتحس أن المسيحيين «غلابة»، ولكن فى حالة تدخل الجيش، يتم فض مثل هذه الأحداث دون تطورها.


هل تقصد أن الجيش يتدخل لحماية المسيحيين فى الصعيد؟

لم أقصد ذلك بالتحديد، وليس معنى كلامي أن الصعيد كله يعانى من مشاكل ضد المسيحيين، هناك قرى فى الصعيد يتعايش فيها المسلم والمسيحي فى إخوة، والمشاكل التى تحدث فى الصعيد، تكون بالمناطق التي يسيطر عليها «التيار الإسلامى».


ما المطلوب من الدولة للتصدى للإرهاب الذى يتعرض له المسيحيون؟

«ما أقدرش أقول الدولة تعمل إيه»، فعلى الرغم من سحق الجيش للجماعات الإرهابية، إلا أنه يسقط منه شهداء بصورة يومية، فليس المسيحيون وحدهم هم المستهدفون، ولكن أيضا الجيش والشرطة، فخروج المسيحيين من سيناء، يعد حماية لهم من استهدافهم من قبل الجماعات الإرهابية، ولكن المفروض من الدولة أن تهتم بهم ولا تُلقي بهم كلاجئين، ومن المفروض أن يكون هناك تعاون بين الدولة والكنيسة لمساعدة هؤلاء، فمنذ بداية عام 2017 وهو عام صعب على المصريين ككل سواء من جهة ارتفاع سعر الدولار والأسعار، أصبحت المعيشة صعبة على الكل، ولكن المسيحي مستهدف، كما أن الدولة ليست صامتة عما يحدث، فالسيسي يقوم بدور كبير لحماية المسيحيين، فهو يعمل بقوة 100 حصان، والحكومة تعمل بـ«نص «حصان أو حمار»، فجميع وزراء الحكومة جزء منهم من الحزب الوطنى، والحكومة «ماشية» بالنظام القديم، وهم نفس الوزراء الذين كانوا يصنعون الفساد، ولا يتحركون إلا عندما يتدخل السيسي، فالمشكلة الحقيقية للرئيس أن الموضوعات التي يسندها للجيش يتم الانتهاء منها فى أسرع وقت مثل شبكة الطرق، وهناك بعض الوزراء «شغالين»، ولكن أين وزير السياحة.. وفين شغله؟


وكيف تنظر إلى قانون مكافحة الكراهية الذي أعده الأزهر الشريف؟

القوانين لا تطبق فى مصر، فهناك كثير منها محفوظ داخل «الأدراج»، ولكن نحتاج إلى تجديد الخطاب الدينى، وتسليط الضوء على ما هو موجود فى القرآن الكريم على حب الآخر، وترك كل شخص فى حرية اعتقاده دون الحث على الكراهية، واحترام الديانات الأخرى، فالمسيحيون لم يؤذوا المسلمين فى بداية ديانتهم، كما أنه لا يوجد فى القرآن ما يسيء للمسيحية.


هل تجديد الخطاب يشمل الدين الإسلامى والمسيحي معا؟

لا يوجد كاهن داخل كنيسة يهاجم المسلمين، والكهنة يعرفون جيدًا أن هناك مخبرا على كل باب فى الكنيسة، وسيسمع كلام الكاهن إذا هاجم المسلمين، وسيتم نقل هذا الكلام إلى الأمن «فبمزاجه أو غصب عنه مش هيتكلم عن المسلمين فى الكنيسة».


وتجديد الخطاب الديني للمسيحيين، يكون بما يتناسب مع العلم الحديث، فالكاهن محتاج إلى أن يكون مثقفًا واعيًا بظروف عصره، حتى يجيب على أية عالم، وخاصة مع انتشار الإلحاد في العصر الحالي.


وبالنسبة للخطاب الدينى المسلم، مفتي الجمهورية قال إن 95 % من التراث الإسلامى لا يصلح لهذا العصر؛ ولذلك لابد من العمل على الـ 5%، فجميع الأئمة الأربعة للمسلمين كانوا يفتون بما يتوافق مع عصرهم، فلا بد أن يكون تجديد الخطاب الديني الإسلامي بما يتوافق مع العصر وليس العودة للعصور القديمة.


وكيف نظرت إلى أزمة الشيخ سالم عبد الجليل؟

الشيخ سالم عبد الجليل استخدم لغة غير لائقة، فبعض العلماء يرون أن كلمة الكفر عادية، ومعناها أن المسلم كافر بعقيدة المسيحيين، وكذلك المسيحي كافر بعقيدة المسلم، ولكن لابد من استبعاد كلمة «كافر»، لأن العقلية البسيطة ترى أن الكافر هو من يهاجم الإسلام ولا يؤمن بالله، فلابد أن يستخدم تعبير «غير مؤمن»، كما هو موجود فى الإنجيل، فكان أولى أن يقول الشيخ سالم أن المسيحية يوجد بها كذا وكذا ونحن لا نؤمن بهذا.


البعض قال إن التعبير خانه.. هل تتفق مع ذلك؟

لا.. الشيخ سالم ميوله إخوانية، وهو يعلم ما يقول.


وكيف ترى رد القس مكارى يونان عليه وموقف الكنيسة ضده؟

القس مكاري انفعل فى رده على سالم عبد الجليل، وخانه التعبير فى القول، وهو لا يحتاج إلى من يدافع عنه فما حدث منه خطأ غير مقصود، كما أنه تم إيقافه لفترة محددة وسيعود من جديد، والكنيسة أوقفته لسببين؛ أولا: أن الظروف لا تحتمل الكلام الذى قاله وكذلك منعا لتكراره مرة ثانية. والأمر الثاني منع تقليده من قبل بعض الكهنة.

هناك اتهامات توجه للبابا تواضروس بأنه أهمل حقوق المسيحيين من أجل عيون الدولة.. ما تعليقك؟

البابا يتعامل مع الملف الخاص بالمسيحيين بمنتهى الحكمة حفاظا على الدولة.

وما السبب فى عدم إصدار قانون الأحوال الشخصية حتى الآن؟

للأسف الشديد الطوائف الثلاثة اتفقت على القانون، ولكن عندما يذهب إلى وزارة العدل يتم إعادته مرة ثانية وتطالب بالتعديل، والكنائس اتقفت فى القانون، وعلى التوسع فى أحكام الزنى لحل مشاكل الكثيرين من الباحثين على الطلاق، كما أن القانون يتفق بما جاء فى الإنجيل ولا يخالفه، وأرى أن تعطيل القانون ليس من قبل الكنيسة، وهو حاليا فى يد الدولة، فهذا القانون تم وضع فيه أمر جديد وهو من حق الزوج أو الزوجة الطلاق فى حالة عدم «الخلفة» لمدة 3 أو 5 سنوات، وهذا سيحل كثيرًا من المشاكل.

وماذا عن دعوة المسيحيين للخروج من مصر على طريقة أقباط المهجر؟

من يطالب بذلك هم فئة قليلة ليس لهم علاقة بأقباط المهجر، فمثلا مجدي خليل، ليس له تأثير، وخاصة أن عدد أقباط المهجر يصل إلى مليون ونصف المليون، كما أن الرئيس السيسي عندما يتواجد فى أمريكا، تجد أن أقباط المهجر يجهزون الأتوبيسات للاحتفال بالرئيس، ومساندته، فجميع أقباط المهجر يقفون إلى جوار مصر.

ما تعليقك على بعض القنوات المسيحية التى تهاجم الإسلام؟

للأسف هذه القنوات ليست للكنيسة سلطة عليها، فهناك نوعان من القنوات؛ قنوات هجومية، وقنوات إثارة، مثل التي يعمل بها زكريا بطرس الذى أرفض أسلوبه، كما أنه خارج نطاق الكنيسة التي لا تملك التحدث معه؛ لأنه تقدم باستقالته؛ لكي يتحدث بكل حرية، فالمسألة أن معظم هذه القنوات يديرها مسلمون ودخلوا المسيحية، «فهم أكثر ناس تهاجم الإسلام».