رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

لعبة «القط والفأر» بين عز وأبو هشيمة للسيطرة على الحياة السياسية.. تقرير

عز وأبو هشيمة
عز وأبو هشيمة

يبدو أن الأيام المقبلة سوف تشهد صراعًا محتدمًا بين أحمد عز، رجل أعمال نظام «مبارك»، وأحمد أبو هشيمة، رجل الأعمال العابر للعصور، فعلي طريقة «القط  والفأر» يلعب الاثنان مع بعضهما لعبة سياسية خطيرة؛ فبينما يحاول أمين تنظيم الحزب الوطني المنحل العودة من جديد للحياة السياسية، يُحرك «أبو هشيمة» أبواقه السياسية والإعلامية لإعادة «عز» لـ«سردابه» مرة أخرى.



«أبو هشيمة» قال في حوار صحفي سابق: «أنا معرفش أحمد عز.. وعمري ما شوفته في حياتي، وعمرى ما هكون زيه»، مضيفًا أنه يرفض عودة عز للحياة السياسية، وعليه التركيز في المشروعات الخيرية لاكتساب حب الناس من جديد.



بعد ثورة 25 يناير 2011، نجح «أبو هشيمة»، مالك شركة «حديد المصريين» فى الظهور بقوة على المشهد السياسي، وأصبح اسمه يتردد بكثرة بعد خلو المشهد من المنافس الوحيد له فى سوق الحديد، وبعد أحداث «30 يونيو» 2013، استطاع التقرب من نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتدعيم حزب «مستقبل وطن»، الذي كان يرأسه من قبل محمد بدران، فتى السيسى المدلل، وسعى إلى الاستحواذ والسيطرة على العديد من وسائل الإعلام منها قناة «أون تى فى»، وشبكة قنوات «dmc»، فضلًا عن سعيه لتشكيل جبهة إعلامية قوية؛ لتدعيم نظام السيسي.



على الجبهة الأخرى، لم يصمت أحمد عز على تحركات «أبو هشيمة»، فسعى إلى العودة للمشهد السياسي من جديد، عن طريق إعلانات «حديد عز» التي اكتسحت وسائل الإعلام فى شهر رمضان الماضى، بل وصل الأمر إلى أنه كتب مقالًا يدعو فيه إلى التفائل.



عودة «عز» للظهور جعلت «أبو هشيمة» يسلط رجاله في الإعلام، والأحزاب السياسية؛ لشن حملات هجوم على «عز»، والحديث على أنه أحد أبناء نظام مبارك، وأن الثورة اندلعت ضده، ولا يجوز له العودة من جديد للمشهد.



يدرك أحمد أبو هشيمة جيدًا، أن «عز» لا يزال يمتلك علاقات قوية مع قيادات الحزب الوطني المنحل، لاسيما في محافظات الصعيد، وهو ما يجعله يتخوف من «تفكيك» حزب مستقبل وطن الذي يضم عددًا كبيرًا من أعضاء «الوطني المنحل».


كما يخشى «أبو هشيمة» من تحركات أحمد عز ومشروعاته في التأثير على استثماراته الخاصة بـ«الحديد».



وكشفت مصادر لـ«النبأ»، الدور الذى لعبه أحمد عز فى الفترة الأخيرة من أجل توجيه العديد من الضربات القوية لـ«أبوهشيمة»، وإسقاطه وتوجيه رسالة قوية له بـ«عدم اللعب مع الكبار»، قائلًا:«أحمد عز قال  كل واحد يعرف حجمه»، كاشفًا غضب «عز» من تصريحات قيادات حزب «مستقبل وطن»، والخاصة برفض عودته من جديد للحياة السياسية.



وأضافت المصادر، أن «عز» التقى عددًا من قيادات الحزب الوطنى المنحل بالصعيد؛ لحثهم على ترك حزب «مستقبل وطن» الذي يدعمه «أبو هشيمة»، وتشجيعهم على الانضمام لحزب «مستقبل مصر» الذي يموله، وأصبح الرئيس الشرفي له.



وأشارت المصادر، إلى أن «عز» التقى ببعض شباب حزب«مستقبل وطن» الذي يرأسه حاليًا المهندس أشرف رشاد، ووعدهم بتولي مناصب مرموقة فى حزب «مستقبل مصر»، وتوفير جميع الإمكانيات لهم، عن طريق علاقته المرموقة برجال الحزب الوطنى المنحل الموجودين بالدولة، منوهة إلى أن الاستقالات الجماعية التي شهدها تعرض «مستقبل وطن» كانت بسبب لقاءات عز مع هؤلاء الشباب، و بقيادات الوطني المنحل.



وأوضحت المصادر، أن «عز» شجع محمد بدران على تقديم استقالته من رئاسة «مستقبل وطن»، بعد أن علم بوجود خلافات مع أشرف رشاد، رئيس الحزب الحالى، عن طريق إرسال رسالة له من بعض رجاله بالحزب من الأعضاء السابقين بـ«الوطنى المنحل»، مفاده توليه رئاسة حزب «مستقبل مصر»، ولكن «بدران»، ووعده بالانضمام للحزب بعد ذلك.



وأشارت المصادر، إلى أن «عز» وضع لنفسه خطة ممنهجة للعودة للمشهد من جديد، دون إغضاب الشعب، من خلال التعاون مع طارق نور، رجل الإعلان الأول في مصر؛ لتنظيم حملة إعلانية ترويجية له على قناة «القاهرة والناس»، موضحة أن هناك بعض رجال الأعمال غاضبون من تقارب «أبو هشيمة» من السلطة، وغير راضية عن أدائه، معتبرينه أحد رجال قطر فى مصر، خاصة بعد نتيجة للشراكة التي أبرمها مع الشيخ محمد بن سحيم آل ثان ابن الأسرة الحاكمة القطرية.



ويقول عمرو عمارة، وكيل مؤسسي حزب «مستقبل مصر»، إنه تم اختيار أحمد عز، ليكون رئيسًا شرفيًا للحزب، بعد موافقة أغلبية أعضاء الهيئة العليا للحزب، مضيفا أن «عز» يمثل قوة كبيرة، ويتمتع بشعبية داخل الشارع المصري؛ ما سيؤدي إلى نجاح الحزب.



وأكد «عمارة» فى تصريح خاص لـ«النبأ»، أن أحمد عز لم يعترض على توليه رئاسة الحزب، موضحًا أن صمته الحالي يهدف لمعرفة «نبض الشارع» بشأن توليه رئاسة الحزب، مشيرًا إلى ترحيب من القيادات بعودته للحياة السياسية.



وأشار «عمارة» إلى وجود العديد من المحاولات من قبل حزب «مستقبل وطن» لضرب سمعة «عز»، موضحًا أنهم شنوا الكثير من الحملات ضد الحزب، وروجوا الشائعات، كاشفًا عن وجود مخاوف لدى «أبو هشيمة» وقيادات حزب «مستقبل وطن» من عودة عز لتمتعه بشعبية كبرى داخل الشارع المصرى، منوها إلى أن أبو هشيمة يشن حربا ضد أحمد عز لإسقاطه.



وشدد «عمارة» على أن كل هذه المحاولات تم التصدي لها بقوة، من خلال  النجاح فى ضم  عدد كبير من أعضاء حزب «مستقبل وطن» إلى حزب عز الجديد، مؤكدًا أن حزب «مستقبل مصر» يؤيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، و سيدعمه بأفكار ومشروعات جديدة، وحلول للمشكلات التي تواجه مصر.



وأكد «عمارة» أن الحزب سيظهر بكل قوة على فى انتخابات المحليات للرد على كل الشائعات التي تروج ضده، متوقعا نجاح الحزب فى الحصول على المقاعد فى هذه الانتخابات.



وقال عاطف أمين، مؤسس تحالف «تطوير العشوائيات»، إن أحمد أبو هشيمة، يسير على خطى أحمد عز وأصبح أحد أبرز رجال الأعمال المقربين من نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، مضيفًا أنه اعتمد على مشاريعه الاستثمارية من أجل السيطرة على الساحة، من خلال تقديم المساعدات، وتمويل حزب «مستقبل وطن».



وأضاف أن «عز» يريد حاليا العود إلى الحياة السياسية مرة أخرى، فسعى إلى تدشين حزب «مستقبل مصر»، وتمويله بكل قوة من أجل ضرب أبو هشيمة «سياسيًا»، مشيرًا إلى أن أحمد عز نجح فى إقناع الكثيرين من أعضاء «مستقبل وطن» إلى تقديم استقالات جماعية دون أسباب معلنة؛ ما يهدد بسقوط حزب مستقبل وطن، وإنهاء دور أبو هشيمة فى العمل السياسى.



الدكتور أحمد مهران، مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، قال إن رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة، يلعب حاليا نفس الدور الذي لعبه أحمد عز أثناء فترة حكم الحزب الوطنى المنحل، مضيفًا أن عز كان يتمتع بشعبية على عكس أبو هشيمة، الذى لا يمتلك ظهيرًا سياسيًا قويًا.



وأضاف «مهران»، في تصريح خاص لـ«النبأ»، أن الصراعات مستمرة بين أبو هشيمة وعز؛ نظرًا لتنافسهما فى المجال الصناعي، والاستثمار، موضحا أن كلا منهما يسعى إلى القضاء على الأخر، و إزاحته من المشهد، خاصة أن الاثنين يملكان علاقات قوية بالسلطة، ويدركان مدى الاستفادة والعوائد التى ستعود عليهما نتيجة هذا التقرب.



وأشار مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، إلى أن «أبو هشيمة» وعز، يسعيان إلى أن يكون لكل منهما نفوذ سياسى، مضيفا أنهما يستخدمان المال للوصول للسلطة بكل قوة، ولذلك سعى كل منهم إلى إنشاء حزب من أجل تحقيق مصالحهما.



وأوضح «مهران» أن اللعبة بين الاثنين، هي لعبة «القط والفأر»، وكلا منهما يقدم ما لديه من إمكانيات وتسهيلات ومساعدات سواء فى المشاركة فى مشروعات قومية، أو صناديق تبرعات لدعم الدولة، وتقديم خدمات اجتماعية ومدنية تساند النظام، والظهور بمظهر المدافع عن الدولة.



ولفت أن كلًا منهما دخل السياسة عن طريق المال، واكتسب مكانة سياسة بأمواله سواء بالتقرب والتودد للنظام والسلطة، وتقديم التبرعات.



وأكد «مهران» أن أحمد عز يستعين حاليًا برجال الحزب الوطنى المنحل، لإسقاط أحمد أبو هشيمة، موضحًا أن هذه الحرب ستكون «بلا أخلاق ولا ضمير»، وكل منهما يستخدم الأساليب التي تمكنه من القضاء على الأخر، والسيطرة على الساحة السياسية.