رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

السيسي يعود من واشنطن كرجل أمريكا الأول في المنطقة

عبد الباري عطوان
عبد الباري عطوان -أرشيفية

لم يحظ زعيم عربي بالإطراء والمديح من ساكن البيت الأبيض مثل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، منذ توقيع نظيره محمد أنور السادات اتفاقات كامب ديفيد عام 1978، فالرئيس دونالد ترامب قال بشكل واضح ومتعمد “نقف بقوة خلف الرئيس السيسي.. لقد أدى عملا رائعا في موقف صعب للغاية.. نحن نقف وراء مصر وشعب مصر بقوة”، وأضاف “أقول للسيد الرئيس إن لديك صديقا وحليفا قويا في الولايات المتحدة.. وأنا أيضا”.


هذا المديح والإطراء يعني عدة أمور، أبرزها أن الرئيس الأمريكي الجديد يريد أن يتوج ضيفه المصري حليفا رئيسيا في الشرق الأوسط، يكون وبلاده، محور ارتكاز السياسة الخارجية الأمريكية الجديدة في المنطقة في موازاة المحاولات الروسية رسم خريطة جديدة للمنطقة محورها إيران.


الرئيس ترامب أكد على تفعيل الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة خاصة في مجال مكافحة الإرهاب والتعاون العسكري، وهذا أمر متوقع من رئيس يعطي الأولوية لاجتثاث الإرهاب حتى لو جاء ذلك على حساب حقوق الإنسان.


***

الرئيس السيسي سيعود إلى القاهرة وقد أصبح مندوبا ساميا للولايات المتحدة في المنطقة، والفائز يثقتها ودعمها في آن، مما يعني أنه سيكون رأس الحربة في كل حروبها السياسية أو العسكرية المقبلة، والزعيم المتوج للحلف السني الذي تسعى لتكوينه في مواجهة إيران.


إنها بداية مرحلة ونهاية أخرى، والأيام المقبلة ستشهد تحالفا عربيا إسرائيليا ضد الإسلام السياسي، بشقيه “المعتدل” او “المتطرف”، السني أو الشيعي، وتجاوز الثوابت العربية في فلسطين، وإحياء صوريا لعملية سلمية متعفنة، وعودة لمفاوضات عقيمة بين السلطة الفلسطينية ورئيسها من ناحية، ودولة الاحتلال الإسرائيلي من ناحية أخرى.


المملكة العربية السعودية التي كانت تحلم بالجلوس أمام مقعد القيادة في المنطقة بمباركة الرئيس الأمريكي الجديد، تراجعت إلى المقاعد الخلفية، وباتت مضطرة لقبول الزعامة المصرية الجديدة، والتصالح معها، والتعايش مع صعودها المتسارع، ولذلك عندما سيزور الرئيس السيسي الرياض تلبية لدعوة العاهل السعودي التي جاءت تتويجا للمصالحة “المرتبة” بين الرجلين على هامش قمة عمان العربية، سيزورها من موقع القوي وليس من موقع الضعيف التابع الذي يبحث عن مساعدات مالية، فالسعودية لم تعد تملك المليارات الفائضة، وان امتلكتها فإنها ستذهب الى ترامب في محاولة لإرضائه وامتصاص غضبته والتجاوب مع أسلوبه الابتزازي، ايثارا للسلامة.


اتفاق ترامب ـ السيسي على تفعيل الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، سينعكس على شكل دور مصري في مواجهة حركة “الاخوان المسلمين”، وافرعها في ليبيا واليمن، وانخراط حقيقي في حرب ضروس ضد تنظيمي “القاعدة” و”الدولة الإسلامية”، ومحاربة التمدد الإيراني في العراق وسورية واليمن أيضا.


***

الرئيس السيسي راهن على ترامب حتى قبل ان يفوز في انتخابات الرئاسة عندما التقاه في أيلول (سبتمبر) العام الماضي على هامش اجتماعات الجمعية العامة، ليس حبا به، وانما كرها بسلفه باراك أوباما، الذي رفض دعوته، وجمد المساعدات المالية الامريكية لمصر لاكثر من عامين بسبب معارضته لإطاحة رئيس منتخب بإنقلاب عسكري، ومن حسن حظ الرئيس السيسي انه كسب الرهان، واصبح الصديق الصدوق للرئيس الأمريكي الجديد، وعزز هذه الصداقة عندما لم يتردد لحظة، أي الرئيس السيسي، في سحب مشروع قرار كانت ستتقدم به مصر الى مجلس الامن الدولي بإدانة الاستيطان الإسرائيلي ووقفه فورا، بمجرد تلقيه مكالمة من الرئيس ترامب حتى قبل ان يتسلم الأخير مهامه كرئيس، فحصل الرئيس السيسي، بهذه الخطوة على “رضائين” بحجر واحد، الرضاء الأمريكي والرضاء الإسرائيلي.


المرحلة المقبلة ستكون مرحلة استقطاب طائفي واقليمي، وعرقي، ربما تتطور الى حروب مدمرة وظهور دول جديدة، وإعادة رسم لخريطة المنطقة، وسيكون دور “مصر السيسي” محوريا فيها، وفي مواجهة ايران خاصة، وبالتنسيق مع “الحليفة” إسرائيل.. اما كيف ستكون النتائج.. ومن الرابح والخاسر.. فهذا يحتاج الى الكثير من الانتظار.. والأيام بيننا.