رئيس التحرير
خالد مهران
count
count

السفير محمد الشاذلى في حوار لـ"النبأ": ما تقوم به إسرائيل في غزة تكرار لتجربة أمريكا في العراق وفيتنام وألمانيا واليابان

السفير محمد الشاذلي
السفير محمد الشاذلي مع الكاتب الصحفي علي الهواري

أمريكا تقطع المعونة عن مصر بسبب مزاعم حقوق الإنسان وتدعم ضرب الفلسطينيين بقنابل الفوسفور

إسرائيل تمتلك النووى قبل حرب 73.. وحلمها التاريخى أصبح من «المحيط إلى الخليج»

إسرائيل تطبق سياسة «الحل النهائى» الذى أطلقه هتلر لتخليص ألمانيا من اليهود

حرب غزة حطمت أسطورة الديانة الإبراهيمية وأسقطت صفقة القرن وعرت إسرائيل وأمريكا والغرب

تل أبيب تستخدم فى غزة تكتيك «الصدمة والرعب» الذي طبقته أمريكا فى اليابان والعراق

لهذه الأسباب.. لا يمكن أن تدين الولايات المتحدة إسرائيل «تلميذ الشيطان»

أمريكا غير قادرة على وقف الحرب فى غزة والتصدى لإسرائيل 

ما يحدث فى غزة يثبت أن وعد بلفور والمؤامرة البريطانية على فلسطين والعرب لا زالت مستمرة

الهدف من الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين ليس تهجير سكان غزة

القضاء على المقاومة هدف عبثى سيؤدى لظهور جيل جديد أكثر تشددا وكراهية لإسرائيل

الشلل فى الإرادة وعدم الثقة بالنفس سبب فشل الدول العربية في وقف الحرب على غزة

الدستور الأمريكى يتيح للمواطنين حمل السلاح وتكوين الميليشيات لمقاومة الحكومة إذا  انحرفت عن الحق

ضرب إسرائيل للمدنيين بالقنابل فى غزة تكرار لتجربة الولايات المتحدة في العراق وفيتنام وألمانيا

الحركة الإرهابية هى «الصهيونية» وحماس تقود حرب تحرير ونضال ضد الاستعمار

من يتصور أنه قادر على جذب الولايات المتحدة بعيدا عن إسرائيل «واهم»

تاريخيا إسرائيل هى امتداد لأمريكا.. نفس التاريخ والتصرفات والفكر العسكرى والسياسى

كل حكام أمريكا خذلوا العرب والرهان على الصين وروسيا فاشل

وثائق العملية «نيكل جراس» أثبتت حكمة الرئيس السادات الذي قال إنه لا يستطيع محاربة الولايات المتحدة

هل يريد العرب من مصر ضرب حاملات الطائرات والغواصات النووية الأمريكية؟

إسرائيل الدولة الوحيدة التى تستطيع استخدام السلاح النووى

القول إن إسرائيل تلفظ أنفاسها الأخيرة يشجعها على استخدام أسلحة الدمار الشامل فى غزة

أمريكا تسعى لمواجهة العالم من خلال تحالف وكل دولة عربية تتصرف بمفردها

المجتمع الأمريكى مريض ومخوخ وعفن وواهن من الداخل

الولايات المتحدة الأمريكية لم ولن تكون يوما وسيطا نزيها فى القضايا العربية

قال السفير محمد الشاذلي، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، وسفير مصر السابق في كل من الإمارات وكوبا والسودان، ومساعد وزير الخارجية الأسبق، إن حرب غزة حطمت الكثير من الأساطير الإسرائيلية، منها أسطورة الديانة الإبراهيمية وأسقطت صفقة القرن وعرت إسرائيل وأمريكا والغرب.

وأضاف السفير محمد الشاذلي، في حواره لـ«النبأ»، أن تل أبيب تستخدم نفس التكتيك العسكري «الصدمة والرعب» الذي طبقته أمريكا في اليابان والعراق في حربها على غزة، كما تطبق سياسة «الحل النهائي» الذي أطلقه هتلر لتخليص ألمانيا من اليهود.

وأكد مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن الهدف من الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين ليس تهجير سكان غزة، وأن القضاء على المقاومة هدف عبثي سيؤدي إلى ظهور جيل جديد أكثر تشددا وكراهية لإسرائيل.. وإلى نص الحوار 

الهدف المعلن لإسرائيل من الحرب القضاء على حماس وحركات المقاومة.. كيف ترى إمكانية تحقيق هذا الهدف وماذا يعنيه بالنسبة لمستقبل القضية الفلسطينية؟

مصر حطمت مجموعة من الأساطير الإسرائيلية في حرب 1973، وبعد خمسين عاما من نصر أكتوبر، حطمت حركة حماس والمقاومة الفلسطينية مجموعة من الأساطير الإسرائيلية مثل، أسطورة الموساد الذي لا يخفى عنه شيء، ورأينا كيف أن حركة حماس قامت بحشد القوات والصواريخ والعتاد دون أن يشعر الموساد بأي شيء، وأسطورة الجندي الإسرائيلي الذي لا يقهر، ورأينا المقاومة وهي تسحب الجندي الإسرائيلي مذعورا من وسط الدبابة، والجنرال الإسرائيلي الذي تم أسره بملابسه الداخلية، وأسطورة التفوق التقني الإسرائيلي والقبة الحديدية التي لا يمكن اختراقها، صواريخ المقاومة اخترقت هذه القبة وأصابت أهدافها، كما حطمت أسطورة الديانة الإبراهيمية، حيث أظهرت عملية الأقصى الحقد والغل والكراهية الإسرائيلية، وكذلك رد الفعل العربي على ما تقوم به إسرائيل من إبادة بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، كما أسقطت صفقة القرن، بالإضافة إلى ذلك هذه العملية عرت إسرائيل، الذي كان يزعم الغرب أنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، رأينا ما تفعله هذه الديمقراطية، إسرائيل الآن تطبق سياسة الحل النهائي لإفراغ الأراضي الفلسطينية من سكانها العرب، كما قام هتلر بتخليص ألمانيا من اليهود، بوضعهم في أفران الغاز ومعسكرات الاعتقال وأجبر الباقي على الهرب خارج ألمانيا.

القضاء على المقاومة الفلسطينية هدف عبثي، قضية فلسطين لم تبدأ في 1948، القضية الفلسطينية بدأت منذ أن تآمرت بريطانيا على فلسطين في وعد بلفور وتشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وقيام انتفاضات فلسطينية في الثلاثينيات، وبعد 1948 نشأت المقاومة الفلسطينية، ومن يتصور أن قتل كل قيادات حماس سيقضي على المقاومة الفلسطينية فهو تفكير عبثي، لأن القضاء على المقاومة سيؤدي إلى ظهور جيل جديد أكثر تشددا وأكثر كراهية لإسرائيل، وأكثر إصرارا على تحقيق الأهداف المشروعة والعادلة للشعب الفلسطيني، وبالتالي لا يمكن القضاء على المقاومة الفلسطينية، وهذا تفكير عبثي وغير موضوعي.

كيف ترى موقف الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية الذي بدا منحازا بشكل مطلق لإسرائيل؟

تصرفات الولايات المتحدة الأمريكية في حرب غزة، وحضور رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن اجتماعات مجلس الحرب الإسرائيلي، يثبت أن الولايات المتحدة الأمريكية لم ولن تكون يوما وسيطا نزيها في القضايا العربية، وعندما يهرع رئيس وزراء بريطانيا إلى إسرائيل بطائرة نقل عسكرية، ويخرج في حركة مسرحية من عنبر البضائع المملوء بالسلاح يثبت أن وعد بلفور والمؤامرة البريطانية على فلسطين والعرب لا زالت مستمرة، نفس الشيء ينطبق على فرنسا وألمانيا وباقي دول حلف شمال الأطلنطي، هذه أساطير تحطمت وحقائق تكشفت.

لكن الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا من الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي؟

الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، من ضمن خمسة أعضاء دائمين في مجلس الأمن ولهم حق النقض «الفيتو»، مع الصين وروسيا، هؤلاء الأعضاء مهمتهم الأساسية هي رعاية الأمن والسلم الدوليين وتطبيق قرارات مجلس الأمن وحماية ميثاق الأمم المتحدة الذي يمثل القانون الدولي، والموقف المخزي الذي اتخذته الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا من الحرب الإسرائيلية على غزة يمس منظمة الأمم المتحدة مساس لن تتعافى منه.

لكن الولايات المتحدة دائما تتحدث عن الدول العربية أنهم أصدقاء وحلفاء وتربطها بهم علاقات استراتيجية قوية ومتينة.. إذا لماذا فشل العرب في وقف الحرب على غزة؟

الهدف من الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين، وكم الدمار والقتل وسفك الدماء والإجرام، ليس تهجير سكان غزة، ولكن الهدف هو إرهاب العرب من إسرائيل، ورسالة لمن يريد أن يتحدى إسرائيل.

لكن ماذا يعني القضاء على المقاومة في غزة بالنسبة لمستقبل القضية الفلسطينية؟

القضاء على المقاومة الفلسطينية هدف عبثي، قضية فلسطين لم تبدأ في 1948، القضية الفلسطينية بدأت منذ أن تآمرت بريطانيا على فلسطين في وعد بلفور وتشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وقيام انتفاضات فلسطينية في الثلاثينيات، وبعد 1948 نشأت المقاومة الفلسطينية، ومن يتصور أن قتل كل قيادات حماس سيقضي على المقاومة الفلسطينية فهو تفكير عبثي، لأن القضاء على المقاومة سيؤدي إلى ظهور جيل جديد أكثر تشددا وأكثر كراهية لإسرائيل، وأكثر اصرارا على تحقيق الأهداف المشروعة والعادلة للشعب الفلسطيني، وبالتالي لا يمكن القضاء على المقاومة الفلسطينية، وهذا تفكير عبثي وغير موضوعي.

كما قلت أن الولايات المتحدة وإسرائيل والدول الغربية يضعون الأن سيناريوهات لما بعد غزة.. فمن وجهة نظركم ما هي السيناريوهات المتوقعة لمصير قطاع غزة؟

لن يفرض أحد سيناريو على الفلسطينيين، وسبق وأن ذكرت أن من ضمن انجازات ما حدث في 7 أكتوبر هو اسقاط ما سمي بصفقة القرن التي كانت تروج لها الولايات المتحدة، من يتصور أنه يمتلك مصير أو مستقبل الشعب الفلسطيني واهم، لا أحد يستطيع تقرير مصير الشعب الفلسطيني إلا الشعب الفلسطيني.

ما هي أسباب عدم قدرة الدول العربية على وقف الحرب على غزة؟

أرى أن السبب الرئيسي هو غياب الإرادة السياسية وعدم الثقة بالنفس، عندما تنعدم الإرادة السياسية وتنعدم الثقة تشل الحركة، فما يحدث في العالم العربي هو شلل في الإرادة وشلل في الثقة.

لماذا كل هذا الدعم المطلق وغير المحدود من أمريكا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا والغرب لإسرائيل؟

هذه دول إمبريالية، والإمبريالية تقوم على استغلال الدول، فمثلا الولايات المتحدة الأمريكية لا تستطيع أن تدين إسرائيل، لأنها إذا أدانت إسرائيل أدانت نفسها، إسرائيل هي تكرار لتجربة قيام الولايات المتحدة، سكان الولايات المتحدة هم جماعة من الأوروبيين استوطنوا الأرض بعد أن ارتكبوا المذابح ضد الهنود الحمر، السكان الأصليين للولايات المتحدة الأمريكية، ووضعوهم في سجون، أطلقوا عليها، السجون المفتوحة، وهكذا استوطن الأوروبيون أمريكا الشمالية، وارتكبوا مذابح ضد السكان الأصليين، ووضعوهم في مستعمرات، إسرائيل الآن حولت قطاع غزة إلى سجن مفتوح كبير، من المفارقات أن الولايات المتحدة التي تطلق على نفسها أنها قائدة العالم الحر، التعديل الثاني في دستورها في مدونة الحقوق، يتيح للمواطنين حمل السلاح وتكوين الميليشيات لمناهضة أو مقاومة الحكومة إذا ظلمت أو انحرفت عن الحق، فهل هناك حكومة ظالمة أو منحرفة عن الحق أكثر من الاحتلال الإسرائيلي للفلسطينيين، وما يحدث من تهجير وإقامة مستوطنات وإبادة جماعية للفلسطينيين؟، عندما يدافع الفلسطينيون عن أرضهم ويقاومون الطغيان الإسرائيلي يصادرون حقهم في حمل السلاح ويطلقون عليهم حركة إرهابية.

لكن الولايات المتحدة وإسرائيل والدول الأوروبية وبعض الدول العربية يتعاملون مع حركة حماس على أنها حركة إرهابية؟

الحركة الإرهابية هي الحركة الصهيونية، وما يحدث من حماس هي حرب تحرير ونضال ضد الاستعمار.

قلت إن الولايات المتحدة لا تستطيع وقف الحرب على غزة.. لماذا؟

لأن ما تفعله إسرائيل في غزة من قصف المدنيين بالقنابل وتدمير وسفك دماء وقتل للأطفال والنساء فعلته الولايات المتحدة في فيتنام وعندما أسقطت القنبلة الذرية على هيروشيما وناجازاكي في اليابان، وما فعلته في ألمانيا، عندما قامت بضرب هامبورج وبرلين بالقنابل، وما فعلته في العراق، لذلك الولايات المتحدة غير قادرة على أن تتصدى لإسرائيل أو تجبرها على وقف الحرب، إسرائيل تكرر التكتيك العسكري الأمريكي، وهو نفس الفكر العسكري الذي تنفذه إسرائيل الآن في غزة، تقوم بقصف المدنيين والنساء والأطفال بالقنابل من أجل القضاء على معنويات المقاومة في جبهات القتال، وبالتالي لا يمكن أن تدين الولايات المتحدة إسرائيل، تلميذ الشيطان.

تاريخيا إسرائيل هي امتداد للولايات المتحدة الأمريكية، نفس التاريخ والتصرفات والفكر العسكري والسياسي، أمريكا التي يقال عنها أنها أم الديمقراطية الغربية، ظلت تضطهد وتظلم وتهين المكون الإفريقي ذو البشرة السمراء عشرات السنين، إسرائيل التي يقولون عنها أنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، المكون العربي فيها مهان ومضطهد، هناك تطابق بين إسرائيل وبين الولايات المتحدة، ومن يتصور أنه قادر على جذب الولايات المتحدة بعيدا عن إسرائيل واهم. 

هل تعتقد أن الحرب على غزة سيكون لها تأثير على نتيجة الانتخابات الأمريكية القادمة؟

الرأي العام عنصر مهم جدا في الصراع، الولايات المتحدة خسرت حرب فيتنام بسبب الرأي العام، حرب فيتنام تسجل تاريخيا على أنها أول حرب تم تغطيتها تلفزيونيا بالكامل، الفظائع التي ارتكبت في فيتنام وصلت إلى الشعب الأمريكي فتمرد ورفض، وكانت النتيجة الهزيمة الأمريكية المذلة واضطرارها للانسحاب المخزي من فيتنام، تعبئة الرأي العام الأمريكي والدولي وتعرية إسرائيل وسياسة الولايات المتحدة وسياسات الدول الإمبريالية شيء مهم جدًا، الرئيس الأمريكي الحالى جو بايدن رجل مسن صحته متدهورة غير قادر على القيادة، وضعته الظروف في هذا الموقع، ولم يكن له شعبية من الأساس، وليس هناك قيادة ديمقراطية قادرة على جذب الناخب، والحزب الجمهوري منقسم حول ترامب وأساليبه غير المألوفة.

هل لو كان ترامب موجودا في الحكم كان موقف الولايات المتحدة من الحرب على غزة سيتغير؟

أكثر ما يستفزني هو التعويل على الآخرين، كل حكام أمريكا الذين راهن عليهم العرب خذلوهم، البعض يراهن الآن على الصين وروسيا، أملنا لن يتحقق إلا بالإرادة والثقة بالنفس.

كيف تقيم الموقف الروسي وكيف استفاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من هذه الحرب على غزة لا سيما وأنه لم يعد أحد يسمع الأن عن الحرب الروسية الأوكرانية؟ 

لاشك أن بوتين استفاد من الحرب على غزة، بوتين يبحث عن مصلحته وعن مصلحة روسيا، أما نحن فلن نحقق ذاتنا إلا إذا اعتمدنا على أنفسنا، وإلا إذا استعدنا ثقتنا في أنفسنا، وكان لدينا إرادة سياسية.

هل تعتقد أن العلاقات العربية الأمريكية ستبقى كما هي بعد الحرب؟

بعد الحرب على غزة لن يعود شئ إلى ما كان عليه قبل الحرب على غزة، لا سيما وأن كراهية الشعوب العربية لإسرائيل والولايات المتحدة زادت بشدة.

كيف تقيمون الدور المصري في هذه الأزمة؟

دائمًا في الأزمات تجد العرب يسألون: مصر عملت إيه؟، إسرائيل الآن وراءها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وحلف شمال الأطلنطي، أكبر قوة عسكرية في العالم، الولايات المتحدة أرسلت أكبر حاملتي طائرات لديها، حاملة طائرات اسمها «جيرالد فورد»، والتي تكلفت أكثر من 13 مليار دولار، وحاملة الطائرات النووية «دوايت أيزنهاور»، والغواصة النووية «أوهايو»، وهي من الغواصات الضخمة التي تستخدم للردع النووي، وهي تحمل نحو 20 صاروخا، وكل صاروخ يحمل 7 رؤوس نووية، وبعد ذلك يطلبون من مصر أن تحارب، من يقف وراء مصر؟، مصر تتقدم عندما يكون وراءها تحالف عربي، العرب اليوم يقتلون بعضهم، في سوريا وليبيا واليمن والسودان والعراق ولبنان، هذا هو حال العرب، الرئيس الراحل محمد أنور السادات عندما طلب وقف إطلاق النار، قال إنه لا يستطيع أن يحارب أمريكا، وهذا كان قرارا حكيما، ظهرت حكمته بعد 50 سنة من حرب أكتوبر عندما أفرجت الولايات المتحدة عن وثائق العملية «نيكل جراس»، وهذه العملية تكشف كم الدعم العسكري الذي أرسلته الولايات المتحدة إلى إسرائيل في حرب 1973، فهل يريدون من مصر أن تقوم بضرب حاملات الطائرات والغواصات الأمريكية، وأن تحارب الولايات المتحدة؟، مصر تحاول قدر جهدها التعامل مع القضية سياسيا، وأن توعي العالم بالأخطار التي تحيط به إذا تحولت الساحة الدولية إلى غابة يفرض فيها القوي إرادته على الضعيف، وينتهي القانون الدولي، وتنتهي الشرعية الدولية، مصر تحاول إفشال مخطط تهجير الفلسطينيين من أراضيهم.

كيف تقيم موقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس وهل يخشى من مصير ياسر عرفات؟

المشكلة أن الشعب الفلسطيني الذي يناضل من أجل أن يتحرر من الاستعمار، غير قادر على أن يوحد صفوفه ضد هذا الاستعمار، المشكلة في الصراع الفلسطيني الفلسطيني، الفلسطينيون غير قادرين على توحيد أنفسهم، والعرب غير قادرين على توحيد أنفسهم، وهذه هي المشكلة.

وزير إسرائيلي هدد بضرب غزة بقنبلة ذرية.. هل تمتلك إسرائيل قنابل ذرية؟

وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، هنري كيسنجر، قال في مذكراته، إن إسرائيل وضعت قواتها النووية في حرب 1973 في حالة تأهب، وهذا يؤكد أن إسرائيل تمتلك قنابل ذرية قبل 1973، المشكلة في رد الفعل الدولي على تهديد الوزير الإسرائيلي، عندما أعلن الرئيس العراقي السابق صدام حسين أنه سوف يقوم بتنفيذ برنامج نووي لمحاربة إسرائيل حدث ما حدث لصدام حسين، وماذا كان سيحدث لو هددت إيران أو باكستان باستخدام السلاح النووي ضد دولة أخرى؟، السلاح النووي محرم دوليا لأنه سلاح دمار شامل، تهديد إسرائيل بعودة لبنان للعصر الحجري، وتحويل غزة إلى جزر خربة، هو استخدام لأسلحة الدمار الشامل. 

البعض يقول إن ما يحدث هو بداية نهاية إسرائيل.. رأيكم؟

 من وجهة نظري أن القول بأن إسرائيل تلفظ أنفاسها الأخيرة أو أنها سوف تنتهي أو أن وجودها مهدد، يعطي لها مبرر لاستخدام أسلحة الدمار الشامل، وهذا كلام في منتهى الخطورة، امتلاك السلاح النووي شيء والقدرة السياسية على استخدامه شيء آخر، الولايات المتحدة الأمريكية هزمت في فيتنام ولم تستطع استخدام السلاح النووي، الاتحاد السوفيتي هزم في أفغانستان ولم يستطع استخدام أسلحة الدمار الشامل، إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تستطيع استخدام السلاح النووي وتنجو من المحاسبة، وهذه نقطة في منتهى الخطورة ويجب ألا نغفل عنها.

تقييمكم لموقف جامعة الدول العربية ومستقبلها بعد الحرب؟

أي تجمع لا بد أن يكون له رؤية أو إرادة موحدة، لكن ما نراه أن بعض الدول في هذا التجمع ترى أن إسرائيل هي العدو، وبعض الدول ترى أن إيران هي العدو، بعض الدول ترتمي في أحضان الولايات المتحدة، وبعضها يقول إن الولايات المتحدة هي الشيطان الأعظم، لا يمكن توحيد إرادة تجمع بهذا الشكل، ولا يمكن أن تخرج من هذا التجمع مخرجات إيجابية.

كيف تقيمون موقف الأمم المتحدة وأمينها العام أنطونيو غوتيريش؟

لا يمكن أن يكون هناك فاعلية للأمم المتحدة في ظل وجود ما يسمى بحق النقض أو الفيتو،  هناك عدد كبير جدا من القرارات التي يتم رفضها في مجلس الأمن بسبب استخدام حق النقض، الفيتو، عندما طالبت بعض الدول إصلاح مجلس الأمن، خرجت الولايات المتحدة بمقترح خبيث لإثارة الفتنة بين الدول، فاقترحت توسيع المجلس، وضم ممثل للقارة الأفريقية، وممثل لأمريكا الجنوبية، وممثل لأسيا، فأثارت فتنة بين مصر وجنوب إفريقيا ونيجيريا، وبين البرازيل والأرجنتين وشيلي، وبين الهند وباكستان وأندونيسيا، الحل هو في عمل توازن بين مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.

هل هذه الحرب أثبتت أن إسرائيل فوق القانون الدولي؟

هذه ليست المرة الأولى التي تقوم فيها إسرائيل بضرب غزة، كما قامت قبل ذلك بضرب لبنان، إسرائيل تحتمي بالولايات المتحدة الأمريكية، الولايات المتحدة أقوى دولة في العالم عسكريا واقتصاديا وعلميا وتكنولوجيا وإعلاميا، تواجه العالم من خلال تحالف، حلف شمال الأطلنطي، بالإضافة إلى اليابان وكوريا الجنوبية وإسرائيل وغيرها، في العالم العربي كل دولة تتصرف بمفردها، وعندما تحدث مشكلة يقولون: أين مصر؟.

الولايات المتحدة تتحدث على أنها تسعى لعدم توسيع رقعة الصراع ومن أجل ذلك أرسلت حاملات الطائرات والبوارج والفرقاطات إلى المنطقة؟

المقصود من ذلك هي إيران، حلم إسرائيل الآن تغير، فبعدما كان «من النيل إلى الفرات»، أصبح الآن «من المحيط إلى الخليج»، الولايات المتحدة لا تسعى أن تكون أقوى دولة في العالم، ولكنها تسعى أن تكون أقوى من العالم كله، الإنفاق العسكري الأمريكي يفوق إنفاق أكبر عشرين دولة عسكريا في العالم على رأسها، روسيا والصين وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وكوريا الجنوبية والهند وباكستان، يوجد 22 حاملة طائرات نووية في العالم، الولايات المتحدة وحدها تمتلك 21 حاملة طائرات نووية، وإسرائيل لا تسعى لأن تكون أقوى دولة في الشرق الأوسط، ولكنا تسعى لتكون أقوى من دول المنطقة مجتمعة، وهذا يكشف الفكر الأمريكي الإسرائيلي المتجانس.

تقييمكم لموقف تركيا والرئيس التركي رجب طيب أردوغان؟

أردوغان بعيد عن مسرح الأحداث، وهو تحت عباءة حلف شمال الأطلنطي، وهذا يعطي له ولتركيا قوة وضمانة وأمان، لكن ماذا فعل أردوغان لغزة؟.

كيف ترى سلاح المقاطعة؟

أنا من أشد المؤيدين لسلاح المقاطعة، وهو من وجهة نظري أقوى سلاح، وليس كما يقول البعض أنه خراب بيوت أو أنه سوف يضرب الاقتصاد، ولكن المشكلة أن هناك جيل تعود على النعيم، ولا يستطيع الاستغناء عن ماكدونالدز أو بيتزا هت، نحن تربينا وعشنا على الفول والطعمية والفطير بالسكر، وكنا نشرب عرق سوس وعصير قصب، والحمد لله صحتنا ذي الفل.

كيف ترى مستقبل النظام العالمي بعد حرب غزة.. وهل نحن بصدد الدخول في عالم متعدد الأقطاب أم سنبقى في عالم القطب الواحد؟

القطب ليس مجرد قوة اقتصادية أو عسكرية فقط، انظر للتاريخ، جنكيز خان والتتار والمغول فتحوا إمبراطورية كبيرة ولكنهم لم يبنوا حضارة، الإسكندر الأكبر فتح  إمبراطورية ولكنه لم يقم حضارة، روما رغم أنها كانت من أكثر الحضارات قسوة وظلما لكنها قدمت للعالم القانون الروماني والطرق الرومانية وأمنت البحر المتوسط، وكانت تطبق النظام الجمهوري القائم على الشورى، الولايات المتحدة روجت لما يسمى American way of life أو «أسلوب الحياة الأمريكي»، ولحست أمخاخ أجيال، لكن العنف السائد في المجتمع الأمريكي، وما فعله ترامب من اقتحام البرلمان، كلها معطيات تدل على أن المجتمع الأمريكي مريض ومخوخ وعفن وواهن من الداخل، لو راجعنا تاريخ الولايات المتحدة نجد أنها ارتكبت فظائع في فيتنام والعراق وأفغانستان وأمريكا اللاتينية، حلم الولايات المتحدة بدأ يتحول إلى كابوس، الناس بدأت تعي الوهم الذي يمثله الحلم الأمريكي.

أمريكا كانت تستخدم ملف الديمقراطية وحقوق الانسان لابتزاز الدول العربية والضغط عليها.. هل بعد هذه الحرب والجرائم والفظائع التي شاهدناها تستطيع أمريكا استخدام هذا الملف مرة أخرى؟

قوة أمريكا أنها دولة مؤسسات وكيانات متعددة، فيها أحزاب ورجال فكر ومراكز أبحاث وجامعات ووسائل إعلام، وكل طرف يتحرك على الساحة لكسب التأييد ولكي يكون في الصدارة، فعندما تحدث انتكاسة تجد من كانوا ضد السياسة التي ادت إلى هذه الانتكاسة يظهروا، وعندما يثبت أن طرف فقد المصداقية يأتي صوت أخر يصحح ذلك، لكن الأمر في الدول العربية مختلف، فعندما سقط القذافي في ليبيا لم يظهر البديل، وعندما سقط صدام حسين في العراق، لم يظهر البديل، فتشرذمت وتفككت البلد، وكذلك الأمر بالنسبة لعمر البشير في السودان وعلي عبد الله صالح في اليمن، وما حدث في العراق هو بسبب صدام حسين، وكذلك ما حدث في ليبيا كان بسبب معمر القذافي، لا يمكن وضع الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك في سلة واحدة مع صدام حسين والقذافي، رغم ارتكابه بعض الأخطاء بسبب الأسرة والتقدم في السن.

الولايات المتحدة دائما تتحدث على أنها قائدة الديمقراطية في العالم وأن الصراع في العالم هو بين معسكر الاستبداد الذي تقوده الصين وروسيا ومعسكر الديمقراطية الذي تقوده أمريكا والغرب.. هل ما حدث ضرب القيم الأمريكية في مقتل وكشف أكذوبة هذه القيم؟

حرب غزة ضربت القيم الأمريكي، وقبلها حرب فيتنام، وبالتالي كشف وتوثيق الممارسات الإسرائيلية في غزة مهم جدا، إسرائيل ما زالت تدغدغ عواطف العالم بقصة الطفلة «أن فرانك»، التي قتلت على يد الجنود الألمان في هولندا، واتعمل لها أفلام وكتب، إسرائيل بعد 70 سنة ما زالت تستخدم «الهولوكوست»، للحصول على تعاطف العالم، لماذا لا يتم توثيق جرائم الاحتلال، على الإعلاميين والسياسيين ورجال الفكر مسئولية توثيق هذه الجرائم وفضح الاحتلال، وفضح أسطورة وأكذوبة، أن إسرائيل هي الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، إسرائيل التي تعيش على أسطورة داوود الراعي الصبي ومعه مقلاع الذي قتل جالوت المقاتل الذي يرتدى دروعا من الحديد وشايل سيف، الآن ظهر من هو جالوت ومن هو داوود.

كلمة أخيرة؟

تستخدم إسرائيل في حربها على غزة نفس التكتيك العسكري الذي استخدمته الولايات المتحدة الأمريكية مع صدام حسين في العراق وفي ضرب مدينتي هيروشيما وناجازاكي في اليابان بالقنبلة الذرية، وفي مناطق أخرى في العالم، وهو «الصدمة والرعب- Shock and horror»، والذي يقوم على الضربة الساحقة الماحقة التي تقضي على الإرادة وتدفع للاستسلام، وهو تعبير أمريكي صاغه اثنين من الباحثين في وزارة الدفاع الأمريكية«البنتاجون»، إسرائيل امتداد للفكر الأمريكي في كل شيء. 

أمريكا التي تقطع المعونة العسكرية عن مصر بسبب مزاعم انتهاك حقوق الإنسان، هي نفسها التي تدعم بقوة ضرب المدنيين في غزة بقنابل الفوسفور الأبيض؟!، يجب فضح سياسة الكيل بمكيالين التي تمارسها الولايات المتحدة، الشعوب التي كانت مخدوعة بالقيم الأمريكية فهمت الآن، يجب القيام بحملة إعلامية مكثفة لكشف الوجه الإجرامي للولايات المتحدة الأمريكية، بدلا من التفرغ لمهاجمة بعضنا والحديث عن بيومي فؤاد.