رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

4 جنرالات «يقلبون الطاولة» على السيسي بعد اتفاقية «تيران وصنافير»

السيسي - أرشيفية
السيسي - أرشيفية


دائمًا ما يكون ظهور العسكريين المتقاعدين، كفيلًا بإثارة حالة من الجدل في المجتمع، خاصة إذا شارك هؤلاء العسكريون في طرح آراء تتعلق بأمور سياسية تشغل «بال الرأي العام»، وهو ما حدث مؤخرًا بعد ظهور 4 جنرالات سابقين، رفضوا نقل ملكية «تيران وصنافير» للسعودية، وأقروا بمصرية الجزيرتين، الأمر الذي كان بمثابة «كرسي في الكلوب» للنظام السياسي الحالي بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي.


والـ4 جنرالات هم: الفريق سامي عنان، رئيس أركان الجيش الأسبق، والفريق أحمد شفيق، المرشح الرئاسي الأسبق، والفريق مجدي حتاتة، رئيس أركان القوات المسلحة وقائد الحرس الجمهوري الأسبق، والفريق حمدي وهيبة، رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق.


موقف العسكريين المتقاعدين من قضية الجزيرتين أثار كثيرًا من الأسئلة وعلامات الاستفهام حول مدى تأثير هذا الموقف على الرأي العام، خاصة أن المصريين يثقون في «العسكريين القدامى»، كما أن بعضهم يمتلك شعبية كبيرة في الشارع المصري مثل «عنان»، و«شفيق»، الأمر الذي قد يكون له تأثير خطير على شعبية السيسي، وتهديد شرعيته؛ لاسيما أن الدولة مقبلة على انتخابات رئاسية سيتم إجراؤها بعد أقل من عام من الآن.


كما أن التوقيت الذي ظهر فيه الـ4 جنرالات، واعتراضهم على نقل السيادة الخاصة بالجزيرتين إلى السعودية، كان أمرًا مهمًا، وهو التوقيت الذي يسبق الانتخابات الرئاسية، وقد يمهد لترشح أحد هؤلاء العسكريين للرئاسة والإطاحة بـ«السيسي».


في البداية.. يقول العميد صفوت الزيات، الخبير العسكري والاستراتيجي، إن الفريق أحمد شفيق والفريق سامي عنان والفريق مجدى حتاتة، وغيرهم من الرموز العسكرية التي رفضت التخلي عن الجزيرتين، تصرفوا بمنطق «رجال الحروب»، فعندما نتحدث عن عنان  وشفيق وحتاتة، فنحن نتحدث عن جنرالات خاضوا حروبًا، مشيرا إلى أن جنرال الحرب ثمنه غال جدا، لذلك دائما أتساءل: هل لو حدثت مشكلة قادمة مع إسرائيل سيتكرر مرة أخرى عبد المنعم رياض، أو المشير الجمسي بحرفيته وانضباطه العالي؟، مشددا على أن هؤلاء الجنرالات ثمنهم غال جدا، وأصبحوا يمتلكون الخبرات، مشيرا إلى أن مصر دفعت ثمنا كبيرا جدا في الحروب، وبالتالي مطلوب الإصغاء لجنرال الحرب واحترام وجهة نظرهم والثقة في مواقفهم، لاسيما وأنهم يمتلكون الفكر الاستراتيجي الممزوج بالنزعة الوطنية، لافتا إلى أن الدول دائما تنظر بانبهار وتقدير عميق لهؤلاء الجنرالات الذين حاربوا في 1956 و1967 و1973 وهم أفضل ما عندنا الآن.


وتابع: «وبالتالي رأيهم صادق وفكرهم ثاقب ومن المؤكد أنهم وطنيون يحملون الهم المصري ونحن في مفصل تاريخي، كما أن رأي الجنرالات يؤكد للرأي العام أنهم على صواب، لكن السؤال الأهم هو: هل سيتم الاستماع لهؤلاء الجنرالات؟، هذا السؤال سيجيب عليه التاريخ.


وأكد «الزيات»، أنه شغوف ومحب لـ«جنرالات الحروب»، مشيرا إلى أن أي جنرال لم يخض حربًا حوله علامات استفهام كثيرة، مشيرا إلى الجنرال الأمريكي ايزنهاور، والجنرال الأمريكي الراحل نورمان شوارزكوف قائد عملية عاصفة الصحراء في العراق في 1991، والجنرال تومي فرانكس قائد القوات الأمريكية التي غزت العراق عام 2003، وكولن باول الجنرال الأمريكي المتقاعد، كل هؤلاء مثال للجنرالات الذين خاضوا الحروب وقادوا الجيوش.  


وشدد «الزيات» على أن الحدود مائعة بين الدول لا يضبطها إلا التوازنات العسكرية، وبالتالي الصراع بين الدول ما زال قائما، مشيرا إلى أن الرئيس الراحل محمد أنور السادات كان رجلا عظيما ولولا حكمته وحنكته في حرب 1973، لكانت مصر لاقت مصير العراق، لافتا إلى أن «السادات» استطاع توظيف القدرة العسكرية المحدودة في استرداد الأرض المصرية، لكن هل تم الحفاظ على هذه الأرض؟، مؤكدا أن الرأي العام المصري رافض لهذه الاتفاقية، مشيرا إلى أن مركز بصيرة التابع للدولة أظهر في استطلاع رأي على أن 11% فقط من المصريين مؤيدون للاتفاقية، وهناك أكثر من 47% رافضون لها.


من جانبه يقول اللواء نبيل فؤاد، مساعد وزير الدفاع الأسبق، إن البرلمان المصري حسم القضية، ووافق على الاتفاقية، وبالتالي الموضوع انتهى، والاتفاقية أصبحت نافذة، مشيرا إلى أن رفض الجنرالات السابقين لـ«سعودية تيران وصنافير»، كان قبل قرار مجلس النواب، وبالتالي لا مجال للحديث عن هذا الموضوع الآن، بعد إقرار المجلس للاتفاقية.


وأضاف «فؤاد» في تصريحات لـ«النبأ»، أنه لا يتوقع أن يدخل القضاء المصري  في هذا الموضوع بعد قرار البرلمان، مشيرا إلى أن مضيق «تيران» هو ممر مائي ضيق كانت مصر تقوم بإغلاقه في حالة وجود مشكلة مع إسرائيل، وفي حرب 1973 لم تستطع مصر إغلاقه لأنه كان محتلا من جانب إسرائيل، لافتا إلى أنه لا يرى أي استفادة لإسرائيل من هذا الموضوع، لكن عند حدوث أي نوع من الصدام العسكري سنعرف وجهة نظر المملكة العربية السعودية في هذا الوقت، مؤكدا أن اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل لا علاقة لها بهذا الموضوع.


أما اللواء طلعت مسلم الخبير، العسكري والاستراتيجي، فأكد أن معلوماته التي درسها وتعلمها من خلال عمله في القوات المسلحة، تقول إن هذه الجزر سعودية، وأن مصر قامت بحمايتها بالاتفاق مع المملكة العربية السعودية تحت إدارة مصرية، مشيرا إلى أن مصر خسرت الجزيرتين منذ توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل، عندما أصبحت هذه الجزر ممرات مائية دولية، وبالتالي لم يصبح من حق مصر التحكم فيها أو إغلاقها، ومن ثم فالأهمية الإستراتيجية لهذه الجزر مفقودة تماما.


وأضاف الخبير العسكري والإستراتيجي، أن هذه الجزر لا تخضع للسيطرة المصرية منذ عام 1957، ولا يوجد فيها أي قوات مصرية منذ هذا التاريخ، وبالتالي من غير المقبول الحديث عن بيع أو شراء الأرض، مشددا على أنه لا يوجد شخص في مصر يمكن أن يتنازل عن أرض مصرية.


وعن موقف بعض الرموز العسكرية الرافض للاتفاقية قال «مسلم»، إن رفض هؤلاء الرموز ناتج عن عدم دراستهم للموضوع، مطالبا هؤلاء الرموز بأن يكونوا أكثر دقة وحرصا على المصلحة العامة قبل إصدار هذه التصريحات، التي تؤكد أن معرفتهم بهذا الموضوع سطحية ومنخفضة، مؤكدا أن رأي هؤلاء الرموز لن يكون له أي تأثير على الرئيس السيسي أو على المؤيدين للاتفاقية، وبالتالي لا يتوقع أن يحدث أي تراجع في موقف الدولة من قضية الجزيرتين.


ولفت «مسلم»، إلى أن موقف بعض الرموز العسكرية سيكون له تأثير على الرأي العام، لاسيما وأن بعض الشخصيات الرافضة للاتفاقية سوف تستغل هذه المواقف للتأثير في الرأي العام، وإضعاف موقف رئيس الجمهورية، مشيرا إلى أن الضابط بعد خروجه على المعاش يحتفظ بانتمائه للقوات المسلحة، لكن رأيه في الأمور السياسية لا يحسب على القوات المسلحة، وبالتالي لا يمكن الحديث عن وجود انقسام داخل المؤسسة العسكرية حيال هذه القضية، لافتا إلى أن اتفاقية السلام مع إسرائيل أعطت لـ«تل أبيب» الحق القانوني في استخدام هذه الجزر، وبالتالي نقل سيادة الجزيرتين للمملكة العربية السعودية لن يكون له تأثير على موقف إسرائيل، وأن اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية ليس لها أي علاقة بالموضوع وبالتالي لن يحدث عليها أي تغيير.


أما اللواء عبد الرافع درويش، الخبير العسكري والاستراتيجي، فقال إنه في عام 1967 عندما كان "ملازم أول" في القوات المسلحة تم إغلاق مضيق تيران في وجه إسرائيل وخرج شعار في هذا اليوم "خليج العقبة قطع رقبة"، على أساس عدم السماع لإسرائيل بالعبور من هذا المضيق، مشيرا إلى أنهم كانوا يقومون بتفتيش المراكب الإسرائيلية وهي ذاهبة إلى إيلات، وبالتالي كانوا يتصرفون على أن تيران وصنافير مصرية، مؤكدا أنه حارب فوق الجزيرتين ويعلم أنهما مصريتان.


وأضاف «درويش»، أنه قرأ في معاهدة عام 1906 بين مصر والدولة العثمانية أن تيران مصرية، وتأكد من ذلك من خلال حديث الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عن مصرية الجزيرتين، مشيرا إلى أنه لم يتم الحديث عن هذه الجزر في عهد الرئيس محمد أنور السادات أو مبارك، لافتا إلى أن تيران وصنافير ليست مجرد أرض تمر من خلاله السفن، فهي مهمة جدا بالنسبة لدخول السفن إلى ميناء إيلات، مثل أهمية باب المندب بالنسبة لقناة السويس، محذرا من تكرار موضوع أم الرشراش، مطالبا الدولة والحكومة ومجلس النواب ومؤسسة الرئاسة باحترام أحكام القضاء التي أكدت مصرية الجزيرتين، أو نشر الوثائق والمستندات التي تؤكد على سعودية الجزيرتين على الرأي العام المصري، أو عرض الاتفاقية للاستفتاء الشعبي كما ينص الدستور، من أجل إنهاء حالة البلبلة والجدل والانقسام الموجودة بين الشعب المصري.


واستنكر الخبير العسكري اتهام الرئيس عبد الفتاح السيسي بالخيانة من قبل البعض، مشيرا إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي كان ضابطا في الجيش وكان مدير مخابرات، وبالتالي لا يجوز اتهامه بالخيانة أو التفريط في تراب الوطن، مؤكدا على أن عبد الفتاح السيسي لا يمكن أن يفرط في حبة رمل من تراب مصر إذا تأكد أنها مصرية، مشيرا إلى أن القوات المسلحة حاربت سنوات من أجل استرداد طابا التي لم تتعد مساحتها كيلو متر مربع عن طريق المحاكم الدولية، والقوات المسلحة قدمت أكثر من 120 ألف شهيد من أجل تحرير الأراضي المصرية من إسرائيل، وبالتالي لا يوجد فرد في القوات المسلحة لديه الاستعداد أن يبيع أو يفرط في ذرة رمل من تراب مصر، ولا يجوز وغير مقبول اتهام أحد من المؤسسة العسكرية الوطنية بالخيانة، وهي التي ضحت وما زالت تضحى من أجل الدفاع عن الأرض والعرض وعن كل ذرة من تراب مصر، محذرا من أن التسليم بسعودية الجزيرتين سيفتح الباب أمام السودان للتعامل مع مثلث حلايب وشلاتين بنفس المنطق.


وأضاف «درويش»، أن الفريق سامي عنان شارك في الحرب وهو ملازم ثان، أما هو فكان ملازم أول، والفريق أحمد شفيق أيامها كان نقيبا، مشيرا إلى أنه يوم 14 مايو 1967 كان هو والفريق أحمد شفيق في الغردقة يقومان بنقل القوات من الغردقة إلى شرم الشيخ التي كان بها قوات دولية، مؤكدا على أن موقف الفريق أحمد شفيق من الجزر هو نفس موقفه وموقف الكثير من الجنرالات السابقين، مؤكدا عدم وجود علاقة للمؤسسة العسكرية كمؤسسة بما يحدث من جدل حول الجزيرتين.


وأشار «درويش»، إلى أن القوات المسلحة المصرية ليس لها علاقة بالسياسة، وأن من خرجوا على المعاش من أبناء المؤسسة العسكرية هم فقط الذين يتحدثون في السياسة، مستبعدا حدوث تراجع من قبل الدولة أو مجلس النواب أو الحكومة في الموقف من الجزيرتين لاسيما بعد أن تم التصديق على القرار بواسطة مجلس النواب.


وشدد الخبير العسكري على أنه وزملاءه من أبناء المؤسسة العسكرية المتحفظين على الاتفاقية ليس ضد القوات المسلحة، وأنهم لن يخرجوا للتظاهر ضد الرئيس أو ضد الدولة، ولا هناك نية للسعى لعمل انقلابات، من أجل الحفاظ على مصر وقطع الطريق أمام المتربصين بها الذين يسعون لإثارة الفوضى، لكنه طالب الدولة والحكومة ومجلس النواب التحدث بلغة العقل مع الشعب، وإقناعه بسعودية الجزيرتين.