رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

هند رستم.. عاشت طفولة قاسية ورفضت لقب "ملكة الإغراء"

هند رستم
هند رستم

فنانة مصرية جميلة، استطاعت بموهبتها المتميزة أن تكون علامة بارزة في تاريخ السينما المصرية، حتى أصبحت واحدة من أشهر نجمات جيلها وألمع ساحرات الشاشة.


رفضت لقب "ملكة الإغراء"، التي أطلقه عليها الإعلامي مفيد فوزي، رغم أنها كانت الأحق به، فكانت أول من أثبت أن الإغراء قد يكون بالإيحاء أو التعبير، دون التعري، فأُطلق عليها "مارلين مونرو الشرق"؛ نظرًا للتشابه الكبير بينها وبين الفنانة مارلين مونرو، في جمالها ورقتها وحتى شعرها الأشقر المعروف، هي الفنانة هند رستم، والتي تحل اليوم الذكرى الخامسة على وفاتها.



ولدت الفنانة هند رستم في 12 نوفمبر عام 1931، في بيت صغير في محرم بك، لأب من أصل تركي وأم مصرية، فكانت عائلتها ميسورة الحال، إلا أنها عانت كثيرًا في طفولتها بعد انفصال والدها عن والدتها، وتزوج أمها من آخر، عاملها معاملة سيئة قاسية، اضطرتها إلى الهرب من المنزل إلى والدها بالإسكندرية، الذي اهتم بتعليم ابنته في مدرسة "سان فانسان دي بول"، والتي كان كل تلاميذها من "أبناء الذوات".



درست هند، في المدرسة، العديد من اللغات الأجنبية، فتعلمت قواعد التفكير السليم وتحررت من القيود التي عفا عليها الزمن، وشاركت في العديد من العروض المدرسية، دفعها حبها للفن والتمثيل إلى أن تحلم باليوم التي ستصبح فيه نجمة مشهورة، يلفت حولها المعجبون، ويطلبون منها أن توقع لهم على "الأوتوجراف"، وقد كان.



بدأت الفنانة هند رستم، مشوارها الفني، كـ "كومبارس صامت"؛ حيث شاركت في 8 أفلام لم تنطق فيهم بكلمة واحدة، منهم: "قلبي دليلي"، فكانت واحدة من الفتيات اللاتي ركب الخيل خلف الفنانة ليلى مراد، في أغنية "اتمخطري يا خيل"، وفيلم "الستات ميعرفوش يكدبوا"، والذي جسدت فيه دور الفتاة المعتوهة التي أجّرت إخواتها الرضيعات لـ"نوح أفندي"، وهو الفنان إسماعيل يس.



لعبت الصدفة دورًا كبيرًا في انطلاق "رستم"، نحو الشهرة والنجومية؛ عندما ذهبت إلى مكتب شركة الأفلام المتحدة، فيراها هناك المخرج  حسن رضا، ويعجب بجمالها وأنوثتها، ويُقرر الزواج منها، وينجب منها بعد ذلك ابنتها "بسنت"، وتبدأ معه رحلة نجاحها، وتقدم أول أدوارها الحقيقية مع الفنان يحيى شاهين، في فيلم "أزهار وأشواك"، عام 1946.



قدمت هند، عددًا كبيرًا من الأعمال السينمائية، بعدما استطاعت أن تلفت أنظار المخرجين إليها، ليبلغ عدد أفلامها 80 فيلمًا، منهم: "ابن حميدو، وصراع في النيل، ورجل بلا قلب، وكلمة شرف، والخروج من الجنة، وإشاعة حب، وشفيقة القبطية، ولا أنام، إسماعيل يس في مستشفى المجانين، وأنت حبيب، ورد قلبي، وبنات حواء، واعترافات زوج"، وغيرها.



وحصدت "رستم"، العديد من الجوائز والأوسمة، خلال مشوارها الفني"؛ ففي عام 1957 حصلت على شهادة تقدير عن فيلم "نساء في حياتي" من مهرجان فينسيا، وجائزة النقاد عن فيلم  "الجبان والحب"، كما كُرمت من جمعية العالم العربي بباريس، ومهرجان القاهرة السينمائي الدولي 1993.



عُرفت "مارلين مونرو الشرق" بعشقها للكلاب، وتقديسها لـ "الأنتيكات" والتحف، فكانت تكره أن ينقلها أحد من المكان الذي وضعتها فيه، فضلًا عن حبها الشديد لباريس، وكُرها لـ "إسطنبول"، على الرغم من أنها بلد أهلها.



تزوجت الفنانة هند رستم، للمرة الثانية، من الدكتور محمد الفياض، الذي كان أشهر طبيب نساء في مصر وقتها، واستمر زواجهما لأكثر من 50 عامًا ورغم أنها وصفت زيجتها هذه بـ "زواج الصالونات"، إلا إنها وقعت في غرامه وأحبته بشدة بعد الزواج، خاصة بعدما وجدته يعامل ابنتها "بسنت" كإنها ابنته، وكان يبلغ عمرها وقتها 7 سنوات فقط، فكانت دائمًا ما تصفه بأنه "ملاك رحمة ضل طريقه إلى البشر".



وعلى الرغم من تاريخها الفني الحافل الطويل، اختارت "رستم" أن تبقى بجانب زوجها، خلال فترة مرضه، فـ اعتزلت الفن والتمثيل تمامًا، وقالت مرة في إحدى اللقاءات التلفزيونية بعد سؤالها عن سبب اعتزالها: "السبب في اعتزالي الفن كان لرغبتي في البقاء بجوار زوجي الطبيب الراحل محمد فياض، وكان من الصعب أن يرجع من عمله المرهق طول اليوم ويسأل عنى فيجدني في الإستوديو، فشعورًا منى بأهمية مهنته وضرورة توفير الجو المناسب لراحته بالمنزل قررت اعتزال الفن تمامًا."



وبعد وفاة "فياض" في 2009، لم تتحمل هند فراقه، فدخلت في عُزلة تامة عن الناس، رافضة الظهور في أية مناسبات اجتماعية، حتى لحقت به بعد عامين فقط من غيابه، وفارقت الحياة في 8 أغسطس عام 2011، عن عمر ناهز الـ 80 عامًا، إثر تعرضها لأزمة قلبية مفاجئة، تاركة خلفها تراثًا عظيمًا وتاريخًا فنيًا حافلًا بالأعمال الفنية الرائعة.