رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

انتهاء «شهر العسل» بين الأقباط و«معشوق الملايين»

السيسي في الكنيسة
السيسي في الكنيسة


من جديد عادت أحداث الفتنة الطائفية لتصدر عناوين الجرائد والنشرات الإذاعية والتليفزيونية، لاسيما بعدما شهدت محافظة المنيا عددًا كبيرًا من هذه الأحداث، خاصة فى قرى «الكرم»، و«أبو يعقوب»، وهو ما تسبب فى غضب قبطى، ظهر فى تصريحات البابا «تواضروس الثاني» الذى قال فى تصريحاته الأخيرة: «الكنيسة تسيطر حتى الآن على غضب الأقباط فى الداخل والخارج، لكنها لن تصمد كثيرا أمام هذا الغضب»، كما هاجم البابا فى مقاله الأخير بمجلة «الكرازة» الناطقة باسم الكنيسة، الشروط التى وصفها بـ"التعجيزية" فى بناء الكنائس، بعد تأخر صدور قانون بناء الكنائس حتى الآن، معربًا عن تطلع الكنيسة لقانون عادل ذى بنود واضحة و"بلاء ألغام".


يبدو أن تصريحات البابا «تواضروس» تؤكد أن الوسط القبطى يعيش على صفيح ساخن ويعانى من حالة من الغليان والغضب الشديد من الحكومة، والرئيس عبد الفتاح السيسى، بسبب ما يراه الأقباط من تقصير فى حقهم وعدم تطبيق القانون، كما أنهم  علقوا آمالا كبيرة عليه، وهو ما دفعهم للمشاركة فى ثورة «30 يونيو»، وتدعيمه فى الانتخابات الرئاسية، والوقوف إلى جواره بعد أن أصبح رئيسا للجمهورية، ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن، ويبدو أن القوى التى كان الرئيس يحظى بتدعيمها أصبحت منقسمة فى تأييده.


فى هذا السياق، يقول المستشار نجيب جبرائيل، رئيس منظمة الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان، إن المشاكل التى يتعرض لها الأقباط فى الفترة الأخيرة تعكس ضعف «هيبة الدولة»، ورغبة السلطة فى جعل سطوة السلفيين أقوى وأكبر فى السيطرة على مقاليد البلد.


وأضاف «جبرائيل» فى تصريح خاص لـ"النبأ"، أن المسئولين دفنوا رءوسهم فى الرمال خلال أحداث الاعتداء على المسيحيين فى قرى الكرم وأبو يعقوب وكوم اللوفى فى المنيا وصفط الخرسا فى بنى سويف، موضحًا أن هذه الاحداث تعكس أن حقوق الأقباط بالنسبة لشئون المواطنة مازالت منقوصة، فى حرية العقيدة.


وأوضح «جبرائيل» أن استخدام الدولة للحلول الأمنية والجلسات العرفية الفاشلة، أثبت عجز الدولة عن تفعيل القانون، مشيرا إلى أن الجهات السيادية توضح للرئيس السيسى أن ما يحدث ليست أحداثا طائفية، وأنها مجرد أحداث فردية، متسائلا: هل الاعتداء على الكنائس وحرقها أحداث فردية أم طائفية؟


وأكد رئيس منظمة الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان، أن الرئيس السيسى فى مأزق كبير لكثرة الاعتداءات على الأقباط، متابعًا: «نحن كأقباط غاضبون ونتكلم بعشم فى أن يتدخل الرئيس السيسى لحل هذه المشاكل وتفعيل القانون»، مطالبًا بإسناد ملف الأحداث الطائفية إلى مؤسسة الرئاسة.


وأشار «جبرائيل»، إلى أن الأقباط ليسوا غاضبين من الرئيس، وأن هذه الأحداث لن تنتقص من حبهم له، مؤكدا  أن ما يحدث سيؤثرعلى شعبيته السيسى بصفه عامة.


وأكد جبرائيل أن السيسى أمامه فرصة للخروج من هذا المأزق، وذلك عن طريق  تطبيق القانون وتقديم الجناه إلى العدالة، متابعا: "أشفق على الرئيس وجهوده الجبارة فى التنمية والديمقراطية والتى سوف تضيع هباء على أيدى مسئولين يتعمدون غياب القانون وعدم تطبيقه".


ويقول ممدوح رمزى، عضو مجلس الشورى السابق، إن الأقباط لعبوا دورا كبيرا فى تدعيم الرئيس عبد الفتاح السيسى، وشاركوا بقوة فى 30 يونيو من أجل تحقيق مطالبهم والحصول على حقوقهم، مضيفا أنه تم اللعب بهم والضحك عليهم  وأصبح لهم"الفنكوش"_ على حد وصفه-.


وأضاف «رمزى» فى تصريح خاص لـ"النبأ"، أن الدولة لا تخجل مما تفعلة فى الأقباط، وما يحدث ضدهم، موضحًا أن  التقرير السنوى للأمم المتحدة يؤكد أن مصر واحدة من أسوأ دول العالم فى مجال العنصرية وحقوق الإنسان، مشيرا إلى أنه يخشى أنه يكون هناك غضبة قبطية قادمة لا محالة من الداخل والخارج ضد الحكومة.


وتابع "الحكومة تمنعنا من إقامة الكنائس ومن الصلاة داخل المنازل، وتوجه الاتهامات لنا بأننا نحول المنازل إلى كنائس"، موضحا أن الاقباط يتعرضون إلى إذلال كبير وقهر يتم تنفيذه من قبل الجهات السيادية للدولة، متسائلا: «هل نحن نعيش فى عهد هرتل أم فى عهد مين بالضبظ؟


وأكد عضو مجلس الشورى السابق، أن السيسى  يعيش فى مأزق كبير الآن، كما أن ما يحدث سينقص من شعبيته، مشيرا إلى أن السيسى حاول كثيرا دمج الأقباط فى الحياة السياسية، ولكن هناك إصرار لدى المسئولين على اضطهاد الأقباط، لافتا إلى أنها سياسة متجذرة منذ أيام «عبد الناصر» حتى الآن، للتنكيل بالأقباط وتخييرهم بين ثلاثة أشياء، إما الإسلام أو الجزية أو القتل، مضيفا أن السيسى حاول كثيرا تغيير هذه السياسة ولكنة فشل نظرا لتمددها عبر العصور.


وأشار «رمزى» إلى أن الدولة ترى أنها تعيش فى جزيرة نائية بعيدة عن العالم، ولا يوجد رقابة عليها؛ ما يدفعها إلى عدم تطبيق القانون، لافتا إلى أن العالم يركز على الأحداث التى يتعرض لها الأقباط فى مصر، ولن تمر بسهولة كما يتصور البعض، مطالبا الدولة أن تشرع وتسن قوانين لمن يبعث بأمن هذه البلد ووحدتها، وأن تساوى بين مواطنيها.


واستكمل: «مازال الأقباط يحبون السيسى لأنهم مدركون أنه يفعل الكثير لهم"، موضحًا أن الأجهزة السيادية مخترقة من قبل فلول نظام مبارك، ما يعيق تنفيذ السيسى محاولات الإصلاح.


من جانبه قال المحامى القبطى أبانوب جرجس، إن الاقباط تعرضوا فى الفترة الأخيرة للعديد من المشاكل التى ستؤثر بالسلب على الانتخابات الرئاسية القادمة، مؤكدا أن هناك عددا كبيرا جدا من الأقباط أصبحوا لا يدعمون الرئيس السيسى، مما سيؤثر بنسبة كبيرة على شعبيته نظرا.


وطالب «جرجس» الأجهزة الأمنية، بأن تعمل من أجل الشعب المصرى وليس لصالح الرئيس، وأن يكون هناك إصلاح بالجهاز الإدارى للدولة لحل جميع المشاكل التى يعانى منها الأقباط والمصريين بشكل عام، موضحا أن بعض الأقباط طلبوا بعدم  السماح للسيسى بدخول الكنيسة مرة أخرى، بعد حادثة تعرى «سيدة المنيا».