رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

جائزة أبوالغار

حمدي رزق
حمدي رزق


فى تدوينته على صفحته بـ«فيسبوك» هنأ الفقيه الدستورى نور فرحات الدكتور محمد أبوالغار لنيله جائزة الدولة التقديرية فى العلوم الطبية، نصاً وحرفاً: «خالص التهانى للصديق العزيز والأخ الكريم الأستاذ الدكتور محمد أبوالغار لنيله جائزة الدولة التقديرية فى العلوم الطبية. شرفت به وبعلمه الجائزة. أما جائزة مصر التقديرية فى الوطنية والعطاء لمصر والتفانى فى خدمتها وحبه لها فقد حصل عليها بأحرف كتبتها قلوب المصريين».

سطور الدكتور نور يستحقها الدكتور أبوالغار، أستاذ طب النساء والتوليد بجامعة القاهرة، رئيس الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى (السابق)، ومكتوبة بأحرف من نور، لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذوو فضل، يستحقها الدكتور أبوالغار عن جدارة، وإذا لم تذهب الجائزة تقديراً لأبوالغار فلمن تذهب، والرجل محل تقدير وطنى لا يناله إلا المخلصون لتراب هذا الوطن.

المغزى فى الجائزة فضلاً عن أنها ذهبت لمن يستحقها، أنها ذهبت إلى معارض شرس شريف، لم تمتنع عنه الجائزة لأنه معارض، ولم يخالط الاستحقاق العلمى حسابات المعارضة والموالاة، وفى تسمية أبوالغار فائزاً فوز للنظام أنه لم يُحكّم فى جوائز الدولة معيار السياسة الذى طالما أفسد الاختيارات، أخيراً الجوائز تذهب تقديراً إلى مستحقيها اسماً وفعلاً.

الدولة التى تعتبر لإنجاز المعارضين لنظام الحكم دولة محترمة، واللجنة التى تسمى أبوالغار فائزاً لجنة تستحق التحية، تحكيم الاعتبارات السياسية فى الاختيارات للجوائز العلمية يفسدها، ويحولها إلى عطايا تذهب إلى الموالاة، وكم ذهبت جوائز لغير المستحقين مكافآت سخية على الموالاة.

يوم تذهب الجائزة إلى أبوالغار وهو على النقيض من توجهات نظام الحكم، معارض لخططه واستراتيجياته، رافضاً ناقداً لسياساته، تستعيد جوائز الدولة اسمها، «جوائز دولة»، ونزاهتها بعيداً عن الشللية الحزبية والمحسوبية السياسية، كانت تذهب للمتزلفة والساعين والعاملين عليها.

سطور الدكتور نور تجمل ما يمكن تفصيله من سيرة الدكتور أبوالغار، خلاصته رجل عصىّ على البيع والشراء، لا باع ولا اشترى يوما، ولا سكت عن ضيم ولا استكان، ولا فرط فى شرف ولا فى ذرة تراب، ولا قبّل يد المرشد ولا تفاهم مع أعداء الوطن، عينه وعبادته الوطن، لا يوجه نداءه إلى رئيس أو سلطان، وشعاره الأثير فى خاتمة مقالاته الوطنية «قوم يا مصرى.. مصر دايماً بتناديك».

يوم حصوله على الجائزة حرر بقلمه الوطنى مقالاً لا يكتبه إلا «أبوالغار»، ولا تنشره إلا «المصرى اليوم»، وبعنوان صادم: «لماذا يصنع النظام هذه الكوارث؟»، لم يوغر المقال صدر النظام، ولم يحجب جائزة مستحقة، وللذكرى لم يرد الرئيس على مقال كتبه يوماً كاتب من الكتّاب إلا على أبوالغار فى سابقة فريدة، وكانت لفتة تقدير رئاسية لمقام أبوالغار، وله كل الاعتبار.

خلاصته.. اختيار صادف أهله، كسب النظام كثيراً بجائزة أبوالغار، وكسبت جوائز الدولة كل اعتبار، وكسبت شخصياً رهاناً صغيراً، هذا النظام لولا طوق الأزمات الذى يطوق رقبته ويعجزه عن إدراك أسباب النجاح لكان لنظام الحكم فى علاقته السياسية مع المعارضين شكل آخر بالضرورة أفضل.

نقلًا عن "المصري اليوم"