رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

حكاية مثيرة عن حسناء استضافـت الملك فاروق في «مقهى شعبي»

الملك فاروق يدخن
الملك فاروق يدخن الشيشة


تعد مقهى «فاروق» في منطقة بحري بالإسكندرية، أشهر وأقدم المقاهي التى يقدر عمرها بـ85 عامًا، حيث تم تأسيسها عام 1928.


في ليلة من ليالي صيف عام 1938، كان الموكب المهيب لملك مصر، في هذا الوقت، فاروق الأول، يتحرك بسرعة شديدة على طريق الكورنيش متجهًا نحو قصر رأس التين، غرب الإسكندرية، حيث يوجد أحد القصور الملكية التي كان يقيم بها الملك أثناء زيارته إلى مدينته المفضلة عروس المتوسط.


ولكن، وقبل دقائق من بلوغ الموكب القصر، فوجئ الحراس ورجال الأمن، على دراجاتهم النارية التي كانت تتقدم الموكب، بحسناء ذات ملامح أجنبية لا تخطئها العين، تقطع الطريق، ووقفت بثبات وسط الشارع وسط ذهول أهالي منطقة بحري، أقدم وأعرق المناطق الشعبية في الإسكندرية، الذين كانوا مصطفين على جانبي الشارع لتحية الملك الذي كان يخرج ذراعه من نافذة السيارة ليرد لهم التحية.


وازداد الذهول من المنظر، عندما توقف الموكب وترجل من السيارات المصاحبة للموكب عدد من رجال الأمن والشرطة لاستطلاع الأمر، وإبعاد السيدة الحسناء ذات الشعر الأشقر والعينين الزرقاوين، التي باغتتهم بالجري نحو سيارة الملك ونادته بلكنة عربية غير واضحة: «يا جلالة ملك مصر».


هنا أشار الملك لحراسه بأن يتركوا السيدة - واسمها ماري بيانوتي - لتتحدث إليه، وفعلا تقدمت نحوه وأدت له التحية الملكية بانحناءة الاحترام المعروفة، وطلبت منه شيئا لا يمكن أن يتوقعه ملك في العالم.


بكل بساطة، عرضت على الملك فاروق أن يترجّل من سيارته ويوقف موكبه لتستضيفه في المقهى الذي تملكه، الذي كان يسمى حتى ذلك اليوم مقهى «كاليميرا»، أو «صباح الخير» باللغة اليونانية.


ولم ينته المشهد عند هذا الحد، بل فاجأ الملك فاروق الجميع باستجابته لطلب ماري. وأمام الجميع أشار الملك لأفراد الحاشية المصاحبة بأن ينزلوا من سياراتهم ليجلس الملك داخل المقهى، حيث تجمع الآلاف خارجه ليشاهدوا ملكهم وهو يجلس في مقهى شعبي طلب الملك النرجيلة أو الشيشة كما طلب كوبا من الشاي المصري.


هذه القصة توارثتها الأجيال جيلا بعد جيل.. ولا يوجد شخص في منطقة بحري لا يعرفها. فالآباء يحكونها لأبنائهم، وهكذا على مر الأجيال». والطريف أنه جرى تغيير اسم المقهى منذ ذلك اليوم إلى «مقهى فاروق»، ابتهاجا واعتزازا بزيارة الملك التاريخية.


أعطى الملك للسيدة ماري عطية ملكية لم يعرف أحد مقدارها، لكنها منذ اليوم التالي للزيارة أقدمت على تغيير الديكورات الخاصة بالمقهى، بالإضافة إلى الاسم بالطبع. وأوصت بتصنيع رسوم نحاسية خالصة يدوية للتاج الملكي عند صناع مهرة في حي خان الخليلي بالقاهرة، الذي يشتهر بتصنيع الأدوات التي كانت تستخدم في عصور تاريخية قديمة. وتكلفت التيجان في ذلك الوقت مبالغ كبيرة جدا بمقاييس ذلك الوقت.. وجرى تثبيت هذه التيجان على الأبواب لتصبح شعار المقهى المميز».


اليوم تجد على جدران المقهى الداخلية العديد من الصور للملك فاروق الأول، بينها صورة يبدو فيها وهو يدخن النرجيلة (الشيشة).. وأخرى وهو على صهوة فرسه أثناء مزاولته رياضة الفروسية. وأيضا تنتشر على جدران المقهى صور لأحياء الإسكندرية القديمة تبرز كيف كان شكلها وتخطيطها.


وقد اشتراه الحاج السيد همام من السيدة اليونانية في مطلع الستينيات.