رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

أحكام هامة في الحجاب الشرعي

 الحجاب الشرعى
الحجاب الشرعى

الحِجاب في اللُّغة من الفعل حَجَبَ أي منع وستر، أمّا في الشَّرع فيُعرف باسم الحِجاب الشَّرعي، وهو ستر المرأة المسلمة لجميع جسدها وزينتها ومفاتنها وحُلِّيها سترًا كاملًا، بما يمنع الرِّجال الأجانب عنها من رؤية شيءٍ من جسدها أو زينتها التي تتجمّل بها، ويكون الاستتار باللِّباس؛ فتستر المرأة جميع البدن ما عدا الوجه والكفيّن، وستر الزِّينة؛ فهو سترٌ لما تتزيّن به المرأة خارجًا عن أصل خلقتها وهو المقصود بقوله تعالى:"ولا يبدين زينتهنّ"، مثل: الكُحل في العين والتي تستلزم النَّظر للوجه والتَّدقيق في العين، كذلك الأقراط والأسوار والقلادة؛ فإنّ رؤيتها تستلزم رؤية المكان الذي وضعت عليه أو حوله.

 

حكم الحجاب فى الاسلام

الحجاب في الجملة فرض وواجب بإجماع المسلمين، قال تعالى: « وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ» [سورة الأحزاب: آية 53‏]، والضمير وإن كان لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم فهو عام لجميع نساء الأمة لقوله: « ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ‏» [سورة الأحزاب: آية 53‏]، فهذا تعليل يشمل الجميع؛ لأن طهارة القلوب مطلوبة لكل الأمة، وقال الله تعالى: « يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ » [سورة الأحزاب: آية 59‏]، فهذا عام لجميع النساء من أمهات المؤمنين وبنات الرسول صلى الله عليه وسلم وغيرهن من نساء المؤمنين، فالحجاب في الجملة واجب بإجماع المسلمين، والسفور حرام.

 

شروط الحِجاب الشَّرعيّ

لكي يكون الحِجاب شرعيًّا لا بُدّ من توافر الشُّروط التَّالية: 

أنْ ترتدي المرأة الحجاب؛ بحيث تضعه على رأسها ثُمّ تلفّه حول عنقها وتغطي به صدرها ونحرها. 

ألا يكون الحِجاب رقيقًا يشفّ ويصف ما تحته من الشَّعر والنَّحر والعُنق والصَّدر وموضع الأقراط من الأُذن. 

أنْ ترتدي المرأة الجلباب وهو من ضِمن الحِجاب، وهو أنْ ترتدي المرأة ثوبًا من رأسها حتى أخمص قدميّها -العباءة-؛ بحيث يوضع على الرأس فوق الحجاب وتتركه لينسدل على سائر جسدها وزينتها. 

ألا يكون الجلباب ملتصقًا بالجسد؛ فيبدي تفاصيل الجسد ومفاتنه. 

ألا يشتمل الحِجاب على زينةٍ في تفصيلته أو لونه أو إكسسواراته وزخارفه. 

اختيار الألوان التي لا تلفت النَّظر كالأسود والبنيّ. 

تجنب رشّ العِطر أو استخدام العود والبخور وأنواع الطِّيب المختلفة على الحِجاب عند الخروج من المنزل.

 

ما حكم الملابس الضيقة عند النساء وعند المحارم؟

لبس الملابس الضيقة التي تبين مفاتن المرأة وتبرز مافيه الفتنة ... مُحرَّم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " صنفان من أهل النار لم أرهما بعد، رجالٌ معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس - يعني ظلماً وعدواناً - ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات ". فقد فُسر قوله كاسيات عاريات بأنهن يلبسن ألبسة قصيرة لا تستر ما يجب ستره من العورة وفسر بأنهن يلبسن ألبسة خفيفة لا تمنع من رؤية ما وراءها من بشرة المرأة، وفُسرت بإن يلبسن ملابس ضيقة ساترة عن الرؤية لكنها مبدية لمفاتن المرأة وعلى هذا لا يجوز للمرأة أن تلبس هذه الملابس الضيقة إلا لمن يجوز لها إبداء عورتها عنده وهو الزوج، فإنه ليس بين الزوج وزوجته عورة لقول الله تعالى:« وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ » [المؤمنون:6،5]. قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ في مجموع الفتاوى [22/146]: ( وقد فسر قوله « كاسيات عاريات » بأن تكتسي ما لا يسترها، فهي كاسية وهي في الحقيقة عارية: مثل من تكتسي الثوب الرقيق الذي يصف بشرتها، أو الثوب الضيق الذي يبدي تقاطيع خلقها، مثل عجيزتها وساعدها ونحو ذلك، وإنما كسوة المرأة ما يسترها فلا يبدي جسمها ولا حجم أعضائها لكونه كثيفاً وسيعاً )


أهميّة الحِجاب الشَّرعيّ

أمر الله سبحانه وتعالى المرأة بالحِجاب وفرضه عليها أمام الرِّجال الأجانب؛ فتُثاب من تلتزم بالأمر وتعاقب تاركته، وذلك من أجل تحقيق مصالح كبيرةً، منها: حفظ العِرض؛ فالحِجاب صيانةٌ شرعيّةٌ للأعراض من الاعتداء بسبب ظهور مفاتن المرأة وزينتها. 

تطهير القلوب؛ فالحِجاب يمنع أسباب النَّظر بين الرِّجال والنِّساء، وذلك مدعاةٌ لطهارة القلوب وسلامة النُّفوس. 

تحقيق مكارم الأخلاق للمرأة والرَّجل من الاحتشام والعِفّة وغضّ البصر والحياء والغيرة. 

تحصين النَّفس من الوقوع في الزِّنا والانجرار وراء الشَّهوات؛ فالحجاب علامة المرأة العفيفة المحافظة على نفسها وعرضها ودينها.

 

الخلاصة:

لم يكن الحجاب يوماً وسيلةً لإبراز المفاتن ولإغراء الشباب كما هو حاصل اليوم بما يسمى "حجاب الموضة "، إنما كان الحجاب ولم يزل خضوعاً لأمر الله عز وجل وصوناً لعفة وكرامة المرأة المسلمة.

فطالما أختي المسلمة أنك ارتضيتِ أن تكوني من المحجبات والحمد لله وممن تبحثُ عن رضى الله ورسوله، فالواجب عليكِ ارتداء الحجاب كما أمر صاحب الأمر جلَّ وعلا، لا كما تتطلب الموضة أو تشتهي النفس، وهذه الكلمات التي بين يديك إنما هي تذكرةٌ عما غفلتِ عنه وبيانٌ لصورة الحجاب الشرعي الذي يرضى عنه الله ورسوله.