رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

تفاصيل المكالمة السرية بين مستشار السيسي وأيمن نور قبل مظاهرات «11-11»

السيسي وأيمن نور
السيسي وأيمن نور - أرشيفية

مع تصاعد الدعوة لمظاهرات 11 نوفمبر، وتأزم علاقات السيسي مع السعودية، وغموض المستقبل الاقتصادي للبلاد،  بدأ السيسي في محاولة احتواء تلك المظاهرات، و كلف مستشاره للأمن ومكافحة الإرهاب، اللواء أحمد جمال الدين بإدارة ملف مواجهة احتجاجات 11 نوفمبر، ووضع كل التدابير التي تحبط تلك الدعوة ليخرج بعدها أقوى مما كان.



بدأ «جمال الدين»، العمل بكل قوة في هذا الملف، الذي أسنده له السيسي بشكل شبه كامل؛ ليثبت كفاءته وقدرته في أن يكون محل ثقة الرئيس، وشرع في دراسة الأمر من جميع جوانبه، وبدأ عمله برصد أوضاع البلاد والأسباب المتوقعة التي من الممكن أن تطلق شرارة تلك الدعوة، وأصدر تقريرا صادما للرئيس كـ«تقدير موقف» للوضع الحالي.



وكشف ذلك التقرير عن وجود تراجع حاد في شعبية الرئيس، وانخفاضها بنسبة 50%، وحذره من «ثورة جياع» إذا استمرت الأوضاع الاقتصادية كما هي.



وحمل التقرير عددا من التوصيات كان أبرزها، إرجاء أو إلغاء ــ إن أمكن ــ أي زيادات مرتقبة في الأسعار، فضلًا عن إجراء تعديل حكومي في أقرب فرصة، وأن يستمر الرئيس في التحدث عبر وسائل الإعلام لشرح الحقائق للمواطنين، ووقف أي زيادات في أسعار الوقود حتى مرور 11 نوفمبر.



وسعى «جمال الدين» في كل الاتجاهات لإحباط أي تحرك في 11 نوفمبر، وكان الهاجس الرئيسي له هو تبني الإخوان للدعوة سرا دون الإعلان عن ذلك، والمشاركة فيها وحشد أنصارهم بشكل كبير، مما يهدد بتدهور الأمور في هذا اليوم، وتشجيع مواطنين آخرين على الخروج للشارع، خاصة أن الدعوة لا تحمل مطالب سياسية، ولكنها تعبر عن معاناة قطاعات كبيرة من المصريين من الغلاء ونقص السلع الأساسية.



قرر مستشار الرئيس للأمن، التواصل مع الإخوان لجس نبضهم، ومعرفة موقفهم من تلك الدعوة، ولكنه لم يستطع التواصل مباشرة معهم نظرا لسوء العلاقة معهم، بعد  إقالته من حكومة هشام قنديل التي كان يشغل فيها منصب وزير الداخلية، واتهام الإخوان له بالخيانة لـ«مرسي» ومحاولة إسقاطه بداية 2013.



سعى أحمد جمال الدين للبحث عن وسيط  للتواصل مع الجماعة يكون على علاقة جيدة معها، وكان هذا الوسيط هو أيمن نور.


تواصل جمال الدين مع «نور» هاتفيًا، ورحب نور باتصاله، واستطاع مستشار السيسي لشئون الأمن ومكافحة الإرهاب، إقناع أيمن نور بالوساطة بينه وبين جماعة الإخوان.



وقدم خلاله مكالمته عرضا للإخوان بعدم دعم تحركات 11 نوفمبر وإفشالها عن طريق الإعلان رسميا عن المشاركة، حتى يمتنع باقي المصريين عن المشاركة، ويعرفون أنها دعوة إخوانية، وفي ذات الوقت عدم  السماح لأفراد الجماعة بالتظاهر في ذلك اليوم، ليكون مثل يوم ذكرى رابعة الماضي.



يذكر أنه منذ عام تقريبًا، بدأ أيمن نور، السياسي المعروف وزعيم حزب غد الثورة، تبني خيار مواجهة نظام الرئيس السيسي والمطالبة برحيله عن الحكم، وقرر مغادرة لبنان الذي كان يقيم فيه للاستشفاء والتفكير في مستقبله السياسي، وانتقل إلى تركيا، وأصبح مالكا لقناة الشرق التي تدعو لمواجهة النظام وإسقاطه.



وخلال هذا العام، توثقت علاقة "نور" بقيادات جماعة الإخوان، وأصبح ضيفا دائما على ندواتهم ولقاءاتهم، وأصبح صاحب نفوذ قوي وعلاقات وثيقة بقيادات الجماعة المقيمة في تركيا، وعلى رأسهم محمود حسين، الأمين العام للجماعة، ومدحت الحداد، رئيس مكتب الإخوان في تركيا.



خلال هذه الفترة، برزت دعوات للمصالحة بين الإخوان والنظام، كان سعد الدين إبراهيم، مدير مركز ابن خلدون أحد وسطائها، حيث سافر إلى تركيا، والتقى محمود حسين، وكان ذلك بوساطة من أيمن نور، ومن وقتها دخل "نور" فعليا في ترتيبات تسوية الأزمة بين الإخوان والسيسي، ووضع نفسه في دور الوسيط وحمامة السلام بين الطرفين، وحجز لنفسه دورا في أي تسوية مستقبلية، حتى أن سعد الدين إبراهيم طرح اسمه لتولي حكومة وحدة وطنية وإدارة مرحلة انتقالية، بعد فترة السيسي الرئاسية الأولى.



حاول "نور" لعب دور الوسيط بين الإخوان والقوى الثورية في مرحلة معينة للتوحيد بينهم لمواجهة السيسي، ولكن محاولاته باءت بالفشل، وأصبح مكانه ودوره الفاعل هو الوساطة بين النظام والإخوان في محاولات احتواء الجماعة التي استمرت على مدار العام الماضي، والتي ربما تتجدد بشكل عملي خلال الفترة القادمة.



في المقابل يقوم النظام بوقف الملاحقات الأمنية للإخوان المطلوبين في مصر، والسماح لبعض القيادات المتوسطة والصغرى في الخارج بالعودة لمصر، والإفراج عن عدد من المعتقلين، وطلب من أيمن نور التفاوض مع الإخوان، وطرح هذه الرؤية عليهم.



بعدها التقى أيمن نور بمحمود حسين الأمين العام لجماعة الإخوان، الذي قرر التباحث مع قيادات الجماعة للوصول إلى الاختيار الأفضل.



ورجح مقربون من أيمن نور أن تقبل الجماعة بتلك المبادرة وتسعى لتحسين ظروف المعتقلين وحلحلة الأمور في مقابل عدم المشاركة في المظاهرات والعمل على إحباطها.



وأكدوا أن مجموعة القيادات التاريخية بـ«الجماعة» تريد إفشال المظاهرات في 11 نوفمبر، حتى يدفعوا أنصار الجماعة للقبول بالمصالحة مع النظام في وقت لاحق، لأن الحراك في الشارع لم يعد ممكنا.