رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

طارق عبد الجابر: 80% من العاملين بـ«الشرق» ليس لديهم ميول سياسية.. "حوار"

طارق عبد الجابر
طارق عبد الجابر


«عشة» في مصر أفضل من قصر بتركيا. 


عصام كامل وياسر رزق والسناوي والحسيني ساهموا في عودتي لمصر «آمنًا».


الإعلام المصري يفتقد للمهنية.. وممدوح البلتاجي وراء رحيلي من «التليفزيون المصري».


عملي في «أون تي في» من أفضل المراحل في حياتي.. واستعد لتقديم برنامج «فني اجتماعي».


انحيازي للقضية الفلسطينية ضايق الإسرائيليين.. والسيسي لا يملك «عصًا سحرية» لحل المشكلات.


قال الإعلامي طارق عبد الجابر، إن الفترة الزمنية التي قضاها في العمل بقناة «الشرق» تعد من أسوأ المراحل في حياته المهنية، لافتًا إلى أن 80 % من العاملين بالقناة ليس لهم أية توجهات سياسية، موضحًا أن ممدوح البلتاجي، وزير الإعلام الراحل، كان السبب الرئيسي في رحيله عن «التليفزيون المصري»، فكان يردد دائمًا أنه «لا يحب الناس المشهورة».

وأضاف «عبد الجابر» في حوار شامل لـ«النبأ»، أنه تعرض لحملات هجوم شديدة من بعض الجهات الخارجية بعد قرار عودته إلى مصر، منوهًا إلى أنه يستعد لتقديم برنامج يهتم بالنواحي الفنية والاجتماعية، وأنه يحتاج في المرحلة القادمة إلى نوع من «الهدوء النفسي»، وإلى نص الحوار:


لماذا تركت التليفزيون المصري بعد تحقيقك شهرة كبيرة؟

كانت مهمتي قد انتهت، وجاء وزير إعلام جديد وقتها هو ممدوح البلتاجي، وأراد أن يجري بعض التغيرات، وكان له جملة معروفة يرددها دائمًا وهي «أنا مبحبش الناس المشهورة»، وتركت التليفزيون في أواخر عام 2007، ولم يكن لدى «البلتاجي» فكر أو شيء يقدمه، بدليل أنه لم يستمر في الوزارة أكثر من شهرين.


ما الانفرادات التي قدمتها؟

قدمت العديد من التغطيات الهامة، منها الحرب الأهلية في «روندا»، والتي راح ضحيتها 3 ملايين شخص، وحرب تشاد، وحرب  البوسنة والهرسك، فما رأيته هناك هو ما يحدث اليوم في سوريا، وقمت بالتغطية في كينيا ونيروبي وأفغانستان، والعراق، وجنوب إفريقيا، وهونج كونج، والصومال، وإثيوبيا، وإريتريا، والجابون، وتشاد، وليبيريا، والهند، وكشمير، وكان لي السبق في إدخال قطاع الأخبار لهذه الأماكن، ونقل الواقع للمشاهد المصري، خاصة أنه لم يكن هناك «يوتيوب» وقتها، وكنا النافذة الوحيدة للمواطن المصري على العالم كله، وإفريقيا بشكل خاص.


وماذا عن عملك في فلسطين؟

مرحلة فلسطين واحدة من أهم المراحل في حياتي، ولها ذكريات جميلة لا يمكنني نسيانها، وهي أكثر بلد عملت فيها نحو 8 سنوات، وهي الفترة التي يراها الجماهير سببا في شهرتي، لأن أحداثها كانت تقع بشكل يومي، كما أننا نعتبرها قضية قومية، فكنت أطل على الشاشة بشكل شبه دائم، وكنت أنقل الواقع دائمًا للناس، وهي من المراحل التي أعتز بها، والتي علقت في أذهان المشاهدين، والفضل يعود لجرأة وإرادة وقناعة رؤساء تحرير قطاع الأخبار، رغم تنافى ذلك مع التعليمات، وهم أيضًا سبب نجاحي.


ما أبرز الشخصيات التي قابلتها في فلسطين؟

كل الشخصيات قابلتها في إسرائيل، شارون، ونتنياهو، وإيهود باراك، وإيهود أولمرت، وغيرهم، بحكم عملي وليس أي شيء آخر.


اتهمت بالولاء لإسرائيل نظرًا لعملك لفترة طويلة في الأراضي المحتلة.. ما تعليقك؟

كنت مراسلًا للتلفزيون المصري في إسرائيل، وهي مهمة رسمية وضايقت الإسرائليين كثيرًا، خاصة مع انحيازي للجانب الفلسطيني أثناء التغطية، فإذا كان ولائي لهم، كيف ستتركني الأجهزة الأمنية أغدو وأعود من وإلى إسرائيل، وكيف سأظل أعمل مراسلا لتلفزيون الدولة هناك نحو 8 سنوات، وكيف تقبل الأجهزة الأمنية عودتي والتأكيد على نصاعة ملفاتي، من يقول هذا الكلام هو حر في شأنه لن أقف حارسًا على شفاه الناس، لكن المستمع يجب أن يعقل ما يقال، فهذا اتهام خطير وغير منطقي.


أين عملت بعد تركك التلفزيون المصري؟

بعد تركي للتلفزيون جاءتني فرص متواضعة، فقدمت برنامجًا بعنوان "وراء الأخبار"، في قناة اسمها "البركة"، وكان برنامجًا ناجحًا، ثم حصلت على فرصة رائعة في قناة "أون تي في" وكانت من أحسن المراحل في حياتي، عملت معهم نحو عام مراسلًا في ليبيا، وتفوقنا على القنوات المنافسة والتي كانت وقتها الجزيرة والعربية، فكنا في الترتيب الثاني بعد الجزيرة، وقدمت للقناة خطة تقوم على التكثيف الشديد كعنصر جذب، فهناك نحو 3 ملايين مصري في ليبيا، ويريد أهلهم أن يعرفوا أخبارهم باستمرار، فكنا نقدم رسالة من ليبيا على رأس الساعة في كل نشرات الاخبار، سواء صوتية أو فيديو، وكنا نهتم بأخبارهم إلى درجة أن الناس بدلًا من السؤال عن ابنائهم في الخارجية، كانوا يتوجهون لمقر "أون تي في" ليقدموا تساؤلاتهم، وكنا نقدم رسائلنا في كل البرامج، مع ريم ماجد، ويسري فودة، وعمرو خفاجي، وليليان داوود، وفي "صباح أون" أيضًا، وبعد عودتي لمصر عملت معهم 6 شهور، قدمت تقارير في الشارع وأحيانًا بث مباشر، وركزت على مشكلات المواطن أكثر من الصراع السياسي، وهو ما تسبب في تعلق الناس بي.


هل تسببت المشكلات في رحيلك عن "أون تي في"؟

نهائيًا، فقد كانت من أفضل المراحل في حياتي، وعندما تركت القناة قاموا بعمل حفلة لتكريمي، لم يكن هناك أي مشكلات، فقط انتهت فترة تعاقدي، وظننت أنني قدمت كل ما أملك، ولكني كنت مخطئًا بتركي للقناة، إلا أن الإنسان لا يأخذ سوى نصيبه.


ماذا عن كواليس التحاقك بقناة الشرق؟

لا يوجد تفاصيل، تحدث إليّ الدكتور أيمن نور، وعرض علي العمل في القناة، وكان وسيطًا مع باسم خفاجي، وذهبت للعمل فيها، وفي الواقع كان ذلك أحد الأخطاء التي قمت بها، ولو عادت دورة الحياة من جديد لن أكرر تلك التجربة، فلم تكن جيدة بالنسبة لي نهائيًا، هي مرحلة وانتهت، وليس لدي أسرار أخرى بشأنها، لم أكن أعرف توجهاتها، وكنت أقدم برنامجًا تاريخيًا بعنوان "الأبواب الخلفية"، وليس سياسيًا.


هل الإخوان بالفعل يمولون القناة؟

لا أعلم، إذا سألت أي وسيلة إعلامية عن تمويلها لن تخبرك، فالناس يظنون أننا ندخل المؤسسات فتخبرنا عن الجهات التي تحصل على أموالها منها، ولكن ذلك لا يحدث في الواقع، ونحو 80% من العاملين في قناة الشرق لم يكن لديهم أي ميول سياسية، كانت مجرد فرصة عمل لعدم وجود فرص لهم في مصر، وإذا سألت أغلبهم سيقولون إنهم يرغبون في العودة إلى مصر.


هل كان الخلاف المادي السبب الوحيد لرحيلك عن القناة؟

كان هناك اختلافات كثيرة جدًا، ولا أنفي أن من ضمنها الأسباب المادية، لكني كنت استعد لتركها في كل الأحوال، وكنت في مرحلة يجب أن أتوقف فيها، كما حصلت على عرض جيد من قناة في لندن، لكن وقوع بعض المشكلات المادية وأمور أخرى عجلوا في تركي للقناة، ثم رحلت إلى اليونان.


هل فرضت عليكم سياسة تحريرية معينة؟

لا، كانت القناة تترك كل شخص يتحدث فيما يريد، وهذا بالطبع خطأ كبير، وليس في قناة الشرق فقط، فنحن كإعلام مصري للأسف ، ومع احترامي الشديد للجميع، سواء في الخارج أو الداخل، نفتقد إلى المهنية.


من ساهم في عودتك لمصر؟

أدين بالشكر لربنا  ثم الرئيس السيسي، ثم أصدقائي الإعلاميين الذين ساعدوني، وتكلموا في حق عودة طارق عبد الجابر لمصر، على رأسهم عصام كامل ، المحامي طارق العوضي، عبد الله السناوي، ضياء رشوان، ياسر رزق، عماد حسين، محمد المندراوي، سامح عبد الراضي، يوسف الحسيني، وغيرهم، فكثير من الناس تدخلوا، والرئيس قال "يرجع.. ليه لأ"، فطالما ليس عليك أحكام ولم تدعو لهدم الدولة أو قتل الجنود أهلاً وسهلًا بك في بلدك، فالدولة ترحب بعودة أي ابن لها من الخارج وهذا شيء يحسب للرئيس.


ما الصعوبات التي واجهتك بعد العودة؟

لم تواجهني صعوبات من الطرف المصري، ولكن بعض الجهات الخارجية نظمت حملة إرهابية ضدي، وكانت بمثابة حرب نفسية، وكان المقصود بها أن أي شخص يفكر في السير على خطى طارق عبد الجابر سيتم التشهير به ومهاجمته، وتعرضت للهجوم من الإخوان أيضًا بشكل مباشر على صفحتي بموقع «فيس بوك»، فمازالوا متمسكين بالشرعية وعقلية أنهم سيعودون، ومازلت أنا متمسك بأنهم لن يعودوا أبدًا، وإذا تم إجراء انتخابات لن يقبلهم الناس نهائيًا، الشعب تعلم الدرس، بينما يرفض الإخوان تعلمه.


وكيف واجهت الهجوم عليك؟

لم اهتم بما قيل من «قذائف الإخوان» أو غيرهم، فالمهم أنني في وطني الآن، لا يعنيني ما يقوله الآخرون، فهنا في مصر كل شيء يأخذ وقت وينتهي، وتعلمت من الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل، أنه كان دائمًا يقول "متردش على حد"، وبالفعل التجاهل وعدم الرد جعلهم جميعًا يتوقفون عن حملات الهجوم؛ لأنهم علموا أنني لن أدخل في جدال معهم.


وكيف كان وضع الحياة في تركيا؟

الله وحده يعلم كيف يعيش المصريون هناك، الحياة صعبة جدًا، تركيا كبيرة جدًا، وكنا نعيش على الحدود البلغارية، ولم نفكر في الخروج أو التنزه كما يظن الناس، كنا نعمل ونعود للمنزل فقط، فلم أستمتع هناك نهائيًا، العيش في حارة أو عشة في مصر، أفضل من الحياة في قصر في تركيا.


متى اتخذت قرار العودة لمصر؟

تركت قناة «الشرق» في شهر يونيو 2015، ثم سافرت إلى اليونان، وأخذت قرار العودة من هناك وليس من تركيا، وعدت إلى مصر في إبريل 2016، فلا يمكن لأحد الاستغناء عن بلده، وكان لابد من العودة مهما كلفني الأمر، ولم يكن علي أية أحكام قضائية، ووافق الرئيس على طلب رجوعي، والحمد لله أني عدت إلى مصر بخير، وأدين له وللأجهزة الأمنية أنهم سمحوا لي بالعودة لبلدي «معززًا مكرمًا»، ولم يمسني أحد بسوء، ولم يكن في ملفي ما يمنع عودتي، وأنا أصلًا لا أنتمي للإخوان، بل كنت في حزب الجبهة الديمقراطية الذي يترأسه أسامة الغزالي حرب، وهو حزب ليبرالي 100%، وليس لي أي علاقة بالتيار الديني على الإطلاق.


لماذا طلبت العودة لمصر ولم تختر البقاء في اليونان رغم أن والدتك يونانية؟

السؤال هو ما الذي يمنع رجوعي مصر؟، بيتي هنا ووطني هنا.. وهنا ولدت ولي أهلي وأصحابي، فليس من الطبيعي أن أبقى خارج الوطن.


وماذا عن أحوالك الصحية؟

صحتي بخير، وفي تحسن، وأسير على العلاج بالتزام، والحمد لله أني رجعت بلدي وهذا أهم شيء.


ما تقييمك للمشهد السياسي؟

"الله يكون في عون الرئيس عبد الفتاح السيسي"، فهو مسئول عن أكثر من 90 مليون مواطن، طعامهم وعلاجهم، وملايين لا يعملون، كما يواجه مشكلات تراكمت منذ 30 عامًا، فضلا عن الأزمة الاقتصادية الطاحنة، فالمرحلة الحالية صعبة جدًا، وبحاجة للضرب من حديد مع كل من يعبث بالاقتصاد المصري، فالأمور أصبحت صعبة، وهو لا يملك عصا سحرية.


هل لديك خطة إعلامية للفترة المقبلة؟

أستعد لتقديم برنامج تلفزيوني جديد خلال الأيام المقبلة، وتوجهي القادم هو الابتعاد عن السياسة، وسأتخصص في تقديم الموضوعات الفنية والاجتماعية، فالمرحلة المقبلة بحاجة إلى هدوء شخصي ونفسي، ولست متعجلًا، وأرغب في تقديم عمل فني اجتماعي جيد، والأيام المقبلة ستكون أفضل بإذن الله.