رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

شركات الدواء الخاصة «تبتز» وزارة الصحة «وتمص» دم المرضي

النبأ

قرارات رفع الأسعار ضاعفت من نواقص الأدوية وخاصة أدوية الضغط والكبد والهيموفيليا، وماتزال قضية تسعيرة الدواء تمثل عبئًا على المواطن، بعد أن رفعت وزارة الصحة أسعار الدواء قبل شهرين، دون أن تضع ضوابط أو استراتيجية واضحة المعالم لقضية رفع الأسعار؛ ولعل التخبط هذا أسهم في تربح شركات نحو 50 مليون جنيه في يوم واحد فقط. 

كما أن شركات صناعة الدواء الخاصة، والتي تمتلك نحو 80% من إنتاج الدواء في السوق المصري، حققت أموالا ضخمة، كأرباح من وراء قرارات وزارة الصحة، بلغت 50 مليون جنيه في يوم واحد، وذلك رغم أن الوزارة تذرعت في رفع الأسعار؛ بأنها تبغي إنقاذ شركات الدواء الحكومية، إلا أن المفاجأة تمثلت في أن هذه الشركات الـ9 لا تمتلك سوى نسبة 11% من سوق الدواء أصلا. 

واتفق الخبراء على أن رفع أسعار الدواء بهذه الصورة، هي ظاهرة لم تحدث منذ أكثر من 15 عامًا، إذ ارتفعت أسعار أصناف من الدواء بنسبة الضعف، بينما اختفت أصناف أخرى من السوق تمامًا. 

بدأت القضية منذ شهرين، عندما أصدرت لحكومة قرار رقم 32 لسنة 2016، برفع أسعار الدواء، فجأة ودون سابق إنذار، مما أسهم في إرباك سوق الدواء ونقص عام في أدوية كثيرة، على رأسها أدوية مرضى الهيموفيليا وأدوية الكبد والسكر وغيرها. 

ويرى مركز الحق في الدواء، أن قرار رفع أسعار الدواء، تسبب في ارتفاع النواقص من أصناف الأدوية، حيث اختفت أدوية "ضغط الدم والكبد والقطرات مثل "ايبيمول ادنكور 10 ملي" "اسيلوك فوار" و"افيل امبول" و"اكتوفيت بلس" و"شراب اكا مصر" و"بودرة أنا لليرج" و"شراب اندوميثازين" و"شراب أوبتيرييد" و"قطرة أوليفينت" و"شراب أيرونيل" وأقراص أفرين" وأصناف أخرى. 

كما أن قرار الزيادة فور صدوره، لم يواكبه أي خطط لضبط الأسواق، إذ ارتفعت أسعار نحو 6 آلاف و500 صنف دواء، مما اضطر هيئة الرقابة الإدارية إلى النزول في 15 محافظة، في محاولة لضبط الأسواق ومنع الغليان في الشارع، بحسب مركز الحق في الدواء. 

ويشير الحق في الدواء إلى فوضى قرار زيادة الأسعار، حيث لم تكن هناك أي دراسة معدة من قبّل الوزارة لـ "التسعيرة الجديدة"، إذ حدثت مشاكل انعكست على السوق، حيث قامت شركات تجارة الأدوية بفرض الزيادة على "الشريط" وليس على صنف الدواء بشكل عام، في ضوء ارتباك واضح من وزارة الصحة. 

ويوضح المركز، أن شركات توزيع الدواء، استطاعت تربح نحو 50 مليون جنيه، خلال 24 ساعة فقط نتيجة لفارق الأسعار القديم والجديد، مشيرًا إلى ضرورة فرض التسعيرة على إنتاج الجديد الذي سيتم تصنيعه وليس الموجود فعليًا في الصيدليات، على أن يتواكب هذا مع تغطية كل النقص في إنتاج الأدوية. 

كما أنه يجب إصدار قرار برفع كافة الأدوية "منتهية الصلاحية" الموجودة في الصيدليات والتي تقدر بـ500 مليون جنيه؛ من أجل عدم ضمان عدم استخدامها مرة أخرى من قبل بعض أصحاب الصيدليات، بعد تغيير ملامحها القديمة. 

ويكشف المركز عن أن القرارات الأخيرة، صبت في صالح شركات الدواء الخاصة، حيث إنها جاءت بتزكية من مجلس الوزراء لقائمة "رئيس غرفة صناعة الدواء ومجلسه"، رغم أن القرار كان لإنقاذ شركات الدواء الحكومية، ولكن الأرقام تشير إلى أصناف الدواء التي تنتجها الشركات الحكومية لم تتعدى نسبة الـ 15% من قائمة الـ 6 ألاف و500 صنف دواء، والباقي للشركات الخاصة. 

فضلًا عن احتواء قائمة زيادة أسعار الدواء على نحو 100 صنف من المكملات الغذائية وأدوية للرجيم والرشاقة، وهي أصناف لا تمثل وزنًا، إضافة إلى تحريك أسعار مهمة من 2 – 4 جنيهات، على الرغم من عدم إنتاجها مستقبلًا. 

وقد أضرت قرارات تحريك أسعار الدواء بفئات كثيرة من المرضى مثل "مرضى الهيموفيليا – التلاثيميا – ضمور العضلات – مرضى التمثيل الغذائي" والذين قد يتسبب زيادة أسعار الدواء في إصابتهم بالشلل، أو بتر أطرافهم، انتهاءً بفقدانهم حياتهم. 

ويطالب مركز الحق في الدواء، بضرورة التزام شركات صناعة الدواء بالقرار الوزاري رقم 499 لسنة 2012، لافتًا إلى أن عدم تطبيق القرار أدى لثورة نحو 200 ألف صيدلي، حيث تقوم بعض الشركات بالتسعير دون ضوابط، إذ تقدم شركات خصم للصيدلي بنسب تتراوح بين 15- 20%، بينما لا تقدم شركات أخرى أي خصم على أصناف الدواء، بما يعني شراء الصنف الدوائي بأكثر من سعر في سابقة تعد الأولى في تاريخ وزارة الصحة. 

وعدّد مركز الحق في الدواء أسماء الشركات الرافضة لتطبيق القرار وهي شركات "جلوبال نابي- آمون- نستله- جلفار- فاركو-المهن- النيل- افنتس- أكتوبر فارم- العامرية- دلتا فارم- جلاكسو- ابيكس- القاهرة- أبوت- راميدا-فايزر". 

من جانبه، يتهم الدكتور محمد سعودي وكيل نقابة الصيادلة السابق، وزارة الصحة وشعبة صناعة الدواء بالتورط في إحداث الخلل الذي حدث في قضية تسعير الدواء، مشيرًا إلى قيام مسئولين بالوزارة بالتسعير الخاطئ لصالح شركات الأدوية. 

ونفى سعودي، ما تردد عن توزيع "تسعيرة الدواء" مطبوعة على الصيدليات حتى الآن، لافتًا إلى أن تخبط كثيرًا من الصيادلة في بيع أصناف الدواء، حيث يتم بيع أصناف بأقل من أسعارها، بينما تُباع أخرى بأغلى من قيمتها. 

ويقول وكيل نقابة الصيادلة، إن الصيدلي لا يحدد تسعيرة الدواء، ولكنه يتعامل بحسب الأسعار التي تعلنها شركات صناعة وتوزيع الدواء، مشيرًا إلى عدم قدرة وزارة الصحة على ضبط الأسعار. 

"اللي على رأسه بطحة يحسس عليها" هكذا وصف سعودي حال وزارة الصحة، التي كثيرًا ما يخالف مسئولوها القانون تحت وطأة ابتزاز شركات صناعة الدواء لهم، بسبب "الديون" التي تراكمت على الوزارة بعد عدد من الصفقات التي أبرمتها الوزارة مع الشركات العالمية، لاستيراد أنواع من الأدوية، وفقًا لسعودي. 

ويتهم وكيل نقابة الصيادلة، الدكتور أحمد العزبي مستشار وزير الصحة بالتلاعب في سوق الدواء، تحت سمع وبصر الوزارة التي لم ترى مخالفته للقانون، لافتًا إلى امتلاك العزبي لسلاسل صيدليات ضخمة بالمخالفة للقانون. 

ويتساءل سعودي عن عدم فرض أي عقوبة على أي شركة دواء خلال الـ 25 عامًا الماضية، مشيرًا إلى هذا يعد أكبر دليل على تورط مسئولي الوزارة في التغطية على مخالفات الشركات الدوائية.