رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

ماذا حققت مصر من 44 زيارة خارجية لـ«السيسي»؟

السيسي
السيسي

أزمة اقتصادية «خانقة» تحاصر المصريين من كل اتجاه، وصلت ذروتها خلال الأشهر الأخيرة، وأصبح في حكم المؤكد أن الأيام والشهور بل والسنوات القادمة ستحمل الأسوأ، من خلال زيادة أسعار السلع والخدمات، وكل مستلزمات الحياة.



لمواجهة تلك الأزمة قرر الرئيس السيسي وحكومته اللجوء للاستدانة من الخارج، بما يحمله ذلك من أعباء كبيرة على المصريين، وسعت مصر للحصول على 12 مليار دولار كقرض من صندوق النقد الدولي، فهل كان أمام مصر خيارات أخرى؟، وهل كانت السياسة رشيدة في التعامل مع الملفات جميعها؟، أم أن إجراءات كثيرة أضاعت علينا مئات المليارات كانت كفيلة بأن تجعل مصر على الأقل بمنأى عن «الغرق» في ديون صندوق النقد الدولي.



بند واحد فقط، كان كفيلا بتوفير المليارات لمصر، وهو بند زيارات الرئيس الخارجية.



ودائمًا ما نسمع «طنطنة» إعلام النظام عند كل زيارة للرئيس للخارج، من خلال الترويج لتلك الزيارات بأنها ستحقق الرخاء والتنمية وتجلب المن والسلوى، وتجعل المصريين يعيشون في رغد من العيش بسبب الاستثمارات، ولكن بنظرة فاحصة لزيارات الرئيس الخارجية، سنصل لنتيجة واحدة، هي أن تلك الزيارات لم تكن ذات فائدة تذكر، بل أضاعت على مصر مليارات كانت كفيلة بأن تمنع الأزمة الاقتصادية «الطاحنة» التي تعاني منها الدولة.



على مدار أكثر من عامين تجاوزت زيارت السيسي الخارجية، 44 زيارة، استغرقت 65 يوما، بمعدل زيارة خارجية واحدة كل أسبوعين تقريبا، وهو معدل كبير للغاية في عُرف الزيارات الدولية.



كان جزءًا من تلك الزيارات روتينية، بينما شمل أغلبها توقيع اتفاقيات وبروتوكولات تعاون، ومعاهدات، فماذا جنت مصر من تلك الزيارات؟ وهل حملت رخاءًا اقتصاديًا حلم به المصريون مع كل زيارة خارجية؟ أم أنها زادت معاناتهم وخيبت آمالهم.



زيارة روسيا:

تعد روسيا هي الدولة الأبرز في زيارات السيسي الخارجية، وهي أكثر الدول التي وقع معها معاهدات واتفاقات خلال العامين الماضيين، ولكن من ينظر إلى طبيعة تلك الاتفاقيات سيجد أنها تصب في اتجاه واحد هو الاتجاه الروسي بينما لم تنتفع منها مصر بأي عائد اقتصادي يذكر، وإنما أضافت مليارات الدولارات كأعباء على الاقتصاد المصري، بل وعلى كاهل الأجيال القادمة.



ذهب السيسي خلال العامين الماضيين في ثلاث زيارات  خارجية إلى روسيا،  وتم خلال تلك الزيارات توقيع عدد من الاتفاقيات، هي: اتفاق بشأن إنشاء منطقة صناعية روسية في مصر، ولكن هذا الاتفاق لم يتحقق على مدار عامين، وكذلك تم توقيع مذكرة تفاهم حول مشروع الضبعة تبعه، توقيع قرض روسي لإنشاء هذه المحطة النووية، بقيمة 25 مليار دولار.



أثار هذا القرض الذي يعد الأكبر في تاريخ مصر، تساؤلات عديدة حول التكلفة المبالغ فيها للمفاعل النووي، خاصة وأن مصر في عام 2008 وقعت في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، عقد إقامة محطة نووية في ذات المنطقة، بتكلفة 2 مليار دولار فقط، وهو ما يمثل خسارة لمصر بقيمة 23 مليار دولار لم يقدم احد تفسيرا منطقيا ولا مبررا لها.



لم تكن هذه وحدها هي الأموال التي دفعتها مصر في اتفاقياتها مع روسيا، ولكنها دفعت خلال العامين الماضيين ما يزيد على 10 مليارات دوﻻر لشراء أسلحة من الدب الروسي، فقامت بشراء بطاريات صواريخ مضادة للطائرات من طراز "إس300"، بالإضافة إلى سربي طائرات "ميج 35"، وصفقة طائرات "ميج 29"، وطائرات عمودية من نوع "إم.آي 35"، ومنظومات "بريزيدنت-إس" الروسية لحماية الطائرات والمروحيات من صواريخ "أرض -جو" و"جو-جو".



وبينما دفعت مصر كل هذه الميارات لم تحصل على أي مقابل، حتى أن هذه الزيارات لم تفلح في إعادة حركة السياحة  الروسية المتوقفة منذ عام، والتي بلغت خسائر مصر  بسبب توقفها نحو 2.5  مليار، كانت تدرها السياحة الروسية،عام 2014 ، من خلال زيارة نحو 3.16 ملايين سائح.



الصين

حرص السيسي خلال العامين الماضيين على زيارة الصين 3 مرات، كانت الأولى في ديسمبر2014، والثانية في يوليو 2015، بينما كانت الزيارة الثالثة في سبتمبر2016، وحرص الرئيس على اصطحاب ممثلين لوزارات الصناعة والتجارة والخارجية والتعاون الدولي والنقل والكهرباء والاتصالات والإنتاج الحربى والاستثمار والإسكان والبترول بالإضافة إلى الهيئة الاقتصادية لقناة السويس، في زياراته.



ووقع المسئولون عدة اتفاقيات مع الجانب الصيني كان أبرزها، إعادة إحياء طريق الحرير البري والبحري، وهو مالم يتحقق، فضلا عن بروتوكولات من جانب شركة «هواوي» الصينية للاتصالات، بهدف الاستثمار في مصر، وهو مالم يحدث أيضا، بالاضافة إلى شراء مصر لصفقة طائرات مقاتلة صينية، وأبرزها طائرة "جي – 31 المقاتلة، وحتى هذه لم تتحقق أيضا، بما يعني ان الزيارات الثلاث لم تكن لها فائدة تذكر لمصر او للصين.



فرنسا

زار السيسي فرنسا مرتين الأولى في نوفمبر 2014، حيث التقى خلالها الرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند، وكررها في نوفمبر 2015، لحضور مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ، والتقى خلاله بالرئيس الفرنسي «فرانسوا أولاند».



وخلال الزيارتين اتفق السيسي مع «أولاند» على تفعيل عدة مشروعات واستثمارات فرنسية في مصر، شملت توقيع اتفاقات منح وقروض في مجملها تصل إلى 200 مليون يور، منها منحة لتوصيل الغاز للمنازل بمبلغ 68 مليون يورو، مقدمة من الاتحاد الأوروبى، وتوقيع اتفاق تسهيل ائتمانى مبسط لتمويل إنشاء مركز تحكم إقليمي بمنطقة الدلتا بمبلغ 50 مليون يورو، بجانب اتفاق آخر لإعلان مشترك بشأن مشروع توسيع محطة معالجة مياه الصرف الصحى بشرق محافظة الإسكندرية بمبلغ 60 مليون يورو،.



في  المقابل استطاعت فرنسا بيع 24 طائرة من نوع «الرافال» الفرنسية لمصر، وتقدر قيمة الصفقة بـ5.2 مليارات يورو،  بالإضافة إلى صفقة حاملة المروحيات من طراز «ميسترال»، التي أطلق عليها اسم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، بقيمة 451 مليون يورو، أي أن ميزان النفع كان 6 مليارات لفرنسا مقابل 200 مليون لمصر كان أغلبها عبارة عن قروض.



ألمانيا:

زار السيسي ألمانيا مرة واحدة في يونيو2015، وخلال تلك الزيارة وقعت مجموعة «سيمنس» الصناعية الألمانية مع مصر صفقة بقيمة 9 مليارات دولار، دفعتها مصر؛ لتوريد محطات كهرباء تعمل بالغاز وطاقة الرياح.



4 غوصات تايب 209 المانية، بتكلفة الواحدة 290 مليون يورو، في حين لم تتمكن مصر من الحصول على أي مميزات سواء سياحية او استثمارية.



اليونان وقبرص

عقد الرئيس 3 لقاءات عرفت باسم قمة "الكالاماتا" الثلاثية، مع كل من اليونان وقبرص، كان منها  زياراتين خارجيتين، استضافتها قبرص في نيقوسيا في إبريل 2015، جمعت  بين الرئيس عبدالفتاح السيسي، ورئيس وزراء اليونان "أنتونيس ساماراس"، والرئيس القبرصي "نيكوس أناستاسيادس"، ودارت مجريات القمة بشكل رئيسي حول ترسيم الحدود البحرية في منطقة شرق المتوسط.



وصدق الرئيس عبدالفتاح السيسي على الاتفاقية الإطارية لتقاسم مكامن الهيدروكربون"،  وتلك الاتفاقية، أقرت بشكل نهائي وبلا ملاحظات التزام مصر باتفاقية ٢٠٠٣، بما يعني ضمنياً أن مصر اعترفت بترسيم الحدود المنفرد لقبرص وإسرائيل، وبناء عليه تم فرض منطقة "تنقيب مُنسق" بعمق ١٠ كيلومتر، وهو ما يعني حق قبرص بالاعتراض على أي تنقيب مصري في هذا الجانب،  وتنازل مصر عن حقها في حقل أفروديت أكبر حقل قبرصي موجود في منطقة "البلوك ١٢"، وهي تقع داخل المنطقة الاقتصادية لقبرص لكن طرفها الجنوبي متداخل في الحدود المصرية، والاتفاق أخرج البلوك ١٢ تماماً من منطقتنا، وحرم مصر من حقها في التصرف بالجزء الواقع في مياهها الاقتصادية".



وفي ديسمبر 2015،  جاءت القمة الثالثة في أثينا باليونان ونتج عنها ما عرف بـ"إعلان أثينا"، وتم من خلاله التوقيع على ترسيم جديد للحدود البحرية، يمنح اليونان شريط مائي يمتد بين مصر وتركيا ويقع ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة لمصر، الأمر الذي وُصف بأنه تنازل كبير تقدمه مصر في حقوقها البحرية.



وطبقًا للاتفاقية الموقعة بين الدول الثلاث، فإنَّ مصر أعطت لليونان جزءًا من منطقتها الاقتصادية الخاصة للخط بين قبرص واليونان والبالغ 297 كيلومترًا بالرغم من كونه أكبر من خط مصر تركيا والبالغ 274 كيلومترًا بالمخالفة لقواعد القانون الدولي.

في المقابل لم تجني مصر أي مكاسب اقتصادية تذكر.



إيطاليا:

زار السيسي إيطاليا في نوفمبر 2014، وشهدت الزيارة توقيع 9 اتفاقيات مع الجانب الإيطالى، وذلك فى عدة مجالات مختلفة بقيمة نصف مليار دولار، وشملت الاتفاقيات، اتفاقية بين مركز دعم تمويل الصادرات الإيطالى (ساشا) ووزارة الصناعة، للتأمين على الصادرات، واتفاقية بين ساشا ووزارة الاستثمار، واتفاقية بين مركز تحديث الصناعة ومؤسسة سيميز الإيطالية للتمويل، ولكن هذه الاتفاقيات لم تر النور وتوقفت بعد أزمة ريجيني.



السعودية

تعد السعودية هي أكثر الدول التي زارها السيسي ووصلت زياراته لها 7 زيارات، حيث زارها للمرة الأولى، بعد انتخابه في 10 أغسطس 2014، وكانت الزيارة الثانية للرئيس السيسي إلى السعودية في 19 يناير 2015،ثم في 24 يناير 2015 لتقديم واجب العزاء للملك سلمان بن عبدالعزيز في وفاة شقيقه، وفي 1 مارس 2015 توجه الرئيس السيسي للسعودية للمرة الرابعة، في أول زيارة رسمية للبلاد في عهد الملك سلمان،  وفي نوفمبر 2015، زار السيسي السعودية للمرة السادسة،والسابعة كانت في مارس  2016،



وخلال تلك الزيارات وقعت مصر على عدد من الاتفاقيات في أغلبها كانت عبارة عن قروض، حيث قدمت السعودية قروضًا ميسرة بمبلغ 350 مليون دولار لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، واعلنت السعودية عن استثمارات  في مصر بقيمة 8 مليار دولارات، في يوم اعلان مصر الانضمام للتحالف الاسلامي، ولكن لم يتحقق الكثير من تلك الوعود، فبحسب تقرير الجهاز المركزي في أغسطس الماضي، حصلت مصر على 3 مليارات دولار من السعودية، منها مليار دولار فى 2014، و2 مليار دولار فى2015  



في مقابل ذلك أرسلت مصر قوات جوية للسعودية بحسب ما كشفه السيسي في لقائه الأخير مع رؤساء تحرير الصحف المصرية، فضلا عن تنازل الحكومة المصرية للسعودية عن جزيرتي تيران وصنافير.



السودان وإثيوبيا

زار الرئيس السيسي السودان مرتين، الأولى في 27 يونيو 2014، وكانت لعدة ساعات للاطمئنان على صحة الرئيس السوداني بعد عملية أجراها، وكانت الثانية في 23 مارس 2015، حيث أجرى مباحثات ثلاثية مع الرئيس السوداني عمر البشير ورئيس الوزراء الإثيوبي هيلاماريام ديسالين فى إطار مناقشة أزمة سد النهضة.



وكذلك زار إثيوبيا ثلاث مرات، الأولى في 28 يناير 2015، في أعمال القمة الـ24 للاتحاد الإفريقي التي عقدت في أديس أباب، والثانية في  23مارس 2015، والثالثة في 30 يناير 2016، وركزت محور الزيارات الخمس على مناقشة أزمة «سد النهضة»، وتم التوقيع على الاتفاق الإطاري بين الدول الثلاث، وهو الذي سمح لإثيوبيا ببناء سد النهضة، حتى إنهائه في يونيو 2017، في حين لم تستفد مصر شيئًا من تلك المفاوضات، بل منحت اعترافا مجانيا بسد النهضة.



وكان للرئيس السيسي جولات متعددة أغلبها دورية لحضور اجتماعات دولية وبعضها لقاءات ودية، مع دول مختلفة ولكن لم يكن لأي منها نتائج تذكر، وشملت دول مختلفة مثل الجزائر، وغينيا، وأسبانبا والمجر.