رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

عيش نملة.. ومفيش سكر !

محمد أبو زيد
محمد أبو زيد

الباشا: النملة علشان تعيش في سلام وأمان ومحدش يفعصها بجزمته.. تعمل إيه يا جودة؟

جودة: تمشي جنب الحيط يا باشا.

 

الباشا يضرب بيده على المكتب وينظر لجوده نظرة ازدراء قائلا: غلط غلط لإنها لو مشيت جنب الحيط، ممكن تنداس بالجزم.

 

يعيد الباشا السؤال مرة أخرى على جودة: النملة لو عاوزة تعيش في سلام وأمان تعمل إيه يا جوده؟

 

يدرك جوده في قرارة نفسه ماهية الإجابة التي تطرب آذان الباشا فيرد قائلا: تخرم خرم جوه الحيط وتعيش فيه.

 

يصفق له الباشا ويكمل سخريته: برافو يا جودة.. وعلى رأي المثل (عيش نملة تاكل سكر).

 

يصدق جوده كلام الباشا ويقرر أن يعيش نملة، وحينما انقطعت المياه ولم يجد كوب ماء يغسل به وجهه، قرر أن يحتج ويهتف ضد الحكومة بسبب انقطاع المياه، ولكنه تذكر الاتفاق الذي تم بينه وبين الباشا (بتاع أمن الدولة)، وخاف أن يهتف ضد الحكومة والنظام، وابتكر هتافا جديدا (احنا النمل فين السكر).

 

السطور السابقة تلخيص لمشهدين في فيلم (صرخة نملة) الذي قام ببطولته الموهوب عمرو عبد الجليل، والفيلم تم عرضه بعد ثورة يناير مباشرة، وقيل أنه تم تجهيزه قبل الثورة ولكنه لم يكن لير النور إلا في ظل مساحة الحرية التي أوجدتها الثورة.

 

والمشهدان السابقان لا يلخصان الفيلم فقط ولكنهما يلخصان حال مصر بطبقتيها المتوسطة والفقيرة تحت حكم السيسي، فلسان حال الطبقتين يقول (نحن النمل، مشينا أسرابا وجماعات داخل الحيط، حتى لا (يفعصنا السيسي) وجنوده، وهم يعلمون وهم يدركون أننا تحت أقدامهم، ولكنهم لا يسمعون أنينا وأوجاعنا مثلما سمع سليمان حديث جدتنا الكبرى، نحن النمل سمعناكم تقولون منذ 3 سنوات أن مصر (أم الدنيا وستبقى قد الدنيا)، وصدقناكم وآزرناكم وصفقنا لكم وبعضنا رقص من الفرحة والبعض الآخر رقص أمام اللجان، وشاهدناكم تأمرون بحفر قناة سويس جديدة خلال عام، وشاهدنا الإعلام يصفق ويزغرط لهذا الحدث العظيم المبهر، ورقص عمرو أديب في الاستوديو، وهلل وكبر ورقص آخرون يوم افتتاحكم للقناة التي تم إنجازها في سنة واحدة كما أمرتم، فعدنا للرقص والزغرطة وغنينا مع حسين الجسمي أغنيته الشهيرة بشرة خير، التي كانت سببا في احتراف حشود غفيرة من النمل للرقص الشرقي.

 

شاهدناكم أيضا بعيوننا الصغيرة وأجسامنا الضئيلة وفتحات التهوية بالحائط الذي طلبتم منا أن نعيش فيه تقيمون مؤتمرا اقتصاديا عالميا في شرم الشيخ، ووعدتمونا أننا سنصبح أهم من هونج كونج، وأغنى من سنغافورة، وأن مصر ستصبح قبلة الاستثمار العالمي، وأن المصريين سيأكلون الشهد مش السكر بس، ففرحنا وصدقنا وانتظرنا. منذ ثلاث سنوات ويزيد طلبتم تفويضا لمحاربة الإرهاب، فخرجت حشود النمل من مساكنها وأعطتكم تفويضا، صحيح أن هناك نملا آخر اعترض ورفض ووصف هذا التفويض بأنه تفويض بالقتل على الهوية، ولكنه كان نمل آبق خارج عن الإجماع الوطني لأسراب النمل، بينما نحن فوضناكم وفوضنا أمرنا لله، قلتم لنا أن السعودية وحكماها سكر وعسل فصدقناكم.

 

وحتى لو لم نصدقكم، كل ما يهمنا أن تفوا بوعودكم وأن تأتوا لنا بالسكر، فالعقد الاجتماعي بيننا أن نعيش نحن نمل داخل الحيط في مقابل أن تأتوا لنا بالسكر، تنازلتم ودافعتم عن سعودة تيران وصنافير، فـ (زمزقنا شوية وزعلنا وغضبنا شوية ولكننا عدنا إلى الحيط في انتظار السكر).

 

استيقظنا على كابوس تفجير الطائرة الروسية وتفجير السياحة معه، وقبله تفجير مبنى مديرية أمن القاهرة ومديرية أمن الدقهلية، ومبنى المخابرات الحربية بالإسماعيلية واغتيال النائب العام واغتيال العميد عادل رجائي وكرم القواديس والفرافرة والهجوم على مقر الكتيبة 101 وعشرات من الهجمات والعمليات الإرهابية المماثلة. والنعوش اليومية في سيناء وتفجير الكنيسة البطرسية وتفجير كمين الهرم، ماذا فعلتم بالتفويض؟

 

خرجنا من داخل الحيط (نشم شوية هواء) فوجدنا قناة السويس (اللي اتقطم وسطنا من الرقص ليها) عبارة عن تفريعة لا لزوم لها تم حفرها من أجل سفن لا وجود لها، وأنفقت عليها مليارات لا حدود لها فماذا فعلتم بمدخراتنا، وماذا فعلت تفريعتكم لنا؟ ، وانتظرنا نتائج المؤتمر الاقتصادي فلم نجد غير الفنكوش، بحثنا عن أم الدنيا (اللي هتبقي قد الدنيا) فوجدنا الدولار بـ 20 جنيه، مع أن محافظكم للبنك المركزي وعدنا أنه سيجعل الدولار بـ 4 جنيه، فأين هي شعوذاتكم؟

وجدت كيلو العدس تجاوز الـ 30 جنيه، والبنزين 92 بـ 3 جنيه ونصف وعلبة التونة بـ 15 جنيه.

 

عشنا نملا كما طلبتم، فلم نجد السكر كما وعدتم، ولم نجن سوى العلقم.

 

ونحن نسينا شكل السكر وفي انتظار مزيد من العلقم طالما أنكم مطمئنون أن (النمل مبيطلعلوش أسنان).

نقلًا عن موقع مصر العربية