رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

قصة حب عزيز عيد وفاطمة رشدي.. أشهر إسلامه ليتزوجها

فاطمة رشدي وعزيز
فاطمة رشدي وعزيز عيد


إلى الذى جعل منى شيئا عظيما، وكنت لا شىء، ورفعنى إلى القمة، إلى الذى جعل العالم يتحدث عنى كما يتحدث عن الأساطير، وجعل الخلق ألسنة حق، مشيدة بى، ومعجبة بفنى رافعة من شأنى. 

إلى أستاذى عزيز عيد، وكفى!.. بهذه الكلمات افتتحت سارة برنار الشرق، النجمة فاطمة رشدى مذكراتها التى نشرتها دار المعارف قبل 44 سنة.

القصة - قصة الحب بين الكهل (عزيز)، والصبية التى فى سن المراهقة (فاطمة)، أثارت فضولى، وقررت أن نحكيها فى السطور التالية، ليس فقط لأنه كهل وهى صبية صغيرة، ولكن لأنه مسيحى وهى مسلمة!!.

علاقة فاطمة رشدى بالمسرح بدأت مبكرة جدًا عندما كانت تذهب إلى مسرح أمين عطاالله فى الإسكندرية تستمع فيه إلى أختها التى كانت تغنى هناك كل ليلة، كانت وقتها طفلة وكانت تردد أغنيات أختها أو للدقة تغنيها معها وهى جالسة تتابع فى الصالة بين المتفرجين.

وعن ظهر قلب حفظت الطفلة فاطمة رشدى أغنيات مطربة القطرين فتحية أحمد التى كانت تغنيها فى فقرة تالية على مسرح عطاالله.

ولم تبق الطفلة طويلا فى مقاعد المتفرجين، وتسللت إلى الكواليس واتخذت لها مكانا لم تكن تغادره إلا فى آخر الليل، وفى كل ليلة كانت الطفلة فاطمة رشدى تدندن بأغنية (طلعت يا ماحلا نورها) التى كانت تغنيها فتحية أحمد من ألحان الرائع سيد درويش ويدها تنتقل بين يد أمها وأختها وهن عائدات إلى بيتهن المتواضع كل ليلة.

أول مرّة صعدت فيها فاطمة رشدى على المسرح وغنت أمام الجمهور كان فى ليلة من تلك الليالى، وقع خلاف بين المطربة فتحية أحمد وأمين عطاالله (صاحب المسرح)، عندما أصرت فتحية أحمد على أن تتقاضى أجرها كاملًا قبل أن تصعد إلى المسرح وتمسك أمين عطاالله ألا تحصل فتحية أحمد على الأجر إلا فى آخر الليل وصعدت فاطمة رشدى (الطفلة) لتغنى بدلا من فتحية أحمد (طلعت يا ماحلا نورها). التقطها أمين عطا الله من الكواليس، وكان قد سمعها مرات تدندن الأغنية مع فتحية أحمد وعرض عليها الصعود إلى المسرح بدلا منها.


الأجر الذى عرضه أمين عطاالله على الطفلة فاطمة رشدى كان قطعة شيكولاته فاخرة ولكنها ساومته وطلبت قطعتين فوعدها بأن يجمع لها كل قطع الشيكولاته ولن يتأخر.. وغنت ونجحت نجاحًا مبهرا.


المفاجأة كان سيد درويش فى الصالة بين الجمهور ولم يغادر مسرح أمين عطاالله إلا بعد أن اتفق مع أمها على حضورهن إلى القاهرة لتعمل فاطمة رشدى فى فرقته (التى عزم تكوينها)، ودفع سيد درويش إلى أم فاطمة رشدى ليلتها (10) جنيهات!.


فى القاهرة تغير مسار فاطمة رشدى بعدما فشل سيد درويش فى تكوين فرقته وتبدد حلمها فى أن تكون مطربة - وكاد الحلم بالمجد الفنى كله يضيع عندما رفض نجيب الريحانى وساطة من سيد درويش لإلحاق فاطمة رشدى فى فرقة الريحانى، تبقت فرصة أنعم عليهم بها نجيب الريحانى فى فرقة فى بورسعيد اتضح لفاطمة وأمها عندما وصلتا بورسعيد إنها فرقة سيرك وليست فرقة مسرحية ولأنهما كانتا قد تقاضيتا العربون من يد الريحانى قبل سفرهما إلى بورسعيد غنت فاطمة رشدى والجمهور فى السيرك واقف حولها فى شكل حلقة. غنت وهى تدور دورة كاملة حتى تواجه الجمهور فى كل ناحية فى الحلقة لكن دورانها لم يرض الجمهور وضج بالضحك الجميع ساخرين من هذه الطفلة التى تدور فى الحلقة، كالنحلة وسقطت فاطمة رشدى على الأرض شبه مغمى عليها وفى لمح البصر جاء مصارع السيرك ورفعها وأسرع بها (هى فى يمينه وأختها فى يساره) ورمى بهما على قارعة الطريق. 


عادت الأسرة إلى القاهرة بآخر قروش تبقت مع الأم من العربون، عادوا إلى القاهرة التي عرفوا فيها الطريق إلى مسارح روض الفرج، وكان فى روض الفرج وقتها دور مسرحية كثيرة وانتهى بهم المطاف فى مسرح البسفور، وعلى مقهى راديوم فى شارع عماد الدين (وكان يرتاده أهل الفن والأدب) بدأت فاطمة رشدى مشوارا جديدًا...


(شيكولاتة بطة أهم من الأدب) بهذه الجملة كان الأديب الكبير محمود تيمور يقطع حواراته مع رفاقه من نجوم الأدب على مقهى راديوم فى شارع عماد الدين كلما حضرت الطفلة فاطمة إلى المقهى، وعلى المقهى عرفها الأديب محمود تيمور على عزيز عيد، بعد أن باغتته بإعلان رغبتها فى تأليف رواية، وعرف أنها (فاطمة رشدى) لا تعرف القراءة ولا الكتابة!


ولم تكتب (بطاطا) أو (فاطمة رشدى) رواية كما تمنت ولكنها عملت ممثلة عند عزيز عيد، منحها دورا فى مسرحية له بعنوان (القرية الحمراء) دور (عين أبوها)!


فكرة فى إنتاج المسرحية طرأت فجأة على رأس عزيز عيد بعدما حصل على (خمسة جنيهات) رأى أنها كافية لإنتاج عمل مسرحى


كانت المسرحية عن استغلال العمد فى القرى لمراكزهم فى تحقيق مصالحهم الخاصة.


على المسرح (وكان مسرح بزنتانيا) لعبت (فاطمة) دور فتاة قروية ولعب عزيز عيد دور(رجل يغتصبها).


رأت الصغيرة فى ملامح وجهه تعبير المغتصب ولثوان تصورت أن الأمر حقيقة فصرخت مستنجدة بأمها.. غادرت المسرح صارخة:
الحقينى ياأمى. الحقينى ياأمى!!

وأسدل الستار ووقف العرض لكن لقاءات فاطمة رشدى بعزيز عيد على مقهى راديوم لم تتوقف على العكس قويت علاقتهما إلى درجة جعلت عزيز عيد يحكى لـ(بطة) قصة حياته من الألف إلى الياء.

فى هذه الأوقات كان يوسف وهبى فى إيطاليا وقد ورث عن أبيه (عبد الله باشا) ثروة جعلته يفكر فى العمل بالسينما (فى إيطاليا) وسافر إليه عزيز عيد ومختار عثمان ليقنعاه بعمل فرقة مسرحية فى مصر، كانت هذه الفرقة هى فرقة رمسيس، أول فرقة مسرحية عملت فيها فاطمة رشدى.. (10) مارس عام 1923 كان موعد رفع الستار عن أول عروض فرقة رمسيس، وبالطبع كان نصيب (بطة) أدوار صغيرة من سطر أو سطرين، هى أدوار من فى سنها.


غرام فاطمة رشدى فى ذلك السن (سن المرهقة) بالممثلة السينمائية الأمريكية (بيرل وايت) سيطر عليها وساعدها على ذلك الممثلان أحمد علام ومختار عثمان.


تقول فاطمة رشدى فى مذكراتها عند وصف ما كان يجرى بين الثلاثة (هى ومختار وعلام) فى شارع عماد الدين: أتخذنا أنا وأحمد علام ومختار عثمان من شارع عماد الدين مسرحاً لمطاردة بريئة كنت أقلد فيها الممثلة الأمريكية، وكان كل منا (أنا ومختار وعلام) يتخذ من (المترو) ساترا يحميه من مطاردة الأخر وبعد أن استأجرت حصانا رايح جاية به فى شارع عماد الدين بقت عين الناس علينا.


أو للدقة (عين الناس بشارع عماد الدين بقت على أنوثة فاطمة رشدى المبكرة ومرحها المفرح)!

ووقع فى غرامها اثنان من شبان الأسر الكبيرة.


واحد حاول اختطافها بمسدس واثنين بلطجية وأنقذها منه استيفان روستى وعزيز عيد والثانى عرض على أمها مؤخر صداق (4) آلاف جنيه ورحلة إلى سويسرا تتعلم فيها لغات وعلوم ونجح عزيز عيد فى إنقاذ فاطمة رشدى من هذا (الثانى) الذى كما تقول فاطمة وقع فى غرام فتاة فرنسية وانتهت حياته برصاصة من مسدسها!!


المهم هنا من الموقفين دول عرفت فاطمة رشدى أن عزيز عيد واقع فى غرامها رغم فارق السن بينهما، بالفعل أفصح عزيز عيد عن حبه، وزيادة فى إظهار الاهتمام بـ(بطة) أحضر عزيز عيد اثنين مدرسين لتعليم فاطمة رشدى اللغة العربية والقرآن (فهمت فاطمة أن عزيز عاوزها تبقى فى مستوى ثقافى يناسب مكانته ومكانتها كتلميذة له) وكان يبقى يوميا ساعتين يعلم فاطمة الإلقاء والتمثيل، ولم يكن يفوت فرصة حضور فرقة أجنبية لمصر حتى يحضرا عرضها هو وفاطمة، وجمع لها الروايات التى تحكى تاريخ الإسلام والعرب التى من تأليف جورجى زيدان (صاحب دار الهلال).


وبنفس بطء الحياة فى ذلك الزمن كانت حوادث قصة حب فاطمة وعزيز عيد التى انتهت بزواجهما.


صعب على فاطمة رشدى الحياة التى يحياها عزيز، عملت فرخة ومعها حلة ملوخية ولبست ملاية لف (استلفتها من جارة) وراحت على المسرح ، كان عزيز عيد بيعمل بروفة، وفى عز الانسجام وبطة بتأكل عزيز عيد بأيديها طبت أمها، ووقع شجار اتهمت فيه الأم عزيز عيد (العجوز) باللعب بعقل ابنتها، وقالت عن كتب (فى الأدب العالمى) كان قد أحضرها لها أنها أعمال سحر موقعاها فى غرامه.


ومضى عامان على هذا الحدث وحدث أن مرضت فاطمة رشدى وزارها كل الزملاء إلا عزيز عيد امتنع عن زيارتها.


وفى مواجهة بين عزيز عيد وأحمد علام اقترح علام على عزيز طلب يد فاطمة رشدى... وبالفعل تم الزواج بعد أن أشهر عزيز عيد إسلامه.