رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الخريطة الكاملة لأزمات قنوات الإخوان المسلمين في تركيا

قنوات الإخوان - أرشيفية
قنوات الإخوان - أرشيفية


منذ توقف قناة الجزيرة مباشر مصر القطرية، العام قبل الماضي، لجأ الإخوان إلى إطلاق عدد من القنوات بعضها توقف، مثل قناة الشرعية، وأحرار، و25، ورابعة، وقناة الثورة، في حين استمر جزء آخر لايزال قائما إلى الآن وهي قناة وطن، والتي تعد الوحيدة المملوكة للإخوان بصفة رسمية ويرأس مجلس إدارتها إسلام عقل، في حين تنفق عليها الجماعة من أموالها.


بالإضافة إلى قناة مكملين والتي يرأسها أحمد الشناف، ويمتلكها عدد من رجال الأعمال القطريين ذوي الميول الإسلامية، فضلا عن قناة الشرق التي يديرها المخرج إسلام الغمري، ويمتلكها أيمن نور، زعيم حزب غد الثورة وعدد من رجال الأعمال أغلبهم سعوديون.


وتصاعد دور تلك القنوات واستطاعت استقطاب وجوه معروفة إعلاميا مثل محمد ناصر ومعتز مطر، فضلا عن فنانين مثل هشام عبدالله وهشام عبد الحميد ومحمد شومان، ولكن لأن تلك القنوات تحتاج إلى تمويل ضخم في حين أنها لا تدر أي عائد إعلاني، مع تعقد الموقف السياسي وتراجع دور الإخوان في التأثير، بدأت الأزمات تحيط بتلك القنوات من كل جانب وتهددها بالسقوط.


أولى تلك الأزمات كانت في الأحكام القضائية التي صدرت ضد المذيعين والعاملين بتلك القنوات، مما حرمهم من العودة لمصر، وجعل اغترابهم أمرا حتميا، فضلا عن تهديد ممتلكاتهم وأهلهم في مصر، فقد صدرت أحكام قضائية بسبب المادة 80 من قانون العقوبات، والتى تنص على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن 100 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل مصرى أذاع عمدًا فى الخارج أخبارًا وبيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة حول الأوضاع الداخلية للبلد، وكان من شأن ذلك إضعاف الثقة المالية بالدولة أو هيبتها.


واعتبر القضاء أن كل ما تبثه قنوات الإخوان يقع تحت هذا التوصيف، ولذلك صدرت أحكام قضائية بالسجن ضد معتز مطر ومحمد ناصر وهشام عبدالله وحمزة زوبع، 3 سنوات، وضد محمد شومان وعبد الرحمن يوسف، بالسجن 5 سنوات بالإضافة إلى عدد من المذيعين والمعدين في قضايا مختلفة.


ولم تكن هذه أولى الأزمات، فقد جاءت الأزمات التالية من داخل تلك القنوات نفسها بسبب قلة التمويل وعدم استطاعة مموليها الاستمرار في دفع الأموال دون حصد نتائج، فبدأت أزمات تأخر الرواتب في كل تلك القنوات وصلت إلى 3 أشهر في قناة الشرق و6 أشهر في قناة وطن، التي اضطر العاملون بها لتنظيم اعتصام داخل مقر القناة للحصول على رواتبهم المتأخرة مما دفع الإدارة للاستغناء عن 45 منهم، فضلا عن إنهاء عقد الفنان هشام عبد الله مقدم البرامج الرئيسي بالقناة، واعتمدت على بعض المذيعين الإخوان مثل محمد جمال هلال ودينا زكريا، برواتب متدنية للغاية، في حين تتجه القناة للإغلاق بسبب انعدام التمويل والاستيلاء على مبلغ مالي كان دعما من دول الخليج  فضلا عن فتح التحقيق في إهدار نحو مليون ونصف المليون دولار في تلك القناة.


ورغم أن قناة مكملين أطلقت قناة أخرى رديفا لها لإعادة بث برامجها، إلا أنها تواجه نقصا في التمويل ربما سيضطرها للاستغناء عن عدد من كوادرها خلال الفترة المقبلة.


وواجهت تلك القنوات أزمات من نوع آخر تمثل في انتقادات واسعة لسياستها التحريرية من رموز في الجماعة ومؤيديها أبرزهم آيات عرابي وصابر مشهور والباحث الإسلامي محمد عباس وغيرهم، الذين اعتبروا أن تلك القنوات بلا فائدة، وأنها ضلت الطريق وبدأت تعمل لصالح مخططات مشبوهة، ولصالح القضاء على الثورة المصرية.


في حين لاقت القنوات إحجاما من مؤيدي شرعية الرئيس المعزول محمد مرسي الذين اعتبروا أن تلك القنوات تخلت عن شرعيته، فقناة الشرق تصف السيسي برئيس الجمهورية بدلا من قائد الانقلاب كما كان سابقا، وكذلك قناة مكملين تعرض لبرنامج طويل يتحدث عن المصالحة، فضلا عن استضافة وجوه كانت مؤيدة للإطاحة بالرئيس المعزول حتى بعد فض اعتصامي رابعة والنهضة مثل ياسر الهواري ومجدي حمدان وغيرهما.


من جانبه يرى الباحث مصطفى خضري، رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام "تكامل مصر"، أن تلك القنوات تواجه معضلة أساسية هي غياب الإيرادات، فهي غير جاذبة للإعلان، مما يعرضها لأزمات مالية متكررة، ويضعها في اتجاه التمويل الموجه، وهو ما يجعلها غير مستقرة فنيًا ولا سياسيا، حيث أنّ تذبذب التمويل يعمل على رفع معدلات تدوير العمالة خاصة الفنية، بالإضافة إلى أنّ التمويل الموجه يؤدي إلى تغيير السياسات التحريرية بتغير المسؤولين عن التمويل والتوجيه.


وأضاف "خضري" أنه برغم كل الصعوبات فقد برزت قناة مكملين كمتصدرة لسباق المشاهدة بين تلك القنوات حتى وقت قريب، إلّا أنها وقعت في فخ التوسيع غير المحسوب في إصدارها لقناة ثانية تحت نفس الاسم، كما أنها بدأت في الانحدار بعد تحولها لقناة النجم الأوحد - محمد ناصر.


في المقابل، يرى عاملون بتلك القنوات أنها قادرة على الاستمرار رغم الأزمات، ويقول الإعلامي أحمد سمير، مقدم البرامج، بقناة مكملين، إن ما يجري من إصدار أحكام قضائية ضد العاملين بالقنوات الداعمة للثورة المصرية، يثبت أن القضاء المصري "مسيس" بامتياز، ويُستخدم في المكايدة السياسية، مشيرا إلى أن إعلاميي النظام يتجاوزون المهنية، ويرتكبون جرائم سب وقذف وتحريض يصل للتحريض على القتل؛ وهي جرائم يحاكم عليها القانون المصري دون أن يخضعوا لأحكام القضاء.


وأضاف أن الأزمات المادية ضربت قبل ذلك قنوات تعمل داخل مصر ويدعمها رجال أعمال وبعضها تدعمه أجهزة أمنية، فهناك أمثلة على أزمات مالية وإدارية في قنوات خاضعة للنظام، فما بالك بقنوات أخرى يقوم على تمويلها متبرعون دون عائد مادي أو تجاري إضافة لكون بعض من يديرونها دون خبرة تذكر؟ مشيرا إلى ان الأزمات التي تواجهها تلك القنوات هي أزمات في الإدارة ابتداء، ثم أزمة في التمويل.


وأكد أن القنوات في مجملها اجتهدت في أداء رسالتها والقيام بدورها وواجبها لمساندة ودعم المعتقلين والحراك الثوري على الأرض، ودورها في زيادة الوعي الثوري والتأكيد على حقوق الشعب المصري ورفض التفريط فيها، مشيرا إلى أن بعض المشاكل تأتي من حب الظهور والذاتية بل النرجسية التي يعيشها بعض المنتسبين لهذا الإعلام، إضافة لاستخدام برامجهم للترويج لذواتهم والانشغال بالأنا، وذلك يؤثر على القضية الأساسية وهي الثورة. 


وأضاف أن الحل أن يكون هناك خط إعلامي وسياسي واضح إما إعلام ثورة أو إعلام معارضة، والتأكيد على موقف واحد مبني على ثوابت ومعطيات، لأن حالة إرضاء الثوار والمعتقلين وذويهم وأهالي الشهداء لن تستقيم مع حالة مغازلة النظام وبرامج المنوعات، والإمساك بالعصا من المنتصف سيضعف من رسالة هذا الإعلام، أي أن: تحديد البوصلة هو الحل.