رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

عمرو الجوهري: الحكومة طاردة للاستثمار.. و«تعويم الجنيه» ظلم الشعب.. «حوار»

«النبأ» في حواره
«النبأ» في حواره مع عمرو الجوهري


قال عمر الجوهري، وكيل لجنة الشئون الاقتصادية بـ«مجلس النواب»، إن الدين الداخلي لمصر وصل 3 تريليونات جنيه، وأن الحكومة تعتمد على القروض في تنفيذ البرنامج الاقتصادي، فضلًا عن أن القوانين والتشريعات التي تقرها اللجنة الاقتصادية لا تنفذها الحكومة.

وأضاف «الجوهري» في حواره لـ«النبأ»، أن إحداث طفرة كبيرة في المجال السياحي، وتشغيل المصانع المتوقفة، وتقليل عدد الوزارات، وزيادة الاستثمار، كلها عوامل تساعد في الخروج من الأزمة الاقتصادية «الصعبة» التي تمر بها مصر، وإلى نص الحوار:


كيف ترى اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب الوضع الحالي؟

الوضع «صعب جدًا»، خاصة بعد تحرير سعر الصرف، وإصدار الحكومة عددًا كبيرًا من القوانين والإجراءات التي ظلمت فئات المجتمع.


ماذا تقصد من مقولة إجراءات ظلمت فئات بالمجتمع؟

أقصد أن المواطن البسيط أصبح هو الأكثر تضررا من تلك الإجراءات، والتي كان من المفترض قبل اتخاذها أن تكون هناك حماية للطبقة البسيطة، وقد سبق وواجهنا الحكومة كنواب، وحذرنا من اتخاذ أي إجراءات مثل تحرير سعر الصرف، أو رفع الدعم، قبل حماية الطبقة التي تضم من 15 إلى 20 مليونا من الضرر الذي سيقع عليهم نتيجة تلك القرارات، ولكن هذا لم يحدث، وأصبح المواطن غير متقبل المعيشة بهذا الشكل، وقد طلبنا من الحكومة قبل تحرير سعر الصرف بتقديم خطتها حول توفير البنك المركزي مليارا و800 مليون دولار لجعل مخزون السلع الاستراتيجية يكفي لمدة 6 شهور، وهذا لم يحدث أيضا، وفي نهاية المطاف، لدينا نقص كبير في السلع ولا يوجد لدينا أموال لتوفيرها.


لكن الشارع يرى أن البرلمان تابع للحكومة ويعمل ضده؟

للأسف عدم إذاعة الجلسات، أثر بشكل كبير، فقد أصبحت الرؤية غير واضحة بالنسبة للشارع، ولكن أعتقد أن الصحفيين الذين يغطون نشاط لجان المجلس، يرون مدى الدور الذي تقوم به اللجنة الاقتصادية، ومواجهتها للأزمات، ومدى الدور الذي تلعبه في طرح مشروعات للوزراء المعنيين، ولكن الحكومة لا تستجيب لأفكارنا، إلا نادرًا.


ولكن البرلمان أقر قوانين الخدمة المدنية والقيمة المضافة؟

البرلمان به حوالي 695 نائبًا، مبدأ الديمقراطية يقوم على الأغلبية، وهو ما حدث فقد تم إقرار قانون القيمة المضافة، بناء على المبدأ الذي ارتضته الأغلبية، لكن أنا غير متفق مع هذا القانون وأرى أنه لم يكن وقته ولا ظروفه وتسبب في كثير من المشاكل، ولكن الغرض منه زيادة الحصيلة الضريبية، كما أن قانون القيمة المضافة رفع الأسعار فقط 3%، وتلك الزيادات جاءت بسبب تحرير سعر الصرف، وبسببه ارتفع سعر الدولار إلى 20 جنيها، بالإضافة إلى الدولار الجمركي الذي حول الزيادة إلى «زيادتين»، ورفع الدعم عن الطاقة، وكذلك الكهرباء والمياه، «والمستغلين ما بيصدقوا».


كيف ترى أداء المجموعة الاقتصادية؟

أنا أرى أن هناك بعض «التخبط» في قرارات المجموعة الاقتصادية، هناك عدم تنسيق بين الوزارات ككل، على سبيل المثال تحرير سعر الصرف كان من المفترض اتخاذه من فترة طويلة، وكان من المفترض أن يكون هناك حزمة استثمارات قبل «التعويم»، وعلى هذا الأساس أوفر مميزات تشجع الشركات للاستثمار في مصر، ولكن ما حدث أن قرار تحرير سعر الصرف صدر من شهرين ولم تتضح الرؤية، الوضع صعب جدًا، كما أن الحكومة تنفذ برنامجًا اقتصاديًا قائمًا على «القروض»، ما سيشكل عبئًا كبيرًا على  الأجيال القادمة.


كم وصلت الديون الداخلية والخارجية على مصر؟

الدين الداخلى تخطي الـ 3 تريليونات جنيه، أنا بقول لوزير المالية: «أنا بنام وبصحى ألاقي الديون زادت.. ومن أيام الخديو سعيد ما جتش الديون دى على مصر وما اقترضناش المبالغ دي».


وماذا عن مشروعات الإسكان وشبكات الطرق؟

هي مشروعات جيدة، ولكن المواطن لن يستطيع التحمل؛ حتى تنتهي هذه المشروعات، المواطن لا يطلب خدمات ترفيهية، هو بحاجة إلى السلع الأساسية، المفترض يتم عمل مشروعات تحقق مكاسب سريعة، وأخرى طويلة المدى، ويتم العمل بالتوازي من أجل حماية المواطن البسيط، ولكن نحن لا نعرف كيف تسير هذه الحكومة.


أليس غريبًا أن يكون البرلمان الذي يضع التشريعات ويراقب لا يعرف إلى أين تسير الحكومة؟

نحن نقر قوانين وتشريعات لكن لا يوجد تنفيذ من الحكومة، وحتى الرقابة منقوصة، فبعض الوزراء لا يريدون الرقابة عليهم، «كل ما بنطلب بيانات الحكومة ما بتردش عنها»، وزير الزراعة لم يحضر لمجلس النواب؛ لأنه «خائف».


هناك شركات أعلنت إفلاسها في مصر.. كيف ترى ذلك؟

أنا لم أسمع عن إفلاس شركات، ولكنني أعرف أن هناك شركات متعثرة، بسبب تحرير سعر الصرف، ومن الصعب دعم الحكومة لها في الوقت الحالي، لأنها لا تملك أي أموال، على العكس هي ترفع «الدعم» عن المواطن البسيط.


كيف ترى قانون الاستثمار الجديد؟

مسودة مشروع قانون الاستثمار انحازت للمستثمر على حساب الدولة بشكل كبير، حيث إن التكلفة التي ستتحملها الدولة نتيجة تطبيق هذا القانون ستكون ضخمة جدًا، كما يجب تحديد إن كان تخصيص الأراضى والعقارات بالقانون سيكون بالتملك أم بحق الانتفاع، إلى جانب عدم فتح الباب لكافة الجنسيات من المستثمرين فى تملك الأراضى والعقارات، وأتوقع عدم قدرة الحكومة على تطبيق هذا القانون على أرض الواقع، فمنح تسهيلات كبيرة للمستثمرين يُحمل الدولة تكلفة عالية فى إيصال المرافق العامة للمشروعات الاستثمارية وتحمل المصروفات، بالإضافة إلى أن المناخ الحالي طارد للاستثمار، والحكومة لا تعرف معنى الاستثمار.


ماذا عن مواد القانون؟

أولًا: المادة 19 من مشروع القانون تمنح للمستثمر الحق في إنشاء وإقامة وتوسيع المشروع الاستثماري، وتمويله، وتملكه، وإدارته، واستخدامه، فتلك المادة من الممكن أن تتسبب فى إدخال جنسيات لها تأثير لتملك أراض بسيناء أو قناة السويس.


ثانيًا: المادة 53، تنص على أنه للمستثمر الحق في الحصول على العقارات اللازمة لمباشرة نشاطه أو التوسع فيه أيًا كانت جنسية الشركاء أو المساهمين أو محل إقامتهم أو نسبة مشاركتهم أو مساهمتهم في رأس المال، ولهذا الأمر لابد من التحذير من عبارة «أيًا كانت جنسية الشركاء أو المساهمين».


ثالثًا: المادة 20 مرفوضة؛ فهي تتيح للمشروعات الاستثمارية الخاضعة لأحكام هذا القانون أن تستورد بذاتها أو عن طريق الغير، ما تحتاج إليه في إنشائها أو التوسع فيها أو تشغيلها من المواد الخام ومستلزمات الإنتاج والآلات وقطع الغيار ووسائل النقل المناسبة لطبيعة نشاطها، دون حاجة لقيدها فى سجل المستوردين.


رابعًا: المادة 21 من مسودة القانون تهدد العمالة المصرية؛ لأنها تتيح للمشروع الاستثماري الحق في استخدام عُمال أجانب في حدود نسبة 10%، من إجمالي عدد العاملين بالمشروع، ويجوز زيادة هذه النسبة بما لا يزيد عن 20% من إجمالي عدد العاملين بالمشروع، وهذه النسبة قد تؤثر على العمالة المصرية بالإضافة إلى أن العمالة الأجنبية ستحصل على رواتبها بالعملة الصعبة.


خامسًا: المادة 54 تُلزم الجهات الإدارية صاحبة الولاية بموافاة الهيئة العامة للاستثمار بخرائط تفصيلية محددًا عليها كافة العقارات الخاضعة لولايتها والمتاحة للاستثمار خلال 90 يومًا من تاريخ العمل بهذا القانون، موضحا أنه كان من المفترض أن يكون هناك خريطة استثمارية قبل إصدار القانون.


سادسًا: بند 5 من نص المادة رقم 36 والذى ينص على أنه يجوز لرئيس الوزراء تخصيص أراض بالمجان لبعض الصناعات الإستراتيجية، يجب إيجاد تعريف دقيق لتلك الصناعات الاستراتيجية حتى لا يكون الأمر مباحا.


ماذا تقصد بمقولة الحكومة لا تعرف معنى الاستثمار؟

هناك مجالات لا تتم الاستفادة منها، مثل الاستثمار في مجالات الصحة والتعليم، هناك مدارس أجنبية تحصل على تسهيلات، ولا نستفيد منها، كان من المفترض أن نأخذ مقابل تلك التسهيلات، مزايا مثل تطوير بعض المدارس في الأماكن العشوائية، وتوفير احتياجاتها، الموضوع ذاته، في الصحة، كما أن وزارة النقل التي تخسر من 3 إلى 4 مليارات جنيه، قادرة وحدها على تسديد «ديون مصر».


كيف؟

عبر استثمار النقل، سبق وقدمت مشروعًا استثماريا متكاملا وهو مشروع خط سكة حديد لصحراء مصر، وهو ما تم تنفيذه من جانب الصين، كما أنه من الممكن أن نوصل مشروع سكة حديد لإثيوبيا، ونوفر لها طريقًا بريًا، بدلا من إنشائها سد النهضة.


ما أولويات اللجنة الاقتصادية في البرلمان خلال فترة الانعقاد الثانية؟

مناقشة قانون الصناديق الخاصة، وقانون الاستثمار، وضع خطة استراتيجية للمحاصيل الزراعية، بالإضافة إلى قانون حماية المستهلك، وقانون الاستثمار الذي سيأخذ وقتًا للمناقشة، نحن نحاول وضع استراتيجية واضحة للاقتصاد ككل، وبحث تقليل استيرادنا، فضلًا عن بحث موقف المصانع المتوقفة، وكيفية تطويرها.


ما موقف اللجنة من مقترح تحويل الدعم العيني إلى نقدي؟

لا أؤيد هذا المقترح في ظل الظروف الحالية، المقابل المادي للدعم لن يكفي احتياجات الأسرة، هناك أزمة كبيرة في التعليم والصحة والنقل والمواصلات، على سبيل المثال لو أعطيت رب الأسرة ألف جنيه، فبعد تحرير الصرف، ورفع الأسعار، أعتقد أن هذا المبلغ لن يكفي.


هناك توقعات بحدوث أزمة في الأرز كما حدث في السكر.. ما رأيك؟

أنا مستغرب من وزير التموين، محمد علي مصيلحي، بعد توليه الوزارة لم يتفاوض مع الفلاحين على الرغم من رغبتهم في إعطائها المحصول، ولجأ إلى استيراد الأرز، وقال إنه أوقف تصديره، ولكنه نسي أنه من الممكن تهريبه، ولكن المشكلة أن الحكومة تتخذ قرارات، ثم تتراجع عنها، كما أنها تتعامل مع الموردين، ولا تتعامل مع الفلاحين مباشرة، فيجب إعطاؤهم سعرًا يسمح لهم بتحقيق مكاسب، والدولة تمتلك بنك التنمية والائتمان الزراعي، لماذا تلجأ الحكومة للمحتكر، للأسف المواطن يدفع ثمن أخطاء الحكومة.


من وجهة نظرك.. هل هناك حل للخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية؟

الحل الوحيد للخروج من الأزمة هو إحداث طفرة كبيرة في السياحة، تحرك 2 أو 3 ملايين مواطن يعملون على توفير عملة صعبة بشكل كثيف، بالإضافة إلى جذب مزيد من الاستثمارات، كما أن الدين الداخلي لن يعالج إلا بزيادة الإنتاج، ولابد أن يتم تشغيل المصانع بشكل جيد، نحن نتحدث عن وضع صعب، والحكومة لا تملك تحديد وقت معين لحل الأزمة، ولابد من تقليل الوزارات، لترشيد النفقات ومن ثم سهولة السيطرة عليها، بالإضافة إلى وضع خطة لتطوير مبنى «الإذاعة والتلفزيون».