رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

مقاهي نجيب محفوظ

النبأ

كان لأديب نوبل "نجيب محفوظ " عادات يومية ونظام صارم يسير عليها طوال حياته، حقق من خلالها نجاحا كبيرا حتى حصل على جائزة نوبل فى الأدب عام 1988.. "النبأ " تستعرض لكم العادات اليومية لنجيب محفوظ:

يوم أديب نوبل 
يقول نجيب محفوظ : أنا لى سنة عمل تبدأ فى أكتوبر وتنتهى فى أبريل . وما بين أبريل وسبتمبر لا أعمل ولا أكتب لا أقرأ بسبب الحساسية والتعب وتدهور صحته فى هذه الأوقات ، إنما يوم عملى يبدأ عند إستيقاضى فى تمام الخامسة أخرج من المنزل فى السادسة أو السادسة والنصف ، أمشي إلى القهوة ، أتصفح الجرائد وأعود للمنزل ،أكتب حتى وقت الظهر.إذا لم أكتب ، أبدا فى القراءة .

أما بعد الظهر عادة فهو مخصص للقراءة ، حتى موعد مشاهدة التليفزيون فى التاسعة مساء . هذا فى كل الأيام ماعدا يومى الخميس والجمعة ، فهما مخصصين للأصدقاء والشؤن الخاصة .

عاداته فى الكتابة
يقول نجيب محفوظ " بدون النظام لا يستقيم أي عمل، والاعتماد على الوحي لن يصل به إلى شىء سوى كتابة روايتين فقط خلال عمره كله، هكذا كان يعتقد أديب نوبل، فطوع الإلهام بنظام صارم لا يحيد عنه أبدًا.

اعتاد نجيب محفوظ أن يكتب مسودة الرواية على ورق ''العرائض'' وبقلم كوبيا، وعندما ينتهي منها، يُعيد كتابتها مرة أخرى على ورق أبيض بقلم حِبر.كما أنه خصص وقتا للكتابه إعترض عليه بعض المثقفين والأدباء وقتها على رأسهم " أنيس منصور" فكان رد محفوظ : أنه يجبر الكتابه أن تسير على النظام الذى رسمه. فقال (القراية لازم تكون بين أربعة وسبعة ..بالتعود بقت تيجى ..وبقت النشوه تيجى ..ده زيى لما تعود نفسك على الغدا يكون الساعه اتنين ..اتنين إلا ربع تلاقى نفسك جوعت .. الرغبة دخلت التنظيم فبقت تيجى فى وقتها )

وعرف أيضا عنه أنه بعد إنتهاء الوقت المحدد للكتابة ، يترك القلم ، حتى أنه لا يكتب الجار والمجرور .
كما إعتاد على سماع الموسيقى قبل الكتابة ، وخاصة صوت السيدة أم كلثوم ، متجولا فى صالة منزله ، كما إعتاد التدخين بكثرة أثناء الكتابة

كما كان يشغله الرواية أو المجموعة القصصية التى يكتب فيها ، فيفكر فيها طوال الوقت ، على المقهى وداخل الحمام وأثناء سيره لعمله . وكان يجلس على مكتبه حافى القدمين مرتديا ملابسه الثقيله فى درجة حرارة منخفضة ، وعند الإنتهاء من مسودة العمل الذى يعكف عليه يقوم بتبيضه من جديد وتنقيحه وينسى أمر المسودة ولا يهتم بوجودها .


التدخين 
كان لا يدخن سوى نوع محدد لا يلتفت إلى غيره إلا بعد أن يختفى من السوق. 

المقاهي
يقول نجيب محفوظ " "لقد تنقلت خلال حياتي في الكثير من القهاوي؛ ففي سنوات الدراسة الأولى كنت أجلس مع والدي على قهوة (الكلوب المصري) حيث كان يجالس أصدقاءه وكان يحضر لي (لكوم) أو (جيلاتي)" .


ويضيف أيضا عن المقاهي : "حين بدأت بعد ذلك ارتياد القهاوي أثناء الدراسة الثانوية ذهبت مع أصدقائي إلى قهوة قشتمر، وكنا ننتقل بينها وبين قهوة مقابلة لها اسمها ايزيس لم تعد موجودة الآن، ثم تجرأنا بعد ذلك وجلسنا في قهوة عرابي التي كان يرتادها الكثير من الأكابر في ذلك العصر، ثم نزلنا بعد ذلك إلى الحسين فكانت قهوة الفيشاوي ثم في النهاية تلك القهوة التي أسموها باسمي، وقد كانت في الأصل خرابة تابعة لهيئة الآثار وحولها أحد المهندسين بعد حصولي على جائزة نوبل إلى تلك القهوة الأنيقة الموجودة الآن".


يصف نجيب محفوظ "مقهى قشتمر" قائلا ( هكذا عرفنا قشتمر فى أواخر 3291 أو أوائل 4291، ودون أن ندرى أنه سينعقد بيننا وبينه زواج لا انفصام له، وأنه سيصغى بصبر وتسامح إلى حوارنا وأساطيرنا عمرا طويلا، بل مازال يصغى مستوحيا ببصره وتسامحه ) . فقد إعتاد نجيب محفوظ الممقاهى لمقاصد معينه .


يقول جمال الغيطاني فى كتابه " ملامح القاهرة فى ألف سنة ".أنه كان يلتقى بنجيب محفوظ بمقاهى عدة مثل قهوة الأوبرا الذى شهد أول لقاء جمعه معه . فقد إعتاد أن يقيم فيها ندوة أسبوعية كل يوم جمعة فى العاشرة صباحا حتى الواحدة ظهرا . إلى أن توقفت عام 1962 ، لينتقل إى مقهى سفنكس أمام سينما راديو ، ثم إنتقل بعدها إلى مقهى ريش ، ثم إعتاد كازينو قصر النيل الذى كان يذهب إلى أحب الأماكن إلى قلبه "النيل " .


كما كان يلتقى بأصدقاء طفولته يوم الخميس بمقهى عرابى بالعباسية . بالإضافة إلى مقهى الفيشاوى الذى شهد أيام عديدة من فترات شبابه يدخن فيها "الشيشه " ذلك الصديق الصامت ، والتى إمتنع عن تدخينها بعد كبر سنه وسماها "المعشوق القديم .


كان يقضى محفوظ فترة اجازته بالإسكندرية أحيانا ، فجلس فيها على عدة مقاهى مثل هى أتنيوس"، و"مقهى ديليس"، و"مقهى الترام"، و"مقهى الكريستال"، و"مقهى تيرو"، و"مقهى بيترو" الذي كان يجلس فيه محفوظ الى جوار توفيق الحكيم. يقول محفوظ للحكيم عن هذا المقهى الهادئ: "أنا شفت مقهى هادئا ومعزولا، تستطيع أن تخلو فيه إلى نفسك أنت وأصحابك، والمقهى قريب". مضيفا أنه رأى الباشوات فى مقهى بيترو فى حالة خوف بعد الثورة ، وكانوا فى حالة خوف شديد بسبب الرقابة التى كان مفروضه عليهم بشكل دائم .


إستحوذ مقهى "زقاق المدق " على محبة كبيرة فى قلب نجيب محفوظ ، فقال " أحببت قهوة زقاق المدق جدا، فكانت المتلقى ، وكنت أشعر أننى أجلس فى قطعة من التاريخ القديم ، اتأمل المارة ، وفى الواقع جاءت فكرة رواية "زقاق المدق " من حبى للمقهى نفسه .