رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

مكاسبنا وخسائرنا مع ترامب

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

ماذا تريد الحكومة المصرية من دونالد ترامب الذى أدى اليمين الدستورية رئيسا جديدا رقم 45 للولايات المتحدة الجمعة؟

 

هى باختصار تريد علاقات طيبة جدا مع الإدارة الأمريكية، وإذا لم يتحقق ذلك فلتكن علاقات طبيعية عادية، وإذا لم يحدث لا هذا ولا ذاك، فإن الحكومة تتمنى أن «تتركها الإدارة والرئيس الأمريكى فى حالها».

 

سؤال آخر: هل أخطأت الحكومة المصرية فى الترحيب الذى يراه البعض مبالغا فيه بفوز ترامب فى الأسبوع الأول من نوفمبر الماضى؟

 

حتى لو كانت هناك مبالغة، فهناك عذر كبير لها، والسبب ببساطة أن الرئيس باراك أوباما ــ الذى صار يحمل لقب سابق ــ اتخذ موقفا متشددا من الرئيس عبدالفتاح السيسى والحكومة المصرية بصفة عامة 30 يونية. وحتى فى اللقاء الوحيد الذى جمعهما فى نهاية سبتمبر 2014 بنيويورك، فقد ذهب إليه أوباما على مضض، ومن يومها ــ انقطعت الكيمياء بينهما تماما ــ ولم يتبادلا حتى مكالمة تليفونية واحدة.

 

قد يكون أوباما أعظم رئيس أمريكى يؤمن بالديمقراطية، وحقوق الإنسان والدولة المدنية والمساواة، لكن علاقته مع الحكومة المصرية كانت شديدة العداء. وبالتالى فمن المنطقى أن تتنفس الحكومة المصرية الصعداء، حينما انتهت فترة أوباما أولا، وحينما تنهزم مرشحة الحزب الديمقراطى هيلارى كلينتون ثانيا، فهى ورغم أنها برجماتية للغاية ــ مقارنة مع أوباما ــ إلا أن أفكارها عن الحكومة المصرية لا تختلف كثيرا عن أفكاره وسائر أعضاء فريق مجلس الأمن القومى الأمريكى الذى اتخذ راهن على دور كبير لقوى الإسلام السياسى مع بدايات الربيع العربى.

 

سؤال ثالث: وهل ترامب سيكون مختلفا عن أوباما وهيلارى كلينتون فيما يتعلق بالإرهاب؟

 

الإجابة هى نعم وترامب تعهد فى خطاب تنصيبه باقتلاع جذور التطرف الإسلامى من على وجه الأرض. وعمليا فإن ترجمة هذا الأمر على أرض الواقع، قد تسرع من هزيمة داعش فى سوريا والعراق، لكن الأهم أنها ستوقف الدعم المعنوى الذى تمتعت به الكثير من قوى الإسلام السياسى فى المنطقة وفى القلب منها جماعة الإخوان.

 

بعض قادة الجماعة ترددوا على الإدارات الأمريكية، ومنها الكونجرس والخارجية ومراكز الأبحاث المختلفة، بل وأدوا الصلوات فى طرقات هذه الإدارت، ونشروا هذة الصور على صفحاتهم بوسائل التواصل الاجتماعى، ولسان حالهم كان يقول وقتها للحكومة المصرية «نحن قادرون على الوصول لكل الإدارات الأمريكية التى تناصبكم العداء».

 

أغلب الظن أن هذا الأمر لن يتكرر بنفس الطريقة مع فترة حكم ترامب، خصوصا بعد أن أعلن وزير الخارجية الجديد تيلرسون أمام الكونجرس قبل أسبوع أن الدور قادم على كل القوى المتطرفة مسميا الإخوان من بينهم.

 

المنطقى أن تشعر الحكومة المصرية ببعض الراحة والهدوء والتقاط الأنفاس وهى ترى أكبر دولة فى العالم تشاطرها الموقف والتقييم من المتطرفين وجماعة الإخوان التى يجاهر قسم منها ويباهى ويتفاخر بأعمال العنف والإرهاب.

 

لكن ورغم كل ما سبق فان على الحكومة وكل المصريين أن يقلقوا كثيرا، وهم يتأملون الجانب الآخر الاكثر إظلاما فى ترامب وفريقه.

 

ترامب يتبنى وجهة نظر عنصرية شوفينية متطرفة ضد للإسلام والمسلمين، وليس فقط ضد المتطرفين والإرهابيين.

 

هو أيضا ينوى نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وهو تطور فى غاية الخطورة، ويؤيد ضم إسرائيل للكتل الاستيطانية الكبرى فى الضفة الغربية، بل ويزايد على مصالح إسرائيل بصورة أكبر كثيرا من بعض الإسرائيليين أنفسهم!!.

 

هو يتبنى منطق الصفقات فى كل شىء، من تجارة العقارات إلى المصالح السياسية، وهو منطق قد يقود إلى كوارث لاحقة فى المنطقة والعالم.

 

إذا فيما يخص موقف الحكومة المصرية، فهى قد تستفيد مؤقتا من سياسات ترامب بشأن التطرف والارهاب، لكن قد نجد أنفسنا ندفع ثمنا باهظا كعرب ومسلمين فى الجانب الآخر.

 

مع ترامب والمتطرفين من كل الأديان والقوميات، فإن العالم بأكمله لم يعد مكانا آمنا للعيش.

نقلًا عن جريدة الشروق