رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الضمير.. كلمة ولكن آثارها تبنى أو تهدم وطن

مصطفى أبو زيد
مصطفى أبو زيد


كثيرا نسمع كلمة الضمير تتردد فى الآونة الأخيرة محملين تلك الكلمة الكثير من الأخطاء والأفعال فى السياسات والثقافات والأخلاقيات المجتمعية، وإذا ما تعرضنا لكلمة الضمير فى مفهومها هى فعل الشيء بالطريقة الصحيحة التى تتوافق مع مقتضيات العمل والثقافة والعادات والتقاليد المجتمعية وكل مايندرج تحت فعل الضمير ومن الممكن أن نقول أن الضمير هو الاتقان فى العمل وفى العلم وفى المسئولية.


كم من دول عانت من ويلات الحروب وتدمير كل أوجه الحياة بها ولكن جعلت من ضميرها الهدف والطموح الأسمى فى بناء أوطانها فى إبراز الضمير فى نفس كل مواطن فى بذل كل الجهد والوقت فى سبيل إعادة وطنه ليجعلها أفضل مما كانت عليه كما حدث فى اليابان، وألمانيا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وتعد هاتان الدولتان أشد الدول تدميرًا فى تلك الحروب ولكن ماذا فعلت هاتان الدولتان هل نظروا حولهم فوجدوا أن بلادهم قد صارت أطلالا وأصابهم الإحباط واليأس مع العلم أن فى ذلك الوقت كانت هاتان الدولتان من المغضوب عليهم من جانب المجتمع الدولى برمته باعتبارهما دولا مارقة تريد استعمار الدول الأوروبية.


ولكن هذا لم يمنعهم من إعلاء ضمائرهم واعتمادهم على مواردهم الذاتية فى إعادة بناء أوطانهم وانغلقوا على أنفسهم سنوات يعملون ويعمرون ويبنون المصانع والطرقات ويزرعون الأرض وهاهم اليوم من أقوى اقتصاديات العالم وتفوقوا على أنفسهم وصاروا مثلا يحتذى به فى الضمير والعمل والإتقان حتى أننا نفتخر بامتلاكنا أى منتج يكون قد تم تصنيعه فى هاتين الدولتين لشدة جودته وكفاءة تصنيعه.


وعلى الجانب الآخر، إذا ما تم الاستغناء عن الضمير وتفشى الفساد فى البلاد تجد أن الوطن يضيع ويهمش فتصبح ضعيفا وبالتالى لا تملك قرارك، وفى النهاية تصبح لقمة سائغة فى أيدى المتربصين والغادرين وذات الميول الاستعمارية ولكن ليس بالطرق التقليدية عن طريق التدخل العسكرى والاحتلال، وإنما استعمارك فكريا وثقافيا واقتصاديا وسياسيا حتى تصبح عاجزًا ولا تستطيع إلا أن تنفذ وتسير فى الاتجاه الذى يرسمه لك صاحب الاقتصاد الأقوى الذى يجعلك تابعا له؛ لأنه يمدك بما تحتاجه من مستلزمات الحياة.


وللأسف صار هذا الوضع حال أغلب الدول العربية وكلنا يعلم ما صارت إليه من ضعف ووهن وتفكك وانشغالهم بمحاربة بعضهم البعض كما الحال فى سوريا وليبيا والعراق، والبقية الباقية تنشغل فى محاولة تأمين نفسها من خطر الإرهاب الممتد من جراء الابتعاد عن الضمير الذى هو الإتقان فظهر الفساد والرشوة اللذان عمل بشكل كبير على ظهور كل أسباب المعاناة التى نعانى منها اليوم من تراجع فى الاقتصاد وتطبيق سياسات اقتصادية فاشلة تؤدى إلى مزيد من التراجع والوهن.


إن الضمير هو منظومة عمل متكاملة الكل يعمل بها من المواطن إلى المسئول إلى الحكومة وأجهزتها فإذا صحت تلك المنظومة صح جسد الوطن كله وإذا مرضت تلك المنظومة مرض جسد الوطن كله.