رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

أحمد عز العرب الرئيس الشرفي لحزب الوفد يكتب: لماذا لا يريدنا العرب فى سوريا (10)؟

أحمد عز العرب الرئيس
أحمد عز العرب الرئيس الشرفي لحزب الوفد

عرضنا في الحلقة السابقة ما كشفه روبرت كيندي الابن من أن حقيقة الصراع في سوريا هى صراع بين وحشين روسي وأمريكي، ومع كل منهما اتباعه حول مد خطي أنابيب لنقل النفط والطاقة، أحدهما لحساب روسيا، والآخر لحساب أمريكا، ولذلك يرفض السوريون المعتدلون الاشتراك في هذه الحرب ويهربون من بلدهم بسببها، فليس هناك من يريد الموت من أجل خط أنابيب، وفي هذه الحلقة العاشرة يتساءل كيندي ما هو الحل؟

ويستطرد كيندي قائلًا: إذا كان هدفنا هو السلام في الشرق الأوسط، وحكم الشعوب العربية لبلادها، والأمن داخل أمريكا، فعلينا أن ننظر لأي تدخل جديد في المنطقة بعين على التاريخ ودروسه، وعندما يفهم الأمريكيون المحتوى التاريخي والسياسي لهذا الصراع فسنتمعن في فهم قرارات حكامنا، وبنفس التصور واللغة التي ساندت حربنا ضد صدام حسين عام 2003، فإن قادتنا أوهموا الأمريكيين أن تدخلنا في سوريا هو عمل مثالي وحرب ضد الطغيان والإرهاب والتعصب الديني، فنحن نميل لاستبعاد آراء هؤلاء العرب من أن ما يحدث هو نفس المؤامرة بشأن خطوط أنابيب الطاقة، ونعتبر ذلك تخريفًا، ولكن إذا أردنا سياسة خارجية فعالة فعلينا الاعتراف أن الحرب في سوريا هى حرب من أجل السيطرة على الموارد لا تختلف عن الحروب الخفية غير المعلنة حول النفط التي ظللنا نحاربها في الشرق الأوسط لمدة 65 سنة، وفقط عندما نعترف أن هذا النزاع هو حرب بالوكالة بشأن خطوط الأنابيب، فإن الأحداث تصبح مفهومة.


فهى الوضع الوحيد الذي يفسر لماذا يصر الجمهوريون في الكونجرس وإدارة أوباما على تغيير نظام الحكم في سوريا بدل الاستقرار الإقليمي، ولماذا لا تجد إدارة أوباما سوريين معتدلين يريدون الاشتراك في هذه الحرب، ولماذا نسفت داعش طائرة روسية مدنية، ولماذا أعدمت السعودية زعيمًا شيعيًا قويًا، ويحرق الشيعة السفارة السعودية في طهران ردًا على ذلك، ولماذا يقذف الطيران الروسي محاربين من غير اتباع داعش، ولماذا خرجت تركيا عن طريقها، وأسقطت طائرة حربية روسية، وإن ملايين اللاجئين السوريين الذين يفرون إلى أوروبا هم لاجئون حرب خطوط الأنابيب وفضائح المخابرات الأمريكية، ويقارن كليمنت عصابة داعش مع منظمة FARC، وهى عصابة مخدرات ضخمة في كولومبيا ذات إيديولوجية ثورية لحشد حماس أفرادها، ويضيف: "علينا أن نفكر في داعش كعصابة نفط، ففي النهاية فإن المال هو الذي يتحكم في النشاط، والإيديولوجية الدينية هى أداة توحي لجنود العصابة بأن يضحوا بأرواحهم في سبيل عصابة بترولية".


وعندما ننزع قناع المثالية والإنسانية ونعترف بأن النزاع السوري هو حرب من أجل البترول، فإن استراتيجية سياستنا الخارجية تصبح واضحة تمامًا، ومثل السوريين الذين يفرون إلى أوروبا فليس هناك أمريكي يريد أن يرسل أبناءه ليموتوا من أجل خط أنابيب، وبدلًا من ذلك فإن أولويتنا الأولى هى الأولوية التي لا يذكرها أحد، علينا أن نطرد رجال الجشع النفطي، وهو هدف ممكن التحقيق حاليًا، حيث إن أمريكا يزداد حاليًا استقلالها في مجال الطاقة، والخطوة التالية علينا أن نخفض تخفيضًا كبيرًا من تواجدنا العسكري في الشرق الأوسط، ونترك العرب يديرون بلاد العرب، وبخلاف المساعدة الإنسانية، وضمان أمن حدود إسرائيل، فليس لأمريكا دور مشروع في هذا الصراع، وبينما تثبت الحقائق أننا لعبنا دورا في خلق هذه المشكلة، فإن التاريخ يؤكد أننا لا نملك قوة كبيرة لحلها.

وبينما نتأمل التاريخ فإن أنفاسنا تلهث عندما نرى التطابق المدهش الذي يتوالى في كل مرة نتدخل في الشرق الأوسط بعنف منذ الحرب العالمية الثانية، فالنتيجة دائمًا هى الفشل الذريع، والثمن العالي الذي ندفعه.


وقد نشر تقرير لوزارة الدفاع الأمريكية عام 1997 جاء به "إن الحقائق تظهر علاقة قوية بين تدخل أمريكا في الخارج وبين زيادة الأعمال الإرهابية الموجهة ضد الأهداف الأمريكية، علينا أن نواجه الحقائق، فما نسميه حربًا ضد الإرهاب هو حقيقته حرب أخرى من أجل النفط.


ونقف عند هذه الفقرة لنعرض في الحلقة التالية والأخيرة باقي ما أوضحه كيندي من تكاليف هذه الحروب البترولية من أموال وأرواح في سبيل جشع عصابة يمينية من المجمع العسكري الصناعي في أمريكا وجنونها في الرغبة في السيطرة على العالم وموارده وعلى رأسها النفط.