رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الأزهر الشريف.. هنا تربى قادة الأمة وملوكها

الأزهر الشريف - أرشيفية
الأزهر الشريف - أرشيفية


في الوقت الذي ينظر فيه بعض المحسوبين على الإسلام في مصر للأزهر على أنه سبب الإرهاب، نجد العالم الخارجي ينظر له بتقدير بالغ باعتباره المؤسسة الإسلامية العلمية العالمية الرائدة التي تشع المعرفة والعلم على الدنيا منذ قرون، كما ينظر له ملايين المسلمين في العالم على أنه قلعة الدفاع عن الإسلام بمفهومه الصحيح المعتدل البعيد عن التعصب والتشدد‏،‏ وأعلى مؤسسة علمية إسلامية‏،‏ والممثل الشرعي الوحيد للفكر وللفقه‏،‏ والمدافع عن الشريعة الإسلامية‏.‏


ويقول خبراء التاريخ، إن الأزهر كان له دور ريادي عبر التاريخ منذ إنشائه، فكان الجامع والجامعة ومنه تنبعث الجيوش ومنه تخرج الثورات الإصلاحية وفيه يتربى قادة الأمة وملوكها، والتاريخ يشهد للأزهر وشيوخه، وتصديهم لظلم الحكام والسلاطين المماليك؛ والحفاظ على التراث العربي واللغة العربية بعد سقوط الخلافة العباسية في بغداد، ومقاومة  الاستعمار الفرنسي بقيادة نابليون بونابرت عام 1798م، عندما أشعل علماء الأزهر الثورة ضدهم، وتزعموا مقاومة الاحتلال وأشعلوا ثورتي القاهرة الأولى والثانية.


وكان من أبرز مَن قاد الثورة وقتها من شيوخ الأزهر الشيخ عمر مكرم، والشيخ السادات، والشيخ الشرقاوي، وقدم الأزهر وقتها عددًا من الشهداء، كما أقدمت قيادة الحملة على إعدام لفيف من علمائه وطلابه ولاسيما بعد مقتل الجنرال كليبر على يد سليمان الحلبي، أحد طلاب الأزهر، وفي عام 1805م استطاع علماء الأزهر أن يفرضوا على الخليفة العثماني الوالي محمد على باشا ليكون واليا على مصر العثمانية، بعد أن أخذوا عليه المواثيق والعهود بأن يقيم العدل بين الرعية.


وفي ثورة 1919م، كان الأزهر معقلًا للحركة الوطنية تنطلق منه جماهير الشعب، حتى إن المندوب السامي البريطاني طلب من شيخ الأزهر أبي الفضل الجيزاوي، إغلاق الأزهر، ولكن «الجيزاوي» رفض، كما حاول الإنجليز منذ بداية الاحتلال القضاء على الأزهر كمركز للإسلام في مصر، ومن أبرز تلك المحاولات ما فعله اللورد «كرومر» المعتمد البريطاني في مصر، من تعديل لنظام التعليم، وسحب الامتيازات من الدارسين في الأزهر، ومنح الكثير من الامتيازات لنظام التعليم المدني، حتى الجامع نفسه لم يسلم من التخريب والسرقة من المحتل الإنجليزي، فقاموا بسرقة المنبر الأصلي والتاريخي للجامع.


وأثناء العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956 قام جمال عبد الناصر بالخطابة من فوق منبر الأزهر كرمز تاريخي، وخطب خطبته التاريخية التي كانت علامة فاصلة في الأحداث وقتها، ليعلن عدم استسلام مصر ووقوفها صامدة ضد العدوان الثلاثي، وبعد هزيمة 1967، أشعل شيوخ الأزهر الروح المعنوية بين الجنود المصريين على الجبهة طوال ست سنوات، ما كان له الأثر الكبير فى انتصار الجيش المصري في أكتوبر 1973.


يقول الدكتور محمود مزروعة، إن الأزهر قائم على أداء رسالة الإسلام القائمة على السلام والمحبة والمودة والألفة بين المسلمين وغير المسلمين، والأزهر دائما يبين للناس أن الإسلام لا يعادي أحدًا على الإطلاق، وإنما جاء متحدثا باسم الله عز وجل، والله عز وجل رب الناس اجمعين، وخالقهم ورازقهم ومميتهم ومحييهم.


من جانبه يقول الدكتور إبراهيم رضا، أحد علماء الأزهر الشريف، إن الأزهر هو رأس الجسد المصري الذي يدعم ثقافة التنوع والتعددية نتيجة تعدد المذاهب الفقهية، التي يتم تدريسها داخل أروقة الأزهر الشريف، وبالتالي ينعكس ذلك على العالم الأزهري، فتجده عالما وسطيا مستنيرا يؤمن بالتعددية، والتنوع وحق الآخر في التعايش الآمن، ومن هنا ظهرت رموز وطنية من الأزهر داخل الحركة الوطنية كان معظمهم من خريجي الأزهر، وهذا دليل على دور الفكر المستنير المستمد من المحتوى الذي يقدم لعلماء الأزهر.