رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

حكومات "30 يونيو" تفشل في تنفيذ وعود الرئيس

السيسي وشريف إسماعيل
السيسي وشريف إسماعيل - أرشيفية


منذ 30 يونيو 2013 وحتى الآن، شغل منصب رئيس الوزراء 3 أشخاص، هم الدكتور حازم الببلاوي، والمهندس إبراهيم محلب، والمهندس شريف إسماعيل، وعشرات الوزراء، في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، والمحصلة النهائية أنهم فشلوا جميعًا حتى الآن في تنفيذ وعود الرئيس التي قطعها على نفسه منذ وصوله لكرسي الحكم.

ولعل من أبرز الوعود التي فشل رؤساء الحكومات والوزراء في تحقيقها استصلاح المليون ونصف المليون فدان، وبناء مليون وحدة سكنية، وزيادة الصادرات وتقليل الواردات، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح، والاكتفاء الذاتي من المنتجات البترولية والغاز، وكل هذه الملفات روجت لها الحكومات المتعاقبة، وبشرت المصريين بحدوث طفرة كبيرة فيها، ولكن التقرير السنوي للجهاز المركزي للتـعبئة العـامة والإحـصاء التي جاء تحت عنوان: مصر في أرقام 2017 " كشف عن تراجع كبير ومخيف فيهذه الملفات.


المليون ونصف المليون فدان

الحديث عن استصلاح مليون ونصف فدان بدأ منذ عام 2014، وعقب تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم مباشرة، كما تحدثت عنه الحكومات المتعاقبة، فمثلا في بداية 2015، قال الدكتور عبد الغنى الجندي، عضو اللجنة المشكلة من وزارة الزراعة لاستصلاح مليون و18 ألف فدان والخبير الدولي في مشروع الري الحقلي، في تصريحات صحفية، إن وزارة الزراعة بالتنسيق مع "الري" بدأت في تجهيز البنية الأساسية لـ523 ألف فدان في 8 مناطق من مشروع استصلاح المليون فدان والخاصة بالشباب والمنتفعين ليتم توزيعها بعد اكتمال البنية الأساسية، أولها في توشكى 33 ألف فدان تروى على المياه السطحية يتم توزيعها على شباب الخريجين والفئات الاجتماعية و20 ألف فدان على الآبار، و120 ألف فدان بالفرافرة القديمة، والفرافرة الجديدة 60 ألف فدان، وجنوب منخفض القطارة 20 ألف فدان وجنوب شرق المنخفض 50 ألف فدان وغرب المنيا 120 ألف فدان والمغرة 50 ألف فدان و50 ألف فدان شرق سيوة.


وأكد أن تنفيذ استصلاح المليون و18 فدانًا يتم بالتوازى في 11 منطقة، وأنه تمت دراسة جميع مناطق الاستصلاح وإمكانات الخزانات الجوفية، وتم تحديد مساحات المشروع من خلال اللجنة الفنية المشتركة بين وزارتي الزراعة والري، ووفقًا للمساحة المطروحة، مشروع الفرافرة القديمة، بمساحة 200 ألف فدان، سيكون مصدر ري للآبار الجوفية، تليه منطقة جنوب شرق المنخفض بمساحة 150 ألف فدان جوفي، ثم غرب المنيا بالمساحة نفسها جوفي، ثم توشكى 108 آلاف فدان تروى على المياه السطحية، والفرافرة الجديدة "عين دالة" بمساحة 100 ألف فدان جوفي، ثم جنوب المنخفض بالمساحة نفسها جوفي، والمغـرة بـ 100 ألف فدان أيضا جوفي، ثم امتداد الداخلة بـ50 ألف فدان جوفي، وامتداد شرق العوينات بالمساحة نفسها جوفي، وأخيرًا آبار توشكى بمساحة 30 ألف فدان جوفي، وشرق سيوه بالمساحة نفسها جوفي.


لكن جاء التقرير السنوي للجهاز المركزي للتـعبئة العـامة والإحـصاء "مصر في أرقام 2017" ليكشف أن مساحة الأراضي التي تم استصلاحها وزراعتها عام 2015 بلغت 9096 فدانا فقط، مقابل 8916 فدانا في 2014، و8954 فدانا في 2013، و8799 فدانا في 2012، وهذا يشير إلى أن هذا المشروع الذي تروج له الحكومات المتعاقبة لم يراوح مكانه، لاسيما وهناك خبراء كبار يتحدثون دائما عن صعوبة تنفيذ هذا المشروع.


المليون وحدة سكنية

كشف تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن أن الحكومة قامت بتنفيذ 86340 وحدة سكنية خلال عامي 2015-2016، مقسمة كالتالي: 116 وحدة إسكان منخفض، 84821 اقتصادي، 1089 متوسط، 284 فوق المتوسط، 30 وحدة فاخرة، وبالتالي ما تم تنفيذه حتى نهاية 2016 من مشروع المليون وحدة سكنية بلغ حوالي 9% من حجم المشروع.

 

القمح

في الوقت الذي تتحدث فيه الحكومات المتعاقبة بعد ثورة 30 يونيو عن الاكتفاء الذاتي من القمح، نجد أن تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، يكذب هذه التصريحات، بل إنه يكشف عن زيادة اعتماد مصر على الواردات من القمح خلال السنوات الماضية، فتقرير الجهاز أظهر أن نسبة الاكتفاء الذاتي من القمح في 2015 بلغ 49.1%، مقابل 52.1% عام 2014، و56.7% عام 2013، و55.7% عام 2012، وهذا يؤكد على عدم دقة التصريحات الوردية التي يطلقها المسئولين بين الحين والآخر حول الاكتفاء الذاتي من القمح.


الاكتشافات البترولية والغاز

كشف تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن وجود تراجع في نمو الاستخراجات البترولية من بترول وغاز وخلافه، حيث بلغت قيمة الاستخراجات البترولية من بترول وغاز وخلافه للعام 2015-2016 حوالي 214.841.600 مليار جنيه، بنسبة نمو سالبة بلغت 10.4%، مقابل 314.138.800 مليار جنيه عن الفترة 2014-2015، بنسبة نمو سالبة بلغت 31.6%، وهذا يثير الكثير من علامات الاستفهام، في ظل الحديث المتواصل خلال الفترة الماضية، عن الاكتشافات الجديدة، ودخول مصر عصر تصدير المواد البترولية.


كما يأتي ذلك في ظل توقيع مصر على عدد من اتفاقيات التنقيب عن الغاز والبترول بلغت 70 اتفاقية بملايين الدولارات، خلال السنوات الثلاثة الماضية، كما أكد على ذلك المهندس طارق الملا وزير البترول.


ففي مارس 2015 كشفت وزارة البترول عن أن حجم استثمارات اتفاقيات البحث عن البترول والغاز في مصر، منذ بداية العام الجاري 2015، أي في 3 أشهر فقط، بلغ حوالي 12 مليارًا و900 مليون دولار، منها تعديل لاتفاقيتين لتنمية حقول غاز شمال إسكندرية وغرب البحر المتوسط بالمياه العميقة.


كما أبرمت وزارة البترول في عام 2016، 8 اتفاقيات بترولية جديدة مع 6 شركات عالمية ومصرية للبحث عن البترول والغاز في مناطق البحر المتوسط ودلتا النيل والصحراء الغربية وخليج السويس وصعيد مصر بإجمالي استثمارات حدها الأدنى حوالي 709 مليون دولار وتتضمن حفر 33 بئرًا جديدًا.


كما كشف رئيس الوزراء شريف إسماعيل عن أن قيمة الاستثمارات في تنمية وإنتاج الغاز الطبيعي تبلغ 21.8 مليار دولار، منها 14.1 مليار دولار مشروعات جار تنفيذها، و7.7 مليار دولار مشروعات مخطط تنفيذها.


لكن رغم ذلك فان الكثير من الخبراء يؤكدون على أن الاكتشافات البترولية الجديدة سوف تجنى الدولة المصرية ثمارها في 2018، حيث ستصبح مصر من أكبر الدول المصدرة للغاز والبترول.


الصادرات والواردات

رغم أن الحكومات المتعاقبة منذ ثورة 30 يونيو كانت تتحدث دائما عن تنمية الصادرات وترشيد الواردات، إلا أن تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء جاء صادما، حيث كشف عن زيادة في الواردات وانخفاض في الصادات خلال أعوام 2012،2013،2014،2015.


ففي 2013 بلغت قيمة الصادرات 199.881 مليار جنيه، مقابل 195.276 مليار جنيه عام 2014، و168.077 مليار جنيه عام 2015.


أما الواردات فبلغت 455.995  مليار جنيه عام 2013، مقابل 523.361 مليار جنيه عام 2014، وحوالي 568.944 مليار جنيه في عام 2015.


أما عجز الميزان التجاري فظهر في ارتفاع مستمر، حيث بلغ في 2013 حوالي 256.114 مليار جنيه، مقابل 328.085 مليار جنيه في عام 2014، وحوالي 400.867 مليار جنيه عام 2015.


هذا الإخفاق الحكومي رغم توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي المتتالية، التي يطالب فيها الحكومة بضرورة زيادة الصادرات وترشيد الواردات، منذ أن تولى مقاليد حكم البلاد.


ففي أكتوبر 2015 طالب الرئيس عبد الفتاح السيسي بترشيد الاستيراد من الخارج للحيلولة دون تشكيل أعباء على موارد الدولة من العملات الأجنبية، خاصةً أن قوائم السلع المستوردة تضم العديد من المنتجات غير الضرورية التي يمكن توفير بدائل محلية لها بأسعار تنافسية وبجودة أفضل، مشددا على أهمية تطوير قطاع الصناعة والعمل على زيادة الصادرات عبر الارتقاء بجودة المنتجات المصرية.


وفي يونيو 2016 أكد الرئيس خلال اجتماعه برئيس الوزراء شريف إسماعيل على أهمية مواصلة إجراءات ترشيد الواردات وزيادة الصادرات، وذلك من خلال تشجيع المنتجات المحلية والصناعة المصرية، بما يساهم في توفير مزيد من فرص العمل والارتقاء بجودة الصناعة المصرية.

 

وعن أسباب تراجع الصادرات المصرية يشير الكثير من الخبراء إلى أن هناك عوامل خارجية ومحلية لتراجع الصادرات، منها قرارات السعودية والولايات المتحدة وروسيا بحظر استيراد بعض المنتجات الغذائية والزراعية المصرية، والتباطؤ الذي تشهده الدول الأوربية التي تمثل الشريك التجاري الأول لمصر، والاضطرابات الداخلية بدول عربية مثل ليبيا واليمن وسوريا والعراق، والتي كانت تحصل على كم كبير من الصادرات الغذائية، إضافة إلى تراجع سعر البترول، ما أثر على التصدير للدول الخليجية، والأزمة الروسية التي ترتب عليها تراجع قيمة الروبل الروسي، وبالتالي زيادة تنافسية أسعار المنتجات الأوربية بالسوق الروسية مع المنتجات المصرية.


أما العوامل الداخلية التي تسببت في انخفاض الصادرات فيأتي على رأسها، ارتفاع سعر الدولار الأمريكي، ما زاد من قيمة المكونات المستوردة لإنتاج السلع، وزيادة تكاليف النقل الداخلي وفرض رسوم إضافية على الطرق السريعة، وزيادة أسعار الشحن البحري، والشحن الجوي في ضوء تراجع السياحة، وارتفاع أسعار الطاقة وزيادة الضرائب، وارتفاع سعر الفائدة بما يزيد من تكلفة التمويل، وكلها عوامل، تقلل من المنافسة دوليا، وكذلك قيام الشركات الأجنبية العاملة بمصر باحتجاز غالب قيمة صادراتها بالخارج، سواء من أجل تمويل شراء المواد الخام والسلع الوسيطة اللازمة للإنتاج، أو لضمان وصول أرباحها لشركاتها الأم، بعد ظهور صعوبات تحول دون تحويلها لأرباحها للخارج، في ضوء أزمة نقص العملات الأجنبية بالسنوات الأخيرة بمصر.


الواردات المصرية

ومن الواردات التي طالب البعض بوقفها خلال الفترة الماضية لتقليل الواردات وتوفير العملة الصعبة، سجاد الصلاة، حيث تستورد مصر سنويا منها بما قيمته 150 مليون دولار، وكذلك أكل الحيوانات حيث كشف تقرير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن أن واردات مصر من أكل الحيوانات ومنها القطط والكلاب بلغت 52 مليون 435 ألف دولار، وذلك خلال أربعة أشهر اعتبارًا من يناير وحتى شهر أبريل 2016.


كما كشفت تقارير عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء بأن مصر استوردت صلصة ومايونيز وتوابل مخلوطة و"مرقة" بنحو 100 مليون و533 ألف جنيه، خلال الفترة من يناير حتى أكتوبر 2016، كما استوردت "آيس كريم وجيلى وسحلب وكريم شانتيه" ومثلجات أخرى بنحو 40 مليون و955 ألف جنيه، وذلك في الفترة من يناير حتى أكتوبر من العام 2016.


وكشف تقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن مصر استوردت حيوانات منوية لذكور الأبقار بقيمة مليون و263 ألف جنيه خلال الفترة من يناير حتى أكتوبر 2016.


في منتهى الخطورة

عن هذا الموضوع تقول الدكتورة يمن الحماقي رئيس قسم الاقتصاد بجامعة عين شمس، إن انخفاض الصادرات وزيادة الواردات شيء طبيعي جدا، لأن الدولة غير قادرة على بناء قاعدة إنتاجية سليمة، وهو ما يمثل دليلًا على عدم وجود إدارة اقتصادية للبلد، والسياسات المتبعة من قبل الحكومة خاطئة، بالإضافة إلى أن المتغيرات التي تحدث على الساحة تؤثر بشكل سلبي على الإنتاج، مشيرة إلى أن تحرير سعر الصرف جاء بنتائج عكسية، مؤكدة على أن ذلك في منتهى الخطورة.


وأضافت حماقي لـ"النبأ" أن فى عدم وجود اهتمام من الدولة بتفعيل الطاقات الإنتاجية، وإيجاد حلول للمصانع المغلقة، وقطاع الأعمال العام، والهيئات الاقتصادية المتعثرة التي تحقق خسائر مثل ماسبيرو والسكك الحديدية، سيظل الاقتصاد يسير من سيئ إلى أسوأ، مشيرة إلى أن الدولة فشلت في تحقيق معدل نمو 4.8% رغم المشروعات القومية الكبرى، مؤكدة على ضرورة وجود توازن بين المشروعات القومية الكبرى، وفتح الطاقات الإنتاجية في المجتمع.


وعن ما جاء في التقرير من زيادة اعتماد الدولة على القمح الخارجي، رغم الحديث عن الاكتفاء الذاتي من القمح، قالت أستاذ الاقتصاد، إن سبب ذلك هو زيادة عدد السكان، والذي يؤدي إلى زيادة الفجوة بين العرض والطلب، وبالتالي زيادة الطلب على القمح، مشيرة إلى أن ترشيد بطاقات الخبز سيؤدي إلى التقليل من استهلاك القمح بشكل كبير، وبالتالي تخفيض الاستيراد، لافتة إلى أن مساحات الأراضي المستصلحة حسب التقرير تشير إلى أن مشروع المليون ونصف المليون فدان لم يأت ثماره حتى الآن، لكن الدراسات التي تتم بخصوص هذا المشروع  تسير بشكل سليم، مطالبة بوضع خطة زمنية محددة لترجمة هذه الدراسات المبشرة على أرض الواقع.