رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

«لوبي» الشركات العالمية يجبر مصر على استيراد الغاز من إسرائيل.. تقرير

استخراج الغاز
استخراج الغاز

كانت الأحداث التي شهدتها مصر خلال السنوات الماضية سببًا في العديد من التغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية أيضًا؛ فعلى سبيل المثال، بعد توقيع مصر في عام 2005 اتفاقية تصدير الغاز الطبيعي مع إسرائيل، وهي الاتفاقية التي وجدت معارضة شديدة من الشخصيات السياسية، وفي عام 2012، بدأت بسببها عمليات استهداف خطوط الغاز من قبل التنظيمات الإرهابية، ما كان عاملًا مهمًا في تحول مصر، من دولة مصدرة للغاز إلى دولة مستوردة له ومن إسرائيل نفسها!

خلال الفترة الماضية، تناولت تقارير صحفية تفاصيل زيارة وفد إسرائيلي لمصر على متن طائرة خاصة؛ لمناقشة تصدير نحو 4 مليارات طن من الغاز لمصر عن طريق شركة «دوليفنوس»، وهي شركة مصرية إسبانية أسسها رجل الأعمال «علاء عرفة».


يرى الدكتور «رمضان أبو العلا»، نائب رئيس جامعة فاروس، والخبير البترولي، أنه يجب التفريق بين الاستيراد بشكل عام، والاستيراد من إسرائيل على وجه الخصوص؛ لأن هذا الأمر يعد «خيانة عظمى».


وأضاف «أبو العلا»، أن استيراد مصر الغاز الإسرائيلي من حقل «ليفاثيان» المتُنازع عليه بين مصر وإسرائيل، هو اعتراف رسمي من قبَل الحكومة بملكية «تل أبيب» لهذا الحقل، بالرغم من أن خبراء مصريين قدموا ما يثبت أحقية مصر له.


وأكد نائب جامعة فاروس، تعرض مصر لضغوط من قبَل شركات الغاز الأوروبية والأمريكية لاستيراد الغاز من إسرائيل بعد توقف مصنعي الإسالة «دمياط وإدكو»؛ لافتًا إلى أن هذا كان سببًا في رضوخ النظام المصري لهذه الضغوط، مشيرًا إلى وجود شبكة من العلاقات والمصالح بين الشركات العالمية وإسرائيل. 


وأضاف «أبو العلا» أن هذه الشركات العالمية جعلت إسرائيل توافق على التغاضي عن تنفيذ حكم القضاء الدولي بتغريم مصر 1،7 مليار دولار، بعد توقف مصر عن تصدير الغاز لإسرائيل عام 2012، مقابل استيراد مصر الغاز منها من حقول «ليفاثيان». 


ويقول «أبو العلا»، إن تعامل النظام مع أزمة الغاز، واستيراده من إسرائيل، كان «كارثيًا». 


وأضاف الدكتور جمال القليوبي، أستاذ هندسة البترول، ورئيس مركز «المستقبل للدراسات الاقتصادية»، إن إسرائيل لا تقصد من وراء تصدير الغاز لمصر الحصول على الأموال فقط، وإنما تريد استغلال البنية التحتية المصرية «أنابيب غاز – محطات إسالة»؛ لأن مصر هي الوحيدة ضمن 23 دولة أخرى، التي تمتلك هذا النوع من البنية.

ويوضح «القليوبي»، أن إسرائيل حاولت أكثر من مرة تصدير إنتاجها من حقل «ليفاثيان» الذي يبلغ احتياطيه 520 مليار م3، وحقل «تمار» الذي قُدر الاحتياطي بـ260 مليار م3، إلا أن خططها كانت مكُلفة للغاية.


وقال أستاذ هندسة البترول، إن إسرائيل وضعت 3 سيناريوهات لتصدير الغاز، أولها: كان عن طريق قبرص، حيث يقضي المشروع بإنشاء خط أنابيب من وادي «حيفا» بسعة 42 بوصة مرورًا بقبرص وحتى اليونان، ومن ثم شمال أوروبا، ولكن لم يُنفذ هذا السيناريو؛ بسبب عدم وجود تأمين للخط، إضافة لأن تكلفة الخط تبلغ 12 مليار دولار، ومدة التنفيذ 7 سنوات.


وتابع: السيناريو الإسرائيلي الثاني، كان يقضي بإنشاء «سفينة تغييز» في البحر تكون عبارة عن مصانع إسالة، موصلة بأنابيب بالمناطق البرية، ولكن تكلفة المشروع المُقدرة بنحو 5 مليارات دولار، فضلًا على احتياجها لتأمين عال جدًا، حال دون تنفيذ المشروع. 


أما السيناريو الثالث، والأقل تكلفة بالنسبة لإسرائيل، كان استغلال خطوط الأنابيب المصرية القريبة من حقلي «ليفاثيان» و«تمار» في تصدير الغاز، فضلًا على أن تكلفة المشروع ستتراوح بين 3 و3،5 مليار دولار، مقارنة بالمشروعات الأخرى، ومدة تنفيذه لن تزيد عن 3 سنوات. 


وأكد «القليوبي»، أن إسرائيل ستستخدم خط «عربي1»، وهو الخط الذي كان يُستخدم في تصدير الغاز لإسرائيل، وهذا الخط تمتلكه الهيئة العامة للبترول، وشركة شرق البحر المتوسط، وتم إنشاؤه خلال عام 2003، لاستخدامه في تصدير الغاز لمصر، وللغير.

وتابع:«مصر تمتلك تقنيات الإسالة، خاصة مع وجود 4 وحدات تستخدم في هذا الغرض، وهي الوحدات الموجودة في دمياط والبرلس، والدولة تتطلع لامتلاك 12 وحدة أخرى خلال السنة القادمة، وهذه التقنيات تجعل مصر قادرة على إسالة كميات من الغاز تتراوح بين 160 ألف و700 ألف طن يوميًا، ما شجع إسرائيل على عقد الاتفاقية مع مصر».


وأضاف أنه بحسب الإحصائيات الرسمية، يبلغ استهلاك مصر من الغاز يوميًا نحو 5،1 مليار قدم مكعب، في حين يصل إنتاجها اليومي إلى 4،1 مليار قدم، بما يعني أن هناك عجزًا بنسبة مليار قدم مكعب، وهذا ما جعل مصر تستورد الغاز من إسرائيل. 


ويلفت أستاذ هندسة البترول إلى أن الاكتشافات المصرية التي أعُلن عنها مؤخرًا لم تدخل إلى نطاق التشغيل والإنتاج، إلا أنه خلال الربع الثالث من العام المقبل سيدخل حقل «نورس» للإنتاج، وتبلغ طاقة الحقل 700 مليون قدم مكعب يوميًا. 


ويشير «القليوبي» إلى اكتفاء مصر ذاتيًا من الغاز مع دخول العام 2018 على أقل تقدير، مشيرًا إلى أن مصر اتفقت مع شركة «غاز  بروم» الروسية على استيراد مليون طن من الغاز سنويًا، ولمدة 5 سنوات.