رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

لغز انضمام التيار اليساري المصري لكيان عالمي يرأسه «بيريز»

شمعون بيريز - أرشيفية
شمعون بيريز - أرشيفية

جاءت وفاة الرئيس الإسرائيلي السابق، شيمون بيريز، متزامنة مع الذكرى الـ43 لانتصارات أكتوبر؛ لتثير الجدل حول رد الفعل الرسمي المصري على جنازة هذا الرجل، ففي الوقت الذي تذكرنا فيه حرب أكتوبر بالجرائم التي ارتكبها بيريز بحق المصريين، خلال تاريخ بلاده الدموي، فوجئنا بمن يسوق تبريرا لحضور وزير الخارجية سامح شكري، كممثل رسمي للدولة المصرية، في جنازة بيريز؛ على أنه كان من صناع السلام.


فهل كان شيمون بيريز حمامة سلام إسرائيلية فعلا، أم أنه كان أحد الصقور، أو بالأحرى واحدا من الذئاب التي تغذت على دماء المصريين، قبل نصر أكتوبر؟


يقول أسامة الفرا، محافظ خان يونس السابق، تعليقا على هذا الطرح: "رغم أن بيريز حصل على جائزة نوبل للسلام، فإن حياته السياسية حملت محطات تؤكد أنه لم يكن رجل سلام، فهو صاحب تعميق الفكر الصهيوني في دولة الاحتلال، والعداء مع المحيط العربي، وبالذات مع مصر، وكان من ضمن فريق ليفي أشكول، الذي وقف وراء التفجيرات التي شهدتها مصر في الخمسينيات من القرن الماضي.



وأكد الفرا في تصريحات خاصة لـ"النبأ"، أن بيريز استطاع أن يخدع العالم، بوجه ليس وجهه الحقيقي، مضيفا: "من الغريب أن يصف الرئيس الأمريكي أوباما بيريز بأنه من جيل العمالقة، وأن يضعه في مقارنة مع نيلسون مانديلا".  



ولفت إلى أن شيمون بيريز، هو أحد مهندسي "العدوان الثلاثي" على مصر، وهو المسئول عن التنسيق العسكري مع فرنسا، خلال الهجوم على مصر في أكتوبر 1956، وكان وقتها يتولى منصب مدير عام وزارة الدفاع، كما أبرم اتفاقا سريا مع حكومة فرنسا أيضا، لم تعلم به واشنطن؛ لبناء مفاعل نووي في ديمونة بالنقب والذي بدأ العمل به عام 1962.



وقال المحلل الإسرائيلي بصحيفة معاريف، أمنون لودر، إن سكرتير حزب العمل، "صموئيل ميكونيز"، كشف عن أجزاء من أرشيف الحزب الذي كان يرأسه شيمون بيريز، مبينا أن الأخير قال بعد حملة سيناء، التي خاضتها إسرائيل في حرب العدوان الثلاثي، إن مشاركة إسرائيل في الحرب، جاءت للمساومة على حق تقرير المصير لعرب إسرائيل، مشيرا إلى أن شيمون بيريز من بين أكبر المعارضين لقيام دولة فلسطينية.



وقال المؤرخ الفلسطيني عبدالقادر ياسين، إن شيمون بيريز كان من تلاميذ ديفيد بن جوريون، مؤسس دولة إسرائيل، وبدأ حياته العسكرية في عصابة الهجاناة، التي أسسها بن جوريون، كما أن بيريز كان مثلا لإسرائيل في اتفاقية "سيزر" التي عقدت بإحدى ضواحي باريس بين كل من إنجلترا وفرنسا وإسرائيل للتخطيط لعملية العدوان الثلاثي، وهو من نسق شكل الدور الإسرائيلي في تلك الحرب مع القادة الإنجليز والفرنسيين.



وفسر ياسين في تصريحات خاصة لـ"النبأ"، اشتراك إسرائيل بتلك الحرب، بأنه جاء ردا على إنشاء الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، للكتيبة 141 فدائيين، والتي وضع على رأسها البكباشي "مصطفى حافظ"، وقتلت 1400 إسرائيلي؛ مما هز المشروع الصهيوني كله، كما أنهم أرادوا توجيه ضربة قوية للجيش المصري، قبل أن يستوعب صفقة الأسلحة "التشيكية".



واعترف شيمون بيريز في عام 2014، بأنه خطط لاغتيال عبدالناصر في 28 سبتمبر 1967، حين كتب في مقال له نشرته جريدة معاريف الإسرائيلية: "إن اغتيال عبدالناصر المؤمن بضرورة إبادة إسرائيل، كان نصرا أكبر من هزيمتنا في أكتوبر 73، لكن ولولا أن الخطة التي وضعناها لاغتياله كانت من الداخل، وليس عبر حرب مكشوفة، خوفا من التدخل الروسي، ما كان يمكن فتح صفحة جديدة من العرب من أجل السلام، عقب فشل المحاولة".


من ناحية أخرى كشفت معلومات حصلت عليها "النبأ"، أن عددا من كبار المنتمين للتيار اليساري المصري، قبلوا الانضمام إلى كيان عالمي يسمى "الاشتراكية الدولية"، تحت رئاسه بيريز، وهو ما نشره الموقع الرسمي للاشتراكية الدولية نفسه، حين كشف عن قائمة بأعضائه حول العالم، ومنهم مصريون، وعرب.



ويأتي في مقدمة من يشاركون في عضوية هذا الكيان، الحزب المصري الديمقراطي، الذي يرأسه محمد أبوالغار، وكان الحزب الوطني الحاكم، حتى اندلاع ثورة 25 يناير، أحد الأعضاء بهذا الكيان أيضا.



وقالت تشيلي يحموفيتش، رئيس حزب العمل السابقة، في رثائها لبيريز على حسابها الشخصي، على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أنه كان دائم الحضور لمؤتمرات "الاشتراكية الدولية"، في أي مكان بالعالم، وكان يلقي عبرها خطابات ضخمة، ومثيرة، ويجذب أعداء إسرائيل، إلى صفها.



ويؤكد حديث يحموفيتش، أن جميع من كانوا أعضاء بهذا الكيان، تعاملوا بالضرورة مع بيريز، وأنهم لم يضعوا في اعتبارهم جرائمه بحق الأمة العربية، رغم ما يبدونه من اهتمام بالقضية الفلسطينية.



من جانبه علق نبيل زكي المتحدث باسم حزب التجمع، على هذه المعلومات، بالقول إن الاشتراكية الدولية لها أهداف وأغراض بعيدة كل البعد عن الاشتراكية التي ينتمي لها اليسار المصري، وهي في الحقيقة أحزاب رأسمالية، ولكنها تحمل شعارات اشتراكية مثل: الحزب الاشتراكي الفرنسي الذي يرأسه "أولاند".



ووصف زكي الأحزاب المصرية والعربية المشاركة في الاشتراكية الدولية، بأنها تتمسح في الاشتراكية، وتحاول إثبات وجودها، رغم معرفتها بتوجه هذا الكيان المعادي للعرب.