رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

الدكتور محمد عبود أستاذ الشئون الإسرائيلية فى حوار لـ«النبأ»: نتنياهو يتعامل مع سكان غزة مثل «شعب العماليق» الذى أمر الرب اليهودى بقتله وإبادته

الكاتب الصحفي على
الكاتب الصحفي على الهواري مع الدكتور محمد عبود

جنود الاحتلال يلجؤون إلى الأعمال السفلية للحماية من ضربات المقاومة

القضاء على المقاومة فكرة خرافية وقطاع غزة فى العقيدة التوراتية جزء من أرض إسرائيل الكبرى 

سنصل لحل الدولتين عندما تتجرع إسرائيل مرارة الهزيمة كما حدث في 1973

هناك مخاوف من زوال إسرائيل لأن أى كيان سياسى لليهود لم يستمر أكثر من 80 عاما

الغطرسة والتجبر والبشاعة فى القتل كانت السبب فى دمار إسرائيل عبر التاريخ 

وجود إسرائيل وزوالها مرهون بالقضاء على المقاومة

فكرة الإبادة الجماعية للفلسطينيين متأصلة فى العقلية اليهودية

عشرات الفتاوى لحاخامات تضع دم الشهداء فى رقبة حماس وتعتبر قتل الطفل الفلسطينى واجب شرعى

الحل الوحيد لإيقاف أحلام إسرائيل التوسعية هو الوحدة العربية والردع المضاد

مواقع التواصل الاجتماعى كشفت الوجه القبيح لإسرائيل وزيف خطاب المظلومية الذى كانت تستخدمه

المظاهرات ضد «تل أبيب» أكدت أن مشكلة العرب مع الحركة الصهيونية وليست مع الديانة اليهودية 

الحاخامات يستغلون جبن المجتمع الإسرائيلى لبيع التمائم والأحجبة والأعمال السحرية 

غزة ستخرج من هذه الحرب «جريحة» لكنها ليست «مهزومة»

الإعلام العبرى ليس حرا ويخضع للرقابة العسكرية من الجيش الإسرائيلى

سياسة الصهاينة تقوم على قتل أكبر عدد ممكن من الأطفال والنساء 

300 ألف يهودى فروا من إسرائيل والحركة الصهيونية تستخدم الدين لتبرير إبادة الفلسطينيين

 

قال الدكتور محمد عبود، أستاذ اللغة العبرية والشئون الإسرائيلية في جامعة عين شمس، إن الإعلام العبري يقدم الفلسطينيين على أنهم شياطين ووحوش يجب قتلهم والتخلص منهم، وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتعامل مع سكان غزة مثل شعب العماليق الذي أمر الرب اليهودي بقتله وإبادته.

وأضاف الدكتور محمد عبود، في حواره لـ«النبأ»، أن القضاء على المقاومة فكرة خرافية، مشيرا إلى أن قطاع غزة في العقيدة التوراتية جزء من أرض إسرائيل الكبرى، لافتا إلى أن حل الدولتين لن يتحقق قبل أن تتجرع إسرائيل مرارة الهزيمة مثلما حدث في حرب 1973.

وأشار أستاذ الشئون الإسرائيلية، إلى أن هناك مخاوف داخل إسرائيل من زوال إسرائيل لأن أي كيان سياسي لليهود لم يستمر أكثر من 80 عاما، مشددا على أن الحل الوحيد لإيقاف أحلام إسرائيل التوسعية هو الوحدة العربية والردع المضاد.. وإلى تفاصيل الحوار..

في البداية كيف يتناول الإعلام العبري الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة؟

الإعلام الإسرائيلي يقدم الإسرائيليين بوصفهم ضحايا والفلسطينيين بوصفهم الجلاد، المشاهد البشعة التي نراها في قطاع غزة، من قتل للأطفال والنساء والشيوخ، لا تظهر إطلاقا في الإعلام الإسرائيلي، فلا يظهر في الإعلام الإسرائيلي سوى الضحايا الإسرائيليون، الهدف بالطبع هو شيطنة الآخر الفلسطيني وتقديمه بوصفه جهادي ومقاوم في كتائب القسام، وشخص يحمل السلاح ويقتل الإسرائيليين، وهذه المسألة جزء من سيكولوجية الإعلام الإسرائيلي وتوجهاته، الإعلام الإسرائيلي يقدم الفلسطيني باعتباره وحش يجب التخلص منه وقتله والقضاء عليه.

هل يفرقون بين الشعب وبين المقاومة أم يضعون الجميع في سلة واحدة؟

من خلال ما نقرأه ونسمعه من وسائل الإعلام الإسرائيلية المختلفة، الإسرائيليون يتعاملون مع أهل غزة بالكامل على أنهم شركاء في عملية 7 أكتوبر أو طوفان الأقصى، بمعنى أنهم ما دام لا يحتشدون في مظاهرات ضد حركة حماس والجهاد الإسلامي والمقاومة فهم شركاء في هذه الجريمة، وبالتالي يستحقون العقاب، مثال على ذلك، عندما بدأت آلة الحرب الإسرائيلية وبدأ القصف الشنيع لأهل غزة، وبدأ عدد الضحايا الفلسطينيين يتجاوز 10 آلاف شهيد، بدأت بعض الأخبار تتسرب إلى الإعلام والمجتمع الإسرائيلي حول أعداد القتلى دون صور، وعلى الفور أصدر 43 حاخاما إسرائيليا فتوى بأن دماء الفلسطينيين الأبرياء في رقبة المقاومة الفلسطينية، وبالتالي هم يعتبرون أن كل مدني فلسطيني يقتل أو يستشهد في هذه الحرب دمه في رقبة من قام بالعملية العسكرية ضد إسرائيل، هذا التسويغ والتبرير الديني للعدوان هو واحد من جرائم الحرب، استغلال الديانة اليهودية التي هي بريئة من أعمال القتل لخدمة الحركة الصهيونية والأهداف التوسعية والاحتلالية جريمة تضاف إلى سجل جرائم بنيامين نتنياهو. 

هل الإعلام الإسرائيلي يتناول الأحداث بحرية أم أنه موجه ومعبأ؟

يشاع لدى المتابع العربي أن الإعلام الإسرائيلي حر، لكن في الواقع الإعلام الإسرائيلي يخضع للرقابة العسكرية عن طريق جهاز تابع للجيش الإسرائيلي، يتولى رئاسته عميد يعين من قبل وزير الدفاع، يتولى هذا الجهاز المليء بالضباط والعسكريين مراقبة كل ما يتم نشره في وسائل الإعلام، قد يبدو أن ذلك غريبا على المتابع العربي الذي لديه صورة ذهنية عن إسرائيل باعتبارها واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط.

هناك تقارير صحفية تتحدث عن أن هناك الكثير من اليهود الذين غادروا إسرائيل بعد عملية طوفان الأقصى وهناك انخفاض في عدد اليهود الذين يرغبون في الهجرة إلى إسرائيل.. كيف يتناول الإعلام الإسرائيلي ذلك؟

حوالي 300 ألف يهودي حسب الإعلام العبري غادروا إسرائيل من مطار بن جوريون فور اندلاع حرب 7 أكتوبر 2023، فرارا  من ضربات المقاومة، هذا مؤشر على الضعف وعدم التماسك في المجتمع الإسرائيلي، معظم الإسرائيليين لديهم جنسيات مزدوجة، ودائما في أوقات النكبات والملمات نجد فكرة النزوح العكسي، فكرة الاستيطان قائمة على الهجرة من الدول الغربية وبعض الدول الشرقية لاستيطان فلسطين المحتلة، الآن يحدث مع كل عمل مقاوم رد فعل عكسي بالنزوح خارج إسرائيل حتى تستقر الأوضاع، وبالتالي كل إسرائيلي يبحث عن جواز سفر يكون بوليسة تأمين على حياته ضد انتفاضات الشعب الفلسطيني، وهذا يؤكد أن إسرائيل ليست دولة مستقرة على الأرض ولكنها نبتة دخيلة، وجودها مرهون بالقضاء على المقاومة، وزوالها موجود ببقاء المقاومة، كلما استمرت المقاومة كلما زادت فرص القضاء على إسرائيل.

معظم الشهداء في قطاع غزة هم من الأطفال والنساء.. ما سر تركيز إسرائيل على قتل الأطفال والنساء وما علاقة ذلك بالتطهير العرقي والتغيير الديموجرافي الذي تسعى إليه إسرائيل؟

التركيز على قتل الأطفال والنساء مسألة لها أكثر من بعد، الأول سياسي، الحركة الصهيونية بنت دعايتها على أن فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض، وأنها أرض تخلو من الشعوب العربية، سيستقر فيها اليهود ويستوطنوها ويستعمروها، وعندما جاء اليهود إلى فلسطين المحتلة وجدوا أن هذه الأرض عامرة بالشعب الفلسطيني والعربي، وهنا كانت المفاجأة حيث ولدت فكرة القضاء على السكان العرب في هذه البلاد من خلال القتل والإبادة الجماعية، وبالتالي فكرة الإبادة الجماعية متأصلة في العقلية اليهودية، بدأت بشكل واضح جدا مع حرب 1948، عندما كشف عدد من المؤرخين الإسرائيليين من خلال البحث في الأرشيف الإسرائيلي، أن بن جوريون أول رئيس وزراء لإسرائيل استقر مع حكومته على قتل أكبر عدد ممكن من الأطفال والنساء والشيوخ الفلسطينيين، وبث الرعب في نفوس الشعب الفلسطيني من أجل تهجيره كما نرى الآن، هذه السياسة التي نراها حاليًا في غزة 2023 هي النكبة الثانية، هي نفس السياسة التي تم اتباعها منذ عام 1948، وبالتالي كل من لم يعايش نكبة 1948 يستطيع الآن أن يرى كيف حدثت النكبة وكيف حدث التهجير الفلسطيني، كما أن الأحداث الأخيرة ترد على كل الادعاءات الصهيونية الخاصة بأن الفلسطينيين باعوا أراضيهم لليهود، في الواقع نحن نرى القتل والدمار والقصف أكثر من شهر ولا يزال الفلسطينيون في غزة صامدون ومتمسكون بترابها ويرفضون المغادرة، ورغم أنهم يتحركون من الشمال إلى الوسط ومن الوسط إلى الجنوب، ولكنهم حتى الآن لم يعبروا حدود غزة إلى خارجه، أملا في التمسك بأراضيهم، لأنهم تعلموا درس 1948.

كيف ترى البعد الديني في هذه الحرب.. وهل إسرائيل تدير المعركة من خلال الدين؟

هناك بعد ديني- أيضا- في قتل الأطفال والنساء الفلسطينيين، في الواقع الحركة الصهيونية ليس لها أي شرعية سياسية أو قانونية في فلسطين، وبالتالي هي تعتمد الدين بوصفه حجة ملكية للأرض، رغم أن كتاب العهد القديم لا يعطي حجة ملكية لأي شعب، لأنه كتاب دين وليس عقد ملكية، وبالتالي القادة الصهاينة بداية من بن جوريون وحتى بنيامين نتنياهو يعتمدون على فتاوى الحاخامات لتأصيل فكرة حق ديني وتاريخي في فلسطين المحتلة، من أهم فتاوى الحاخامات فيما يخص الأطفال والنساء، أن كل طفل فلسطيني هو مشروع مقاومة في المستقبل، وبالتالي قتل الطفل الفلسطيني واجب ديني من وجهة نظر الحاخامات المتطرفين، وهناك عشرات الفتاوى للحاخام شموئيل إلياهو، أبو الوزير عميحاي إلياهو صاحب فكرة إلقاء القنبلة النووية على غزة، تطالب بالانتقام من العرب وقتل الأطفال الفلسطينيين، كما أن المرأة الفلسطينية هي العدو الأكبر في العقلية الدينية الإسرائيلية، باعتبارها هي الرحم الذي يفرخ المقاومة.   

إلى أي مدى ستؤثر هذه الحرب على حلم إسرائيل من النيل إلى الفرات في ظل الحديث عن فرار اليهود من فلسطين المحتلة وإحجام اليهود في العالم من الهجرة إلى إسرائيل؟

إسرائيل لديها حلم توسعي لا ينتهي، ينكمش كلما زادت القوة العربية ويتمدد كلما ضعفت الجبهة العربية، الحل الوحيد لإيقاف أحلام إسرائيل التوسعية هو زيادة الوحدة العربية وخلق الردع المضاد، كلما كانت الدول العربية في حالة قوة كلما أوقفت الأطماع الإسرائيلية، إسرائيل تفكر الآن في احتلال قطاع غزة نظرا للضعف العام في الشارع العربي، وإذا استطاعوا التوسع والتمدد بسبب ضعف الدول العربية المحيطة فلن يترددوا في ذلك، ناشطة إسرائيلية مهمة كانت مرشحة لعضوية الكنيست اسمها دانييلا فايس، تردد أن حدود إسرائيل من النيل إلى الفرات، لكنها لا تطالب بها الآن لأن قوة إسرائيل لا تسمح بذلك في الوقت الحالي، وبالتالي ما نفهمه من ذلك أنه إذا كانت قوة إسرائيل تسمح في التعدي على دول الجوار سيفعلون ذلك، حتى لو كانت هناك اتفاقية سلام للأسف.

البعض يلوم حركة حماس على ما يحدث.. ما رأيك؟

لا يستطيع أي إنسان عربي أو غير عربي شريف على وجه الأرض أن يلوم الشعب المحتل على المقاومة ضد الاحتلال، لكن هناك بعض الحسابات المهمة التي يجب أخذها في الاعتبار، عندما تقوم بعملية نوعية ومهمة بهذا الحجم كان يجب على حركة المقاومة التي هي جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني أن تحسب تبعات هذه العملية على المدنيين الفلسطينيين، فإذا كانت حركة حماس بهذه الكفاءة بحيث استطاعت أن تبني مدينة كاملة تحت الأرض في غزة، يقدر الإسرائيليون أنها قد تصل إلى نحو 500 كم من الأنفاق الممتدة في غزة شمالا وجنوبا وشرقا وغربا، ألم يكن من الواجب أن تبني بعض الملاجئ المضادة للقصف لحماية المدنيين الفلسطينيين؟، اليوم نجد المواطنين الفلسطينيين عزل ولا يجدون مكانا يحميهم من القصف، في حين أن كل بيت إسرائيلي لديه غرفة محصنة ضد صواريخ حركة حماس التي تنطلق من غزة.

وماذا عن تزايد الحديث الآن عن نبوءات زوال دولة إسرائيل؟

كلما زاد الضغط على إسرائيل، كلما زاد في الداخل الإسرائيلي الحديث عن نبوءات زوال إسرائيل، أكثر ما يثير قلق الإسرائيليين منذ سنوات أن إسرائيل الآن دخلت عقدها الثامن، وحسب الفكر الإسرائيلي فإن أي كيان سياسي لليهود عبر التاريخ منذ 3 آلاف سنة لم يستمر أكثر من ثمانين عاما، وحسب مرويات العهد القديم فإن مملكة داوود وسليمان لم تستمر أكثر من سبعين أو ثمانين عاما، انتهت بدمارها الشامل وبعمليات عسكرية ضخمة قام بها البابليون مرة والآشوريون مرة، وتم سبي اليهود بالكامل إلى بابل وآشور في العراق، كما أن الكيان السياسي الثالث لإسرائيل دمره الرومان عام 70 ميلادية وتم تشتيت اليهود في شتى بقاع الأرض، المثير للانتباه أنه في كل مرة يحدث فيها دمار للكيان السياسي الإسرائيلي كان يتم بسبب الإفراط في التشدد والغطرسة الإسرائيلية والتجبر على الشعوب المحيطة، وبالتالي ما نراه ونشاهده من غطرسة إسرائيلية ومن تجبر وقتل وبشاعة وفظائع تمارسها إسرائيل الآن هي كانت السبب في دمار إسرائيل من قبل، تمسك إسرائيل باحتلال سيناء عام 1967 حتى أكتوبر 1973، كاد أن يتسبب في دمار إسرائيل، حتى أن وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق موشي ديان قال يوم 9 أكتوبر 1973، إن ما يحدث من قتال على جبهة قناة السويس سوف يؤدي حتما إلى زوال إسرائيل، وأن الحرب الآن ليس من أجل تحرير قناة السويس أو سيناء، وكان يظن من شدة الخوف أن الفلسطينيين سوف يصلون إلى تل أبيب ويأخذون جولدا مائير أسيرة لدى القاهرة، وبالتالي كلما زاد الضغط العسكري على إسرائيل كلما زاد الخوف من زوال إسرائيل.

إسرائيل دائما تستخدم خطاب المظلومية والهولوكوست أو المحرقة لكسب تعاطف العالم.. إلى أي مدى سيؤثر ما ترتكبه إسرائيل من إبادة جماعية وجرائم حرب على هذا الخطاب وعلى تعاطف العالم مع إسرائيل؟

إسرائيل تستخدم فكرة المظلومية والنازية طيلة الوقت لاستدرار التعاطف الدولي، إسرائيل كان ناجحة في ذلك قبل عقدين بسبب سيطرة اللوبي اليهودي على الإعلام الدولي، لكن من حسنات مواقع التواصل الاجتماعي من خلال الصحفيين والنشطاء المؤثرين أن جعلت كل مواطن في العالم يستطيع أن يكشف الحقيقة ويهدم السردية الإسرائيلية المزيفة بأسرع ما يكون، وكشف الوجه القبيح لإسرائيل، لذلك نرى الآن تحولا كبيرا في دفة الرأي العام العالمي تجاه التعاطف مع الفلسطينيين، لكن ما زالت إسرائيل تؤثر بشكل واسع في دوائر اتخاذ القرار لدى الدول الكبرى، ومن ثم نحن الآن أمام ساعة رملية تدق، إلى متى سوف تظل الدول الكبرى تدعم إسرائيل على عكس اتجاه الرأي العام العالمي؟.

كيف ترى تظاهرات اليهود في الولايات المتحدة والغرب ضد الحرب على غزة؟

الصراع العربي الإسرائيلي هو صراع سياسي وليس صراعا دينيا، وتحويله إلى صراع ديني يضر بالقضية الفلسطينية ويضر بالقضايا العربية بشكل عام، اليهود ليسوا سواء، الشارع العربي لا يقف من اليهودية موقف العداء، على العكس اليهودية دين سماوي له كل الاحترام والقدسية، المثقف والمواطن العربي يناصب الصهيونية أشد العداء، باعتبار أنها حركة استحلالية استيطانية استعمارية، وبالتالي أن تجد مجموعات من اليهود على مستوى العالم تقف ضد العدوان الإسرائيلي، فهؤلاء مجموعات من اليهود المعادين للصهيونية، وعداؤهم للصهيونية لا يعني أنهم معادون للسامية، ولا يعني أنهم معادون لليهودية؛ لأن الصهيونية حركة سياسية واليهودية ديانة، وبالتالي اليهود والعرب الشرفاء وأي مواطن شريف على مستوى العالم ضد الحركة الصهيونية باعتبارها حركة استعمارية أتت على حقوق الشعب الفلسطيني والعربي، لكن موقفنا من الديانة اليهودية هو موقف التقديس لديانة سماوية.

ما مصير المقاومة وقدرتها على الصمود في ظل الدعم العسكري والاستخباراتي والسياسي الأمريكي والغربي غير المحدود لإسرائيل وهدف تل أبيب المعلن بالقضاء على المقاومة؟

حسب المحاولات الإسرائيلية للقضاء على المقاومة عبر عقود طويلة، نجد أن إسرائيل فشلت فشلا ذريعا على مدى العقود الماضية في القضاء على المقاومة، والمقاومة نجحت نجاحا كبيرا في إيقاع الضربات بإسرائيل، وبالتالي فكرة القضاء على المقاومة هي فكرة خرافية ولا يمكن تحقيقها بأي حال من الأحوال لأن المقاومة جزء لا يتجزأ من عقيدة الشعب الفلسطيني، القضاء على عشرات أو مئات من حركات المقاومة الفلسطينية بتنويعاتها، فهذا لا يعني أن أجيالا جديدًا من الفلسطينيين لن ينضموا للمقاومة، المقاومة فكرة ولا يمكن لأي جيش احتلال أن يقضي على الفكرة، يستطيع الإسرائيليون إيقاع القتل الشديد والمجازر في صفوف الشعب الفلسطيني، لكنهم لا يستطيعون اقتلاع مفهوم المقاومة من عقول الفلسطينيين، كما أن فكرة حرب العصابات تطيل نفس المقاومة وقدرتها على الصمود.

كيف ترى المقارنة بين داعش والمقاومة الفلسطينية في الخطاب الإسرائيلي؟

بنيامين نتنياهو يريد المزاوجة بين تنظيم داعش وبين حركات المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس؛ من أجل كسب أكبر قدر ممكن من التعاطف الأمريكي والغربي مع إسرائيل، لكن بنيامين نتنياهو يعلم أن العقيدة الداعشية في اتجاه وأفكار ومعتقدات، وحركة حماس في اتجاه آخر، نتنياهو يحاول توظيف الدين لخدمة أغراضه السياسية منذ بداية هذه الحرب، فهو دائما يخاطب العالم الغربي من مفهوم أن داعش وحماس سواء، وأن معركة الغرب للقضاء على داعش هي نفسها معركة إسرائيل للقضاء على حركة حماس، وبالتالي هو ينزع الشرعية من حركة حماس باعتبارها حركة مقاومة، ومواثيق الأمم المتحدة تتيح لحركات المقاومة ممارسة الفعل العسكري لتحرير أراضيها، من جهة أخرى يخاطب الشعب الإسرائيلي خطاب ديني يناسب العقلية اليهودية، ويشبه الفلسطينيين بشعب العماليق الذي كان مذكورا في العهد القديم، وشعب العماليق كما ورد على لسان بنيامين نتنياهو في خطابه في 25 أكتوبر، هو شعب مذكور في العهد القديم، ووفقا للرواية التوراتية أمر الرب بإبادته تماما لأنه يعتدي على بني إسرائيل، فأمر الرب بقتل أطفاله ونسائه وشيوخه وعجائزه، حتى البهائم التي يملكها هذا الشعب، وإبادة كل ما يمت لهذا الشعب بصلة، وبدأ بنيامين نتنياهو يجرى مقاربة بين الشعب الفلسطيني وبين شعب العماليق الذي ورد في العهد القديم لتشجيع الجنود الإسرائيليين على ممارسة المزيد من الوحشية ضد الفلسطينيين، ولتسويغ فكرة القتل الوحشي لدى عموم الإسرائيليين.

كيف تنظر إسرائيل لقطاع غزة؟

إسرائيل تستغل ما حدث في 7 أكتوبر لتهجير أكبر عدد ممكن من سكان غزة وخاصة في شمال القطاع لإقامة مستوطنات جديدة في هذه المناطق، وهناك مخطط آخر يقوم على أطماع أوسع، وهو ضم القطاع بالكامل لإسرائيل بعد تهجير كل سكانه، باعتباره وفقا للعقيدة التوراتية جزء من أرض إسرائيل الكبرى، وبالتالي نقل المعارك في المستقبل من العمق الإسرائيلي إلى الأراضي العربية.

كيف يتعامل الإسرائيليون مع الحرب؟

التفكير الغيبي في المجتمع الإسرائيلي ينتشر بكثرة في أوقات الأزمات، ودائما عندما تدخل إسرائيل في معارك عسكرية مع المقاومة أو مع الجيوش العربية يبدأ الجندي الإسرائيلي في اللجوء إلى العالم الغيبي بحثا عن حماية من الضربات، لأن الجبن هو سمة مميزة للمجتمع الإسرائيلي، كما أن صناعة الخوف صناعة مميزة لرجال الدين اليهودي، عدد كبير من رجال الدين اليهود لديهم مواقع إلكترونية يبيعون من خلالها الأحجبة والتمائم للجنود ولأسرهم لحمايتهم من ضربات المقاومة، ومن الصواريخ التي تتساقط على المستعمرات الإسرائيلية، وبعض الحاخامات يستغلون الوضع المأساوي لتحقيق مكاسب مادية، الحجاب الذي يستخدمه الجندي الإسرائيلي يصل سعره إلى 60 شيكل ومكتوبا عليه بعض المزامير والأدعية منها، اللهم احفظ بأسمائك القدسية هذا الجندي وجنبه ضربات المقاومة، لكن يبدو أن فعالية هذه الأحجبة والتمائم والأعمال السحرية ضعيفة للغاية، لأن أعداد القتلى الإسرائيليين في تزايد.

وما السيناريوهات المتوقعة لنهاية هذه الحرب؟

هذه الحرب سوف تنتهي بفشل إسرائيلي ذريع في القضاء على المقاومة الفلسطينية، والفشل في تحقيق بنك الأهداف الإسرائيلي في غزة، والفشل في تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، لأن إسرائيل لا تستطيع أن تحارب لمدة زمنية طويلة، وغزة سوف تخرج من هذه الحرب جريحة ولكنها ليست مهزومة. 

كيف ترى مستقبل القضية الفلسطينية بعد هذه الحرب؟

هذه المعركة تثبت أن الحل الوحيد للقضية الفلسطينية هو حل الدولتين.

ومتى سنصل لهذا الحل في رأيك؟

عندما تتجرع إسرائيل مرارة الهزيمة، ما دام إسرائيل منتصرة لن تفرط في أراض احتلتها، كما استعادت مصر أراضيها عندما ألحقت هزيمة ساحقة بإسرائيل في حرب أكتوبر 1973.