رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

سر تخوف السيسي من اتهام «تميم» و«أردوغان» صراحة بدعم الإرهاب

تميم والسيسي وأردوغان
تميم والسيسي وأردوغان


اتهم الرئيس عبد الفتاح السيسي، منذ فترة، قطر وتركيا والتنظيم الدولي للإخوان، بتأسيس عدة شركات وصحف ومواقع إلكترونية، ورصد مئات الملايين من الدولارات؛ لبث الفوضى فى الأمة العربية، وزعزعة استقرار مصر.


كما طالب الرئيس أكثر من مرة آخرها أثناء لقائه الأخير بوزير الدفاع الأمريكي «جيمس ماتيس»، المجتمع الدولي بمحاسبة الدول الداعمة والراعية للإرهاب، وإيقاف تمويل التنظيمات الإرهابية، أو مدها بالسلاح، دون أن يذكر أسماء هذه الدول.


في نفس الوقت، نجد الإعلام المصري يتهم تركيا وقطر – صراحة - بالوقوف وراء كل العمليات الإرهابية التي تحدث في مصر، مطالبا النظام بمحاسبة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأمير قطر الشيخ، تميم بن حمد.


وبعد تفجير كنيستى طنطا والإسكندرية، أعلن الدكتور على عبد العال، رئيس البرلمان تشكيل مجموعة من المحامين لمقاضاة الدول الداعمة للإرهابيين، لافتًا إلى أنه سيتم الدعوة لعقد مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب، قائلًا: «سيتم تعقب الدول التي تدعم الإرهاب، وهي معروفة بالاسم»، دون أن يذكر أسماء هذه الدول.


وتقدم المحامي طارق محمود، ببلاغ عقب تفجير كنيستي طنطا والإسكندرية، طالب فيه بمحاكمة أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، قال فيه:«إن جماعة الإخوان المسلمين ارتكبت جريمتين إرهابيتين فى طنطا والإسكندرية في إطار العمليات الإرهابية التي يدعمها ويمولها أمير قطر»، مشيرًا إلى أن «تميم» يقدم الدعم المادي واللوجيستي، لتلك الجماعة، وغيرها من التنظيمات المتطرفة.


تأتي هذه الاتهامات في ظل التدهور الشديد في العلاقات «المصرية - القطرية» عقب «30 يونيو»، حيث تتهم السلطات المصرية قطر والعائلة الحاكمة بالوقوف وراء كل العمليات الإرهابية التي حدثت في مصر، من خلال دعم وتمويل واحتضان المنظمات الإرهابية التي تقوم بتنفيذ تلك العمليات، أو بالتحريض والدعاية السوداء عبر «الجزيرة»، أو من خلال إيوائها لقيادات جماعة الإخوان.


كما تتهم القاهرة تركيا والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، باحتضان قيادات جماعة الإخوان، وتوفير ملاذ آمن لهم، وفتح منابر إعلامية لهم تحرض على الدولة المصرية ومؤسساتها، كما تتهم مصر النظام التركي بتمويل الإرهابيين بالمال والسلاح الذي يستخدم في العمليات الإرهابية.


والسؤال المطروح حاليًا: لماذا لا يعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي، أسماء الدول الداعمة للإرهاب في مصر صراحة؟، ولماذا لا تلجأ مصر إلى المحاكم الدولية لمقاضاة هذه الدول؟، وكيف يمكن مقاضاة هذه الدول في المحاكم الدولية؟، وهل يمكن للدولة المصرية تقديم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد، للمحاكمة الدولية بتهمة «تمويل الإرهاب»؟


يقول اللواء محمود زاهر، وكيل جهاز المخابرات السابق، إن الولايات المتحدة الأمريكية، هي التي تدعم وترعى صناعة الإرهاب، فضلًا عن أدواتها في العالم المتمثلة في التنظيم الصهيوني العالمي، والتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، إضافة إلى بعض الدول، وعلى رأسها تركيا وقطر وبعض الدول الخليجية، وكذلك بعض المنظمات مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية وصندوق النقد الدولي وغيرها.


وأضاف «زاهر» أن الرئيس عندما يتحدث عن ضرورة محاسبة الدول الداعمة للإرهاب، يقصد الولايات المتحدة الأمريكية وأدواتها، لكنه لا يستطيع أن يقول ذلك مباشرة، حتى لا يدخل في صدام أو مشاكل سياسية مع القوى الكبرى في العالم، وهو نوع من «كسر سم» هذه الدول، من أجل المصالح العليا لمصر.


وأضاف «زاهر»، أن الرئيس يوجه رسائل غير مباشرة لهذه القوى الكبرى المهيمنة والتي تدير هذه الأحداث، ويقول لها، اوقفوا تمويل ودعم السماسرة التابعين، وإلا سأقوم برفع الأمر إلى مجلس الأمن، وسأقدم أدلة ضد «صبيانك»، مشيرًا إلى أنه يتوقع أن تتخذ مصر بنسبة 5%، هذه الخطوة، وتقدم أدلة تثبت ضلوع الدول التابعة للولايات المتحدة في العمليات الإرهابية التي تحدث في مصر.


وأشار «زاهر»، إلى أن ما ذكره الدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب، من تشكيل مجموعة من المحامين؛ لمقاضاة الدول الداعمة للإرهاب، هو «كلام سياسة»، لافتا إلى أن وصول  الأموال للتنظيمات الإرهابية يتم عن طريق التجارة والحدود والحقائب الدبلوماسية.  


ويقول العميد محمود قطري، الخبير الأمني، إن الرئيس عبد الفتاح السيسي لا يذكر أسماء الدول الراعية والداعمة للإرهاب، حتى لا تدخل مصر في مشكلة مباشرة مع هذه الدول، لأن الدخول في صدام مباشر مع هذه الدول، أو ذكر اسمها صراحة، يقتضى وجود أدلة وقرائن من أجهزة المخابرات، ومؤسسات الدولة.


وأضاف «قطري»، أن هناك مصالح وروابط مشتركة بين مصر وهذه الدول، فهناك مصالح اقتصادية مهمة جدا مع تركيا، كما أن قطر عضو في مجلس التعاون الخليجي، وتهم الخليج وتهم السعودية، وبالتالي تصريحات الرئيس السيسي تعتمد على التلميحات، وهذا أفضل من الناحية الدبلوماسية، كما أن الإعلان عن أسماء هذه الدول صراحة سيؤجج الأمر، ويحتاج إلى إثباتات وأدلة والذهاب بها لـ«الأمم المتحدة»، مشيرا إلى أن الرئيس يراعي مصلحة مصر مع هذه الدول والدول الداعمة لها، وأن تصريحات الدكتور على عبد العال، عن تكليف محامين لرفع قضايا على الدول الداعمة للإرهاب في المحافل الدولية مجرد كلام للاستهلاك المحلي، لأن هذا القرار لابد أن يصدر من مجلس النواب، ويكون مدعومًا بالأدلة والبراهين، حتى يتم رفع الأمر لـ«الأمم المتحدة»، ومجلس الأمن.


ولفت الخبير الأمني إلى أن اتهام أردوغان وتميم، بالضلوع في الإرهاب، هو اتهام سياسي في المقام الأول بسبب مساندتهما ودعمهما لأعضاء الإخوان المسلمين، وبالتالي الاتهام السياسي واضح ولا لبس فيه، لكن هذا الاتهام يحتاج أدلة وبراهين، كما أن اتهام رؤساء الدول صعب جدا، خاصة أن رئيس الدولة لم يتورط بطريقة مباشرة في دعم الارهاب، وبالتالي يجب توخى الحذر في  مثل هذه الأمور، وأن توصيل  الأموال للإرهابيين يتم عن طريق شركات محلية تتعامل مع الشركات الدولية، وعن طريق بعض الأفراد البعيدين عن الشبهة، أما الأسلحة والمتفجرات فيتم تهريبها عن طريق الحدود.


ويقول الشيخ نبيل نعيم، القيادي السابق في تنظيم الجهاد، إن تورط قطر وتركيا في العمليات الإرهابية، أصبح أمرًا متواترًا في العالم كله، فالقيادات في ليبيا، وخليفة حفتر نفسه، يتهمون قطر وتركيا «ليل نهار» بدعم الجماعات الإرهابية، وكذلك النظام السوري يتهم قطر وتركيا بدعم الإرهاب في سوريا.


وتابع: «وبالتالي ضلوع تركيا وقطر في الإرهاب معروف وثابت ولا يحتاج إلى إثبات».


وأضاف «نعيم»، أن النظام في مصر يتفادى الدخول في صدام مع قطر وتركيا، وبالتالي هو يقولها بطرف خفى، وعلى استحياء، لأن قطر وتركيا مجرد أدوات في يد الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالى الرئيس السيسي لو قالها صراحة، سيدخل نفسه في مشاكل مع الإدارة الأمريكية ومع قطر وتركيا ومجلس التعاون الخليجي.


وأضاف القيادي السابق في تنظيم الجهاد: «المهم هو كيف تدين تميم وأردوغان، وخاصة أن الاثنين لا يتصرفان من أنفسهما، ولكنهما مجرد أدوات في يد الإدارة الأمريكية»، مؤكدًا أن أمريكا لن ترد على دعوة الرئيس السيسي؛ لأنها هي التي تدعم الإرهاب أصلا.


من جانبه يقول الدكتور إبراهيم أحمد، رئيس قسم القانون الدولي السابق بجامعة عين شمس، إن محاسبة الدول الراعية للإرهاب في المحافل الدولية يحتاج في البداية إلى وجود أدلة قوية، تثبت إدانة هذه الدول بأنها ضالعة في دعم  الإرهاب، سواء بالتحريض على ارتكاب جرائم إرهابية، أو بتقديم أي دعم مادي أو معنوي للضالعين أو المتهمين بارتكاب هذه الجرائم، كأن يسمح لهم بالإقامة في الدولة المتهمة، أو مساعدتهم بأي صورة من الصور، أو بإعفائهم من التزامات معينة.


وتابع: «إذا ثبت أن هذه الدول دعمت أشخاصًا ارتكبوا جرائم إرهابية، أو اشتركوا في ارتكاب هذه الجرائم، ففي هذه الحالة يمكن مقاضاة هذه الدول، وهذه مسألة تحتاج إلى جهود قوية للتوصل إلى إثباتات وأدلة قوية».


وأضاف رئيس قسم القانون الدولي، أن اتهامات رؤساء الدول بدعم الإرهاب، ستدخل الدولة في حسابات شخصية، قد تكون موجودة وقد لا تكون موجودة، لكن إذا دعم جهاز من أجهزة هذه الدول، الإرهاب، ففي هذه الحالة يتم مواجهة هذه الدولة، لكن إذا ثبت قيام رئيس الدولة بذلك، فيمكن في هذه الحالة اتخاذ نفس الإجراء.


وأشار إلى أن المحاكم الدولية المنوط بها نظر مثل هذه القضايا هي، المحكمة الجنائية الدولية، إضافة إلى أنه يمكن تشكيل محكمة خاصة لمواجهة الإرهاب، خاصة أن مصر حاليا هي إحدى الدول الأعضاء في مجلس الأمن، ويمكنها المطالبة بإصدار قرار بتشكيل محكمة جنائية دولية تتولى القيام بهذا العمل، أو من الممكن صدور قرار من مجلس الأمن، بتكليف المحكمة الجنائية الدولية بتعقب الإرهابيين؛ لمعاقبتهم.