رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

4 أزمات تكشف ركوع حكومة شريف إسماعيل أمام الغرب

شريف إسماعيل - أرشيفية
شريف إسماعيل - أرشيفية

رغم تأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال الندوة التثقيفية للقوات المسلحة مؤخرًا أن مصر «لن تركع إلا لله فقط، وأن الدولة لا تأخذ قراراتها من الخارج»، إلا أن الواقع يشير إلى وجود بعض الأزمات التي كشفت عن خضوع حكومة المهندس شريف إسماعيل للغرب، وأن القرار الداخلي ليس خالصًا مائة في المائة؛ فعلى مدار الأشهر الماضية شهدت الدولة عددًا من الأزمات التي تؤكد أن الدولة وافقت على شروط ومطالب دول أجنبية، وعلى رأس تلك الوقائع، أزمة الطائرة الروسية التي سقطت في شرم الشيخ، وأزمة مقتل الشاب الإيطالى «ريجينى»، مرورًا بأزمة سد النهضة، وأخيرًا شروط صندوق النقد الدولي للموافقة على منح مصر قرضًا بقيمة 12 مليار دولار.




«النبأ» تستعرض في التقرير التالي، كيف خضعت الحكومة لشروط الدول الأجنبية.



قرض النقد الدولى

حرصت الحكومة منذ الإعلان عن المشاورات مع صندوق النقد الدولى حول قرض الـ12 مليار دولار على تأكيد عدم وجود شروط مفروضة من قبل البنك على مصر، وأصرت على كلامها فور الإعلان في الحادي عشر من أغسطس الماضي عن التوصل بشكل نهائي بحصول مصر على قرض بقيمة 12 مليار دولار على ثلاث سنوات.



في جميع المؤتمرات الصحفية، خرج وزير المالية ووزير التعاون الدولى، ليعلنا أمام الشعب حصول مصر على القرض بدون شروط، وأن الحكومة لن تتخذ إجراءات اقتصادية استثنائية؛ للحصول على القرض، وبمرور الأيام، ثبت أن صندوق البنك الدولي وضع 6 شروط لحصول مصر على القرض، وما قيل من جانب الحكومة مجرد أكاذيب، فقد طلب الصندوق تنفيذ حزمة من الإجراءات الاقتصادية، منها: تعويم الجنيه مقابل الدولار، وهو ما ظهرت بوادره خلال الفترة الماضية من حديث محافظ البنك المركزي، طارق عامر، والذي ألمح في أكثر من تصريح صحفي إلى ضرورة حدوث مرونة في سوق الصرف، والاتجاه نحو خفض قيمة الجنيه مقابل الدولار؛ لتضييق الفجوة بين سعره في السوق الرسمي والسوق السوداء.



والشرط الثانية يتمثل في طلب الصندوق الخاص بخفض الدعم مع العمل على إلغاء دعم الطاقة بشكل تدريجي، وهو ما سبق أن طالب به الصندوق في أول مفاوضات أجرته معه قبل نحو 4 سنوات، وتعمل الحكوم المصرية على ذلك من خلال رفع الدعم بشكل تدريجي، وهو ما يزيد أعباء الأسر المصرية بعد ارتفاع قيمة فواتير المياه والكهرباء وجميع المحروقات.



أما الشرط الثالث، فيتمثل في ضرورة العمل على خفض عجز الموازنة بشكل تدريجي حتى تصل إلى المعدلات الآمنة، وهو ما سيتطلب العديد من الإجراءات الصعبة التي تؤدي في النهاية إلى خفض الإنفاق العام وتقليص حصة العدالة الاجتماعية في الموازنة العامة للدولة وخفض إجمالي ما ينفق على الدعم.



وسبق أن أبدى صندوق النقد تحذيراً من ارتفاع حجم الدين المحلى إلى ما يمثل 90% من الناتج الإجمالى، موضحا أن الحدود الآمنة عالميا تدور حول 60%، محذرًا وحذر من اعتماد الحكومة على قروض محلية في تمويل المشروعات الكبرى، خاصة في ظل الارتفاع الكبير للدين العام.



كما أن الصندوق طلب من الحكومة المصرية أن تعمل على تعزيز الإيرادات العامة للدولة، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما سيدفع إلى أن تتوسع وزارة المالية في فرض مزيد من الضرائب، وهو ما بدأ بالفعل بتطبيق قانون ضريبة القيمة المضافة، والذي بدأ العمل به خلال شهر سبتمبر الماضي، ما يشير إلى زيادة أعباء المصريين بشكل عام.



كما طالب الصندوق طرح حصص من الشركات العامة والأصول الحكومية للبيع للمستثمرين الأجانب، وهو ما يرفضه عدد كبير من المصريين تخوفاً من عدم قدرة مصر على سداد الأقساط المستحقة للصندوق واتجاهه لبيع هذه الشركات أو السيطرة عليها.



أما الشرط السادس، فيتعلق بخفض قيمة الدعم، وهو ما يخشاه غالبية المصريين من محدودي الدخل، لكن بدأت الحكومة فعلياً في تطبيق ذلك، وكانت البداية من الكهرباء وخفض المبالغ المخصصة لدعم شركات الكهرباء، وأيضاً رفعت أسعار المحروقات خلال الفترات الماضية، كما رفعت أسعار و فواتير المياه، وكل ذلك يمثل أعباءً إضافية على كاهل المصريين.



الرضوخ لإثيوبيا

أما ثانى وقائع الرضوخ المصرى للخارج، فيتمثل في أزمة «سد النهضة»، حيث أعلنت مصر بعد وصول الرئيس السيسي للسلطة عن خمسة تحفظات أساسية للموافقة على المضي قدما في مباحثات سد النهضة مع الجانب الإثيوبي، وتتمثل في، أولًا: لا بد من أن يعمل السد بالتنسيق الكامل مع عمل السد العالي في مصر، حيث "لم يحدث في أي مكان آخر بالعالم أن يعمل سدان كبيران كهذين على النهر نفسه دون تنسيق شامل".



ثانيًا، يتطلب تصميم السد الحالي أن يتم بناء سد آخر مساعد ليمنع المياه التي يتم تخزينها من الانتشار خارج الخزان، خاصة أن المخاطر التي قد تنتج إذا ما فشل هذا السد المساعد في القيام بدوره لم يتم تقييمها بدقة من قِبل منفذي المشروع، التحفظ الثالث، هو مدى كفاءة البنية التحتية التي من المفترض أن تستوعب حجم الطاقة الهائلة التي سيتم إنتاجها من السد، والتي تتجاوز بكثير حاجة إثيوبيا.



وتتعلق التحفظات الباقية بمصر بشكل أساسي، منها ما يتعلق بالمشكلات حول موقع وسعة منافذ إطلاق المياه التي ستمر لمصر وإثيوبيا أثناء فترة ملء الخزان أو فترات الجفاف، اﻷمر اﻵخر هو أن معدل تراكم اﻷملاح في اﻷرض الزراعية في دلتا النيل سيتزايد بشكل كبير، باﻹضافة إلى أن استخدامات المياه زراعيًا في السودان ستتسبب في انسحاب المياه من مصر، وهو ما قد يتسبب في انخفاض حجم المياه المتوفرة إلى مصر، ويرى التقرير أنه لا بد من إجراء دراسات عاجلة لتقييم هذه المخاطر وتحديد طرق تقليصها.



وبالرغم من التحفظات العديدة على المشروع؛ فإن الحكومة اﻹثيوبية أصرت على المضي قدما في إقامة المشروع دون النظر للتحفظات المصرية، بل إن خضوع مصر للجانب الإثيوبي نتج عنه توقيع مصر أثناء زيارة السيسي للخرطوم أتفاقية تضمنت اعترافًا ضمنيًا من مصر بحق إثيوبيا في بناء السد، في ما بدا وكأنه مبادرة ﻹثبات حسن النية من قبل مصر.



وحسب عدد من المراقبين؛ فإن إثيوبيا تمكنت من الفوز قانونيًا وسياسيًا بهذا اﻹعلان، فلم تحصل مصر على أية ضمانات أو تصل إلى إطار واضح للتفاوض وحل المشكلات مع إثيوبيا، حتى الآن.



الابتزاز الروسي

تعرضت مصر لابتزاز روسي صريح عقب سقوط الطائرة الروسية بشرم الشيخ، فرغم أن التحقيقات لم تثبت بعد مدى مسؤلية مصر عن سقوط الطائرة وكون الحادث قد تم نتيجة عمل إرهابي، أو تخاذل أمنى بالمطارات المصرية، إلا أن روسيا حملت مصر سقوط الطائرة وأعلنت قطع رحلات السياحة لمصر، بل وصل الأمر إلى وضع ضمانات أمنية بالمطارات المصرية كشرط لعودة السياحة الروسية، وعلى مدار الأشهر الماضية أرسلت مصر العديد من الوفود المصرية لدولة روسيا للخضوع للابتزاز الروسي.



ووضعت روسيا قرار عودة سائحيها إلى مصر، مقابل مطالب محددة، منها: إعادة النظر في تأمين المطارات المصرية كافة، وضرورة أن تشتري مصر أجهزة خاصة لتأمين هذه المطارات، من شركات روسية بعينها؛ بحجة أنها أجهزة تضمن الحكومة الروسية كفاءتها.



ورضخت مصر بالفعل، واشترت عددًا من أجهزة تأمين المطارات، عالية التقنية، وعلى ضوء ذلك تم عقد أكبر صفقة في تاريخ الطيران المدني المصري، مع الجانب الروسي؛ لإنشاء 21 محطة رادارية، ضمن مشروع تغطية سماء مصر بـ«الرادار»، وهي صفقة غير مسبوقة في تاريخ الطيران المدني المصري، وبررت القيادة السياسية هذه الصفقة بأن العرض الخاص بها هو الأفضل فنيا، وماديا.



وزار مصر خلال الأيام الماضية، وفد روسي مكون من 8 شركات؛ للمشاركة في ندوة تحت رعاية الشركة القابضة للمطارات، عرضوا خلالها 5 أجهزة حديثة للتأمين، بالرغم من انتهاء مصر من شراء الأجهزة والمعدات المطلوبة في هذا الشأن.



وقدمت شركة «فزيجلاد» الروسية، عرضًا يتضمن الحصول على شرائح بلاستيكية صغيرة فى حجم الورقة، بإمكانها التعرف على جميع أنواع المخدرات، والمتفجرات المهربة فى المطارات والموانئ، بحيث يمكن تعريض المواد المهربة لها، وحسب درجة اللون الذي تتغير له الورقة يتم التعرف على نوع المخدر بجانب التعرف على أي متفجرات.



وفي ندوة الأمن والسلامة التي تمت برعاية الشركة القابضة للمطارات تم عرض سيارات إطفاء تعمل بأنظمة تكنولوجية متقدمة، وتحمل معدات متطورة، وكذلك سيارات يمكن استخدامها في مجال مكافحة الشغب والإرهاب بالرغم من استيراد مصر 4 سيارات إطفاء نمساوية الصنع تعمل للسيطرة على الحرائق في مهبط الطائرات.



أزمة ريجيني

أما رابع وقائع خضوع مصر للخارج كانت قضية مقتل الباحث الإيطالى "ريجيني" ، بعد العثور عليه مقتولا، وتحت ضغط إيطالى على لمصر لكشف حقيقية مقتل "ريجيني"، خرجت وزارة الداخلية بقصة وهمية للإعلان عن خلية إرهابية تقف وراء مقتل الباحث الإيطالي، وهى القصة التى لم تقتنع بها روما، إلى أن خرجت تسريبات خارجية بتورط بعض رجال الأمن المصري في مقتل ريجيني ، وبناء عليه قام النائب العام بزيارة روما لتقديم تحقيقات النيابة بشأن قضية مقتل الباحث الإيطالى.



خرج النائب العام بتصريحات صحفية تشير إلى رفض مصر مطالب المدعي العام الإيطالي بشأن قضية «ريجينى»، والتى كان من أبرزها طلب روما تسجيلات لمكالمات 2 مليون مواطن بمنطقة الدقي، كذلك تفريغ كاميرات مترو الدقي، كما طالبت روما الكشف عن حقيقية تورط أحد رجال الأمن في قتل ريجيني، وهو ما اعتبره النائب العام تدخلا في السيادة المصرية والدستور يمنع التجسس على هواتف المواطنين، ليفاجئ الشعب بعد مرور أربع أشهر من تصريحات النائب العام وتحت ضغوط روما بوقف تزويد مصر بقطع غيار طائرات حربية من طراز "إف 16"، احتجاجًا على مقتل ريجيني.



زار النائب العام روما لمدة يومين، خرجت بعدها تصريحات من المدعي العام الإيطالى للإعلان عن قبول مصر تقديم المطالب الإيطالية، والتى من أهمها تسجيلات كاميرات مراقبة مترو أنفاق محطة الدقي، وكذلك تحريات الضابط المتهم بقتل ريجيني والذي كان مسئولا عن الكشف عن غياب الباحث الإيطالى، كما قدم النائب العام تسجيلات لمكالمات 400 مواطن تعاملوا مع «ريجيني» أثناء وجوده في مصر، وهي الأسماء التي تم الكشف عنها بعد تحليل بيانات الحاسب الآلي لـ«ريجيني» من قبل الجانب الإيطالى.